النجمة مرام علي نجمة عدد ديسمبر من "هي": كبرتُ مع الألم لكنني لم أدعْه يطفئ نور قلبي

بين دمشق التي وُلدت فيها، والقاهرة التي تحتضن خطواتها اليوم، تمشي مرام علي كمن يحمل داخله طفلة مشاغبة لم تتصالح يوما مع المستحيل. كانت تحلم بالتمثيل قبل أن تعرف معنى الاحتراف، وتتمرد على واقع لم يرحّب بخياراتها الأولى، لكنها آمنت منذ بداياتها بأن الضوء الذي ينبت داخل الروح لا يمكن لأحد أن يطفئه. وفي سنوات قليلة، تحوّل حضورها إلى بصمة، وصوتها إلى اعتراف، وملامحها إلى مرآة تلتقط مشاعر المرأة العربية في لحظات ضعفها وقوتها، وجروحها وانتصاراتها. من "سلمى" التي هزّت بها وجدان المشاهدين، إلى "2 قهوة" الذي فتح لها أبوابا جديدة في الدراما المصرية.. تبدو مرام اليوم أكثر نضجا، وأكثر قربا من ذاتها، وأكثر إدراكا لما تريده من الفن ومن الحياة معا.

حاولت خلال إجراء هذا الحوار مع الصديقة مرام علي، النجمة الرائعة والإنسانة الشفافة، أن أدفعها لتكشف لنا قدر الإمكان عن مرآتها الداخلية: طفولتها، ومعاركها الأولى، وعلاقتها بالألم، وأحلامها التي لا تكفّ عن النمو. وكذلك لتتحدث عن الحب والهروب، وعن الشهرة والجمال، وعن المرأة التي تريد أن تكونها، وعن الطريق الذي لا تزال تسير فيه بثقة وامتنان.

لنعد إلى الطفولة، من هي مرام الصغيرة قبل الأضواء؟ وماذا بقي منها اليوم؟
كنت طفلة مشاغبة، ومتمردة، وحالمة، ومؤمنة دائما بأن لا شيء مستحيلا. وبعد كل ما تغير من حولي، بقيت في داخلي تلك الطيبة، وبعض من البراءة التي لا تزال تلوّن روحي.

ما الحقيقة التي لم يعرفها أحد عن طفولتك وأثرت في حياتك؟

لم يكن أحد في عائلتي أو محيطي موافقا على دخولي عالم التمثيل. لكنني كنت أرى نفسي فيه منذ الطفولة، فصمّمت على الطريق الذي شعرت بأنه قدري.

كيف تتذكرين مرحلة اكتشافك على يد المخرج نجدة أنزور؟

كنت في سنتي الأولى في المعهد العالي للفنون المسرحية. حضر إلى المعهد، وقدّم لنا ورشة عمل، واختارني لأحد الأدوار. قال لي يومها: "ستكونين نجمة.. تذكّري كلامي". وهذه الجملة رافقتني مثل وعد من المستقبل.

كيف أثرت دمشق وسوريا في رؤيتك للفن والحياة؟

سوريا بلد عريق، وفيه كل الطبقات والمستويات. والدراما السورية لطالما حملت رسائل عن التماسك الأسري والترابط الإنساني، وهذه القيم شكلت جذور رؤيتي الفنية.

لو لم تختاري التمثيل، ماذا كنت ستكونين؟

كنت سأدرس الحقوق، وأصبح محامية أو قاضية. لا أحتمل الظلم، وأعتبر الفقر أحد أقسى أشكاله.

ما الدور الذي غيّر صورتك أمام الجمهور؟ وما الدور الذي غيّرك من الداخل؟

بلا شك "سلمى" التي غيّرتني من الداخل.. فقد قدمت شخصية مختلفة شكلا ومضمونا، وتعلمت منها معنى الصبر، والتضحية الحقيقية، وكيف أحفظ النعمة.

كيف تعاملتِ مع وجع "سلمى" أثناء التصوير؟

تعاملت مع كل مشهد كأنه حقيقي، ومع ذلك كنت أذكر نفسي بأنه تمثيل حفاظا على صحتي النفسية. بعد انتهاء العمل شعرت بأنني شفيت من الألم الذي حملته الشخصية، ومع ذلك تركت أثرا داخليا لا أنكره.

هل كان هناك مشهد أوقفكِ فعلا؟

مشاهد المستشفى. ذكّرتني بوالدتي حين أصيبت بجلطة ونحن أطفال. كانت تبتسم أمامنا لتبدو قوية، واليوم أدركت حجم الألم الذي كانت تخفيه.

ما أكــثــــر رد فــــعـــل لـــمـــس قـلـبـــك من النــســــاء بــعد عرض المسلسل؟

كثيرات قلن لي: "بتذكريني بحالي".. وهنا أود التأكيد على أن "سلمى" تمثل بالفعل أكثر من امرأة في آن واحد.

ولو قابلتِ "سلمى" خارج الشاشة، ماذا ستقولين لها؟

كامرأة: "علّمتني" القوة على الرغم من ضعفك. وكممثلة: ممتنّة لأنني عشت تفاصيلك، وأتمنى لو لم تكن قصتك واقعية، لأنها موجعة إلى حدّ لا يحتمل.. أنا أحب "سلمى".

كيف تنـــظـــريــــن إلى النـــجـــاح؟ وما الـــمــــلاحـــظــة النقدية التي أوجعتك لكنها أثمرت؟

النـجـــاح مســـؤولـــيـــــة مشتـــــركة: الكاتب، والممثل، والمخرج، والقناة، والتسويق. العمل يتكامل، ولا ينجح عنصر واحد وحده. وأنا لا أخشى النقد البنّاء، حتى لو كان موجعا. أتعلم منه دائما.. فما لا يلامس الناس اليوم قد يلامسهم غدا، وأنا أفعل ما علي، والباقي على الله.

ماذا أضافت لك البلدان العربية التي عملتِ فيها؟

لكل بلد ما يميّزه. هناك بلدان علمتني الكرم، وأخرى الطيبة، وأخرى الصبر. وكل تجربة أضافت لي إنسانيا وفنيا، وصنعت مني ما أنا عليه اليوم.

ما أكثر ما أحببته في الجمهور المصري؟

الجمهور المصري قريب من القلب، يعبر بمحبة، ويشعرني كأننا أصدقاء منذ زمن. يحب الفن، ويقدّر الفنان في الشارع وفي كل مكان.

وما أكبر درس تعلمتِه من النجوم المصريين؟

يحترمون التفاصيل، ويعملون بجد من أجل النتيجة. نساند بعضنا لنكون كتلة واحدة.

ما الذي جذبكِ في "2 قهوة"؟

يكفي أنه يُصوّر في مصر، وهذا حلم لأي ممثل. ثم إن الكاتب عمرو محمود ياسين ليس اسما عاديا. والدور مختلف تماما عن "سلمى"، وأردت أن أختبر نفسي في مساحة جديدة. وهو قفزة وبداية جديدة في مصر أم الدنيا.

تقولين على لسان "نيلي": "أهرب كلما انكسرت". هل يشبهك ذلك؟

نعم، أهرب حين أنكسر. ربما أكون "أشطر" شخص في الهروب. أنا حساسة جدا، فأبتعد حتى لا تكون ردة فعلي غير مدروسة.

تغيير لون شعرك، هل وراءه عمل جديد؟

نعم، أعمل على مسلسل جديد بعنوان "العند" من 15 حلقة. ألعب فيه دور "شمس"، وهذا اللون الأشقر يلائمها أكثر.

كيف ترين الحب اليوم؟

هو قدر مفاجئ، لكن اختياره قرار واعٍ.

وما تعريفك للعلاقة الناضجة؟

علاقة تقوم على الحوار والاحترام والحقوق المتبادلة. كل شيء قابل للتفاوض إلا الكرامة.

هل خذلك الحب يوما؟

لم أسمه خذلانا، بل درسا.. الحياة تجارب. واليوم لن أختار إلا رجلا يمتلك صفات الرجولة، وأولها الدعم.

كيف تتصورين شكل العائلة التي تحلمين بها؟

أرى نفسي أمّا جيدة مثل أمي. وأتمنى السعادة قبل أي شيء. ومهنة التمثيل تجعل اختيار الشريك أكثر صعوبة، لكنها لا تلغيه.

إلى أي حد يتقاطع الجمال الخارجي مع السلام الداخلي؟

الجمال مهم، لكن الروح والثقة بالنفس تسبق الملامح. وجاذبية الإنسان في نقاء داخله.

ما روتينك اليومي للعناية بنفسك؟

للبشرة أحب إبر النضارة كل مدة، وللشعر أستخدم كريم ما بعد الحمام. وأحب وضع شرائح الخيار فوق العين وتحتها.

كيف تختارين إطلالاتك؟

حسب المناسبة. أعتمد على ستايليست في المناسبات، وفي حياتي اليومية أرتدي ما هو مريح.

هل تفكرين في السينما خلال السنوات المقبلة؟

نعم، أتمنى أن أمتلك رصيدا حقيقيا في السينما، وسأعمل على ذلك.

أين ترين نفسك اليوم؟

ما زلت في البدايات، لم يبدأ الجدّ بعد.

كيف تريدين أن يراك الجمهور بعد 10 سنوات؟

صوت لقضايا النساء، ولا سيما الضعيفات منهن.

ما رسالتك للجيل الجديد؟

لا تستسلموا أبدا، لا شيء مستحيلا.

كلمة أخيرة

"سلمى" كانت إحدى أهم المحطات في حياتي، وغيّرت الكثير داخلي. ومع "2 قهوة" بدأت مسارا جديدا مختلفا. أتمنى أن أحمل في عام 2026 قصصا جديدة، وأدوارا تحمل رسائل حقيقية وإلهاما يليق بالنساء اللواتي يشبهنني ويشبههن قلبي.