الأوركسترا الوطنية الإماراتية تطلق رؤيتها الفنية وتمهّد لموسم موسيقي غير مسبوق

في خطوة تُعدّ علامة بارزة في مسار الثقافة الموسيقية الإماراتية، أعلنت الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة عن رؤيتها الفنية وبرنامج موسمها الافتتاحي، بعد مشاركتها اللافتة في احتفالات عيد الاتحاد الـ54. وجاء هذا الإعلان ليكشف الملامح الأولى لصوت أوركسترالي جديد يُعيد رسم العلاقة بين الشرق والغرب، ويستحضر التراث الإماراتي بروح عصرية تنسجم مع طموحات الدولة في بناء مشهد فني عالمي.

"البداية"… انطلاق فصل موسيقي جديد

تستعد الأوركسترا الوطنية لإطلاق موسمها الأول يوم 15 يناير 2026 بعرض يحمل عنوان "البداية"، وهو عمل افتتاحي يقدّم للجمهور أول ملامح الهوية الصوتية الجديدة للأوركسترا. ولا يزال الموقع النهائي للحفل قيد الترتيبات، لكن الترقب يزداد مع اقتراب العرض الذي سيقدّم أول عمل سيمفوني إماراتي مكتمل العناصر.

رؤية فنية تمزج بين التراث والحداثة

تقوم الرؤية الفنية للأوركسترا على مفهوم يجمع الآلات الشرقية والغربية في حوار موسيقي يفتح آفاقًا جديدة للتعبير. وتؤكد الشيخة علياء بنت خالد القاسمي، المدير العام للأوركسترا الوطنية، أن هذا المشروع يمثل خطوة تأسيسية في صياغة صوت موسيقي يعكس الهوية الإماراتية، ويستوحي من تراثها الغني ليقدمه برؤى معاصرة. وتوضح أن ظهور الأوركسترا في احتفالات عيد الاتحاد كشف للمرة الأولى قوة حضور هذا الصوت، الذي تتطلع لمشاركته مع الجمهور على نطاق أوسع خلال الموسم الافتتاحي.

ومن جانبه، يشير أمين قويدر، المدير الفني وقائد الأوركسترا، إلى أن الموسيقى في جوهرها لغة للتفاهم، وأن لقاء الآلات العربية والغربية على المسرح يشكّل مساحة خصبة لتوليد حوارات فنية تكشف عن طبقات جديدة من المعنى. ويرى أن الموسم الجديد سيقدّم نموذجًا فريدًا يجمع بين التقاليد الشرقية والتأثيرات العالمية، ليعبّر عن طموح الإمارات في بناء صوت موسيقي يتجاوز الحدود.

موسم فني غير مسبوق

يحمل الموسم الافتتاحي مجموعة من العروض التي تمتد عبر إمارات الدولة السبع، في رحلة موسيقية تستكشف قدرة الفن على خلق لغة مشتركة بين الثقافات. ويضم الموسم سلسلة من الأمسيات التي تجمع بين الأعمال الأوركسترالية العالمية ورؤية جديدة تستلهم ملامح الهوية الإماراتية. وتتنوع العروض بين أعمال موسيقية أصلية مؤلفة خصيصًا للأوركسترا، وتعاونات مع فنانين إقليميين، إضافة إلى مشاركة قادة أوركسترا وفنانين عالميين.

وتشمل هذه العروض محطات موسيقية بارزة مثل أمسية "حوار القلوب"، التي تقدم سردًا موسيقيًا لمراحل الحب، وعرض "فيفالدي: رحلة الشرق" الذي يتخيّل كيف كان سيبدو عالم فيفالدي لو تعرّف على الآلات العربية. كما يشمل الموسم أمسية تحتفي بكبار المؤلفين الروس، وحفلاً عائليًا بعنوان "حكاية لحن"، فضلًا عن أمسية "صدى الأزمان" المستوحاة من قصائد ابن عربي. وتقدّم الأوركسترا أيضًا عروضًا تستحضر روائع أوبرا كارمن، وأمسية تأخذ الجمهور إلى فيينا القرن التاسع عشر، إضافة إلى عرض يحتفي بموسيقى السينما والتلفزيون الإماراتي. ويواصل الموسم رحلته بين الشرق والغرب عبر عروض تستكشف الأنغام الخليجية، وتقدّم تجارب هجينة تمزج الجاز والكلاسيك والهوية الإماراتية العصرية.

مستقبل الموسيقي الإماراتية

بالتوازي مع عروض الموسم، تطلق الأوركسترا الوطنية "برنامج بناء القدرات"، وهو مبادرة تمتد لمدة عام كامل بنظام الدوام الجزئي، تهدف إلى إعداد جيل جديد من الموسيقيين الإماراتيين. ويقدّم البرنامج إطارًا تدريبيًا متكاملًا يشمل التوجيه على أيدي خبراء دوليين، والمشاركة في بروفات الأوركسترا، والتدريب على الأداء الجماعي، إضافة إلى ورش متقدمة في الدراسات النظرية الموسيقية. ويحصل المشاركون على دعم مالي تقديرًا لالتزامهم طوال فترة التدريب.

وتؤكد الشيخة علياء أن الاستثمار في المواهب الإماراتية هو ركن أساسي في بناء مستقبل الموسيقى في الدولة، مشيرة إلى أن البرنامج يشكل خطوة محورية نحو إعداد موسيقيين قادرين على تمثيل الإمارات بصوت حديث ومتجدد.

صوت إماراتي يتقدّم نحو المستقبل

يأتي الموسم الافتتاحي وبرنامج بناء القدرات كمرحلتين متكاملتين تشكلان حجر الأساس في مسيرة الأوركسترا الوطنية نحو ترسيخ حضور موسيقي إماراتي عالمي. ومع اقتراب انطلاق عروض الموسم، يتجه الأنظار إلى الأوركسترا التي تستعد لفتح فصل جديد في قصة الموسيقى الإماراتية، فصل يبدأ من تراث غني ويكتب ملامحه بلغة عالمية تنتمي إلى المستقبل.

امين قويدر قائد الاوركسترا

الاوركسترا

الشيخة علياء القاسمي