تربية الطفل تبدأ منذ ليلة الزفاف

ما هي الطرق الفضلى لتربية أطفالنا؟ وإلى أي حد يتحمل الأهل مسؤولية تكوين شخصية الطفل؟ ، أسئلة كثيرة تدور في خلد الزوجة والأم خصوصا إذا كانت تنتظر مولودها الأول وتفتقر إلى الخبرة اللازمة للتعامل معه. من هنا يقول الأستاذ في جامعة هاورد الأميركية والاختصاصي في الصحة النفسية والعصبية البروفسور وجدي عطية أن "تربية الطفل تبدأ قبل الولادة، وتحديدا منذ ليلة الزفاف، لأنها امتداد لتربية الأم نفسها، وعلاقتها بزوجها. فمن خلال علاقتها به تتعلم كيف تحب وتضحي وتتحمل. ومن ثم عندما تصبح أماً تكون قد اكتسبت مجموعة من العادات أو تحملت عددا من المسؤوليات تجعلها قادرة على أن تكون أماً. أما بالنسبة إلى سلوك الطفل فيبدأ تكونه منذ اليوم الأول وتحديدا لحظة تحتضن الأم طفلها للمرة الأولى، التي تعتبر أهم لحظة في حياتهما".

إلى أي مدى يتأثر الطفل الصغير بالعلاقة بين الأب والأم؟

يتأثر الطفل مهما كان صغيرا بكل ما يحدث حوله، حيث تصل الأحداث إلى دماغه فتخزن فيه، لتظهر بعد ذلك بطريقة غير مباشرة على سلوكه. لذلك يستغرب بعض الآباء والأمهات سلوك أبنائهم العنيف! لكن قبل أن يلوموهم فلينظروا إلى سلوكهم هم، لأن السلوك العنيف سيبني لدى الولد شخصية مهزوزة وانفعالية.

إذا حدث فراق بين الزوجين، من يجب أن يربي الطفل: الأب أم الأم؟

من يملك القدرة على الاعتناء بالطفل، لأنه يحتاج إلى العناية والرعاية والتربية، فالشخص الأصلح له سواء كان الأب أو الأم هو المناسب لتربيته. والأهم من ذلك الذي يرتبط به الطفل أكثر من الآخر.

لطالما نظرنا إلى عالم الطفل على أنه بريء وخال من الهموم. هل هذا صحيح؟

تأتي البراءة من منطلق أن الطفل لا يتحمل المسؤوليات الحياتية، لأن هناك من هو مسؤول عنه، وعن مأكله ومشربه وتعليمه. وتأتي براءة عالم الطفولة من غياب التفكير الإجرامي لدى الطفل. لكن لسوء الحظ غزا الهم الآن عالم الطفولة، نتيجة الفقر والجهل. وابتعد أولادنا عن الحياة البريئة التي نتمناها لهم.

كيف يؤثر انتفاء الحب والحنان على الأطفال؟

على البيئة المحيطة بالطفل تزويده بالحنان والحب والقبول والاحتواء. وإذا لم يوفر له ذلك فسيشعر بالنقص، ما يؤثر على قدراته في بناء علاقات اجتماعية، وعلى ثقته بالآخرين، وسينعدم لديه الاتصال الإيجابي بالمجتمع. والأهم النقص في قدرته على التعبير عن مشاعره، فيندفع إلى الانعزال والعدوانية، والشعور بأنه المسؤول عن هذا الواقع. ويبتعد عن والديه. وتتكون لديه عقدة الذنب.

كيف ترى مسألة إنزال بعض الأهل العقاب الجسدي والنفسي القاسي على أولادهم الذي لا يتلاءم مع الذنب المرتكب بحجة بناء شخصية قوية؟

التربية القاسية مرفوضة تماما. وسأنطلق معك من اختلاف الأجيال: فالجيل الذي تربيت فيه اعتمد على ثقافة الضرب والإرهاب. أما الجيل اللاحق الذي يمثل التلفزيون والانفتاح والتطور العلمي والثقافي عبر وسائل الإعلام والإنترنت والهاتف الخلوي مختلف تماما، حيث الحوار بالإقناع، لأن الأب والأم باتا غير قادرين على فرض أي شيء على أبنائهم إلا من خلال الحوار. أما بالنسبة إلى الضرب فيجب حذفه تماما من قاموس التربية، لأن الإنسان الذي يضرب يفقد جزءا من آدميته.

وهناك وسائل أخرى يمكن للأهل استخدامها في التربية، لا تشمل الإحساس بالألم، والتي تعمل على تغيير سلوكه بالإعتماد على الحوار أولا وثانيا وثالثا. وإذا لم ينفع يمكن اللجوء إلى حرمان الطفل من شيء يحبه لفترة محددة بدلا من اعتماد القسوة في التربية.

ومن المهم أن يضع الأب والأم نفسيهما مكان الطفل حتى يفهما أسباب تغيير سلوكه. وحينها سيستطيعان تحقيق نجاحات كبيرة معه دون إيلامه وتأنيب نفسيهما.

هل التربية القاسية تولد طفلا منقادا أم متمردا على السلطة التي تمارس عليه؟

كلاهما لأن القسوة تولد شخصية مهزوزة، غير قادرة على إقامة علاقات سوية مع الآخرين. وسيعتمد الضرب وسيلة للتعامل مع المجتمع. وسيمارس على الآخرين العنف الذي تعرض له. وهنا يخسر نفسه ومجتمعه.