
فنادق تحتفل بالهوية الوطنية الأصيلة.. إقامة فاخرة في قلب التراث السعودي
حين تختارين فندقاً لقضاء عطلتكِ، فأنتِ تبحثين عن الراحة والخدمات الفاخرة، لكن ماذا لو وجدتِ فخامة الإقامة متجذرة في قلب التراث السعودي الأصيل؟ لقد أصبحت المملكة اليوم موطناً لعدد من الفنادق التي لا تقدم مجرد غرف فخمة ومطاعم راقية، بل تتيح تجربة متكاملة تحاكي الهوية الوطنية وتروي قصص المكان عبر العمارة، التفاصيل، والأنشطة. في جدة التاريخية والعلا والدرعية وأبها والطائف، ستجدين فنادق تُحوّل الإقامة إلى رحلة في ذاكرة الوطن.
دار طنطورة: العلا كما لم تريها من قبل
من قلب صخور العلا الذهبية، يطل فندق دار طنطورة كتحفة معمارية فنية تستلهم ملامحها من التاريخ. صُمم الفندق على الطراز التقليدي للمنطقة، ببيوت طينية وأزقة ضيقة تنبض بالحياة. عند إقامتكِ فيه، تشعرين أنكِ انتقلتِ إلى زمن قديم حيث السكينة والبساطة، لكن بلمسات عصرية تضمن لكِ الراحة والفخامة.
في اليوم الوطني، يصبح الفندق مسرحاً مفتوحاً للاحتفالات التراثية، حيث تقدم الفرق المحلية عروضاً فلكلورية، وتقام ورش للحرف اليدوية، بينما تُضاء جدران الطين بألوان العلم السعودي. إنها تجربة استثنائية تتيح لكِ أن تعيشي أصالة العلا بكل تفاصيلها، من جلسات الشاي على الأرائك التقليدية، إلى الأمسيات التي تُزينها الموسيقى الشعبية.

فندق باب سمحان: واحة نجدية بين الماضي والحاضر
في قلب الدرعية التاريخية، يفتح فندق باب سمحان نافذة على الماضي ويستشرف المستقبل. بُني الفندق على الطراز النجدي التقليدي من التراب والحجارة المحلية، لتشعر الزائرة أنها في حضرة قصة من قصص الأجداد الذين عاشوا على هذه الأرض. الغرف والأجنحة مصممة بأثاث بسيط لكن أنيق، يحمل لمسات من السدو والخشب المنقوش.
يمنح الفندق ضيفاته فرصة نادرة للهروب من صخب الحياة العصرية والتواصل مع الطبيعة والتراث. في اليوم الوطني، تتزين أروقته بالأنوار الخضراء، وتقام فيه جلسات تحاكي كرم الضيافة النجدية، مع القهوة العربية والتمور، ومجالس السمر التي يشارك فيها الشعراء والحكواتية. إن الإقامة في باب سمحان ليست مجرد ترف، بل هي عودة أصيلة إلى الجذور في أجواء تحمل روح الوطن.

بيت جوخدار: رواشين خضراء تحكي الحكايات
يقف بيت جوخدار كواحد من أروع المباني التراثية التي تحولت إلى فندق بوتيكي في جدة التاريخية. يتميز البيت بواجهته المزينة بـ"الرواشين" الخشبية المطلية باللون الأخضر الزمردي، والتي تعكس أشعة الشمس وكأنها لوحات فنية. المبنى يضم تسع غرف وأجنحة، كل منها يجمع بين عناصر العمارة الحجازية مثل الأقواس والزجاج الملون والجص المنقوش، وبين الفخامة العصرية التي تلبي متطلبات الزوار.
تاريخ البيت يعود إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري، إذ كان استراحة للحجاج الإندونيسيين قبل توجههم إلى مكة، ثم أصبح مقراً لعائلة الجوخدار لعدة عقود. اليوم، يروي البيت قصص ماضيه عبر تفاصيله المعمارية وأجوائه التراثية. في اليوم الوطني، يتحول بيت جوخدار إلى منصة للاحتفال بالفنون الشعبية الحجازية، حيث تقام عروض موسيقية وأمسيات شعرية، ويُقدَّم للزوار أطباق محلية كالفول والمعصوب في جلسات عربية أصيلة.

بيت الريس: رحلة إلى عمق التاريخ
يقع بيت الريس في قلب جدة التاريخية، ويضم ست غرف وأجنحة فسيحة تطل على فناء داخلي عتيق جرى ترميمه ليحافظ على روحه القديمة. يتميز البيت بأسقفه العالية وأقواسه الحجرية التي تعكس جمال العمارة الحجازية. التجديدات التي أُجريت عليه حافظت على تفاصيله التقليدية، مع إضافة لمسات عصرية تضمن الراحة والفخامة.
الإقامة في بيت الريس تمنحكِ فرصة الغوص في عمق تاريخ جدة، حيث الماضي يتنفس في كل زاوية. خلال اليوم الوطني، يحتفي الفندق بتراث الحجاز عبر ورش تعليمية للحرف اليدوية، وجلسات حكي تسرد قصص البحر والتجارة التي شكلت هوية المدينة.

بيت كدوان: بين الرواشين والمشربيات
مقابل بيت نصيف الشهير، يقف بيت كدوان كصرح تراثي مميز تحوّل إلى فندق بوتيكي. يتميز بواجهته المزينة بـ"الرواشين" والمشربيات الخشبية التي تغطي النوافذ والشرفات، لتمنح المكان طابعاً حجازياً أصيلاً. يتكون المبنى من دورين، وتطل غرفه على فناء خارجي مريح، ما يتيح للزائرات تجربة تجمع بين سحر العمارة التقليدية ووسائل الراحة الحديثة.
في اليوم الوطني، يزداد المكان سحراً حين تُزين جنبات الفندق بالأعلام الخضراء، وتقام أمسيات فنية تعكس تنوع التراث الحجازي. بيت كدوان ليس مجرد فندق، بل مرآة حية للهوية الوطنية التي تحتفي بالماضي في قلب الحاضر.

فندق الكوت التراثي: واحة الأحساء في قلب الهفوف
لا تكتمل خريطة الفنادق التراثية في المملكة دون التوقف عند فندق الكوت التراثي في محافظة الأحساء، التي تُعرف بواحتها الغنية بالنخيل والمياه العذبة وتراثها الممتد لمئات السنين. الفندق مقام على مساحة تقارب الألف متر مربع في وسط مدينة الهفوف، ويُعد تحفة معمارية تستعيد ملامح القصور القديمة التي بُنيت قبل قرنين، لكنها اليوم تقدم لزائريها خدمات ضيافة فندقية راقية بلمسة عصرية.
الإقامة في الكوت تتيح للنزلاء تجربة فريدة للغوص في تفاصيل التراث الأحسائي، إذ يقع على بعد خطوات من قصر إبراهيم الأثري ومسجد الفاتح التاريخي، كما يمكن الوصول سيرًا على الأقدام إلى سوق القيصرية الشهير بما يزخر به من مشغولات يدوية ومنتجات تقليدية، إضافة إلى سوق الفوارس الذي يعكس نبض التجارة الشعبية في المنطقة. الغرف والأجنحة في الفندق تتميز بإطلالاتها على واحة الأحساء، وتجمع في تصميمها بين الطراز القديم بأثاثه الخشبي المزخرف واللمسات التراثية المحلية، والخدمات الحديثة التي تضمن راحة النزلاء.
ما يميز الكوت أيضاً مطعمه الذي يقدم أطباقاً سعودية أصيلة اشتهرت بها المنطقة مثل الرز الحساوي والهريسة والمرقوق، إلى جانب أطباق عصرية متنوعة ومشروبات طازجة. وفي بهو الفندق، يجد الزائر متحفاً صغيراً يضم قطعاً أثرية قديمة تعكس تاريخ المكان، بينما يحتوي الطابق العلوي على مكتبة تضم كتباً بعدة لغات توثق تاريخ الأحساء والكوت، لتجعل من الإقامة تجربة معرفية بقدر ما هي سياحية. هكذا يصبح فندق الكوت التراثي أكثر من مجرد مكان للإقامة، بل نافذة مفتوحة على ماضي الأحساء وروحها الأصيلة.
