الثقافة الجنسية قبل الزواج: كسر الجدار الصامت

تُعدَ الثقافة الجنسية حسب المفهوم التقليدي، أمراً مقتصراً على المتزوجين فقط يدركون أسراره ويتعرفون على جوانبه بمجرد أن يتم الإرتباط الرسمي مع الطرف الآخر. وقديماً كان الزواج بنمطه التقليدي، يتمَ من خلال الترتيب أو الإتفاق بين الآباء أو كبار أفراد العائلة، وكثيراً ما يسمح للأزواج بلقاء زوجاتهم على انفراد في يوم الزفاف وإن حدث قبل ذلك فغالباً ما يتم تحت أنظار أفراد من العائلة. وبهذه الطريقة فإن هذه العادات لا تتيح أي مجال للمقبلين على الزواج لمناقشة المواضيع المتعلقة بالجنس وأسراره.
 
ومع ظهور الوسائل التكنولوجية المتطورة، ظهرت الرغبة والحاجة الملحة لمعرفة أسرار وخبايا الجنس. وباتت أهمية الثقافة الجنسية ومعرفة جوانبها من الأمور الضرورية بالنسبة للمقبلين على الأزواج. ووفقاً للدكتور فادي جورج هاشم، إستشاري أمراض النساء والتوليد في مستشفى برجيل، أبو ظبي، فإن الثقافة الجنسية تشمل التعرف على الأعضاء التناسلية، وأسرار المشاعر الجنسية، وعواقب العلاقات الجنسية غير المشروعة، والعلاقات الجنسية التي تؤدي للحمل والإنجاب، والممارسات الجنسية أثناء اللقاءات الغرامية والأمراض التي يمكن أن تنقلها الممارسات الجنسية. 
 
ويوضح الدكتور فادي قائلاً : "يجب أن تبدأ الثقافة الجنسية في مرحلة ما قبل البلوغ للتحضير لمرحلة التغيرات الجسدية والمشاعر التي تتولد تجاه الجنس الآخر. وأثناء مرحلة نمو الطفل، يجب أن تركَز الثقافة تدريجياً على الأعضاء التناسلية، والجماع، والأمراض التي تنقلها الممارسات الجنسية، والآثار المترتبة على العلاقات الجنسية غير المشروعة. " ويضيف: “ يمكن مناقشة جميع جوانب الأنشطة الجنسية خلال فترة نهاية سنوات المراهقة وبداية مرحلة البلوغ”.
 
ونظراً لكون الثقافة الجنسية مسألةٌ في غاية الحساسية، فإننا نجد أن مناقشة مثل هذه المواضيع في مجتمعاتنا الشرقية تُعتبر من المحظورات ويجب عدم التطرق إليها إلا بعد الإرتباط رسمياً. وهناك من تصبح لديه تساؤلاتٌ كثيرة حول أمور أُثيرت أمامه في المناسبات أو استخلصها من الكتب المختصة بالجنس أو المواقع الإلكترونية التي تتطرق لمثل هذه الأمور، مما يجعله ضحية سهلة لتلقي أفكار خاطئة حوا الجنس ومفهومه العام.
 
ويوصي الدكتور فادي بضرورة التحدث إلى الطبيب المختص لما يحمله من خبرة واسعة ومعلومات طبية شاملة، (طبيبة النساء والتوليد بالنسبة للنساء وطبيب المسالك البولية بالنسبة للرجال). وأشار إلى أنه من الأفضل بالنسبة للمتزوجين زيارة الطبيب معاً لمناقشة الحالات الشاذة والرغبات الجنسية لفهم أسرار وخبايا الأمور المتعلقة بالجنس بكل وضوح وأريحية وأيضاً للتعرف على كيفية الإنجاب ووسائل منع الحمل وغيرها.
 
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، ينص القانون على ضرورة قيام المقبلين على الزواج بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج، وهذا الإجراء يُعتبر إلزامياً ويهدف إلى الكشف عن الأمراض الوراثية والعدوى مثل الثلاسيميا، وفيروس نقص المناعة المكتسبة، والتهاب الكبد B و C، ومرض الزهري، ومرض السكري ومرض فقر الدم المنجلي. وتهدف هذه الإجراءات الإحترازية إلى الحد من مخاطر انتقال العدوى كما يساعد في إلقاء الضوء على الأمراض التي تنتقل عن طريق الإتصال الجنسي، مثل عدوى فيروس الورم الحليمي البشري والذي يُعتبر الأكثر شيوعاً بين الأمراض الجنسية الأخرى في دولة الإمارات.
 
ويوجز الدكتور فادي مزايا الثقافة الجنسية بالنسبة للمتزوجين:
• البنية لزواج ناجح:
حيث أن الجنس هو الممارسة الأكثر حميميةً بين الرجل والمرأة والثقافة الجنسية تهيئ للممارسة الجنسية السليمة، وبالتالي فهي تتيح الفرصة للمتزوجين لمشاركة التوقعات والمخاوف. كما أنها تساهم في بناء وتعزيز الثقة بالنفس وبالتالي بناء علاقة ذات أساس قوي وراسخ. وإذا لم يتم تلبية هذه التوقعات وفهمها جيداً، فإن هذا من شأنه أن يثير مشاعر الرفض لفرضية الخيانة والتعرض للخداع. كما أنه من الممكن أن يؤدي إلى خلق سوء فهم بين الطرفين.
 
• البعد الأخلاقي والمعنوي المتعلق بالجنس:
فنحن نعيش في عصر تكثر فيه وسائل الترفيه التي تقوم بتصوير وعرض هذه الممارسات الحميمية البعيدة كل البعد عن أخلاقياتنا وثقافاتنا- لذلك فإن الثقافة الجنسية والتواصل المفتوح يعزَزان من تلك القدسية المحيطة بالممارسات الجنسية.