رحلة استكشافية مع "هي" للتعرف على مميزات وأضرار تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي

لطالما كان الجلد النقي والشاب حلمًا يطارد نساء البشرية عبر العصور. لكن في ظل عصرنا الرقمي انتهى التخمين والتجربة العشوائية، وبدأ عصر الدقة والنتائج المضمونة.

نعم، أنا لا أبالغ القول؛ لأننا أصبحنا نمتلك قدرة خارقة على رؤية ما لا تراه العين، واستطعنا فك شفرة بشرتنا واكتشاف أسرارها الخفية قبل أن تتحول إلى مشاكل مرئية؛ وذلك من خلال تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي لتشخيص مشاكلها وحلها في آن واحد.

ليس ذلك فحسب، بل يمكننا اكتشاف علامات الشيخوخة قبل ظهور أول تجعد بسنوات، عدم التوازن في بشرتنا قبل أن تتحول إلى حبوب أو التهابات، والحصول على خريطة طريق شخصية تحدد بالضبط ما تحتاجه بشرتنا وكيفية علاجها.

وبما أن تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي واقع نعيشه اليوم؛ لذا انطلقي معنا عبر موقع "هي" في رحلة استكشافية ستغير مفهومكِ للعناية بالبشرة إلى الأبد بفضل قوة الذكاء الاصطناعي؛ بناءً على توصيات استشاري الأمراض الجلدية والتجميلية الدكتور ماهر محمد من القاهرة.

ما هو تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي؟

وفقًا للدكتور ماهر، تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي هو استخدام خوارزميات التعلم الآلي (Machine Learning) ومعالجة الصور الرقمية لتقييم حالة الجلد بدقة عالية؛ وذلك بدلًا من الاعتماد على التشخيص البصري المباشر من قبل أخصائي، إذ يقوم الكمبيوتر بتحليل صورة أو فيديو للبشرة لاكتشاف وتقييم مجموعة واسعة من المشاكل التي قد لا تكون مرئية للعين المجردة.

كيف يعمل تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي؟

وتابع دكتور ماهر، تتبع معظم أنظمة التحليل خطوات أساسية، وهي كالتالي:

التقاط الصورة

يستخدم المستخدم كاميرا هاتف ذكي عادية أو كاميرا متخصصة عالية الدقة مثل (تلك الموجودة في عيادات الأمراض الجلدية) لالتقاط صور لمناطق مختلفة من الوجه والجسم. علمًا أن الصور تُلتقط تحت إضاءة قياسية ومن زوايا محددة لضمان الحصول على أفضل النتائج.

معالجة الصورة

تقوم الخوارزميات بتحسين جودة الصورة، وتصحيح الألوان، وإزالة أي تشويش لضمان أن البيانات المدخلة دقيقة قدر الإمكان.

التجزئة والكشف

هنا يبدأ دور الذكاء الاصطناعي. يتم "تعليم" النموذج مسبقًا على ملايين الصور للجلد السليم والمصاب بمشاكل مختلفة. كذلك تقوم الخوارزمية بتقسيم الصورة إلى مناطق مثل (الجبين، الخدين، الذقن) وتحديد المعالم المختلفة مثل "المسام، البثور، البقع الداكنة، التجاعيد،.. إلخ".

التصنيف والتقييم

بناءً على البيانات المدخلة، يُصنف الذكاء الاصطناعي المشاكل التي اكتشفها على النحو التالي:

• نوع البشرة "دهنية، جافة، مختلطة، حساسة، عادية".
• المشاكل الأساسية "حب الشباب (كوميدونات، بثور التهابية)، الرؤوس السوداء، المسام الواسعة".
• التصبغات "البقع الداكنة، النمش، الكلف، ندوب حب الشباب".
• علامات الشيخوخة "الخطوط الدقيقة، التجاعيد، الترهل، فقدان المرونة".
• الترطيب ومستوى الزيوت.
• الحساسية والالتهابات.

التقرير والتوصيات

يقدم النظام تقريرًا مرئيًا مفصلًا يبرز المناطق المصابة بمشاكل مختلفة. كذلك يعطي تقييمًا كميًا، على سبيل المثال: "درجة 7/10 من حيث حب الشباب، أو 80% من حيث الترطيب". بناءً على التحليل، يقدم توصيات شخصية لمنتجات العناية بالبشرة مثل "المقشرات، المرطبات، مضادات الأكسدة"، وروتين يومي مناسب.

ماذا عن مميزات تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي؟

أوضح دكتور ماهر، أن تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي لا يغني عن الطبيب؛ بل هو أداة مساعدة قوية؛ ولا يحل محل التشخيص من قبل طبيب أمراض جلدية معتمد، خاصة للحالات الخطيرة مثل "سرطان الجلد"، أما عن مميزاته فهي:

الدقة والموضوعية

يتجنب التحيز البشري والتقدير الشخصي. يمكنه قياس فروق دقيقة في اللون والملمس لا تراها العين.

الكشف المبكر

يمكنه اكتشاف علامات الشيخوخة أو تلف الجلد في مراحله المبكرة جدًا، مما يسمح بالتدخل الوقائي.

التخصيص الشديد

يوفر تحليلًا فريدًا لكل فرد، مما يؤدي إلى توصيات منتجات وروتين عناية مصمم خصيصًا لاحتياجاته.

تتّبع التقدم

يسمح للمستخدمين بتصوير بشرتهم بانتظام وتتبع تحسن (أو تدهور) حالتها مع مرور الوقت، وتقييم فعالية المنتجات التي يستخدمونها.

الراحة وإمكانية الوصول

يمكن إجراء التحليل من المنزل عبر الهاتف الذكي، مما يجعله متاحًا للجميع من دون الحاجة دائمًا لزيارة عيادة الطبيب.

رفع وعي المستهلك

يساعد الأشخاص على فهم بشرتهم بشكل أفضل وأسباب مشاكلهم الجلدية.

هل يوجد أضرار لتحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي؟

أكد دكتور ماهر، أن تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي نفسه غير ضار جسديًا، لأنه لا يتضمن أي اتصال فيزيائي أو إشعاع، فهو يعتمد على تحليل الصور. ومع ذلك، هناك مخاطر وآثار جانبية محتملة يجب أخذها بعين الاعتبار، ويمكن تقسيمها على النحو  التالي:

أضرار ومخاطر غير مباشرة ناتجة عن التطبيق الخاطئ للنتائج

• التشخيص الخاطئ أو الفشل في تشخيص مشكلة خطيرة: هذا هو أكبر ضرر محتمل. على سبيل المثال: "قد يخبرك التطبيق أن "شامتك" حميدة بينما هي في الحقيقة سرطان جلدي (ميلانوما). وبالتالي الاعتماد على هذا التحليل بدلًا من رأي الطبيب يمكن أن يؤدي إلى تأخر العلاج بمشاكل جلدية خطيرة. وأيضًا العكس صحيح "قد يبالغ التطبيق في تشخيص مشكلة بسيطة على أنها خطيرة، مما يسبب قلقًا وضغطًا نفسيًا لا داعي له".
• توصيات منتجات غير مناسبة أو ضارة: إذا كان التحليل غير دقيق، فقد يوصي بمنتجات قوية مثل (الريتينول أو الأحماض) لا تناسب نوع البشرة الحقيقي، وخصوصًا إذا كانت "حساسة"، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى "تهيج الجلد، التهاب الجلد التماسي، جفاف شديد، وتفاقم مشاكل البشرة الأصلية".
• الإصابة بالقلق المزمن: توفير تحليل مفصل جدًا لكل عيب صغير (مسام، خطوط دقيقة غير مرئية للعين) قد يولد هوسًا غير صحي بالمظهر والمعروف باسم "الوسواس القهري الرقمي". كذلك المتابعة اليومية أو الأسبوعية المفرطة قد تزيد التوتر والقلق بدلًا من أن تكون أداة مفيدة.

مخاطر تتعلق بالخصوصية والبيانات

• اختراق البيانات وسوء استخدامها: قد تقوم الشركات المطورة للتطبيق أو المنصة ببيع بياناتكِ لجهات تسويقية أخرى من دون موافقتك الصريحة. كذلك اختراق هذه البيانات في حالات قرصنة، مما يعرض هويتك للخطر. وأيضًا استخدام صورك لتدريب نماذج ذكاء اصطناعي أخرى قد لا تكون ذات صلة بالعناية بالبشرة.
• نقص الشفافية: كثير من المستخدمين لا يقرأون شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الطويلة والمعقدة. والتالي قد تتم الموافقة من دون وعي على استخدام البيانات.

مشاكل تتعلق بعدم الدقة والتحيز

• التحيز ضد ألوان البشرة: إذا تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على صور لأشخاص ذوي بشرة فاتحة، فإن دقته ستقل بشكل كبير مع البشرة الداكنة. وهذا قد يؤدي إلى "فشل في اكتشاف مشاكل مثل (التصبغات أو الالتهابات)، تشخيص خاطئ لبعض الحالات مثل (الإكزيما التي قد تظهر بشكل مختلف على البشرة الداكنة)".
• اعتماد الدقة على الظروف الخارجية: تعتمد جودة التحليل بشدة على جودة الصورة، الإضاءة، زاوية الالتقاط، وحتى لون خلفية الصورة. وبالتالي التحليل غير الدقيق قد يؤدي إلى توصيات غير دقيقة.

كيف تتجنبين هذه الأضرار والمخاطر؟

أشار دكتور ماهر، إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بعض التعليمات عند التعامل مع تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي، وذلك على النحو التالي:

• اعتبريه دليلًا إرشاديًا، وليس تشخيصًا طبيًا؛ أي لا تستبدلي رأي طبيب الأمراض الجلدية أبدًا بهذا التحليل، خاصة بالنسبة للشامات، الطفح الجلدي المستمر، أو أي نمو مشبوه.
• اختاري التطبيقات والمنصات الموثوقة؛ وهنا ابحثي عن تطبيقات تابعة لشركات مشهورة في مجال العناية بالبشرة أو متعاونة مع أطباء جلدية.
• اقرأي سياسة الخصوصية، وتعرفي على كيفية استخدام بياناتكِ وصوركِ قبل الموافقة. علمًا أن أفضل التطبيقات هي التي لا تخزن بياناتكِ أو تستخدمها لأغراض أخرى.
• استخدمي المنطق السليم، أي إذا شعرتِ أن التوصيات غريبة أو قد تسبب تهيجًا، فلا تتبعيها. واحرصي دومًا على استشارة الصيدلي أو الاختصاصي قبل استخدام المنتجات القوية.
• لا تبالغي في المتابعة، بل قومي بإجراء التحليل كل بضعة أسابيع أو أشهر لتتبع التقدم، وليس يوميًا.

وأخيرًا، تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي هو ثورة في عالم العناية بالبشرة والصحة الجلدية. فقد حول هذا المجال من الاعتماد على التخمين والتجربة إلى منهج قائم على البيانات والدقة. ومع ذلك سيظل أداة ممتازة للتوعية والتخصيص فقط، فهو مساعدًا وليس بديلًا عن الاستشارة الطبية المتخصصة، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمشاكل الجلدية الخطيرة.