سيدات كسرنَ سرطان الثدي بالإرادة

هي: جمانة الصباغ
 
هنَ لسنَ بطلات أو صاحبات أرقام قياسية، هنَ ببساطة نساءٌ عاديات نجحن في قهر المرض الفتاك قبل أن يفتك بهنَ.هنَ زوجاتٌ وأمهاتٌ وسيدات أعمال، حالماتٌ بغد أفضل، طامحاتٌ للحياة والنجاح، وخائفاتٌ بالتأكيد من عودة شبح الخوف إلى حياتهنَ.
 
هنَ ببساطة ناجياتٌ من مرض سرطان الثدي، هذا المرض الذي يخطف كل عام ملايين النساء حول العالم، يحملنَ رسالةً مهمة لكل السيدات اللواتي اكتشفنَ إصابتهنَ بالمرض حديثاً، وكذلك النساء الآخريات اللواتي يخشينَ من إصابتهنَ بسرطان الثدي.
 
مسؤوليتي تجاه ابنتي تعطيني الدافع لعدم الإستسلام
أميمة تينوالا، سيدةٌ من الهند تبلغ 36 عاماً، منهمكةٌ في حياتها اليومية بين العمل والإعتناء بإبنتها الوحيدة. هي أمٌ عزباء بعد طلاقها،في عينيها وميض أمل مجبولٌ بدمعة مختبئة، تخشى أن تكشف ما يدور في بالها. هي سيدةٌ قوية ومؤمنة، كافحت مرض سرطان الثدي منذ ستة أشهر، كل يوم في العلاج ترتسم أمامها صورة والدتها التي قضت بالمرض نفسه، وبنفس القلق والترقب ترنو إلى إبنتها ذات التسعة أعوام مخافة أن يصيبها المصير نفسه.
 
تقول أميمة خلال اللقاء: "شعرتُ بالمرض خلال شهر ديسمبر من العام الفائت، من خلال الفحص الذاتي خلال الإستحمام. راودتني الشكوك وكنتُ خائفةً من أن يكون شكي صحيحاً لذا تجنبتُ الذهاب للطبيب والكشف. لكن شعرتُ بالإلتزام تجاه ابنتي وضرورة أن أجري الكشف من أجلها. ذهبتُ للطبيب فوجد ورماً صغيراً في مرحلته الأولى وقريب من سطح الثدي. 
 
في فبراير من العام الحالي، أجريتُ تصويراً بالرنين المغناطيسي، ثم خضعتُ لأشعة الماموغرام حيث وجد الطبيب بعض الكتل الدهنية. وعليه أخضعني لعملية زرع حيث تبيَن له الورم بطول سنتمتر ونصف.
 
بالطبع، أجريتُ عمليةً لاستئصال الورم، وخضعتُ للعلاج الكيميائي لمدة 12 أسبوعاً بمعدل مرة كل ثلاثة أسابيع، وما زال عليَ الخضوع لهذا العلاج كل ثلاثة أسابيع وعلاجاً هرمونياً لمدة خمس سنوات. كذلك خضعتُ لعلاج الأشعة يومياً لمدة 31 يوماً، وبالطبع لم تكن تجربةً جميلة على الأطلاق.
 
أنا الآن معافاة بشكل كبير، ويبقى أن أجري فحوصات دورية وأكمل بقية العلاج للتأكد من أن السرطان سيقى بعيداً عني لوقت طويل وربما لن يعود ثانيةً.
 
لا أحد يريد أن يكون مريضاً بهذا المرض، خصوصاً من عانى رؤية والدته تعاني من نفس المرض وتتعالج منه لمدة عشر سنوات قبل أن تموت. أخاف على ابنتي أن يصيبها المرض أيضاً، كون سرطان الثدي وراثياً في عائلتي والدي ووالدتي. لكنني واعيةٌ لهذا الأمر وأخبرها دوماً أننا نستطيع أخذ كل الإحتياطات والتدابير لمنع حدوث نفس الأمر معها.
 
أخافُ من الموت، لا شك في ذلك، خصوصاً أن العلاج الكيميائي قد يكون قاتلاً أيضاً. لكن التجربة علمتني أن أكون متنبهةً وواعية لضرورة إجراء الفحوصات باستمرار، لي ولإبنتي إن اقتضى الأمر للتأكد من خلوها من أية أورام والمحافظة على صحتها.
 
أخافُ أيضاً من عودة المرض من جديد، وما لاحظته خلال هذه التجربة وطوال الأشهر المنصرمة من العلاج أننا نعرف النذر القليل عن السرطان، وأنه على الرغم من كل الأبحاث والدراسات والعلاجات التي يتم اختراعها يومياً، لا أحد يستطيع أن ينبئك متى وكيف سيفاجئك مرض السرطان".
 
نصيحتي لكل مريضة بسرطان الثدي تُعالج منه حالياً: "كوني قوية وقولي لنفسك أنه مرض السرطان وليس الموت. لا تتعاملي مع مرضك على أنه باق، بل أنه سينتهي مع انتهاء العلاج. وكلما أبكرت في اكتشافه كلما ساعدت نفسك في الشفاء منه. حاولي أن تنظري للناحية الإيجابية من الموضوع، حيث أن عدداً كبيراً يباغتهم المرض في مراحل متقدمة وقد لا ينجون منه. 
 
عندما بدأ شعري بالتساقط وأظافري تتحول للون الأسود، إنتابني بعض الخوف. لكن بالإجمال نظرة المجتمع لنا وطريقة تعاملهم مع أعراض المرض هي ما يؤثر على نفسية مريض السرطان، إذ ليس هناك أصعب من أناس يحدقون بك وأنت صلعاء. لكنني لا أهتم كثيراً بما يقوله أو يفكر به الآخرون، لعلمي أن كلَ ما أمرَ به هو أمرٌ عرضي وسينتهي مع انتهاء العلاج.
 
أتمنى وبشدة أن يكون هناك علاجٌ للسرطان، وأتمنى أكثر أن يصبح هناك تطعيماتٌ أو علاجٌ أخفَ للسرطان، لأن العلاج هو ما يجعلنا نشعر بالضعف أكثر من المرض نفسه".