الملكة فابيولا... أرملة العرش البلجيكي القوية

ملكة القلوب... لقب يطلق حصريا على "موحدة قلوب الشعب البلجيكي" الملكة فابيولا، التي لا زالت تحمل اللقب الملكي رسميا، رغم أنها غادرت العرش منذ 20 عاما تقريبا، ولا زالت واحدة من أكثر الشخصيات الملكية شعبية في بلد مليئة بالأعراق والأجناس، يحكمها ملكان وتتربع على عرشها النسائي ثلاث ملكات.
 
الدونَّة فابيولا دو مورا إياراغون ملحمة ملكية بامتياز، فالنبيلة الإسبانية المولودة يوم 11 يونيو 1928 في العاصمة الاسبانية مدريد، هي صاحبة أطول فترة جلوس على عرش بلجيكا، وأيامها كلها كانت في خدمة الحرية، فقد كانت متطوعة للعمل كممرضة في المستشفيات الإسبانية، والكل يتذكر ان ليلة زفافها من الملك بودوا نفي 15 ديسمبرعام 1960 هي نفسها ليلة حصول المستعمرة الأوغندية على أول وعود الحرية.
 
كما أنها أول ملكة تتدخل رسميا لحل الصراع بين الفاتيكان والأمم المتحدة حول قضية الإجهاض في المؤتمر العالمي للسكان، واعتبرت منذ هذا التاريخ "سفيرة للخير العالمي" وهناك سلسلة جبال في القطب الجنوبي تحمل اسمها وأفخم أنواع الخبز الإسباني يحمل اسمها أيضا، وهناك أيضا أنواع من نباتات الزينة تنسب اليها لأنها تبرعت بنفقات اكتشافها.
 
قصة فابيولا تضاهي أغلب قصص أعظم ملكات التاريخ، فقد تربعت على العرش بجوار الملك بودوان بعد سنوات قليله من تحرره من الوصاية على العرش، وجاهدت معه لاستعادة شعبية العائلة المالكة بعدما أتهمت بالتعاون مع النازية في الحرب العالمية الثانية، كما ساعدته على لم شمل أكبر عرقين متصارعين في البلاد البلجيكي والفلاندرز، وحظيت بشعبية جارفة بعدما تبين أنها أجهضت خمس مرات، لتخرج من الحكم بعد وفاة زوجها في عام 1993 من دون وريث للعرش الذى انتقل لشقيقه الأمير ألبير، ولكن البرلمان البلجيكي تدخل واصر على أن تحتفظ فابيولا باللقب الملكي، وان تحتفظ بمخصصاتها الملكية كاملة.
 
فابيولا الأرملة القوية داخل العرش لم تبتعد عن الأضواء بعد رحيل زوجها، بل كثفت من جهودها في مجال المؤسسات الخيرية ودعم المنظمات الدينية، ورغم عمرها الذي تجاوز 84 عاما لا زالت تحرص على المشاركة في كل المناسبات الوطنية والرسمية، كما واصلت عملها كمستشارة للملك الحالي فيليب ابن الامير ألبرت، خصوصيا وأنها من قامت بتربيته منذ طفولته، واشرفت على علاجه من بطء التعلم.
 
ولا زالت الملكة فابيولا الراعي الرسمي لكل الأبحاث المتعلقة بالصحة العقلية، وقضايا الطفل وقضايا المرأة في العالم الثالث، وحصلت على جائزة تقدير خاصة من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)عن جهودها للنهوض بالمرأة الريفية في البلدان النامية، ولا زالت الرئيس الفخري لمؤسسة الملك بودوان، وهي تجيد اللغات الفرنسية والهولندية والانكليزية والألمانية والإيطالية بالإضافة إلى الإسبانية.