مصممة الأزياء ريم العدل ترسم تجربتها عبر "هي": الأزياء لمسة الفخامة والصدق على الشاشة

قضت ريم العدل نصف عمرها تقريبا في أروقة صناعة الأزياء في عالم السينما والتلفزيون شديد الثراء، الفتاة التي درست النحت في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وحصلت على دبلومة في الأكاديمية الإيطالية في بفلورنسا، وتعلمت على يد كبار مصممي ومبدعي أزياء السينما مثل ناهد نصر الله، ثم شقت طريقها، ووضعت لمستها الإبداعية على مجموعة من أهم الإنتاجات الفنية في ربع القرن الأخير، مؤمنة بأن دورها يتجاوز فكرة تصميم واختيار الملابس الملائمة لكل شخصية، إلى تحويل هذه الشخصية إلى ملامح وهيئة كاملة من خلال تفاصيل متقنة يجيد المشاهد قراءتها جيدا.

ريم العدل منحدرة من عائلة فنية متنوعة المواهب، اختارت الطريق الأكثر اختلافا في أسرتها التي تحترف التأليف والإنتاج، وهو الإبداع في عالم التصاميم وابتكار عالم بصري كامل للشخصيات، واللافت في مسيرتها باعتبارها واحدة من أبرز مصممي الأزياء في عالم الدراما، تنوع البيئات والأزمنة والحقب المعاصرة والتاريخية التي صالت وجالت فيها بالأقمشة والخيط والألوان والإكسسوارات، فكثير منها سيطرت عليه روح الفخامة والترف مثل ملابس شخصية كاترين في واحة الغروب، وبالطبع مرحلتها المهمة في تصميم فساتين للأيقونة شريهان في مسرحية كوكو شانيل، إضافة إلى أزياء مايكل جاكسون الساحرة في فيلم "شيخ جاكسون"، وقد ارتبط اسم ريم العدل بكثير من الجوائز والتكريمات في محافل سينمائية مهمة، كذلك الأعمال التي صممت أزياءها شاركت في مهرجانات مثل كان السينمائي وتورنتو، وكثير منها حصل على جوائز رفيعة، في حين ترشحت منة شلبي لجائزة إيمي الدولية  عن دورها بمسلسل في كل أسبوع يوم جمعة الذي صممت ريم أزياءه.

أيضا مسيرتها تمتلئ بكثير من الأعمال المهمة مثل: "سجن النسا"، و"تشارلي"، كما يُعرض لها حاليا عمل مسرحي فيه روح الأزياء الكلاسيكية الوقورة، وهو عن سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم "دايبين في صوت الست"، كما تنتظر فيلم "أسد" الملحمي الذي يشارك في بطولته محمد رمضان ورزان جمال، ويخرجه محمد دياب، فما هي فلسفة الأزياء من وجهة نظر ريم العدل التي تخص "هي" بحوار تكشف فيه جانبا من رؤيتها لهذا المجال الذي تعتبر من أبرز نجماته؟

نبدأ من أحدث تجاربك أم كلثوم.. "دايبين في صوت الست"، حيث تتولين مهمة تصميم جميع ملابس الشخصيات، أما بالنسبة لكوكب الشرق، فقد كان لها ذوق رفيع ومتفرد في أزيائها، فما هي تحديات التجربة؟

تجربتي المسرحية السابقة مع النجمة شريهان في "كوكو شانيل" كانت مختلفة، لأنها بالأساس مسرحية مصورة ولم تكن معدة للعرض الجماهيري الحي، فلم يكن هناك ضغط كبير في مسألة الوقت المتعلق بضرورة استبدال الملابس سريعا بين لوحة استعراضية وأخرى، وبعدها "تشارلي شابلن" التي جسدت حياة تشارلي شابلن، التي تعمقت فيها أكثر في فهم تكنيك المسرح، ولكن تحدياتها في هذه الناحية كانت أقل.

 ولهذا يعتبر عرض أم كلثوم الموسيقي الجديد أكثر صعوبة، لأنه يتطلب ديناميكية كبيرة، وقد رسمت للأزياء نحو 60 "اسكتش"، وعملت عليها لوقت طويل للوصول إلى طريقة في التنفيذ تضمن سرعة تبديلها خلال لحظات قليلة جدا، حيث تُعرض المسرحية للجمهور مباشرة، وينبغي أن يكون هناك سلاسة في تنفيذ اللوحات الغنائية التي تتضمن إبهارا بصريا، وعلى رأسه الأزياء، والحقيقة أن العمل مع المخرج أحمد فؤاد كان تجربة مفيدة للغاية بالنسبة إلي نظرا لدقته وتمكنه من أدواته.

أما فيما يتعلق بشخصية أم كلثوم التي تم تجسيدها، فالأمر كان تحديا كبيرا، لأنها كانت شخصية شديدة الأناقة والفخامة في يومها العادي، إضافة إلى الحفلات بالطبع، ومن جهتي كل أزياء العمل ارتبطت بها بقوة، إلا أن إطلالة بداية ونهاية العرض الذي يظهر فيها فستان حفل أغنية "إنت عمري" الشهيرة، يشكل حالة خاصة في التجربة.

على ذكر تعاونك مع الأيقونة شريهان في مسرحية "كوكو شانيل"، كيف تمكنت من إبراز بصمتك مع نجمة هي في الأساس لديها حس عميق في الموضة وفي التصميم؟ وكيف تصفين شخصية شريهان على المستوى الفني والإنساني؟

هذه من أكثر التجارب ثراء بالنسبة إلي على المستويين الفني والإنساني بالطبع، فبيني وبين شريهان علاقة شديدة الخصوصية، لأنني أعرفها منذ سنوات طويلة للغاية، ومن قبل أن نتعاون فنيا، فهناك مساحة من المودة العميقة والمعرفة بيننا، ومع ذلك فقد تأخر تعاوني معها في هذا المشروع، بل إنني انضممت إلى فريق العمل متأخرة، وصممت أزياءالأزي الممثلين والراقصين، وفستانين فقط للأسطورة شريهان، أحدهما كان في البداية، وهو ينتمي لصيحات القرن التاسع عشر، والثاني كان فستانا تم تصميمه بعناية، لأنه يعاد تفكيكه لقطع مختلفة خلال استعراض دارمي مهم للبطة.

والحقيقة أن شريهان كانت متعاونة للغاية، فقد كنت أذهب إليها بعينات القماش كثيرا، لنحاول أن نختار الأفضل والأكثر ملاءمة، فقد تعلمت منها معنى العمل المسرحي، وعلمتني تفاصيل كثيرة عن النسيج وكيفية اختيار نوعية ملائمة للظهور المسرحي، لأن القطع قد تكون رائعة في وسط آخر مثل السينما، ولكن للظهور على الخشبة قد لا تكون جيدة أبدا، فقد احتوتني، وتعاونت معي بكل محبة، على الرغم من أنني كنت قلقة للغاية في بداية التجربة.

تجربة فيلمك المنتظر "أسد" تعتبر صعبة أيضا، سواء فيما يتعلق بالموضوع أو الحقبة التاريخية، ما فلسفتك في تصميم ملابس هذا العمل، سواء لمحمد رمضان أو لرزان جمال التي تمثل الجانب المشرق بمظهر بعيد كثيرا عن معاناة البطل؟

كان المهم بالنسبة لي في هذا الفيلم أن نظهر الشخصيات صادقة، وكما قلت فإن اهتمامي منصب بالكم نفسه على كافة الشخصيات، من الأدوار الرئيسة حتى أقل دور في مئات المجاميع الذين يظهرون في كل لقطة مهما كانت قصيرة، فمرجعية الأعمال التاريخية عادة تكون واضحة وموثقة بمعلومات مثل هذا الفيلم الذي ينتمي للقرن التاسع عشر على سبيل المثال، ولكن كان مهما ألا تظهر الشخصيات بطريقة متحفية متكلفة.

وأيضا أن يبدو الجميع مهما كان ظهورهم عابرا ينتمون للعالم نفسه فيما يتعلق بالألوان والإكسسوارات والقماش، وهذا يحدث بالاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، وفيما يتعلق بدور رزان جمال التي تبدو من طبقة أكثر ثراء من البطل، فملابسها بالطبع كانت مرآة لعالمها هذا ولطبيعة شخصيتها الدرامية كذلك.

هناك ثقة كبيرة بينك وبين صناع الأعمال التاريخية على الرغم من صعوبة البحث والتعامل مع ملابس منقوشة وأقمشة ثقيلة، تحمل تطريزات، بتصاميم معقدة، فمسلسل "واحة الغروب" لمنة شلبي كان ينتمي أيضا للحقبة نفسها، وهي القرن الـ19، وقد كانت مشاهده بمنزلة لوحة فنية متكاملة، فكيف كانت رحلة التصميم به؟

أنا أحب البحث بوجه عام، وأتقنته كمهارة أساسية تلزمني في عملي، والحقيقة أنني بدأت بمشواري قبل أن تكون عملية البحث عن المعلومات بهذه السهولة عبر الوسائط المتعددة، فقد كنت أفضل البحث في الكتب والمراجع الأصلية بالطرق التقليدية.

وهي أمور سهّلت من المهمة بعض الشيء في "واحة الغروب"، ولكن مع ذلك تمثّلت الصعوبة في التنفيذ، لأن المسلسل طويل، وتتعدد إطلالات أبطاله وبطلاته، ولم يكن سهلا الحصول على خياطين ينفذون التصاميم، وقبلها خضت مرحلة طويلة في اختيار الأقمشة، كما سافرت إلى لندن من أجل الحصول على القبعات السائدة بشدة في تلك الفترة.

أخبرينا عن أهمية الأزياء بصفتها لغة بصرية أساسية في السينما والدراما التلفزيونية والمسرح؟

أنا عشقت عملي، وأيقنت مدى أهميته ومدى قيمة عنصر الأزياء في التعبير عن الشخصية الدرامية، وأن الهدف هو أن يشبه الممثل الدور المكتوب، فقد أقدم تصميما جميلا ورائعا، ولكنه لا يعبر أبدا عن شخصية الممثل كما ترسمها الأحداث، وأرى أن هذه نقطة تميز مهنتي وشخصيتي، فمن المستحيل بالنسبة إلي أن أحترف تنسيق إطلالة أو تصميم لفنان أو فنانة من أجل السجادة الحمراء في مهرجان ما، فالأمر بالنسبة إلي مختلف تماما.