لبنان .. موهبة لا تنكسر

يشرفني أن مجلة "هي" أتاحت لي هذه الفرصة لرعاية جميع الفنانين وأصحاب المواهب المذهلين في منطقتنا وتقديمهم للقراء. هذا الشهر مخصص للبنان الحبيب، والكثير من فنّانيه الرائعين الذين يعبّرون عن تعاطفهم وحبهم ودعمهم وشغفهم ببلدهم الذي يعتمد على أشخاص مميزين يعكسون القوة الهائلة والصمود والموهبة التي لا تنكسر. أرى أن عمل الفن يكمن في الرؤية الحرفية للجانب المشرق أو غير المشرق من الحياة. هدف الفن لقاؤنا حيث نحن، ودعوتنا إلى التفكير، والشعور، والتساؤل، والحلم، والنقاش، والضحك، والمقاومة، والتجوال، والتخيل. الفن جدير بتساؤلاتنا، وهو في الواقع ترياق لعصرنا. تأتي اللحظة الحيوية عندما يجب على كل منا أن يفهم أن الترابط الاجتماعي والتاريخي الناشئ عن التجارب الصادمة يمكن، بل ينبغي، أن يتحول إلى تفاعل حقيقي طويل بعضنا مع بعض. التفاعل هنا ليس غارقا في الخوف والانفصال، بل في المعرفة المشتركة والاعتراف والرضا. والفن يشجع على كل هذا. في هذه السطور، نقترح طرقا يمكن للمرء أن يجد بواسطتها الإلهام في لحظتنا الحالية، ويدعم لبنان من خلال أعمال الفنانين المحليين الذين يشقون طريقا لنا جميعا. سواء كان مصورا أو رساما أو مهندسا معماريا أو فنانا غرافيكيا، فقد ملأنا هذا العدد بأشخاص يستخدمون الفن سلاحا للتفاؤل الديناميكي. عندما ننتقل من مخاطر الإنسانية إلى طراوة العشب، ونغمات الموسيقى، وخطوط الرواية، والتعبير على الشاشة، نتنفس بعمق ونحيا.

من أعمال الفنانة الشابة عدرا قنديل

الفن يروي قصة، الفن يستخدم قوة الصورة المرئية لإيقاظ التخيلات، وإثارة المشاعر، والتقاط الحقائق والتطلعات الثقافية العالمية. وما يميز فن السرد عن الأنواع الأخرى قدرته على سرد قصة عبر ثقافات متنوعة، والحفاظ عليها للأجيال القادمة. الفن هو شكل من أشكال سرد القصص، وهو وسيلة رائعة لتوسيع نطاق خيال الطفل. وبيّنت الأبحاث أنه أساسي في نمو الأطفال. في دراسة أجريت على نحو 15 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 سنوات، لوحظ أن جلسات رواية القصص أثرت في تطوّرهم الاجتماعي والعاطفي ومهاراتهم المعرفية. ولوحظ أنها تساعد على تعزيز العافية والصحة العقلية من خلال دعم الاسترخاء، وكذلك مساعدة الأطفال على التعبير عن أفكارهم وعواطفهم.

من أعمال الفنانة ستيفاني سنوسيان

الفن آلية فعالة لرواية القصص. تركيزه البصري في المقام الأول يعني أنه حتى هؤلاء الأطفال الذين لا يتقنون الكتابة أو يجدون صعوبة في التعبير عن أنفسهم بالكلمات، يمكنهم استخدام الصور كمنطلَق. على عكس النص المكتوب الذي يتطلب قفزة في الخيال انطلاقا من الكلمات والصور الموجودة على الصفحة، يسمح العمل الفني للطفل بالاندفاع أماما في تصور متعدد الألوان.
فلننظر إلى الفنانين المذهلين والرسائل المؤثرة التي ينقلونها، والتي تخبرنا بقصص جميلة ومأساوية عن لبنان، بعضها يثير الأمل، وبعضها الآخر يُشعرنا بأهمية التعاطف والشجاعة والصمود المذهل لدى الشعب اللبناني
@authenticite_by_hatem_alakeel
www.authenticite.me