أحمد فؤاد نجم سفير الفقراء لن يموت

عن عمر يُناهز 84 عاما غيّب الموت صباح اليوم الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم الملقب "بالفاجومي" الذي طالما نطق لسانه بالعامية ليعبر عن واقع الأمة العربية حاله حال الكثيرون ممن يحملون على عاتقهم مشاكلها وهمومها، لكنه تفرد عنهم بطريقة تعبيره التلقائية والمباشرة فلم يكن يخاف في الحق لومه لائم فقد غيبه الموت بعد اطمئنانه على ثورة بلده وهو الذي يعتبر أحد أهم دعائم الثورات والاحتجاجات المصرية منذ أيام الانتداب الإنكليزي.
 
ابن الضابط والفلاحة
أحمد فؤاد نجم ولد في 23 مايو 1929م بقرية كفر أبو نجم بمحافظة الشرقية وهو ينتمي إلى عائلة نجم المعروف والدته كانت فلاحة بسيطة من الشرقية ووالده كان يعمل ضابط تزوج شاعر العامية ستة مرات أولها من السيدة فاطمة منصور وأنجب منها ابنته الكبرى عفاف ولكن يبقي زواجه الأشهر من الفنانة عزة بلبع الذي كتب فيها بعض من أشعاره والكاتبة صافيناز كاظم وهي ناقدة مسرحية كبيرة مصرية الأصل وجدها كان الشاه إسماعيل الصفوي شاه إيران وأنجب منها ابنته نواره نجم الفتاة الثورية التي تعمل بالمجال الصحافي. وزوجته الرابعة كانت ممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو أما زوجته الخامسة كانت السيدة حياة الشيمير وأخر زوجاته السيدة أميمه عبد الوهاب والتي أنجب منها ابنته زينب. لدى نجم ثلاثة أحفاد فقط من ابنته الكبرى عفاف. وعندما سُئل ذات مرة عن أسباب فشله مع اغلب زوجاته صرح أبو البنات "أصل ستات اليومين دول مجانين وأول ما يعرفوا أن وضعي المادي تعبان يطلبوا الطلاق فورا" وكل واحدة لها حكايتها معي فمثلا زوجتي صافيناز كان السادات كل فترة يدخلنا المعتقل معاً، أما مكيو فتعرفت عليها في الجزائر وبعد 15 يوما طلبت مني أن أتزوجها فتزوجتها ولكنها اشترطت علي أن أعيش معها في الجزائر فرفضت فطلبت مني الطلاق فطلقتها لذلك يعتبرني الكثيرون أنا المخطئ فهل لأني مطيع وأنفذ رغباتهم. حقاً نجم نصير المرأة في كثير من أشعاره وتصريحاته ومنها تصريحه المثير للجدل بأن المرأة حرة في إظهار مفاتنها وأنه لا يُفضل أن يفرض رأيه في ملابس زوجته أو حبيبته من باب الغيرة أو الحب.
 
مات قبل يستلم جائزته
من أهم أشعار أحمد فؤاد نجم كتابته عن جيفارا رمز الثورة في القرن العشرين أيضاً يعيش أهل بلدي، شيّد قُصورك، النّدالة، كَلب السِت والعديد من القصائد. قد حصل الشاعر الفاجومي على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي كما أنه فاز مؤخراً بجائزة مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية للثقافة والتنمية تقديراً لتأثيره الكبير في عدة أجيال مصرية وعربية. وكان من المقرر أن يتسلم الجائزة في ديسمبر / كانون الأول الجاري، وقد اُنتج فيلم يحكي سيرته اسمه "الفاجومي" من بطوله خالد صالح وصلاح عبد الله وهو مأخوذ عن مذكراته الشخصية واعتبره البعض فيلما سيئا لأنه يظهره في صوره شهوانية وهذا ما أكدته طليقته الكاتبة صافيناز كاظم مبديه اعتراضها عليه.
 
الشاعر البندقية
وقد قال عنه لويس اراغون "أن فيه قوة تسقط الأسوار" واسماه الدكتورعلي الراعي "الشاعر البندقية" نظرا لقوة شعره وغزارته في التعبير الذي يقتحم الآذان بحقائق موجودة على أرض الواقع فأغلب أشعار نجم الثورية والقريبة من الناس ترافقت مع أعمال الفنان الشيخ إمام وعبرت عن السخط والاحتجاج الذي جاء بعد نكسة نيسان 1967م والتي جعلت الرئيس الراحل أنور السادات يطلق عليه تسمية "الشاعر البذيء"
 
السجن للرِجالة
لم يستطع نجم بما يقوله من أشعار تُعبر عن المقاومة بالكلمة أن يتوافق مع أي حكومة وسلطة مصرية إذ سجن مرات عديدة ودخل في أروقة الخلافات مع كبار المسئولين السياسيين في البلاد مع أنه كان يرفض أن يكون على خلاف مع أحد ولكن تعبيراته الوقتية الحاضرة كانت هي سبب ما ألم به من اعتقالات ولهذا فقد أصبح أيقونة عند الكثيرون لأنه عاشر أجيال عدة بمن فيهم جيل الشباب الذي التف حوله ليرتوي من كلماته المحملة بالمعاني وكما يقولون في الصميم وفترات الصمود في حياته لا يمكن إغفالها فقد دخل السجن لمدة 33 شهراً بتهمة اختلاس الأموال ومن ثم العودة مجدداً إلى الزنزانة لمدة 3 سنوات بتهمة تزوير استمارات شراء بعد أن كان يحاول الاعتراض على سرقات كانت تتم تحت أعينه.
 
آخر ظهور له
نضاله الشعبي والتصاقه مع "الغلابة" ولغته العامية الشعرية جعلته أقرب للناس فاعترفوا به كأب لثورة الكلمة التي لا يضاهيها شيء كما جعله هذا الأمر يكتسب لقب سفير الفقراء من قبل المجموعة العربية لصندوق مكافحة الفقر في الأمم المتحدة ،وقال الشاعر "الفاجومي" أحمد فؤاد نجم في آخر ظهور له قبل وفاته بساعات إن شعب مصر يملك من الإنسانية ما لا يملكه أي شعب وأن مصر قوية مهما حدث ،جاءت تصريحات نجم أثناء استضافته ببرنامج "مصر 25" على قناة المحور لينهي حواره وهو يلوح بيده وكأنه يودع محبيه بجسده النحيل فقط لكن تبقي أشعاره باقية شاهدة على أيام كفاحه.