اكتشفي مع هي العلاقة بين الإجهاد النفسي وضعف حاجز الجلد وكيفية وقايته

اكتشفي مع "هي" العلاقة بين الإجهاد النفسي وضعف حاجز الجلد وكيفية وقايته

رحاب عباس المواردي
19 نوفمبر 2025

طالما نظرنا إلى الإجهاد على أنه شعور يثقل كاهلنا، لكن هل تعلّمين أن بشرتكِ تسمع همسات الإجهاد وتتألم معه؟ إنه حوار صامت بين عقلكِ وجلدكِ، حيث يتحول التوتر والقلق إلى جفاف، احمرار، وحساسية مفرطة.

دعينا نتخيل سويًا، أن جلدكِ يشبه القلعة المحصنة، وجدران هذه القلعة هي "حاجز الجلد" خط دفاعكِ الأول ضد عالم مليء بالمهيجات والتلوث والجراثيم. هنا سنجد أن الإجهاد النفسي هو ذلك العدو الخفي الذي يضعف هذه الجدران من الداخل، فيجعلها متصدعة وهشة.

لذا، تأكدي أن الإجهاد لا يبقى حبيس أفكاركِ، بل يجد طريقه إلى سطح بشرتكِ، محولًا إياها من درع واقي إلى نسيج ضعيف ينزف رطوبته ويفقد توازنه.

من هذا المنطلق، سأطلعكِ عبر موقع "هي" على العلاقة العميقة بينهما، وكيف يمكنكِ حماية "حاجز جلدك" من هجمات الإجهاد النفسي، وبناء خطوط دفاع داخلية وخارجية تجعل بشرتكِ حصنًا منيعًا لا يتأثر بتقلبات الحياة وضغوطها؛ بناءً على توصيات كل من استشاري الأمراض الجلدية الدكتور أحمد علام، واستشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من القاهرة.

ما هي العلاقة بين الإجهاد النفسي وضعف حاجز الجلد؟

تعرفي على العلاقة المعقدة بين الاجهاد النفسي وضعف حاجز جلد البشرة
تعرفي على العلاقة المعقدة بين الاجهاد النفسي وضعف حاجز جلد البشرة

ووفقًا للدكتور أحمد، هي علاقة معقدة يمكن تلخيصها في أن الإجهاد النفسي المزمن ليس مجرد شعور بالضغط، بل هو محفز بيولوجي قوي يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات داخل الجسم تضعف بشكل مباشر وظيفة حاجز الجلد، مما يجعله أكثر جفافًا وحساسية وعرضة للالتهابات والأمراض. وعمومًا هذه العلاقة تتم عبر عدة مسارات رئيسية، هي كالتالي:

المحور الرئيسي.. الغدد والهرمونات

عند التعرض للإجهاد، يُفعّل الجسم نظام الإنذار الداخلي (محور HPA)، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات رئيسية، أبرزها:

هرمون الكورتيزول (هرمون الإجهاد الرئيسي)

  • يُعطل الكورتيزول نشاط الخلايا المناعية في الجلد مثل (الخلايا اللمفاوية والبلعمية)، مما يقلل من قدرة الجلد على محاربة البكتيريا والفطريات ومسببات الحساسية، ويجعله أكثر عرضة للعدوى والالتهابات.
  • يقلل الكورتيزول من إنتاج الليبيدات الدهون بين الخلايا القرنية (Corneocytes) في الطبقة القرنية. هذه الدهون هي "الإسمنت" الذي يمسك خلايا الجلد معًا ليشكل حاجزًا متماسكًا. بدونها، يصبح الحاجز مساميًا ويتسرب الماء.
  • يُبطئ الكورتيزول التئام الجروح، يؤخر تجدد الخلايا، وإصلاح الأنسجة التالفة.

هرمونات الكاتيكولامينات مثل (الأدرينالين والنورأدرينالين)

تسبب تضيق الأوعية الدموية في الجلد، مما يقلل من تدفق الدم والأكسجين والمواد الغذائية إلى الخلايا الجلدية. هذا يضعف قدرة الخلايا على التجدد والحفاظ على صحتها.

الالتهاب وجهاز المناعة

يُحفز الإجهاد إفراز جزيئات التهابية تسمى السيتوكينات مثل Interleukin و TNFalpha من الخلايا الجلدية نفسها (الخلايا الكيراتينية) ومن الخلايا المناعية. هذا الالتهاب المستمر هو الوقود الذي يزيد من حدة الأمراض الجلدية المرتبطة بضعف الحاجز مثل: "الإكزيما (التهاب الجلد التأتبي حيث يكون حاجز الجلد ضعيفًا أساسًا)، الصدفية، حب الشباب (بسبب زيادة الالتهاب وإفراز الزيوت)، والتهاب الجلد الدهني".

التأثير على الطبقة الواقية للجلد (الحاجز الجلدي)

  • بسبب نقص الليبيدات بين الخلايا، يزداد فقدان الماء من الجلد إلى البيئة الخارجية. هذا يؤدي إلى جفاف الجلد، الذي بدوره يسبب الحكة. الحكة تؤدي إلى الخدش، مما يسبب تشققات ميكروسكوبية في الحاجز الجلدي، مما يضعفه أكثر ويدخل في دائرة مفرغة من "الإجهاد.. حكة.. خدش.. تلف الحاجز.. مزيد من الإجهاد".
  • يمكن أن يُقلل الإجهاد المزمن من إنتاج عوامل الترطيب الطبيعية  (NMFs)التي تساعد على ربط الماء في الطبقة القرنية.

العادات السلوكية المصاحبة للإجهاد

  • لا يؤثر الإجهاد فقط من الداخل، بل يدفعنا إلى سلوكيات تضر بالحاجز الجلدي مثل:
  • الخدش والعادات العصبية (البعض يخدشون جلودهم أو يفركونها من دون وعي عند التوتر).
  • إهمال العناية بالبشرة عند الإجهاد (قد تتوقف المرأة عن اتباع روتين العناية بالبشرة مثل الترطيب واستخدام الواقي الشمسي).
  • يدفع الإجهاد الكثيرات إلى اتباع نظام غذائي غير صحي، وتناول أطعمة غنية بالسكر والدهون غير الصحية، والتي قد تساهم في زيادة الالتهاب.
  • قلة النوم المرتبطة بالإجهاد تحرم الجلد من الفرصة الحيوية لإصلاح نفسه.

كيف يمكن لأي امرأة وقاية حاجز الجلد من الاجهاد النفسي؟

وقاية حاجز الجلد من الداخل والخارج معًا وليس غير ذلك
وقاية حاجز الجلد من الداخل والخارج معًا وليس غير ذلك

من ناحية أخرى، أكد كل من دكتور أحمد والدكتورة لبنى، أن حماية حاجز الجلد من الآثار الضارة للإجهاد النفسي تتطلب نهجًا مزدوجًا "إدارة الإجهاد من الداخل و رعاية الجلد من الخارج"؛ وذلك على النحو التالي:

إدارة الإجهاد من الداخل.. طرق فعالة تهاجم المشكلة من جذورها

هنا أكدت دكتورة لبنى على اتباع التعلميات التالية كأسلوب حياة، وذلك على النحو التالي

  • مارسي تقنيات الاسترخاء بانتظام "التأمل واليقظة الذهنية حتى 10-15 دقيقة يوميًا يمكن أن تقلل بشكل ملحوظ من مستويات الكورتيزول وتهدئ الجهاز العصبي". كذلك تمارين التنفس العميق "تساعد على تنشيط الجهاز العصبي الباراسيمبثاوي (المسؤول عن الراحة والاسترخاء)، مما يعاكس استجابة القتال أو الهروب التي يسببها الإجهاد". ولا تنسي اليوغا والتاي تشي لأنها "تجمع بين الحركة، التنفس، والتأمل"، مما يجعلها مثالية لتخفيف التوتر.
  • مارسي النشاط البدني المعتدل مثل التمارين الرياضية (كالركض، السباحة، المشي)  فهي تطلق الإندورفين الذي يحسن المزاج ويقلل الإجهاد. كما أنها تحسن الدورة الدموية، مما يضمن وصول الدم الغني بالمغذيات والأكسجين إلى خلايا الجلد.
  • احصلي على قسط كافٍ من النوم عالي الجودة (7-9 ساعات)، لأن أثناء النوم العميق، يدخل الجسم في وضع الإصلاح ويعيد توازن الهرمونات. علمًا أنها الفترة التي يصلح فيها الجلد نفسه ويعيد بناء حاجزه.
  • ركزي على التغذية المتوازنة المضادة للالتهاب مثل "مضادات الأكسدة (الفواكه والخضروات الملونة)، أوميغا-3 (السلمون، بذور الكتان) التي تقاوم الالتهاب، وشرب الماء بكثرة". كذلك قللي من السكريات المكررة، الأطعمة المصنعة، والدهون غير الصحية التي يمكن أن تزيد من الالتهاب في الجسم.
  • ابحثي عن الدعم الاجتماعي والتعبير عن المشاعر، من خلال التحدث مع الأصدقاء، العائلة، أو معالج نفسي يمكن أن يخفف العبء النفسي بشكل كبير.
  • مارسي الهوايات والإبداع (كالرسم، الكتابة، العزف) كوسيلة للتفريغ الانفعالي.

رعاية الجلد من الخارج لحماية الحاجز مباشرة

الترطيب واستخدام المنتجات المناسبة أساس حماية حاجز الجلد من الاجهاد النفسي
الترطيب واستخدام المنتجات المناسبة أساس حماية حاجز الجلد من الاجهاد النفسي

أما دكتور أحمد، فقد أوضح أن حتى مع الإجهاد، يمكنكِ بناء "درع" واقي لجلدكِ، من خلال التالي:

الترطيب هو الأساس

ابحثي عن مرطبات تحتوي على مكونات تعيد بناء الحاجز مثل: "السيراميدات( وهي لبنات البناء الأساسية للدهون بين الخلايا. النياسيناميد (فيتامين B3 يقلل فقدان الماء، يحسن مرونة الجلد، ويهدئ الالتهاب). أحماض دهنية مثل (حمض اللينوليك يدخل في تركيب الليبيدات). الكلسترول (يساعد على استقرار حاجز الجلد). مع مراعاة وضع المرطب دائمًا على جلد رطب قليلًا بعد الغسل (خلال دقيقتين) "لقفل" الرطوبة.

تنظيف لطيف من دون تجريد

استخدمي غسولًا لطيفًا خاليًا من Sulfates مثل SLS/SLES) ) والتي يمكن أن تزيل الزيوت الطبيعية للجلد وتسبب الجفاف. اختاري غسولاً ذا درجة حموضة متوازنة (PH 5.5)  ليتناسب مع حموضة الجلد الطبيعية. تجنبي الماء الساخن جدًا واستخدمي الماء الفاتر.

الحماية من الشمس باستمرار

بما أن الأشعة فوق البنفسجية هي أحد أكبر مسببات الإجهاد التأكسدي والضعف لحاجز الجلد. لذا استخدمي واقي شمس واسع الطيف ( (SPF 30 على الأقل كل يوم، حتى في الأيام الغائمة أو داخل المنزل. كذلك تجنبي المقشرات القاسية (ذات الحبيبات الخشنة)، والمنتجات التي تحتوي على كحول عالي التركيز، والإفراط في التقشير الكيميائي. ولا تنسي أن تستمعي إلى بشرتك "إذا شعرتِ بالحكة، الاحمرار، أو الوخز" توقفي عن استخدام المنتج.

تجنب العادات الضارة

إذا شعرتِ بالحكة، بدلًا من الخدش، جربي التربيت الخفيف أو ضعي كمادة باردة. ولا تلمسي وجهكِ لتقليل من نقل البكتيريا والتهيج المفاجئ.

استشيري طبيب الأمراض الجلدية للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاجية قد تشمل أدوية موضعية أو حتى استشارة نفسية لمعالجة جذور الإجهاد.

حماية حاجز الجلد منهج متكامل لشباب دائم
حماية حاجز الجلد منهج متكامل لشباب دائم

وأخيرًا، الجلد هو مرآة للحالة الداخلية للجسم، والإجهاد النفسي ليس مجرد مفهوم ، بل هو قوة فسيولوجية ملموسة يمكنها تدمير أحد أهم خطوط دفاعنا "حاجز الجلد". والتالي الوقاية الفعالة هي نظام حياة متكامل من خلال "إدارة إجهادكِ الداخلي، وبروتين عناية خارجي لطيف وواقٍي".