فايزة أبو النجا .. إيزيس الألفية الثالثة

تحكى الأسطورة أن رمز الأمومة ووجه القمر إيزيس جمعت بدموعها أشلاء زوجها، بعدما قطعتها سيوف أعداء مصر ، وفرقتها بين كل الأقاليم، وكانت قيامته نجاة للبلاد من خطر التقسيم والإنفصال.. وعلى جداريات المقابر المصرية القديمة .. تبدو إيزيس دوما فى ظهر زوجها ترعاه وتحميه وهو يقيم العدل، ويبدو أن الأسطورة لا زالت صالحة حتى اللحظة .. فوسط المخاطر الجسيمة التى تتعرض لها مصر .. تأتى أيقونة الدبلوماسية المصرية لتشغل المنصب الأهم .. مستشارة الأمن القومى للبلاد لتصبح أول سيدة فى التاريخ المصرى تتبوأ هذا المقعد المحاط بالأساطير.
 
علاقة فايزة أبو النجا بالأساطير ليست جديدة، فحياتها كلها سلسلة من الأساطير المتتالية التى صنعت لها مجدا فى تاريخ الدبلوماسية المصرية، ومكانة خاصة فى المشهد السياسى، فهى من مواليد أسطورة المقاومة العربية مدينة بورسعيد فى 12 نوفمبر عام 1951، وفازت بالانتخابات البرلمانية فى هذه المدينة لتصبح أول سيدة منتخبة على مقعد لم يشغله الا الرجال.
 
بدأت أبو النجا مشوارها المهني بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي عام 1975، وذلك عندما التحقت بالعمل في وزارة الخارجية المصرية. وكانت أولى مهامها في الخارج هي عضوية البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث مثلت مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، وكذلك في اللجنة الثالثة المعنية بموضوعات الحقوق الاجتماعية وحقوق الإنسان
 
خلال الفترة من عام  1997 حتى 1999، تولت  فايزة أبو النجا منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية، حيث لعبت دوراً بارزاً في تحسين علاقات التعاون بين مصر والدول الأفريقية. واعترافاً بإسهاماتها العديدة لصالح أفريقيا، تم التنويه بها في كتاب الدكتور شارون فريمان "حوار مع قيادات نسائية أفريقية قوية : الإلهام، والدافع، والإستراتيجية" باعتبارها واحدة من القيادات النسائية الأحد عشر الأكثر قوة في أفريقيا.
 
شغلت فايزة أبو النجا، في الفترة من 1999 حتى نهاية 2001 منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف وكافة المنظمات الدولية في المدينة السويسرية. كما شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر نزع السلاح، لتصبح أول سيدة في مصر تشغل أي من هذه المناصب. 
 
وقد لعبت أبو النجا من خلال هذه المناصب دوراً مؤثرا عبر مشاركتها في العديد من المؤتمرات الدولية الهامة، والتي كان من أهمها المؤتمرات الوزارية لمنظمة التجارة العالمية في كل من سياتل 1999والدوحة 2001، ومؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في نيويورك 2000، ومؤتمر الأمم المتحدة العاشر للتجارة والتنمية في بانكوك 2000.
 
تولت وزارة التعاون الدولي المصرية في نوفمبر 2001 لتصبح أول سيدة يتم تعيينها في مثل هذا المنصب في مصر، وبقيت في منصبها بعد ثورة 25 يناير، خلال وزارة عصام شرف ووزارة كمال الجنزوري، وتمت الإطاحة بها بعد ضغوط خارجية فى العهد السابق ، ولكن فى الرابع من نوفمبر الجارى أصدر الرئيس المصرى قرارا غير مسبوق بتعيينها مستشارة للأمن القومى المصرى ولتصبح بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب الرفيع، الذي ظل شاغرا نحو 41 عاما، بعدما تقلده اللواء محمد حافظ إسماعيل، في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.