من الألم إلى السلام خريطة عامكِ الجديد لمسامحة ذاتكِ والآخرين

من الألم إلى السلام: خريطة عامكِ الجديد لمسامحة ذاتكِ والآخرين

رحاب عباس المواردي
30 ديسمبر 2025

في كل مرة تلومّين فيها ذاتكِ، تسرقين من حاضركِ لحظة من الفرح. في كل مرة تحملّين فيها ضغينة، تُعطين مفتاح سلامكِ الداخلي لشخص ربما نسى ما فعل. لذا دعينا نتخيل سويًا للحظة أن العام الجديد يمكن أن يكون مختلفًا. ليس لأن الظروف ستتغير فجأة، ولكن لأن عينيكِ ستنظران إليها بشكل مختلف. ليس لأن الناس سيتغيرون، ولكن لأن قلبكِ سيتعلم فنًا جديدًا؛ آلا وهو "فن تحويل الألم إلى حكمة، الندم إلى تعلم، والغضب إلى سلام".

نعم، أنا لا أبالغ في قولي. فما الذي يمنعكِ من أن تضعي كل ما سبق في حقيبة الماضي وتستقبلي هذا العام بخفة؟، ليس للنسيان، بل لفهم أعمق، ليس للتبرير، بل للتجاوز، وليس للضعف، بل للقوة التي تختار أن تُحرر نفسها من قيودكِ.

ومع بداية العدّ التنازلي لاستقبال عامكِ الجديد، أدعوكِ ليس للتسامح السطحي، بل لرحلة تحرر من "سجن الذات القاسية، وثقلالتوقعات الخائبة" لتُجسدي نسخة جديدة من نفسكِ أكثر رحمة، أقوى، وأكثر حرية.

لذا، ابدئي معي من داخلكِ "تلك الصغيرة التي تحتاج إلى عناق طويل، كلمة طيبة، وفرصة ثانيةلأنكِ تستحقينها". ثم انظري للخارجبعين ترى من أخطأوا في حقكِ، أنهم بشرًا يحملون جراحهم الخاصة، ويعيشون حكاياتكِ الموازية. ثم تخيلي نفسكِ بعد سنة من الآن: "قلبًا أخف، صدرًا أوسع، وفهمًا أعمق لذاتكِ وللحياة".

عمومًا، هذه البداية تنتظر قرارًا واحدًا وهو أن تمنّحي نفسكِ أولًا هدية التسامح و المغفرة"، ثم تتعلمي فن منحها للآخرين ليس لأنهم يستحقونها، بل لأنكِ أنتِ تستحقين السلام.

وبما أن عامكِ الجديد يبدأ من لحظة تقررين فيها "أن تضعي الماضي في مكانه المناسب (خلفكِ)، أن تحملي منه فقط ما يفيد (الدروس)، وأن تفتحي ذراعيكِ للحاضر الجديد". فهل أنتِ مستعدة لرحلتكِ الأكثر جرأة هذا العام؟ رحلة العودة إلى ذاتكِ بالتسامح والحب والغفران لنفسكِ وللآخرين.

من هذا المنطلق، سأطلعكِ عبر موقع "هي" على فن مسامحة الذات والآخرين مع انتهاء العام، وأهم مهاراته لبداية عامكِ الجديد بأفضل نسخةأنتِ تستحقينها، بناءً على توصيات استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من جدة.

مفاتيح عامكِ الجديد لتعلم فن مسامحة الذات والآخرين

مفاتيح عامكِ الجديد لمسامحة ذاتكِ والآخرين
مفاتيح عامكِ الجديد لمسامحة ذاتكِ والآخرين

ووفقًا للدكتورة لبنى، المسامحة فن رفيع يتطلب شجاعة وصبرًا، وهو رحلة نحو التحرر الداخلي وليست مجرد قرار عابر. إليكِ مفاتيح هذا الفن:

مسامحة الذات

  • الاعتراف بالخطأ من دون إنكار أو مبالغة.
  • فهم الدوافع وراء الفعل، فقد تكون ظروفًا أو جهلًا.
  • التعلم من التجربة بدلًا من تكرارها.
  • اللطف مع النفس  والآخرين.
  • ترك السعي للكمال، فالإنسان بطبيعته غير معصوم.
  • التوبة والالتزام بالتغيير إذا تعلق الأمر بذنب شرعي.

مسامحة الآخرين

  • فصّل الشخص عن فعله  "كره الخطأ لا الشخص".
  • التفهم لمسببات تصرفات الآخرين.
  • التعبير عن المشاعر بصدق من دون اتهام.
  • وضع حدود صحية لحماية الذات من دون انتقام.
  • التخلي عن حق العقاب وترك العدالة لله والقانون.
  • استعادة الثقة بالتدريج عندما يقتضي الأمر.

فن المسامحة سرّه في فوائده

تعميق علاقاتكِ الانسانية أحد فوائد فن مسامحة الذات والآخرين
تعميق علاقاتكِ الانسانية أحد فوائد فن مسامحة الذات والآخرين

وتابعت دكتورة لبنى، المسامحة هدية تمنحها كل امرأة لنفسها أولًا، فهي طريقهالسلامها الداخلي، وقدرتها على العيش بحاضر أكثر خفة ومستقبل أكثر إشراقًا لتحقيق التالي:

  • تحرّرها من عبء الماضي وطاقتها السلبية.
  • تحسين صحتها النفسية والجسدية.
  • تعميق علاقاتها الإنسانية.
  • نموها الشخصي والروحي.

ومواجهة تحديات المسامحة التالية:

  • تجاوزكِ الأذى.
  • عدم قبولك الإساءة أو التكرار.
  • طلبك المساعدة من الخبراء المختصين في حالات الصدمات الشديدة.

فن مسامحة الذات والاخرين حليفكِ في عامكِ الجديد بهذه المهارات

اعترافكِ بأفعالكِ السلبية وقت المشكلة أحد مهارات مسامحة ذاتكِ والآخرين
اعترافكِ بأفعالكِ السلبية وقت المشكلة أحد مهارات مسامحة ذاتكِ والآخرين

أكدت دكتورة لبنى، أن إتقان فن المسامحة يشبه بناء العضلات، إذ يحتاج تمرينًا مستمرًا وصبرًا،  ليُصبح جزءًا طبيعيًا من شخصية المرأة، وهدية تمنحها لنفسهاوللعالم من حولها؛ بعد امتلاك هذه المهارات:

مهارات مسامحة ذاتكِ.. ابدئي من الآن مع نفسكِ

مهارة التوقف عن جلد الذات

  • دربّي نفسكِ على التوقف عن العبارات القاسية
  • استبدلي كلمة "أنا فاشلة" بكلمة "أخطأت وأتعلم".
  • اكتبي قائمة بصفاتكِ الإيجابية.

مهارة ممارسة التعاطف الذاتي

  • تخيّلي أنك تتعاملين مع صديقة عزيزة ارتكب نفس الخطأ.
  • وضعّي يدكِ على قلبكِ وتحدثي بلطف مع نفسكِ
  • مارسي يوميًا التأكيدات الإيجابية لأسلوبكِ.

مهارة فهم السياق والدوافع

  • حلّلي الظروف التي أدت للخطأ.
  • ايألي نفسكِ "ما الذي كنت أحتاجه في تلك اللحظة؟".
  • اعترفي بأفعالكِ السلبية وقت المشكلة.

مهارة تحويل الذنب إلى مسؤولية

  • فرّقي بين "أنا شخصية سيئة" و"أنا فعلت شيئًا خاطئًا".
  • حدّدي الإجراءات التصحيحية الممكنة.
  • ركّزي على "ماذا يمكنني أن أفعل الآن؟".

مهارات مسامحة الآخرين.. اجعليها معياركِ في تعاملاتكِ

مرونتكِ في تعاملاتكِ اليومية سر امتلاحكِ فن مساحة ذاتكِ والآخرين
مرونتكِ في تعاملاتكِ اليومية سر امتلاحكِ فن مساحة ذاتكِ والآخرين

مهارة إعادة صياغة الرواية

  • انظري للموقف من زوايا متعددة.
  • اسألي نفسكِ "ما الذي قد يكون هذا الشخص يمر به؟".
  • اكتبي رسالتكِ غير المرسلة لتعبير عن مشاعركِ.

مهارة التعبير عن الاحتياجات

  • تعلّمي وضع حدود واضحة ومحترمة.
  • استخدمي لغة "أنا" بدلًا من لغة الاتهام. على سبيل المثال: "أشعر بالأذى عندما..." بدلًا من "أنت دائمًا...".

مهارة ممارسة التنفيس الصحي

  • تحدثي مع صديقة محايدة.
  • اكتبي يومياتكِ دومًا.

مهارة تفريع الطاقة السلبية

  • افصّلي الشخص عن فعله.
  • تذكّري الصفات الجيدة في الشخص.
  • مييزّي باستمرار بين رغبتكِ في العدالة ورغبتكِ في الانتقام.
  • تخيّلي نفسكِ مكان الآخرين في ظروف مشابهة.

مهارات عملية لتطوير ذاتكِ يومًا بعد يوم

تمارين اليقظة الذهنية  (Mindfulness)

  • راقبي الأفكار من دون حكم
  • ركّزي على الحاضر بدلًا من جذب سلبيات الماضي.
  • مارسي التنفس العميق عند ظهور مشاعر سلبية.

الكتابة العلاجية

  • اكتّبي رسالة مغفرة لنفسكِ وللآخرين (حتى لو لم ترسليها).
  • دونّي دومًا الدروس المستفادة من أي تجربة.
  • وثقّي رحلة المشاعر من الغضب إلى السلام.

المرونة الفكرية

  • تحدّي الأفكار المطلقة ("دائمًا"، "أبدًا")
  • اقبّلي فكرة أن الناس يتغيرون.
  • تعاملي بمرونة مع نمطكِ الشخصي في الصراعات.

بناء طقوس رمزية

  • قومي دومًا باحتفال صغير عند تجاوز أي مرحلة.
  • ازرعي نبات كرمز للنمو الجديد.

اللجوء للروحانيات

  • لا تستغني عن الصلاة أو التأمل حسب معتقداتكِ
  • اقرئي دومًا نصوص عن التسامح والمغفرة
  • مارسي العفو كقيمة أخلاقية عميقة.

على الهامش.. نصائح للاستمرارية مدى الحياة وليس عامكِ الجديد فقط

احتفلي دومًا بأي تقدم صغير فكل خطوة نحو مسامحة ذاتكِ والآخرين تستحق التقدير
احتفلي دومًا بأي تقدم صغير فكل خطوة نحو مسامحة ذاتكِ والآخرين تستحق التقدير
  • ضعّي توقعات واقعية "المسامحة عملية مستمرة وليست لحظة تُحدديها لمرحلة وقتية".
  • اقبلّي التقلبات "بعض الأيام قد تكون أسهل من غيرها، والعكس".
  • احتفلّي دومًا بأي تقدم صغير "كل خطوة نحو السلام تستحق التقدير".
  • اطلبي المساعدة عند الحاجة "العلاج النفسي أو الإرشاد الروحي".
  • تعلّمي من النماذجالمحيطة بكِ، وابحثي دومًا عن قصص مغفرة ملهمة.