إنعشي حياتك بعد الطلاق...وانطلقي

  إعداد: ليندا عياش هو أبغض الحلال...لكنه ليس نهاية المطاف، فالطلاق قد يكون في بعض الأوقات حلاً يشبه "رصاصة الرحمة" التي تطلق على حياة زوجية فاشلة، من دون أن يعني ذلك القضاء على أسرة. لا تسير سفينة الحياة الزوجية دائما كما هو مشتهى، فقد يتعكر صفو العلاقة ويتكدر، حتى يصبح الاستمرار فيها أمرا مستحيلا، ولهذا يختار البعض "الحل الصعب"، فيما يفضل آخرون التعايش مع الحياة الصعبة. ورغم أن المرأة قد تكون الطرف الأضعف في العلاقة الزوجية في نظر البعض، إلا أنها في واقع الأمر طرف مؤثر جدا، فبإمكانها العمل على انجاح العلاقة، وإذا فشلت، يتوجب عليها العمل على إنجاح حياتها، فقد شرع الإسلام الطلاق على طريقة آخر الدواء الكي"، فوضع شرطا للطلاق هو تجريب كافة وسائل الحل، بالنصح والإرشاد وتحكيم العقلاء. أما وقد وقعت واقعة الطلاق، فمن الواجب على المرأة أن تمضي قدما في حياتها، فلا تتوقف عند هذه الحادثة، مهما كانت آثار هذه الحادثة قوية وصعبة نفسيا وماديا، ويجمع الخبراء النفسيون على أن مرحلة ما بعد الطلاق قد تكون صعبة، لكنها تختلف باختلاف قوة شخصية المرأة والظروف التي حصل بسببها الطلاق، ويؤكد الخبراء على ضرورة إطلاق العنان للنفس للتعبير عن مشاعرها، سواء الغضب أو الحزن، أو الخيبة، لكن المهم دائما أن نضع نصب أعيننا أن هذه المشاعر – مهما كانت صعبة – هي مشاعر مؤقتة ستنتهي بعد زمن طويل أو قصير، وكلما خرجنا منها أسرع، كانت النتائج السلبية أقل والايجابيات أكثر. من هنا عليك سيدتي أن تدركي أن هذه التجربة ستقويك، لأنها ستجعل منك إنسانة أكثر خبرة في التعاطي مع أمور حياتك في المستقبل، وأن تدمير نفسك بالحزن والغضب لفترة طويلة لن تنتج عنه الا تشوهات نفسية، وأمراض عضوية، لأن الشد العصبي عامل أساسي في الامراض التي تصيب الجهاز العصبي والهضمي والمناعي ايضاً، وبدلا من أن تنالي قرحة في المعدة مثلا، قد يكون من الأفضل أن تحصلي على خبرة ما تساعدك في القادم من حياتك، كهواية مفيدة أو مهنة جديدة. الاكتفاء المادي بعد الطلاق، أمر مهم جدا للمرأة، فمن خلاله تشعر أنها جزء منتج من المجتمع، وأنها تمضي في حياتها قدما من دون مشاكل ولا أعباء، ولهذا فإنه من الأفضل قبل أن تبدأي بالبحث عن "عريس" جديد، أن تبادري الى البحث عن عمل جديد، قد يكون عملك الخاص، أو عمل في شركة أو مهنة حرة. أما الجزء الأصعب من الطلاق، فهو ذلك الجزء المتعلق بالمجتمع، ونظرته الى المرأة المطلقة، ورغم أن معظم الدراسات الاجتماعية، تخالف أصحاب النوايا السيئة الرأي في المرأة المطلقة، إلا أنه من الواضح أن تخطي هذا الموضوع ليس بالأمر اليسير في مجتمعاتنا الشرقية التي تضع قيودا كثيرة على المرأة المطلقة. إن النظر الى هذه القيود على أنها قيود حديدية يجب التخلص منها والتمرد عليها وتحطيمها، لن يؤدي في غالب الاحيان إلى نتائج ايجابية، فتحدي المجتمع، والذهاب بعيدا في هذا التحدي من شأنه أن يجلب الكثير من السلبيات على شخصية المرأة ومكانتها في العائلة والمجتمع، لكن من الأفضل التفكير في هذه القيود، على أنها "حواجز حماية" أو سترة واقية تساعد المرأة المطلقة على بدء حياة جديدة من دون تشويش، ولهذا ينصح الخبراء المرأة المطلقة بإحترام روح هذه القواعد، وتطويعها لمساعدتها في نيل ما تسعى إليه في حياتها، ـمام المرأة – كما هو واضح – في مجتمعاتنا الشرقية 3 سبل للذهاب فيها بعد الطلاق. الأول: الاستسلام لقيود المجتمع واعتبارها أغلالا تقيد حركتها، فتقبع في المنزل لا تغادره، ولا تجرؤ على القيام بأي شيئ انطلاقا من عقدة أنها "إمرأة مطلقة" وحركاتها محسوبة، وغالبا ما تكون نهاية هذا الخضوع حالات نفسية صعبة مشاكل مستقبلية قد تنفجر في أي لحظة للتحول إلى النمط الثاني من النساء، أي المتمردات، أو تفقد شخصيتها الى الأبد. الثاني: التمرد على المجتمع والعائلة والقيود المفروضة من أي نوع، ومحاولة إثبات أنها غير مهتمة بكل ما يقوله الناس وما يتصرفه هؤلاء حيالها، وغالبا ما تكون نتيجة تحدي المجتمع، كما هي حال تحدي التيارات في البحار، منهكة لمن يقوم بالتحدي، لأن المجتمع من حولك يعتبرك تفصيلا في حياته اليومية، ولن يجد صعوبة في التعامل معك، بينما أنت تكونين الخاسرة في كل الأحوال. والثالث: هو تطويع قيود المجتمع وتحويلها إلى قوة دفع تحميك وتحمي سمعتك فيما أنت تقومين بكل ما تريدينه تحت أنظار الناس والعائلة ومن دون أي خوف أو خجل...المهم هو معرفة الأماكن التي يمكنك المضي فيها، والأماكن التي يجب أن تتوقفي عندها، وهذا لا يأتي بوصفة سحرية من أي خبير، بل أنت وحدك قادرة على معرفته من خلال معرفتك بعائلتك ومجتمعك. ومفتاح العلاقة الجيدة مع المجتمع، هي دائما العلاقة مع العائلة، فإذا كانت جيدة وكانت العائلة القريبة متفهمة، لن تجدي صعوبة كبيرة في تخطي الصعوبات التي قد تعترضك، بل على العكس، قد تساعدك في تخطي العديد من العوائق، وسريعا ما ستجدين نفسك في مكان أبعد مما كنت تحلمين به.