الكشف عن نموذج قطار "حلم الصحراء".. إعادة تعريف مفهوم السفر الفاخر بالقطار في السعودية
في إنجاز استثنائي يعيد تعريف مفهوم السفر الفاخر في الشرق الأوسط، كشفت شركة "آرسينالي" الإيطالية الرائدة في قطاع الضيافة الفاخرة، بالتعاون مع الخطوط الحديدية السعودية "سار"، ووزارة النقل والخدمات اللوجستية، والهيئة العامة للنقل، ووزارة السياحة، ووزارة الثقافة، عن نموذج أول قطار فائق الفخامة في المملكة العربية السعودية، تحت اسم "حلم الصحراء" Dream of the Desert، وذلك خلال النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) المنعقد في الرياض.

يشكّل هذا المشروع علامة فارقة في مسيرة السياحة الفاخرة بالمملكة، حيث يضم القطار 33 جناحًا خاصًا من أفخم الأجنحة الرئاسية، إضافة إلى عربتي مطعم وصالة فاخرة مستوحاة من طبيعة الصحراء السعودية الغنية، بلمسات فنية من الخشب المنحوت بعناية فائقة وتفاصيل ذهبية دافئة تعكس التراث الأصيل ودفء الضيافة العربية.
ويقدّم القطار قوائم طعام عالمية من إعداد نخبة من أمهر الطهاة المحليين والعالميين، من بينهم حائزون على نجوم ميشلان، ليعيش الضيوف تجربة طهي راقية أثناء رحلتهم عبر مناظر المملكة الصحراوية الساحرة ووجهاتها التراثية المبهرة.

موعد أولى رحلات "حلم الصحراء"
من المقرر أن تنطلق أولى رحلات "حلم الصحراء" في نهاية عام 2026، على مسار يمتد لمسافة 1300 كيلومتر من العاصمة الرياض، عبر محطات مختارة بعناية لتكشف عن تنوّع الجغرافيا السعودية، وغناها الثقافي، وتاريخها الممتد عبر الزمن، في تجربة تجمع بين الفخامة والروح العربية الأصيلة.
وفي تصريح له، أكد معالي المهندس صالح الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية، أن المشروع "يعكس الطموح الكبير للمملكة والتزامها بتقديم تجارب سفر استثنائية تتماشى مع أعلى المعايير العالمية، كما يبرز دور الشراكات الاستراتيجية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030".

من جهته، وصف الدكتور بشار المالك، الرئيس التنفيذي لشركة "سار"، المشروع بأنه "علامة فارقة في تجارب السفر الفاخر عبر الخطوط الحديدية في المملكة، يجمع بين الرفاهية والتراث والابتكار، ويعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية المستوى".
أما باولو بارليتا، الرئيس التنفيذي لشركة "آرسينالي"، فقال إن "حلم الصحراء" يمثل "أيقونة السفر الفاخر بالقطارات، حيث تتلاقى الحرفية الإيطالية والجمال السعودي في مشروع يجسد رؤية المملكة الطموحة، ويحتفي بالتراث والإبداع والضيافة الراقية".

حوار متناغم بين التراث السعودي والحرفية الإيطالية
وقد حمل التصميم الداخلي توقيع المعمارية والمصممة اللبنانية العالمية ألين أسمر دامان، مؤسسة شركة Culture in Architecture، التي صاغت حوارًا متناغمًا بين التراث السعودي الأصيل والحرفية الإيطالية الرفيعة، من خلال خامات مصمّمة بعناية ونقوش خشبية تحكي قصة الأصالة والانتماء تحت وهج سينمائي ناعم ينبعث من زجاج "مورانو" المنفوخ يدويًا.

ألين أسمر دامان وفلسفة تصميمية وراء "حلم الصحراء"
في حديث سابق خاص لـ"هي" مع المعمارية والمصممة ألين أسمر دامان، تحدّثت عن مشروع "حلم الصحراء" وفلسفتها التصميمية التي تمزج بين التراث والحرفية والحداثة، فقالت: "تشهد المملكة العربية السعودية تحوّلًا استثنائيًا، إذ تدعو العالم لاكتشاف نسيجها الثقافي الغني وتقاليدها العريقة، مع تبنّي الفنون والإبداع بروح استشرافية. ومع جدول حافل من الفعاليات الثقافية، تصيغ المملكة سردًا جديدًا يشرّفني لي أن أكون جزءًا منه. يجسد قطار "حلم الصحراء" هذه الرؤية، فهو متجذر في احترام عميق للتراث، مع انسيابية في احتضان الحداثة.

وأضافت: "بالنسبة لي، تعدّ الحرفية الجسر المثالي بين الماضي والحاضر، وهي شكل من أشكال الفخامة التي تنتقل عبر الأجيال، من يد ماهرة إلى أخرى. أقضي ساعات في دراسة تفاصيل العمارة السعودية: المنسوجات المزخرفة بدقة، النقوش الخشبية الرقيقة، والمصابيح الزيتية التي تنثر ضوءًا سينمائيًا، ثم أعيد ترجمتها بعدسة حداثية راقية، تتكيف بعناية مع القيود المكانية والتقنية الخاصة بقطار. وهناك أيضًا ذلك الشعور الطاغي بالدهشة، ما يسميه الكاتب ستندال "متلازمة الجمال"، عند لقاء العجائب في الحِجر، حائل، العلا، وسواها من المواقع السعودية الساحرة. هذه الأماكن تحكي قصصًا عن الزمن والصمود والجمال، وتلهم كل جانب من جوانب هذا المشروع. إن تميز الحرفية الإيطالية، إلى جانب تعاوننا مع Arsenale ووزارة الثقافة السعودية، يضيف بعدًا آخر لهذا الحوار الثقافي المتبادل. "حلم الصحراء" ليس مجرد مشروع، بل هو تحية تقدير لسحر التبادل الثقافي والإلهام اللامحدود الذي ينبع من التراث السعودي والامتداد الشعري للصحراء."

وعن العملية الإبداعية وراء المشروع، أضافت دامان: "ينبع عملي من نقل الماضي إلى المستقبل، دائمًا في سياق غني بالروابط الثقافية والقصص. حلم الصحراء" هو أول تجربة لي في تصميم داخل قطار، لكن الفلسفة التي تحركه تظل متماشية مع منهجي في تصميم مشاريع الضيافة الكبرى داخل المباني التاريخية—مثل قصر دونا جيوفانيلي Palazzo Dona Giovannelli ، فندق أورينت إكسبريس القادم في البندقية، أو فندق دو كريون Hotel de Crillon ، أحد فنادق روزوود في باريس، على ساحة الكونكورد. تنطلق الرحلة الإبداعية دائمًا من سياق المشاريع، ومن القصص التي تنبثق عنها، لترشدنا إلى آفاق غير متوقعة ولكنها غنية بالإلهام والابتكار".
