وداعا شيرلي تمبل.. عروس كل أطفال العالم

من بين كل أطفال العالم تبقى المعجزة الصغيرة شيرلي تمبل حالة خاصة في وجدان الجميع، فهي أيقونة التمثيل والغناء والرقص والمثل الأعلى لكل المواهب الصغيرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، والأهم أنها رفيقة طفولتنا جميعا وحلمنا الدائم، بعدما تحولت ملامحها لدمية حطمت ولا زالت كل الأرقام القياسية في مبيعات دمى الأطفال.
 
الأيقونة Shirley Temple التي غادرتنا صباح أمس، ولدت في 23 أبريل 1928م، لتصبح بعد ذلك بأربع سنوات وتحديدا في العام 1932م أيقونة للأطفال النجوم في السينما طوال عقد الثلاثينات.
 
ورغم أن مسيرتها الفنية لم تدم طويلا إذ انتقلت للعمل الدبلوماسي، الا أن حصيلتها من الأفلام بلغت 39 فيلما روائيا جاء أولها وهي في سن الخامسة وهو فيلم "آليبي ذات الشعر الأحمر" The Red Haired Alibi عام 1933، على حين جاء آخرها في العام 1949 حين كانت في التاسعة عشرة من عمرها وهو فيلم "قبلة لكورليس" A Kiss for Corliss. 
 
بدأت موهبة تمبل في الظهور مبكرا جدا بعدما التحقت عام 1931 بفصل الرقص بمدرسة ميغلين في لوس انجليس، وهناك شاهدها مخرج الأفلام تشارلز لامونت فرشحها لتجربة أداء، ولتوقع بعدها عقدا مع شركة ايديوكيشنال للأفلام، إذ تم تقديمها في مسلسلين قصيرين، هما "الطفلة بيرلسكس" Baby Burlesks ومرح الشباب Frolics of Youth، الذي حظي بدرجة أكبر من القبول من سابقه وقد قدمت تمبل فيه دور الابنة الصغرى المدللة لإحدى أسر الضواحي.
 
خلال عملها مع استوديوهات ايديوكيشن، أدت تمبل الكثير من الأدوار الهامشية، الى جانب قليل من الأدوار القصيرة في عدد من الأفلام التي قدمتها استوديوهات أخرى، حتى جاءتها فرصة عمرها في العام 1933، عندما وقعت تمبل عقدا مع شركة فوكس للأفلام ، لتشارك أولا في فيلم "قف وابتهج" Stand Up and Cheer مع النجم جيمس دان، بعدها ظهرت مع دان في عدد من الأفلام، أبرزها الفيلم الذي أطلق نجوميتها وحقق نجاحا تجاريا كبيرا "عيون ذكية" Bright Eyes والذي انتجه سول وارتزيل، و كان ذلك هو الفيلم الذي أنقذ شركة فوكس من إفلاس وشيك عام 1934.
 
لم يكن Bright Eyes انطلاقة تمبل الأولى نحو النجومية فحسب، بل كان أول فيلم تؤدي فيه الصغيرة أغنية ستنسب فيما بعد إليها وتصبح أشبه بالعلامة التجارية وهي أغنية On the Good Ship Lollipop. تلا ذلك بفترة وجيزة فيلم "Curly Top" القمة المتموجة، الذي غنت فيه تمبل للمرة الأولى ثاني أشهر أغانيها وهي أغنية Animal Crackers in My Soup.
 
في العام 1936 حصلت تمبل على أعلى أجر وذلك عن دورها في فيلم "الصبية الثرية الفقيرة" Poor Little Rich Girl، وكان يبلغ 15 ألف دولار في الاسبوع الواحد. خلال تلك الفترة، وفي أوج الركود الاقتصادي، جاءت أفلامها مبشرة بالأمل وباعثة على التفاؤل، إلى درجة أن الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت نقل عنه قوله حينها: "مادام هناك أشخاص مثل شيرلي تمبل في بلادنا، فسنكون بخير".
 
بعدها تم تعديل عقدها عددا من المرات في الفترة بين الأعوام 1933 و1935، كما تمت إعارتها لاستوديوهات بارامونت للمشاركة في فيلمين ناجحين في العام 1934، وظلت لأربع سنوات مصنفة كأكثر نجوم هوليوود جلبا للإيرادات، وشاركها بطولة أفلامها وقتها النجمة كارول لومبارد، النجم غاري كوبر، الفنان أدولف مينغو، الفنان الإنليزي آرثر تريتشر الذي ظهر في دور رئيس الخدم الطيب في عدد من أفلام تمبل التي قدمت في 16 فيلما من أصل 20 دور اليتيمة الفقيرة.
 
تعد تمبل أول الحاصلين على جائزة أكاديمية الممثلين الصغار في العام 1935 وذلك عن مساهماتها المميزة في عالم التسلية السينمائية في العام 1934، ولاتزال حتى الآن أصغر فنانة تحصل على هذا التكريم أو أي تكريم آخر في تاريخ السينما العالمية. كما أنها أصغر ممثلة توضع بصمات كفيها وقدميها في الساحة الأمامية لمسرح غرومانز الصيني، واحد من أشهر صالات العرض السينمائي في هوليوود في تلك الفترة.
 
بعيدا عن الأفلام، تحولت شيرلي الى أيقونة لصناعة العاب وملابس ومستلزمات الأطفال، من بينها دمى شيرلي تمبل التي ترتدي ملابسَ تشبه ما ارتدته في أفلامها، وكانت تحقق مبيعات عالية، وتباع الدمى الأصلية اليوم بمئات الدولارات. كذلك كان هناك ماركة شيرلي تمبل للفساتين وربطات الشعر التي تحمل اسم تمبل.
 
تقاعدت تمبل من العمل السينمائي عام 1949، بعدما رفضت المدارس الحكومية ظهورها في أدوار البالغين، وحاولت العودة في الخمسينات والستينات، لفترة قصيرة قدمت فيها مسلسلين قصيرين هما "قصص شيرلي تمبل" Shirley Temple's Storybook الذي عرض في 12 يناير 1958، ثم "مسرح شيرلي تمبل" Shirley Temple Theatre الذي عرف ايضا باسم "عرض شيرلي تمبل" The Shirley Temple Show، وعرض العام 1959. 
 
بعدها تفرغت شيرلي تمبل بلاك لأنشطة الحزب الجمهوري، كما دخلت السباق على الكونغرس العام 1967 لتخفق فيه أمام بيت ماكلوسكي، ولكن البيت الأبيض اختارها لتقلد عدد من المناصب الدبلوماسية، كما مثلت بلادها في الكثير في المؤتمرات والقمم الدولية، حتى تم تعيينها مندوبة لبلادها في الأمم المتحدة من قِبل الرئيس ريتشارد نيكسون العام 1969، ثم سفيرة في غانا في الفترة من 1974 إلى 1976، ثم في تشيكوسلوفاكيا لمدة ثلاثة أعوام من 1989 إلى 1992.
 
في العام 1976 أصبحت أول امرأة تتقلد منصب رئيس البروتوكولات، وفي العام 1987 تم تعيينها أول مسئول خدمة خارجية في تاريخ الولايات المتحدة، كما حصلت على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة سانتا كلارا، وجامعة لاهاي، وعلى شهادة الزمالة من كلية نوتردام، وزمالة تشاب من جامعة يال، ونالت آخر تكريم لها في 12 سبتمبر 2005 بعدما أعلنت نقابة ممثلي الشاشة منحها أكبر جائزة تشريفية تقدمها النقابة، وهي جائزة "إنجاز الحياة".
 
تعد شيرلى واحدة من أكثر نجمات هوليوود حفاظا على أسرتها فقد استمر زواجها من الراحل شارلس ألدن بلاك نصف قرن بالكامل، كما كانت تقيم فى منزل واحد مع أبنائها وأحفادها، حتى توفيت بأسباب طبيعية وهي محاطة بأفراد عائلتها في وودسايد بكاليفورنيا.