نجاحات متعددة لـ هبة يسري

تحضر لمسلسل جديد بعد "سابع جار".. المخرجة هبة يسري لـ هي": النسخة الأولى من سيناريو "الهوى سلطان" كانت ساذجة وأتمنى العمل مع منى زكي

الشيماء أحمد فاروق
9 أكتوبر 2025

كانت النساء جزء لا يتجزأ من صناعة السينما المصرية منذ بداية هذه الصناعة في مصر، وعلى مدار سنوات، لم يغب حضور النساء كصانعات، سواء في الكتابة أو الإخراج أو الانتاج، ومع كل جيل جديد تظهر أسماء تعبر عن هموم وقضايا جديدة، ومن أبرز أسماء الصانعات في الجيل الحالي، المخرجة هبة يسري.

أول أعمال هبة يسري الفنية وهي لاتزال طالبة بمعهد السينما فيلم "عشق آخر" والذي قامت بكتابته وإخراجه وتمثيله وعُرض في مهرجان أفلام ساقية الصاوي، وشارك فيلمها "ستو زاد" في مهرجان دبي السينمائي وهو فيلم وثائقي يروي روئيتها الخاصة لجدتها المطربة شهرزاد وكيف تأثرت بها.

كانت هبة تحب الفن منذ الصغر، وتطلب ممن حولها تجسيد أدوار تضعها لهم، واكتشفت شغفها بصورة أكبر في مرحلة المراهقة، وقررت أن تدخل إلى هذه الصناعة، على الرغم من رفض أهلها لذلك، إلا أنها ظلت مؤمنة بالحلم، وبدأت في تحقيقه، ومن أبرز أعمالها التي حققت جماهيرية واسعة، مسلسل "سابع جا"، وفيلم"الهوى سلطان".

في هذا الحوار الصريح، تحكي الكاتبة والمخرجة هبة يسري عن رحلتها الفنية والإنسانية، من الترددات الأولى، إلى خوض معارك الدفاع عن حقها في التعبير والإبداع، مرورًا بعملها الأخير "الهوى سلطان"، وحتى مشاريعها القادمة، تتحدث عن الفن، والمرأة، والرقابة، والخوف، وأشياء كثيرة جعلت من هذا اللقاء تجربة إنسانية حقيقية

نجاحات متعددة للفنانة هبة يسري
الكاتبة والمخرجة لـ هبة يسري

 

 لنبدأ من آخر أعمالك… "الهوى سلطان" أثار جدلًا، كيف تعاملتِ مع ردود الفعل بعد عرضه؟

بصراحة، النجاح يخيفني. كلما لاقى عمل صدى واسع، أشعر برغبة في الاختفاء، بعد "الهوى سلطان"، دخلت في حالة اكتئاب حقيقية، ليس بسبب الجدل حول الفيلم، ولكن شعرت أنني فقدت السيطرة على شخصياتي التي عشت معها 7 سنوات تقريبا، وكأنني فقدت طفلًا كنت أعيش معه.
 

 من الواضح أن العمل يحمل طابعًا شخصيًا بالنسبة لكِ. هل كنتِ تمرين بتجربة مشابهة أثناء كتابته؟

الحالة الرومانسية في الفيلم قريبة جدًا من شيء كنت أتمناه في حياتي، رغم أنني لم أعشه فعليًا،
أؤمن أن الحب رزق من الله، لا يمكن لأحد أن يسعى له أو يخطط لحدوثه.
وفكرة الفيلم كانت حاضرة لدي منذ فترة طويلة — عن صداقة تتحول لحب — لكنها لم تنضج إلا مؤخرًا. كلما كبرت، فهمت أكثر عن الحب، وهذا انعكس على تطور السيناريو، والنسخ القديمة كانت ضعيفة جدًا، وساذجة.

كيف تفاعلت هبة يسري بعد نجاح الهوى سلطان؟
كيف تفاعلت هبة يسري بعد نجاح الهوى سلطان؟

 

وماذا عن شخصيات الفيلم؟ كيف بُنيت؟

اعتمدت على بناء خلفية عميقة جدًا للشخصيات، لدرجة أن ما كتبته يمكن أن يتحول لمسلسل، وليس فقط فيلمًا، أي أنني كنت أعلم تصرفات هذه الشخصيات في مراحل الطفولة والمراهقة، كتبت عن مراحل طفولتهم، واللحظات الصعبة التي عاشوها سوياً، مثل موت والد البطل وموت والدة البطلة.

بالنسبة لي، سارة وعلي هما نموذج مثالي للحب: شخصان لا يستطيعان أن يغيب أحدهما عن حياة الآخر.
كنت أتمنى أن أكون مثل سارة، فتاة بسيطة، كل ما تريده أن تطهو البيض وتنام، لكنني لست كذلك، أنا شخصية قلقة دائمًا بشأن العمل ومهمومة به.

 

تعرضتِ لهجوم بعد عرض الفيلم، كيف أثر ذلك عليكِ؟

بالفعل، الكلام السلبي يؤثر عليّ جدًا، خاصة عندما يطال أهلي، في "سابع جار"، تعرضنا كصناع للعمل إلى النقد الحاد، وفي "الهوى سلطان" ظهر أشخاص اتهموا الفيلم باتهامات أخلاقية، بسبب تصرفات الشخصيات، وأن الأبطال يتبادلون الزيارات في منازل بعضهم،  لكن أصبحت استمع لهذا النقد بشيء من التقبل، وأسمع تعبير "السم في العسل" كثيرا.. لكني بدأت أقول: الحمد لله إنه يوجد عسل على الأقل! وابتسم، اتمنى أن يتفهم الناس أن البشر مختلفين، ويكون هناك تقبل للآخر .

 وهل ترين نفسك مخرجة نسوية؟

لا اعتبر نفسي مخرجة نسوية حتى الآن، لكن اكتشفت مع الوقت أنني فيمنست، كان دائما يُقال لي "لا" لأنني فتاة، عندما أردت الالتحاق بالتمثيل أمثل، وعندما شعرت برغبة في الغناء وعندما فكرت في دخول معهد السينما، وهذا جعلني  أطور آليات دفاع عن نفسي وحقوقي، في البداية، كنت أكره كوني فتاة، لكن مع الوقت اكتشفت قُوة الأنوثة، وتصالحت مع نفسي.

 

رغم ذلك، تُبدين تحفظًا تجاه تصنيف الأعمال الفنية "النسوية"، لماذا؟

مشكلتي ليست  مع النسوية كفكر، لكن مع تصنيف الأعمال بناءً على جنس صانعها.
لماذا نقول "مهرجان المرأة"؟ أو "أفلام صانعات"؟ لماذا لا نصنع أفلام، دون تصنيف
كأن هناك نقص ما نحاول تعويضه، أنا أرى إننا يجب أن نُعامل كصناع متساويين، وليس كأننا أقل.

لماذا تبدي تحفظا تجاه تصنيف الأعمال الفنية بـ "النسوية"
لماذا تبدي تحفظا تجاه تصنيف الأعمال الفنية بـ النسوية

 ما الذي يشغلكِ حاليًا؟ وهل هناك عمل جديد قيد التنفيذ؟

أعمل حاليًا على كتابة مسلسل قصير، غالبا مكون من 10 حلقات، سوف أقوم بتأليفه وإخراجه.
حتى الآن، لم تُحدد شركة الإنتاج أو الأبطال.
والموضوعات التي تشغلني تتغير حسب المرحلة التي أعيشها، لكن دائما مرتبطة بتجربتي الشخصية،
أغلبها لها علاقة بالنساء، تعبيرهن عن أنفسهن بطريقة حرة، وحاليًا، يشغلني فكرة إن النساء أصبحن أذكى بكثير، ويستطعن الجمع بين أكثر من عمل في وقت واحد، وهذا خلق فجوة كبيرة بينهم وبين الرجالة.

ما أكثر ما يُقلقك كصانعة أفلام؟

ما يقلقني أن لا يحب الناس ما أقدمه أو إن الذي  أملكه من أفكار ينتهي، لا يصبح لدي جديد أقدمه،
العالم يتغير، وطريقة التعبير عن الهموم تتغير، والخوف إن أدواتي لا تواكب أو تنضب، ومن ناحية أخرى، في الصناعة نفسها، أخاف أنني إذا فكرت في تقديم عمل غير جماهيري، لا أستطيع، بسبب معضلة العثور على منتج. أحلم أن يكون لدي مساحة أقدم فيها العمل الذي أتمناه  أو أريده، وأجد منتج يثق في المشروع.

 

أكثر ما يقلق كصانعة أفلام
أكثر ما يقلق هبة يسري كصانعة أفلام

هل واجهتِ تحديات في الصناعة بسبب كونك امرأة؟

لا استطيع قول ذلك، أو إن التحديات كانت ضخمة، لكن وقعت بعض المواقف، في البداية تحديدا، بسبب استهانة البعض برأيي كامرأة أو أخذ كلامي في الاعتبار، لكن بمجرد بناء ثقة وإثبات الذات هذا الواقع يتغير.

 

من المخرجين الذين أثّروا فيكِ على المستوى الفني والإنساني؟

أكثر مخرج أثر فيّ هو عاطف الطيب، لأن لديه درجة إحساس فريدة، وطريقة تعبيره عن الأمور تخطف القلب، واختياراته الموسيقية عظيمة. ومن أعماله المفضلة عندي: "ضد الحكومة، الهروب، كشف المستور".

 

هل هناك ممثلة ترين أنها تستطيع التعبير عن شخصياتك ؟

كل الممثلات اللاتي استطعن الاستمرار في المجال في نظري نساء قويات، بالتأكيد كل واحدة خاضت معركتها، بحبهم كلهم، واتمنى أشتغل معهم جميعا، لكن كان لدي أمنية قوية بالعمل مع عبلة كامل، وحاليًا اتمنى العمل مع منى زكي.

 

هبة يسري
المؤلفة والمخرجة هبة يسري

الصور من حساب هبة يسري على انستجرام.