نور الشريف.. الهروب إلى القمة

عندما انكسرت مصر تحت وطأة نكسة 67، لم يكن أمام الفن إلا طريقين لا ثالث لهما، الأول هو الذهاب لأدنى مراتب الإسفاف بحثا عن "ترفيه يقهر الحزن" وهذه دوامة اختطفت العشرات من النجوم ذهب أغلبهم فى غياهب النسيان، أو العودة للدور الطليعي وتقديم أعمال تعرف "حرمة الدم" وقادرة على عبور الهزيمة ليس بتجاهلها وإنما بالوقوف أمامها بالتحليل والشرح ووضع اليد على الجرح.. وهذا بالضبط ما فعله نور الشريف الذي عرف طريقه للشاشة الكبيرة فى نفس عام النكسة وتوج ملكا على عرش السينما الجديدة بعد عبور الهزيمة وبات حاضرا دوما لعبور كل هزيمة.
 
بدايته وانطلاقته نحو الشهرة
محمد جابر محمد عبد الله وشهرته نور الشريف من مواليد 28 أبريل 1946 بحي السيدة زينب الشعبي بالقاهرة لأسرة متوسطة الحال من طبقة الصنايعية تعود أصولها لمحافظة المنيا بصعيد مصر، ظهرت موهبته كممثل أثناء الطفولة، ولكنه برع أيضا كلاعب كرة قدم وانضم وقتها لثاني أشهر الفرق في العالم العربي نادي الزمالك، ومثله رسميا في البطولات الكروية، ولكن بعد اجتيازه اختبارات معهد الفنون المسرحية قرر التفرغ للتمثيل، وحصل على الدبلوم العالي محتلا المركز الأول ولكن لم يتم استكمال اجراءات تعيينه معيدا بالمعهد.
 
عادل أمام منحه فرصة العمر
رغم أن مكتشف نور الشريف الأول هو المخرج الكبير الراحل سعد أردش الذي رشحه للعمل معه فأسند إليه دوراً صغيراً في مسرحية "الشوارع الخلفية" ثم اختاره المخرج "كمال عيد" ليمثل في مسرحية روميو وجولييت، الا ان الفرصة الحقيقية جاءته عبر زميل عمره الممثل الشاب وقتها عادل امام الذى قدمه للمخرج حسن الإمام الذى أعلن رغبته فى منح الفرصة لوجه جديد في فيلم قصر الشوق وبالفعل حصل نور الشريف على فرصة العمر وحصل عن دوره على شهاده تقدير فكانت أول جائزة يحصل عليها في حياته الفنية.
 
أعماله الفنية 
قدم نور الشريف أكثر من 170 فيلما فى مشواره السينمائى في ما يقرب من 45عامًا، من أبرزها سواق الأتوبيس ،قصر الشوق ، السكرية.. ناجي العلي.. الزمار.. غريب في بيتي.. دماء على الأسفلت.. العار.. الكرنك.. ضربة شمس.. حدوتة مصرية.. المصير.. بئر الحرمان.. بئر الخيانة.. الصعاليك.. أهل القمة.. البحث عن سيد مرزوق.. أولى ثانوي.. العاشقان، وكان مسك الختام  "بتوقيت القاهرة" الذي عرض مطلع العام الجاري. 
 
ومن المسلسلات التي شارك بها القاهرة والناس، أديب، لن أعيش فى جلباب أبي، الثعلب، عمر بن عبد العزيز، هارون الرشيد، عائلة الحاج متولى، العطار والسبع بنات، رجل الأقدار، كما قدم برنامجا تليفزيونيا بعنوان شوف بختك، وقام بالإخراج المسرحي أول مرة على مسرح الهناجر وقدم مسرحية الكاهن.
 
 
الجوائز وشهادات التقدير
وصل عدد الجوائز التي حصل عليها نور الشريف إلى 50 جائزة، منها جوائز أفضل ممثل وأفضل فيلم عن "قطة على نار"، وحصل على 4 جوائز عن فيلم  "يا رب توبة" وفيلم "وضاع العمر يا ولدي" وحبيبى دائمًا والكرنك وحدوتة مصرية والطاووس والعار وأهل القمة، كما حصل على جائزة مهرجان نيودلهى عن فيلم سواق الأتوبيس وعلى جائزة أحسن ممثل عن دوره فى فيلم ليلة ساخنة فى مهرجان القاهرة السينمائى عام 1996. 
 
 
حياته العائلية:
تزوج الفنان نور الشريف والفنانة بوسي عام 1972 بعد قصة حب كبيرة بدأت أمام مبنى التلفزيون بماسبيرو في أحد أيام عام 1967، حيث وقفت فتاة صغيرة تدعى صافيناز مصطفى قدري، مع أختها قدرية، تنتظر برنامج "جنة الأطفال" في التليفزيون المصري، ووقتها رآها الممثل الصاعد نور الشريف، فنظر إليها طويلا، ودق قلبه بعنف، وتمنى الزواج من فتاة مثلها، لكنها لم تنظر إليه، ورحل كل منهما في طريقه.
 
بحسب رواية بوسي قالت: "أحببته بكل أحاسيسي ومشاعري وأنا في الصف الثالث الإعدادي، وعمري لا يتخطى 15 عاما وكنت لا أستطيع أن أبوح بحبي لأنني كنت صغيرة لكنني كنت جريئة أيضا وحينما لمست أمي التغيرات التي طرأت عليّ وكثرة سرحاني واجهتني فصارحتها فقالت أنت صغيرة على الحب".
 
 
عندما عرفت أسرة "بوسي" بقصة الحب وعارض والدها فكرة الارتباط لأنه كان يرفض زواج ابنته من ممثل حتى لا تتعرض حياتها للتقلبات وعدم الاستقرار، وكذلك لم يكن "نور" قد حقق نفسه بعد، ولا يزال في أولى خطواته الفنية، كما كان يسكن في أحد الأحياء الشعبية ليظل الحب معلقا لمدة 4 سنوات.
 
في أحد الأيام تقدم إلى بوسي شاب من عائلة ثرية وتتمناه أي عائلة، لكنها رفضت بشدة، وأمام إصرار أهلها أقدمت بوسي على محاولة انتحار باءت بالفشل، لتنزل الأم في النهاية على رغبة ابنتها، وبعد وساطة وتدخل من المخرج عادل صادق، والصحافي عبد العاطي حامد تمت الخطوبة في يوم ميلاد بوسي.
 
اشتركت بوسي مع زوجها نور الشريف في 10 أعمال فنية منها الضحايا، وبدون زواج أفضل، وآخر الرجال المحترمين، وكروانة، وقطة على نار، وحبيبي دائما، ولعبة الانتقام وليالي لن تعود، والعاشقان.
 
بعدما يقرب من 34 عاما من الزواج، دبت الخلافات بين الزوجين، بعد تردد شائعات حول علاقة بين نور الشريف وفنانة تونسية صاعدة، ورغم نفي جميع الأطراف هذه المعلومات، لكن اهتزت أرجاء البيت عام 2006 معلنة انفصال وخروج بوسي من منزل الزوجية إلى شقتها القديمة، وانتقال نور الشريف إلى شقة بجوار مكتبه الفني.
 
بعد 9 سنوات من الانفصال، وتحديدا في ديسمبر 2014، قرر النجم نور الشريف العودة لحبيبته الأولى بوسي، قبل خطوبة ابنته سارة بأسبوع، حيث تم الزواج في فيلا نور الشريف، بحضور عدد محدود من الأصدقاء