اكتشفي مع "هي" كيف تتأثر صحة الجلد ببكتيريا الأمعاء والعلاج المناسب
مع البحث والإطلاع اكتشفت أن صحة الجلد لا تنفصل عن توازن الأنظمة الميكروبية في الجسم. فكلما زاد تنوع هذه الميكروبات وحمايتها من الاختلال، تحسنت وظيفة الحاجز الجلدي وقلت الالتهابات، مما ينعكس على نضارة البشرة وتأخر شيخوختها.
لذا، سأتطرق اليوم أنا محررة مجلة هي "رحاب عباس" إلى توضيح العلاقة بين بكتيريا الأمعاء وصحة الجلد، وكيفية التعامل معها لتعزيز نضارة البشرة والجلد بشكل طبيعي، بناءً على توصيات استشاري الأمراض الجلدية الدكتورعلاء محمد من القاهرة.
ما هي أنواع الميكروبيوم المؤثرة على صحة الجلد؟
وفقًا للدكتور علاء، تؤثر عدة أنواع من الميكروبيوم "المجتمعات الميكروبية" على صحة الجلد بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال تفاعلات معقدة مع الجهاز المناعي والهرمونات والعوامل البيئية؛ أبرزها:
ميكروبيوم الجلد (Skin Microbiome)
هو المجتمع الميكروبي المتواجد على سطح الجلد وفي مسامه، ويضم بكتيريا وفطريات وفيروسات. يؤثر بشكل مباشرعلى التالي:
- الحاجز الواقي: تنتج بعض الميكروبات مواد مضادة للميكروبات الضارة مثل Staphylococcus aureus.
- الترطيب والالتهاب:اختلال التوازن بينهما يرتبط بحب الشباب، الإكزيما، الصدفية، وجفاف الجلد. على سبيل المثال، زيادة Cutibacterium acnes قد تسبب حب الشباب، بينما Staphylococcus epidermidis تحمي الجلد.
- مكافحة الشيخوخة: ربطت دراسة حديثة بين تنوع الميكروبيوم وتقليل تجاعيد "أقدام الغراب" وفقدان الرطوبة.
ميكروبيوم الأمعاء (Gut Microbiome)
يرتبط بالجلد عبر "محور الأمعاء-الجلد" (Gut-Skin Axis)، ويؤثر عبر التالي:
- اختلال توازن الجهاز المناعي.
- زيادة الالتهابات المُتسببة في تفاقم "الإكزيما، الصدفية، وحب الشباب".
- الأمعاء المتسربة التيتسمح بتسرب السموم إلى الدم، مما يحفز استجابات مناعية تظهر على الجلد.
- إنتاج المغذيات التي تنتج بكتيريا الأمعاء فيتامينات مثل B وK وأحماضًا دهنية قصيرة السلسلة مثل "البوتيرات" التي تقلل الالتهاب.
ميكروبيوم الفم (Oral Microbiome)
يتفاعل مع الجلد عبر التالي:
- الالتهاب الجهازي: إذ يزيداختلال توازنه مثل (تسوس الأسنان أو أمراض اللثة) من إنتاج السيتوكينات الالتهابية التي تؤثر على الجلد.
- انتشار البكتيريا: وهناقد تنتقل ميكروبات الفم إلى الجلد عبر اللمس أو التنفس، خاصة مع سوء النظافة.
ميكروبيوم الأنف (Nasal Microbiome)
يؤثر بطريقتين رئيسيتين:
- التهاب الجيوب الأنفية:يرتبط اختلاله بالإكزيما والتهابات الجلد.
- انتقال الميكروبات:عند لمس الأنف، قد تنتقل بكتيريا مثل Staphylococcus aureus إلى الجلد، مُسببة الالتهابات المتنوعة.
كيف تؤثر بكتيريا الأمعاء على صحة الجلد؟
وتابع الدكتور علاء، العلاقة بين بكتيريا الأمعاء وصحة الجلد المعروفة باسم "محور الأمعاء-الجلد" Gut-Skin Axis هي مجال بحثي مُثير، حيث تؤثر البكتيريا النافعة في الأمعاء على الالتهاب، المناعة، وحتى أمراض الجلد المزمنة، وأبرزها:
التحكم في الالتهاب "سلاح ذو حدين"
تنتج بكتيريا الأمعاء أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة مثل (البوتيرات) التي تُقلل الالتهاب الجهازي. أما اختلال التوازن البكتيري (Dysbiosis) فيزيد من إنتاج السموم والمواد المسببة للالتهاب، مما يفاقم حب الشباب، الإكزيما، والصدفية.
تأثير المناعة "قوة لا يستهان بها"
يوجد 70 % من جهاز المناعة في الأمعاء، وهنا تعمل البكتيريا النافعة على تنظيم خلايا T-Reg التي تمنع ردود الفعل المناعية المفرطة مثل "الحساسية الجلدية".
حاجز الجلد والأمعاء " إصابته مؤثرة سلبًا"
يسمح ضعف حاجز الأمعاء"الأمعاء المتسربة" بمرور سموم إلى الدم، مما يزيد الإجهاد التأكسدي ويُتلف الكولاجين، وبالتالي إصابة الجلد بالشيخوخة المبكرة.
إنتاج المغذيات "عامل مؤثر ولكن.."
تصنع البكتيريا فيتامينات B وK، وتُحول الألياف إلى مضادات أكسدة تدعم إصلاح الجلد، ولكن نقصلها له تأثير سلبي على صحة الجلد.
الهرمونات والسموم "وجهان لعملة واحدة"
تحطم بعض البكتيريا هرمونات مثل( الأندروجين (المُرتبط بحب الشباب، وفي نفس الوقت تُزيل السموم التي تُسبب التهابات جلدية.
ما هي أبرز العوامل التيتحمي أو تختل توازن هذه الميكروبيومات؟
وأضاف الدكتور علاء، يُمكن تقسيم هذه العوامل إلى التالي:
عوامل تحمي بكتيريا الأمعاء لتحسين صحة الجلد
- النظام الغذائي: تدعم الألياف، الخضار، الأطعمة المخمرة (الكفير، المخلل) البكتيريا النافعة.
- العناية بالبشرة: استخدام منتجات ذات pH 5.5.
- التعرض للطبيعة: يزيد تنوع الميكروبيوم ويقلل الالتهاب.
أما عن العوامل التي تُسبب خلل الميكروبيومات فهي:
- يزيد كل من "السكر، الأطعمة المصنعة، الدهون غير الصحية" من الالتهابات.
- يدمر الصابون القلوي والمنظفات الكيميائية مثل (كبريتات لوريل الصوديوم) الميكروبات النافعة.
- تقتل المضادات الحيوية البكتيريا النافعة في الجلد والأمعاء.
- يزيد الإرهاق والإجهاد من ضعف حاجز الأمعاء والجلد.
ماذا عن دور البروبيوتيك في تحسين صحة الجلد؟
أوضح دكتور علاء، أن البروبيوتيك تكمل العلاج ولا تحل محل الأدوية الموصوفة لأمراض مثل "الصدفية الحادة"، ويمكن الحصول عليها من الأطعمة الصحية لعلاج مشكلات بكتيريا الأمعاء وتحسين صحة الجلدة والبشرة من دون استثناء، وذلك على النحو التالي:
- تحسين توازن الميكروبيوم: الزبادي، الكفير، المخلل المخمر (غير المبستر)، الكيمتشي، ميسو.
- تغذية البكتيريا النافعة: ثوم، بصل، موز أخضر، هليون، شوفان.
- تقليل تهيج الجلد: سمك السلمون، كركم، توت، زيت زيتون.
ما هي أفضل أنواع البروبيوتيك للبشرة المدعومة بالأبحاث العلمية؟
أشار الدكتور علاء، إلى ضرورة استشارة الطبيب المختص قبل تناولها؛ وخصوصًا إذا كانت المرأة أو الفتاة تعاني من نقص المناعة أو تتناول أدوية مثبطة للمناعة؛ أما عن أفضل الأنواع فهي:
سلالات للبشرة الدهنية وحب الشباب
- Lactobacillus acidophilus يُقلل البثور عن طريق كبح البكتيريا المسببة لها.
- Bifidobacterium bifidum يُوازن إنتاج الدهون.
- مكملات مركبة مثل SEPTICLIN (في دراسات إيرانية) حققت تحسنًا بنسبة 32 % في حب الشباب.
سلالات للإكزيما والجلد الحساس
- Lactobacillus rhamnosus GG خفضت حدّة الإكزيما بنسبة 50 % في دراسة فنلندية.
- Lactobacillus fermentum يُقلل الحكة والاحمرار.
سلالات لمكافحة الشيخوخة والجفاف
- Bifidobacterium longum يحسّن رطوبة الجلد ويقلل فقدان الماء عبر الطبقة القرنية (دراسة 2020).
- Lactobacillus paracasei يُعطل الإنزيمات المُحللة للكولاجين.
بروبيوتيك للتصبغات والكلف
Lactobacillus reuteri يُقلل إنتاج الميلانين عبر تنظيم السيتوكينات الالتهابية.
على الهامش.. نصائح عملية للحفاظ على توازن الميكروبيوم
- استخدمي غسولًا خاليًا من الكبريتات وحمضيًا (pH 5.5) مثل سيباميد.
- قلّلي من المضادات الحيوية غير الضرورية والمنظفات القاسية.
- مارسي التأمل أو المشي في الطبيعة لتقليل الإجهاد.
- ابحثي عن كبسولات البروبيوتيك معوية التحرر (Enteric-Coated) لضمان وصول البكتيريا للأمعاء.
- ادمجي منتجات البروبيوتيك الطبية مع مصادره الطبيعية لتحسين صحة الجلد بشكل فعال، ولكن بعد استشارة الطبيب المختص.
وأخيرًا، انتظامكِ في تناول الأطعمة المخمرة، واختيار مكملات البروبيوتيك الطبية المناسبة لطبيعة جسمكِ وحالتكِ الصحية سر جوهري لتحسين صحة الجلد والبشرة من دون أضرار لاحقة.
