الذكاء العاطفي أداة الأم العصرية الأولى.. أثر ونصائح وفوائد!
لم تعد الأمومة كما كانت في السابق؛ فلم يعد يكفي أن توفر الأم الطعام والملبس والتعليم، بل أصبحت مطالبة بأن تكون مرشدة نفسية، ومصدر أمان، وداعمًا عاطفيًا لأطفالها، إلى جانب مسؤولياتها الأخرى تجاه عملها إن كانت أمًا عاملة، وتجاه زوجها، ودائرتها الاجتماعية من أهل وأقارب وأصدقاء.
وأمام هذا الكم من المسؤوليات، إلى جانب مسؤولية رعاية الذات، يبرز الذكاء العاطفي كأهم أداة يجب أن تمتلكها الأم العصرية اليوم؛ باعتباره الجسر الذي يربط بين قلب الأم وعالم طفلها الداخلي، والمفتاح لبناء شخصية سوية قادرة على مواجهة الحياة بثقة ووعي، كما يُعد وسيلتها الأهم للتعامل المتوازن مع أعبائها والتزاماتها المتعددة.

ما هو الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم المشاعر، وإدارة الانفعالات بطريقة صحية، والتعاطف مع الآخرين، والتعامل مع الضغوط والمواقف الصعبة بوعي وذكاء.
لماذا يُعد الذكاء العاطفي أساس الأمومة العصرية؟
تواجه الأم العصرية ضغوطًا متعددة، مثل مسؤولياتها تجاه أسرتها، وعملها، والمجتمع. ومن دون وعي عاطفي، قد تتحول هذه الضغوط إلى توتر ينعكس مباشرة على الطفل.
ما هي فوائد الذكاء العاطفي في تربية الأطفال؟
لا شك أن الأم تملك القدرة على فهم مشاعر طفلها وقراءة حالته النفسية والتفاعل معه بحكمة، لكن مع العالم المتغير الذي ننتمي إليه جميعًا، أصبحتِ بحاجة إلى الغوص بوعي أكبر في احتياجات طفلها ومشاعره.
كما أن الأم العصرية لا تبحث عن الكمال، بل عن أثرٍ طيب يبقى في روح طفلها مدى الحياة. هذا الأثر يحققه الذكاء العاطفي الذي يعود بفوائد جمة.
ومن أبرز هذه الفوائد:
- تعزيز الشعور بالأمان النفسي لدى الطفل.
- تقليل السلوكيات العدوانية والعناد.
- بناء علاقة قوية قائمة على الثقة.
- مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره.
- تنمية مهارات التواصل وحل المشكلات.
كيف تطبق الأم الذكاء العاطفي في تربية أبنائها؟
يمكن للأم تطبيق النصائح التالية لاستخدام الذكاء العاطفي كأداة أساسية في التربية الحديثة:
الوعي بالمشاعر قبل توجيه السلوك
على الأم أن تطرح هذا السؤال على نفسها: لماذا تصرّف طفلي هكذا؟ ومحاولة معرفة الأسباب التي دفعته إلى هذا التصرف، وفهم مشاعره، فليس هناك سلوك يصدر دون سبب، وخلف كل تصرف رسالة عاطفية تحتاج إلى الاحتواء والإنصات والفهم، لا إلى التعنيف أو التوبيخ أو العقاب.
الإنصات الجيد للطفل
الاستماع إلى كلام الطفل وحده لا يكفي، فالإنصات الحقيقي يشمل التواصل البصري، والاستماع باهتمام ودون مقاطعة، واستخدام لغة جسد هادئة تشجعه على الاسترسال في الحديث والتعبير بحرية عما يشعر به.
تعليم الطفل لغة المشاعر
لمساعدة الطفل على ضبط مشاعره، يجب تعليمه التعرف على مشاعره وتسميتها، كأن يكون غاضبًا أوخائفًا أو محبطًا أو سعيدًا. ويساعده ذلك على تنظيم انفعالاته، ويقيه من الكبت أو الانفجار العاطفي.
عدم تبرير الأخطاء
من المهم التفريق بين احتواء المشاعر ورفض السلوك الخاطئ، فاحتواء شعور الطفل لا يعني تجاهل أخطائه أو عدم محاورته بشأنها. وبهذه الطريقة يتعلم الطفل الحدود دون أن يشعر بالرفض.
التحكم في الانفعالات
على الأم أن تتحكم في انفعالاتها أثناء التعامل مع أخطاء الطفل، فالأطفال يتعلمون بالملاحظة أكثر من الأوامر. لذلك من الضروري الانتباه إلى ردود الفعل والانفعالات أثناء توجيه الطفل.
الاعتذار ليس ضعفًا
تقوم التربية السليمة على القدوة الحسنة، لذا من المهم أن تعتذر الأم لطفلها عند الخطأ، ليُدرك أن الخطأ وارد لدى الجميع، وأن الاعتذار سلوك مهذب يعكس تحمّل المسؤولية. فاعتذار الأم لطفلها ليس ضعفًا، بل قوة تعزز العلاقة بينهما وتُنمّي لدى الطفل الشعور بالمسؤولية.

تصرفات تتنافى مع الذكاء العاطفي للأم
تُعد التصرفات التالية أخطاء شائعة قد تقع فيها الأم دون قصد، لكنها تتعارض مع الذكاء العاطفي وتُضعف نموه لدى الطفل على المدى الطويل، ومنها:
- التقليل من مشاعر الطفل.
- السخرية والتوبيخ.
- استخدام التهديد أو التخويف.
- تجاهل المشاعر والتركيز على السلوك فقط.
- مقارنة الطفل بأقرانه.
ما دور الذكاء العاطفي في بناء شخصية الطفل؟
تعامل الأم بذكاء عاطفي مع طفلها لا يربي طفلًا مطيعًا فحسب، بل يساهم في بناء شخصية متوازنة قادرة على التفاعل الإيجابي مع مختلف جوانب الحياة. فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة داعمة عاطفيًا غالبًا ما يتميزون بما يلي:
- ثقة أعلى بالنفس.
- القدرة على التعبير عن احتياجاتهم.
- انخفاض معدلات القلق والتوتر.
- امتلاك مهارات اجتماعية قوية.
رسالتي إلى كل أم
- الذكاء العاطفي هو أداتك العصرية الأولى في تربية طفلك، فمن خلاله تزرعين بذور الأمان في قلبه. امنحي نفسك وقتًا للراحة، وتقبلي مشاعرك دون جلد للذات، وابتعدي عن الاحتراق النفسي. اقرئي عن التربية الإيجابية، وتذكري أن الأمومة رحلة تعلم مستمرة.
- تذكري دائمًا أنكِ لستِ مطالبة بأن تكوني أمًا مثالية، فالأم العصرية لا تبحث عن الكمال، بل عن أثر طيب يبقى في نفس طفلها مدى الحياة، وعن إنسان سوي يكبر ليبادلها الحب والعطاء في المستقبل.
وختامًا، يجب أن تعلم كل أم أن الذكاء العاطفي ليس مهارة فطرية فقط، بل قدرة يمكن تعلمها وتطويرها مع كل موقف تتعامل فيه مع طفلها بحب ووعي.