أجمل وجهات السياحة في مينسك عاصمة بيلاروسيا بواسطة Egor Kunovsk

أجمل المعالم السياحية في مينسك عاصمة بيلاروسيا

 عبير شرارة

تمتد مدينة مينسك عاصمة بيلاروسيا على مفترق الطرق بين الماضي والحاضر، حيث تتجاور العمارة السوفييتية الصارمة مع مظاهر الحداثة وروح أوروبا الشرقية، وتبرز شوارعها الواسعة وحدائقها المتناثرة ونُصُبها الضخمة كعناصر تُعبر عن هوية حضرية تجمع بين التأمل الثقافي والحيوية اليومية.

ونتعرف اليوم على أبرز الوجهات السياحية في مينسك عاصمة بيلا روسيا في جولة بين وجهاتها التاريخية الرائعة، وحدائقها الجذابة ومعالمها المعمارية الفريدة التي تروي قصص انسانية متفردة.

ساحة الاستقلال

ساحة الاستقلال في مينسك بواسطة oh contraire
ساحة الاستقلال في مينسك بواسطة oh contraire

تُعد ساحة الاستقلال من أبرز رموز العاصمة وتُصنف من بين أوسع الساحات في القارة الأوروبية، وتقع في موقع حيوي يضم العديد من المباني الإدارية ذات الطابع المعماري السوفييتي، مثل مبنى الحكومة بواجهته الكلاسيكية المهيبة إلى جانب تمثال لينين الذي لا يزال شاهداً على مرحلة سياسية محورية، وعلى مقربة من الساحة يمكن ملاحظة مباني جامعة بيلاروسيا الحكومية، بينما تبرز كنيسة القديسين سيمون وهيلينا بطرازها القوطي بلونها الأحمر كعنصر جمالي يضفي توازناً مع الطابع الرسمي للمكان.

وتتجسد أهمية الساحة في قدرتها على جمع عناصر مختلفة من الهوية البيلاروسية ضمن فضاء واحد، ففي النهار تتحول إلى نقطة عبور رئيسية للمواطنين بينما تتوهج مساءً بالأضواء الملونة والنوافير الموسيقية، وتحتها يمتد مجمع تجاري عصري يُعرف باسم “ستوليستا” يضم متاجر ومقاهٍ ومعارض ثقافية، مما يجعل ساحة الاستقلال نقطة تفاعل نابضة بالحياة تُتيح للزائر استيعاب إيقاع المدينة من خلال مراقبة الحياة اليومية والتقاط مشاهد مميزة.

المدينة العليا وحي ترويتسكي

المدينة العليا وحي ترويتسكي بواسطة Hanna Zelenko
المدينة العليا وحي ترويتسكي بواسطة Hanna Zelenko

تمنح أحياء المدينة القديمة مثل المدينة العليا وترويتسكي فرصة لاكتشاف مينسك من منظور أكثر حميمية وتاريخية، حيث تمتد هذه الأحياء على ضفاف نهر سفيسلاتش وتحتفظ بمظاهر العمارة التقليدية التي تعود إلى قرون سابقة، وعند السير بين شوارعها المرصوفة بالحجارة تظهر منازل بألوان ناعمة ومقاهٍ صغيرة تقدم مأكولات محلية، ومحلات حرفية تعرض منتجات مصنوعة يدوياً.

أما حي ترويتسكي والذي يمكن الوصول إليه سيراً على الأقدام من المدينة العليا فيحتوي على بيوت قديمة تعود للقرن التاسع عشر وأزقة ضيقة تطل على النهر، وتُعد جزيرة الدموع جزءاً من هذا المشهد، حيث تعد تذكاراً مؤثراً للجنود الذين فقدوا حياتهم خلال الحرب السوفييتية في أفغانستان، كما تنشط هذه المنطقة في فصل الصيف من خلال المهرجانات الموسيقية والمعارض الفنية والتجول على ضفاف النهر، ما يمنح الزائر فرصة لاستكشاف الجانب الهادئ من مينسك.

المكتبة الوطنية البيلاروسية

المكتبة الوطنية البيلاروسية بواسطة Siarhei Nester
المكتبة الوطنية البيلاروسية بواسطة Siarhei Nester

تُلفت المكتبة الوطنية الأنظار بهيكلها الهندسي الفريد الذي يتخذ شكلًا متعدد الأوجه من الزجاج والفولاذ، مما يجعلها واحدة من أكثر المعالم المعمارية إثارة في المدينة، وتُعتبر هذه المكتبة بمثابة مركز فكري يعكس مكانة الثقافة والعلم في بيلاروسيا، حيث تضم أكثر من ثمانية ملايين مادة من كتب نادرة ومخطوطات وأرشيفات رقمية.

ويُتيح المصعد البانورامي للزوار الوصول إلى منصة المراقبة في الطابق الثالث والعشرين، حيث يمكن الاستمتاع بمشهد بانورامي للمدينة يشمل الحدائق والأنهار والأحياء الممتدة على الأفق، كما تحتضن المكتبة فعاليات ثقافية ومعارض فنية وعروضًا موسيقية مما يجعلها وجهة متعددة الأبعاد، وتتحول واجهتها ليلاً إلى عرض ضوئي مبهر عبر مصابيح LED.

حديقة غوركي ومشهد العجلة الدوارة

حديقة غوركي والعجلة الدوارة بواسطة Hanna Zelenko
حديقة غوركي والعجلة الدوارة بواسطة Hanna Zelenko

في قلب المدينة تقدم حديقة غوركي ملاذًا طبيعياً للاسترخاء وقضاء أوقات ممتعة، سواء للأسر أو للزوار بمفردهم، وتعود نشأة هذه الحديقة إلى القرن التاسع عشر وقد خضعت لعدة تحسينات مع مرور الزمن، مما أكسبها مزيجاً من الطابع الكلاسيكي والطابع العصري، وتنتشر فيها المسارات المظللة والنوافير والمساحات المزروعة بالزهور إلى جانب مناطق مخصصة لألعاب الأطفال ومرافق ترفيهية.

ويُعتبر الدولاب الهوائي من أبرز معالم الحديقة حيث يوفّر إطلالة شاملة على المعالم القريبة مثل دار الأوبرا وحديقة النصر، ويمكن الاستمتاع بجولة على هذا الدولاب خلال النهار أو عند غروب الشمس حيث تكتسب التجربة طابعاً شاعرياً خاصاً، كما تضم الحديقة مرصداً فلكياً وقبة سماوية مما يجعلها مكاناً يجمع بين الترفيه والمعرفة.

متحف الحرب الوطنية العظمى

متحف الحرب الوطنية العظمى في مينسك بواسطة Adam Jones
متحف الحرب الوطنية العظمى في مينسك بواسطة Adam Jones

يعرض متحف الحرب الوطنية العظمى رواية مؤثرة عن معاناة الشعب البيلاروسي خلال فترة الاحتلال النازي، ويقع ضمن مبنى عصري يعكس بطابعه الهندسي الصارم مزيجاً من الألم والصمود، وقد افتتح المتحف في مقره الجديد عام 2014 ويضم معروضات متعددة تشمل قطعاً أصلية من الحرب مثل الأسلحة، والمراسلات والزي العسكري.

وتُعزز العروض التفاعلية من عمق التجربة حيث يمكن التجول بين خنادق محاكية للواقع ومجسمات لزنزانات وساحات معارك، وفي الخارج يُشاهد نصب النصر وساحة واسعة تستضيف المناسبات الوطنية والاحتفالات التذكارية، ويُتيح هذا المتحف لمن يهتم بالتاريخ المعاصر فرصة لفهم أحد أكثر الفصول تأثيراً في وجدان الشعب البيلاروسي.

جزيرة الدموع

جزيرة الدموع في مينسك بواسطة Rob
جزيرة الدموع في مينسك بواسطة Rob

تُعد جزيرة الدموع موقعًا صغيرًا في الحجم لكنه كبير في المعنى حيث أُقيم هذا النصب التذكاري وسط نهر سفيسلاتش لإحياء ذكرى الجنود البيلاروسيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب السوفييتية في أفغانستان، وتتميز الجزيرة بوجود كنيسة صغيرة تحيط بها تماثيل لنساء حزينات ترمز إلى الأمهات والأرامل والأخوات.

وتُضفي مياه النهر المحيطة أجواءً من التأمل والحزن بينما تنقل تماثيل الملاك الباكي إحساساً حقيقياً بالفقد، وتُشكل هذه الجزيرة نقطة هادئة للتفكر في تداعيات الحروب وأثرها على الذاكرة الوطنية، ويمكن الوصول إليها فقط عبر جسر للمشاة مما يضفي على المكان خصوصية وروحانية لا تُنسى.

ساحة النصر والشعلة الأبدية

تُعد ساحة النصر أحد أبرز المعالم الرمزية في مينسك وتضم نصبًا تذكاريًا شامخًا بارتفاع 38 مترًا يعلوه رمز النصر السوفييتي، وتحيط به نقوش حجرية وأكاليل من الغرانيت، وتبقى الشعلة المشتعلة في قاعدة النصب رمزًا دائمًا لتخليد الجنود الذين سقطوا في الحرب الوطنية العظمى.

وتزداد أجواء الساحة تأثيراً في الليل حيث تُضاء المنطقة بأكملها في مشهد مهيب، كما يمكن مشاهدة حرس الشرف يؤدي طقوس تبديل الحراسة مما يضفي لمسة من الرهبة والاحترام، وتقدم هذه الساحة فرصة لفهم مدى ارتباط الذاكرة التاريخية بالحياة اليومية في بيلاروسيا.

الحديقة النباتية في مينسك

الحديقة النباتية في مينسك بواسطة Хомелка
الحديقة النباتية في مينسك بواسطة Хомелка

تُعد الحديقة النباتية في مينسك من بين الأكبر في أوروبا الشرقية حيث تمتد على مساحة تزيد عن مئة هكتار وتحتضن أكثر من تسعة آلاف نوع من النباتات، وقد تأسست عام 1932 وتُعد اليوم وجهة بارزة لعشاق الطبيعة والتصوير والهدوء.

وتتغير ملامح الحديقة مع تبدل الفصول، ففي الربيع تنتشر رائحة الورود بينما تُضفي أشجار الخريف ألوانًا دافئة على المشهد، وتضم الحديقة أيضًا جناحًا للنباتات الاستوائية وحديقة يابانية وبحيرة صغيرة تسكنها طيور مائية، وتُقام فيها جولات تعليمية وفعاليات بيئية على مدار العام مما يجعلها تجربة تجمع بين الجمال الطبيعي والتثقيف البيئي.

مسرح الأوبرا والباليه الوطني

مسرح الأوبرا والباليه الوطني بواسطة  Антон Алегавіч Макоўскі
مسرح الأوبرا والباليه الوطني بواسطة  Антон Алегавіч Макоўскі

يُجسد مسرح الأوبرا والباليه الوطني في بيلاروسيا جوهر الإبداع الفني والمعماري في آنٍ واحد، حيث يطل من داخل إحدى الحدائق على مبنى يشبه القصور الأوروبية الكلاسيكية بواجهته البيضاء وأعمدته الضخمة، وقد افتُتح لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي وخضع لترميم شامل حافظ على أناقته المعمارية وساهم في تطوير تجهيزاته التقنية.

ويمتاز المسرح بديكوره الداخلي المترف حيث تتدلى الثريات من السقف وتتوزع المقاعد على شرفات مزخرفة، وتُقدم فيه عروض مميزة من أعمال محلية وعالمية مثل "بحيرة البجع" و"كارمن" و"كسارة البندق"، كما تُعد أسعار التذاكر معقولة مقارنةً بنظيراتها الأوروبية مما يُتيح فرصة حضور هذه العروض لمختلف الزوار.