"ريفو"

مسلسل "ريفو".. نوستالجيا التسعينيات تصنع حاضر القرن الـ21

رامي المتولي
22 يوليو 2023

الثمانينيات هي الفترة التي تحظى بالاهتمام الأكبر من الجمهور فيما يتعلق بالحنين للذكريات، فى مقابل فترة التسعينيات التي لا تحظى بنفس الاهتمام حتى عُرض الموسم الأول من مسلسل "ريڨو" العام الماضى، متبوعًا بالموسم الثاني هذا العام، والذي يركز على قصة شاب فى هذه الفترة يؤسس فريق غنائى يحمل اسم "ريفو" حيث ترتبط حياته بالموسيقى وتنعكس على قراراته على كل المحيطين حوله، حيث تتعقد حياته الأسرية والعاطفية المعقدين بالأساس، وبسبب هذه القرارات والتي عشنا معها على مدار   حلقة المكونين لموسمى المسلسل.

مسلسل "ريفو" عمل مخلص للموسيقى الغنائية

"ريڨو" هو المسلسل الانجح فى اخلاصه لنوعيته الموسيقية الغنائية، حيث تعد الأغنية جزء أصيل من دراما المسلسل التى تسير فى عدد من الخطوط الدرامية فى إطار من الغموض والإثارة.. تتجمع كلها وتتفرق عند شخصيته الرئيسية وهى المغني الأساسي في فريق "ريڨو" وقائده شادي أشرف (أمير عيد) والأمر الذى ساعد على هذا النجاح هو كون أمير عيد قائدًا لفريق غنائي ناجح وشهير هو "كايروكي" والذى تم استغلال أغنياته وشعبيته لتكون حجر أساس في المسلسل الأمر الذي وفر الكثير من الجهد المتعلق بصناعة أغنيات خاصة للمسلسل، حيث أن هناك خبرة وتاريخ مسبقين عند "كايروكي" مع توافق لطبيعة أغنياته مع الصورة المرسومة لفريق "ريڨو" فى المسلسل من قبل مؤلفه محمد ناير، الأمر الذى سهل كثيرًا على مخرجه يحيى إسماعيل ترجمة السيناريو إلى صورة وشكل مميزين للفريق واعضائه فى المسلسل، حيث لم يكن النجاح ممكنًا إذا لم تتوفر هذه الصورة، وفى حالة عدم وجود فريق غنائي له طابع مميز سيكونان مضطرين إلى إعادة بناء هذه الصورة من الصفر، الأمر الذي يعني بناء هوية ووجود أغنيات تعبر عنهم وهو ما يعنى احتمالية النجاح أو الفشل لهذه الصورة، وهو ما سيؤثر بدوره على المسلسل ككل.

مسلسل "ريڨو"
مسلسل "ريڨو"

عمل متماسك يعبر عن طبيعته

لم تكن الموسيقى والأغاني هما الأساس وحدهما فى بناء المسلسل، ولم يكن الهدف هو الحفاظ على أغاني "كايروكي" بوضعها في عمل درامي كما يفعل عادة المطربين فى استغلالهم للوسائط المرئية لهذا الغرض، ربما يكون واحد من الأهداف لكنه بالتأكيد ليس الغرض الأساسى، لأن المسلسل يعتمد بشكل رئيسي على حالة التخبط التي يعيشها شاب مبدع بعد خروجه من مرحلة المراهقة ودخوله مرحلة الشباب، واحباطاته المتكررة بسبب غياب الهدف وعدم قدرته على التعامل مع أدواته كمبدع بالشكل الأمثل وذلك بسبب قلة خبرته بالاضافة لعلاقته العاطفية مع ياسمين رحمي (سارة عبد الرحمن) التي كانت السبب فى استمرار نجاح "ريڨو" كفريق ودماره هو كقائد للفريق، هذا بخلاف علاقته المتوترة مع أسرته فالأم ليلى (إيڨا) مصابة بالآلزهايمر، ومن رباه هو زوجها وليس والده حسن فخر الدين (محسن محي الدين).

مسلسل "ريڨو"
مسلسل "ريڨو"

كل هذه التفاصيل أدت لتقاطع حياته مع من حوله وتُبنى كل تفاصيل الشخصيات ورسمها بنفس القدر من الأهمية لتتشكل حالة من الثراء عند كل أبطال المسلسل الأساسيين والفرعيين، ومع الاختيار الجيد للممثلين والتسكين الصحيح للشخصيات ومع حسن التوجيه من المخرج لهم، نجد أنفسنا أمام عمل متماسك يعبر عن طبيعته التى يمكن وصفها برحلة بلوغ وسط حقبة لها طبيعتها ومفرداتها الخاصة فى كل مناحي الحياة.

لا تعبر فرقة "ريڨو" عن حقبة التسعينيات وحدها، وهي فترة الذروة في بلوغ التأثير، لكن من أثر فيهم هم أبناء حقبته والتى تليها وبعدها وصولاً إلى الوقت الحالي الذي تحول فيه أبناء الحقبة إلى أباء يؤثرون بدورهم فى أجيال جديدة، وخلافًا للمعتقد السائد أن الماضى يذهب بفعل الحاضر، فعودة فريق "ريڨو" للغناء بحفل جماهيري قوامه الأجيال الجديدة هو انعكاس للواقع الذي يحظى فيه فنانين من حقبتي الثمانينات والتسعينيات بتأثير كبير حتى الأن، وحفلات عودتهم كانت تضم أجيالا جديدة، وواحد من ابرزهم وهو النجم حسام حسنى متواجد بشخصيته الحقيقية ضمن أحداث العمل.

مسلسل "ريڨو"
مسلسل "ريڨو"

الانتصار لفكرة النوستالجيا

مما يعني أن العملة القديمة تستطيع البقاء إلى جانب العملة الجديدة لا تطردها فى حالة من التكامل والاعتمادية، ومن هنا تبدو عبقرية اللجوء لفكرة النوستالجيا لتكون النسيج الذى يجمع شتات المسلسل، كون أحداثه تسير في خطين زمنين كل منهما بطل أساسى.. فالتسعينيات بطلها شادي والحاضر بطلته مريم (ركين سعد) وحول كل منهما شخصيات داعمة وشخصيات تقف عائقًا أمام نجاحهم مع عوامل مشتركة بين كلا الخطين الزمنيين هما حسن فخر الدين وياسمين وأعضاء فريق "ريڨو" مروان (صدقي صخر) وماجد (تامر هاشم) وأباظة (حسن أبو الروس) ونعمان (مينا النجار) الذين نشاهد فعل الزمن في حياة كلاً منهم وكيف ابتعدوا عن تحقيق أهدافهم وفقدوا بوصلتهم، وما استمر تأثيره لسنوات عند فريق "ريڨو" لا يتخطى أسابيع عند مريم ليصل الجميع إلى نقطة فاصلة فى حياتهم جميعًا، ولتعظيم هذا التأثير لجأ المؤلف إلى المشاعر، التي كانت مكثفة على مدار موسمي المسلسل وشهدت ذروتها وقوتها كشكل ناجح فى التوظيف في الحلقتين الأخيرتين من الموسم الثاني، اللذان شهدا جرعات مكثفة من المشاعر تتماشى مع الجو العام للمسلسل المعتمد على النوستالجيا وإثارة العواطف بالتركيز على الذكريات، لكنها فى هذه الحالة لم تكن مجرد ذكريات تثير الشجن وإرسال دفعات شعورية تساهم في إنجاح المسلسل فقط، لكن رؤية صناعه باستخدام الحنين للذكريات بشكل أعمق منعكسة على قيم الصداقة والترابط الأسري والأبرز تواصل الأجيال، رسم من خلالها صناع المسلسل خطًا واصلاً بينهم مرتكزًا على جيل الوسط المدعوم من جيل الكبار حسن فخر الدين وليلى وسليم (باتع خليل) ليحققوا انتصار فى النهاية ينتقل أثره للأبناء مريم ورامي (يوسف جبريال).

مسلسل "ريڨو"
مسلسل "ريڨو"

الصور من حساب ركين سعد على انستجرام.