
خاص "هي": سقطات وأزمات .. كيف أصبحت السوشيال ميديا فخا لمشاهير الفن؟
رغم تعرض عدد كبير من النجوم خلال السنوات الماضية لعواقب وخيمة نتيجة لتصريحاتهم غير المحسوبة أو مواقفهم المحرجة التي ربما ارتكبوها عن عمد أو في غفلة منهم تزامنت مع اختلاس إحدى العدسات النظر لالتقاط وتوثيق هذه اللحظة، إلا أن البعض لا زال غير قادر على الإفلات من فخ أزمات السوشيال.
خلال الأيام الماضية، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي لساحات مكتظة بعبارات السب والقذف والانتقادات المتبادلة بين بعض النجوم وآخرين من مستخدميها، وهو ما أدى إلى وضع هؤلاء النجوم في خطر فقدان شعبية محبيهم وفي مواجهة خاسرة مع منتقديهم.
ما بين الإيجاب والسلب.. نوع التفاعل يحدد المصير
وأكد على ذلك الصحفي المصري وخبير الإعلام الرقمي معتز نادي، حيث قال في تصريحاته لـ "هي" إن في اعتقاده أن جمهور السوشيال ميديا هو أحد العناصر التي تشكل مسيرة أي فنان يريد أن يترك بصمته في الساحة الرقمية من خلال حضوره عبر حساباته التي تختبر وجوده وتفاعله وتأثيره بين متابعيه، وبالتالي فإن أي فنان هو بالفعل في مرمى رأي الجمهور، لذا فالتأثير الإيجابي يزيد من نجوميته ويرفع من بورصة تواجده في عالم الترندات، وهو ما ينطبق أيضًا على الجانب السلبي الذي يمكن أن يشكل خطرا محدقا بمسيرته الفنية، إذ من السهل امتلاك حسابات والتفاعل على السوشيال ميديا، لكن من الصعب أن يكون الفنان له مسيرة يمكن الحكم عليها بمعايير ترقى للبحث والنقد والدراسة، وهو ما يحتم على كل فنان الحرص على صورته الرقمية لدى متابعيه باستشارة أحد المتخصصين الذين يملكون خبرة إعلامية تؤهلهم للحديث والتواصل.

وتعليقا على ذلك، قال الناقد الفني محمد عبد الرحمن، إنه بات مؤكدا أن هناك غياب لمهارة إدارة الأزمات لدى النجوم في عصر السوشيال وهو ما جعلهم يقعون في الأخطاء التي يقع فيها المستخدم العادي لهذه المواقع، موضحا أنه يمكن للمواطن العادي أن يحدث شجار بينه وبين زوجته مما يدفعه لكتابة منشور عبر "فيسبوك" على سبيل المثال، ربنا للتعبير عن أزمته أو بحثا عن تعاطف الآخرين تجاهه، ليجد بناء على ما كتبه تعاطف بعض المقربين منه، ومن الممكن أن تُحل أزمته بحذف هذا المنشور، لكن بالنسبة للفنان فالأمر يختلف كليا ولا يمكن تدارك عواقبه.
أشار "عبد الرحمن" أن تلك الطريقة يمكن أن تعرض النجم لنتائج سلبية على مستويين، الأول بافتعال أزمة بمجرد النشر، والثاني عندما يحاول التراجع، أو القيام ببعض الأمور غير المنطقية كما ادعى أحد النجوم أن من نشر المنشور المثير للجدل حول طلاقه هي شقيقته وليس هو.

إتاحة المعلومات الشخصية مخاطرة بمستقبل النجوم
الأزمة التي أشار لها الناقد الفني، تتعلق بالفنان أحمد السقا، الذي أثار جدلا كبيرا بعد أن كتب منشورا عبر حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك" يوم 21 مايو 2025، أعلن من خلاله نبأ انفصاله عن الإعلامية مها الصغير، وهو ما عرضه لموجة هائلة من الانتقادات بسبب الصيغة التي كُتب بها والتي أدت إلى تشكيك البعض في البداية بأن "السقا" هو كاتب المنشور حقا، وجاء نصه كالآتي: "عشان الناس اللي بتسأل أنا والسيدة مها محمد عبد المنعم منفصلين منذ 6 شهور وتم الطلاق منذ شهرين تقريبا وأعيش حالياً لأولادي وعملي وأصدقائي المقربين، وأمى وأختي، وكل تمنياتي لأم أولادي بالتوفيق والستر، ومش عايز رغي في الموضوع ده.. رجاء من الصفحات الخاصة والأخوة الصحفيين، وسبحان مقلب القلوب ومبدلها، شكراً.. وأعتقد أن أعلن بينما تأخرت هى في الإعلان ففي هذا قمة الاحترام والرقي، ولها كامل الاحترام التي قد توضح هذه الرغبة قريبا، تمنياتي لها بالسعادة والنجاح في قرارها وحياتها التي فوجئت بها مثلكم.. ربنا يسعدها في حياتها المستقبلية واختياراتها".

ما أثار مزيدا من الانتقاد والسخرية، ما قالته الإعلامية بسمة وهبة، خلال برنامجها "90 دقيقة" بشأن الأزمة، حيث قالت إنها عاتبت "السقا" ليؤكد لها على أنه فوجئ بما كُتب عبر حسابه وأن شقيقته هي من كتبته.
في نفس السياق، قال "عبد الرحمن" إن مثل هذه الوقائع تؤثر بالتأكيد على صورة النجم أمام جمهوره والمنتجين والمعلنين، حيث أنه إذا كان على خلاف مع زوجته فإنه عادة فقد فرصة المشاركة في الحملات الإعلامية التي تدور عن الترابط الأسري مثلك تلك التي يتم إنتاجها خلال الموسم الرمضاني، لأنه حينها سيُعرض الجهة المُعلنة لسخرية الجمهور، وبالنسبة للأعمال الفنية فإنه من الممكن أن يكون الدور متعارضا مع الحياة الشخصية للفنان، خاصة وأن بعض المشاهدين لا يفصلون عادة بين الشخصية التي يتم تأديتها في سياق العمل وبين حياة الممثل، وبالتالي يجب على كل فنان أن يقلل ظهور حياته الشخصية أمام العامة، وهذا أمر نجح فيه نجوم كثيرين من بينهم كريم عبد العزيز، أحمد عز، والثنائي أحمد حلمي ومنى زكي، وعمرو يوسف وكندة علوش، كل هؤلاء يقدمون نماذج إيجابية، لكن عادة ما يُصدم الجمهور من التفاعل غير الإيجابي من فنان محبوب.

أزمات كامنة لا تُنسى
ومن بين النجوم المحبوبين والذين نالوا شعبية واسعة في الفترة الأخير الفنانة آية سماحة، والتي تصدرت أزماتها مؤخرا ترندات مواقع التواصل الاجتماعي، هي وزوجها المنتج والمخرج محمد السباعي، بعد أن قاما بسب الصحفيين الذين قاموا بتغطية جنازة وعزاء الفنان سليمان عيد، وهو ما أدى لشن حملة مضادة من قِبل الصحفيين طالبت بضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة ضدهما، وهو ما اضطر "سماحة" و"السباعي" لتقديم اعتذار عبر حساباتهما على مواقع التواصل.

ولم تمر أيام قليلة، حتى تصدرت "سماحة" الترند مرة أخرى بعد افتعالها أزمة جديدة أساءت من خلالها للفنانة مشيرة إسماعيل، وذلك على خلفية انتقادها غلق عيادة بيطرية في العقار الذي تسكن فيه الفنانة القديرة، إلا أن هذا الموقف عرضها لانتقادات لاذعة أدت إلى إعلان نقابة المهن التمثيلية برئاسة الدكتور أِشرف زكي، النظر في إلغاء تصريح عمل "سماحة" وذلك لتجاوزها في الحديث على زميلة لها.
إحساس "سماحة" بالخطر نتيجة لاحتمالية فقدان تصريح عملها وضغط رواد السوشيال ميديا دفعها إلى حذف المنشور المسيء، وطرح آخر اعتذرت من خلاله عن الخطأ الذي ارتكبته في حق "إسماعيل"، حيث كتبت: "أعتذر للفنانة الكبيرة مشيرة إسماعيل عن هجومي المندفع بشكل متهور وغير مناسب، أحترم وأقدر الفنانة مشيرة إسماعيل وتاريخها الكبير، ولم أقصد الإساءة إلى شخصها تماماً، ولكن حدث ذلك بسبب توتري من المشكلة نفسها وتأثري بها وكان غضبي ناتج عن حبس بعض الحيوانات المريضة (قطط) التي كانت تتلقى علاجا بداخل العيادة وعلى الرغم من ذلك تم غلق (تشميع) العيادة مع حبس الحيوانات بالداخل وعدم تمكن أي من الدكاترة الدخول إليهم، هذا ليس تبريرا لما بدر مني ولكن توضيح وأعتذار للفنانة مشيرة إسماعيل وعائلتها".

ورغم أن "إسماعيل" أكدت في مداخلة هاتفية مع برنامج "يحدث في مصر" رفضها لاعتذار "سماحة"، إلا أنه لم يمر سوى أيام قليلة حتى تدخلت النقابة لحل الأزمة بين الفنانتين مساء الجمعة 31 مايو 2025، حيث قام الدكتور أشرف زكي، بزيارة منزل "إسماعيل" بصحبة آية سماحة، لتصفية أي خلافات، وبالفعل قامت الآخيرة بطرح منشور تضمن عدة صور من الزيارة وعلقت كاتبة: "شكرا نقابة المهن التمثيلية المصرية وبالأخص النقيب المحترم أشرف زكي وصديقي الفنان الجدع كريم فهمي".
انتهاء الأزمة لدى بعض النجوم لا يعني بالضرورة محيها من ذاكرة الجمهور، هذا ما أكد عليه الناقد الفني محمد عبد الرحمن، الذي قال إن أحد أبرز عيوب السوشيال ميديا هو أن الجمهور لا ينسي وإن سي فإن هناك من يحاول التذكير بها، إذ أن هناك منافسين في الوسط الفني يعملون بشكل غير مباشر في تزكية مثل هذه المواضيع السلبية، بل ويقومون أحيانا بتسريب بعض الكواليس لإبقاء الأمر مشتعلا، بالتالي يجب على النجم أن يلتزم بضبط النفس.
ما بين تجنب الصدام والتفاعل.. نجوم يفضلون التجاهل
وبالنسبة لطريقة تعامل بعض النجوم مع الانتقادات التي يتعرضون لها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقالت الفنانة رانيا منصور، في تصريحاتها لـ "هي" إنها عادة ما تفضل التجاهل، خاصة وأن السوشيال ميديا من الممكن أن تبالغ في مدح الفنان أو تقسو عليه في الانتقاد، لذا فإنها ترى أن المقياس ليس حقيقي، خاصة وأن كل مستخدم يدخل إلى هذا العالم بحالة نفسية مختلفة عن الآخر، فإذا كان بمزاج سيء يقوم بكتابة التعليقات السلبية لذا ليس من الصحيح أن أبني انطباعي عن رأيي الجمهور في موهبتي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن حديثها لا يعني تجاهلها لرأي الجمهور لأنه مهم بالطبع، لكنها تستمع لهذه الآراء إذا كانت مفيدة بالنسبة لها، أما إذا كانت لمجرد الانتقاد فهي لا تعني لها شيء.

واتفق مع هذا الرأي الفنان عصام السقا، الذي قال في تصريحاته لـ "هي" إنه يتعامل مع الانتقادات بمبدأ أنه لا يرى لا يسمع لا يتكلم، موضحا أن الإنترنت بالنسبة له عالم كبير يدفع الفنان للصدام مع مع الجمهور، لذا لا بد من الرد بمنطقية في الوقت الذي يتطلب الرد، خاصة وأن هناك ملايين من الأشخاص يشاهدون رد الفعل، وهو ما يحتم علينا أن تكون ردودنا منضبطة.
ورأت "منصور" أنه ليس من الصواب التفاعل وقت الأزمات لأنه ضار نفسيا بالنسبة للفنان، موضحة أنه حينها سيبذل مجهود في أمر غير مُجدي.
مؤسسات متخصصة تدير أزمات مشاهير الغرب
أما الناقد محمد عبد الرحمن، فقال إن النجوم الغربيين دائما ما يتعاملون مع أخبارهم الهامة وأزماتهم من خلال مكاتب إعلامية تقوم بإصدار بيانات تنوب عنهم في الحديث، ونادرا ما يتم نشرها عبر حساباتهم الشخصية التي تكون موجهة في الأساس للحديث عن أعمالهم، لافتا أن ذلك لا يعني أنه لا يوجد مشاكل وطلاقات وأزمات في حياة نجوم الغرب ولكن طريقتهم في التعاطي مع الأمر مختلفة.
طريقة التعامل مع أزمات مشاهير الغرب، أوضحته إيميلي رينولدز بيرغ، مؤسسة شركة "R" للعلاقات العامة، عبر موقع "hollywood life" حيث قالت إنها تلزم مع عملائها بخمس مبادئ هي :التخصيص والتعامل بدقة وحساسية تلائم الطبيعة الفريدة للمشاهير باعتبارهم علامات تجارية، التواصل المباشر معهم نظرا لأهمية الأمر في التركيز والحصول على النتائج المطلوبة، التوقيت المناسب في إدارة الأزمات، رصد السلبيات والرد عليها أول بأول، أن تكون استراتيجية التواصل في الأزمات فريدة من نوعها بالنسبة للمشهور.
وترى "إميلي" أنه بفضل خبرتها في التعامل مع العديد من حملات الأزمات الناجحة التي خاضتها مع المشاهير، فإن مفتاح التواصل المناسب مع المشاهير في الأزمات هو فهم طبيعة الموقف الفريد والفرد المعني، ومن ثم تصميم الاستجابة.
وفي هذا الإطار، قال الصحفي معتز نادي، إنه لا يمكن اعتبار السوشيال ميديا بمثابة ترمومتر يقيس حالة تقييم الفنان فهي ليست كل الشارع بل واحدة من أدوات تقييمه، لأن الأمر بالضرورة يتطلب وعي الراصد الإعلامي أو القائم على الوسيلة الإعلامية من ناحية نوعية الجمهور وهل الحسابات حقيقية أم لجان وحملات مدفوعة.
صور النجوم من الحسابات الرسمية على إنستجرام