الإنترنت الطرف الثالث في الحياة الزوجية

رأينا في الأفلام القديمة كيف يقضي الزوجان يومًا من أيام حياتهما . يستيقظ الزوجان مبكرًا ، فتعد الزوجة الفطور ، ليتناولاه سويًا على المائدة ، بينما يتبادلان أطراف الحديث ، أو ينهمك الزوج في قراءة الجريدة ، وتحاول الزوجة اجتذاب أطراف الحديث معه دون جدوى . وبينما يغادر الزوج إلى عمله ، تبقى الزوجة في المنزل للعناية بشؤونه ، ويتوزع وقتها بين المطبخ والتلفزيون ، إلى أن يعود الزوج فيتناولا الغداء سويًا ، ثم يختتمان اليوم بجلسة مسائية ثنائية أمام التليفزيون ، أو تسهر الزوجة وحدها ، فيما يسهر الزوج مع أصدقائه . وسمعنا كثيرًا مصطلح الخرس الزوجي الذي يصيب الأزواج بعد فترة من الزواج ، وربما كان انهماك الزوج في قراءة الجريدة صباحًا ، أو السهر مع أصدقائه مساءً مجرد وسيلة للتعبير عن رفضه الحديث مع زوجته . فكيف تغير الأمر الآن ؟ لو فكرنا قليلاً ، سنجد أن الكمبيوتر قد احتل مكانة الجريدة والتليفزيون ، وصار الإنترنت عالمًا كاملاً افتراضيًا ، يهرب إليه الطرف الراغب في الانفصال عن حياته الزوجية ولو لبضع ساعات ، ويجده الطرف الراغب في الصمت حجة جيدة للهروب من أي نقاش . تقول دراسة فرنسية حديثة إن هروب أحد الزوجين لعالم الإنترنت ، والتسمر أمام شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة ، إنما هو في حقيقته عقاب نفسي يمارسه طرف على شريك حياته ؛ ليوضح له أنه يرفض مشاركته عالمه ، أو أنه لا يجد معه الراحة والسكينة والتفاهم الذين يجدهم في العالم الفضائي الافتراضي . ورغم أن الأمر قد يبدو بسيطًا للبعض ، إلا أن الإحصائيات الحديثة تؤكد أن الانشغال بالإنترنت سبب من أحد أهم أسباب الطلاق في أيامنا ، مما يؤكد أن الأمر جاد وخطير . إذا كنتِ تجدين في نفسك أو في زوجك انشغالاً شديدًا بالكمبيوتر والإنترنت ، قد يؤثر على حياتكما الزوجية ، فالنصيحة التي نوجهها لكما معًا أن تتصارحا ، وتبحثا عن الأسباب التي تدفع أحدكما للهروب من الآخر ، وحاولا مناقشتها بجدية وحلها ؛ إذ كيف يمكن أن يتحول الزواج ، ذلك الرباط المقدس ، إلى عبءٍ يسعى أحد الطرفين للتخلص منه ؟