خاص لـ"هي": حوار مع مي وفداء القعود عن PrivateCRCL وإعادة تعريف الجيرة في الرياض

خاص لـ"هي": حوار مع مي وفداء القعود عن PrivateCRCL وإعادة تعريف الجيرة في الرياض

سارة العجمي
24 ديسمبر 2025

في مدينة تتسارع فيها الخطوات وتتسع فيها الدوائر، بات القرب الإنساني عملة نادرة. وبين العمارة الحديثة والمسافات المتزايدة، يظهر شغف متجدد بإعادة إحياء معنى الجيرة، لا بوصفها فكرة رومانسية، بل حاجة يومية تُعيد التوازن إلى الحياة الحضرية. من هذا الإحساس، وُلدت PrivateCRCL، منصة أسستها الأختان السعوديتان مي وفداء القعود لتكون بنية تحتية رقمية للأحياء والدوائر الخاصة، تعيد ربط الناس بجيرانهم وتؤسس لعلاقات إنسانية حقيقية، لا عبر الشاشات وحدها، بل من خلال لقاءات دافئة وتجارب مشتركة.

في هذا الحوار الحصري مع "هي"، تتحدث مي وفداء عن الدافع الإنساني خلف إطلاق PrivateCRCL، وعن مفهوم الدوائر الخاصة، وأهمية الخصوصية، ودور التقنية في إعادة بناء العلاقات الاجتماعية داخل الأحياء. حوار يتناول معنى الانتماء في مدينة سريعة التغيّر، وكيف يمكن للمنصات الرقمية أن تُقرّب الناس بدل أن تُبعدهم، وتعيد صياغة فكرة الجيرة كجزء حيّ من الحياة اليومية.

طريقة الانضمام إلى برايفت سركل عبر التطبيق.
طريقة الانضمام إلى برايفت سركل عبر التطبيق.

ما اللحظة أو الحاجة التي ألهمت إطلاق منصة PrivateCRCL في مدينة مثل الرياض؟

انبثقت فكرة PrivateCRCL من احتياج إنساني بسيط وعميق. كانت مي تتمنى وسيلة سهلة للتواصل مع العائلات القريبة في الحي التي تشاركها القيم ونمط الحياة، لترتيب لقاءات عفوية لأطفال الحي كما كنا في السابق. وفي الوقت نفسه، وبعد عودتي إلى الرياض، كنت أبحث عن مجتمع قريب وحقيقي يشاركني الاهتمامات نفسها — دائرة صغيرة، لا شبكة واسعة وسطحية.

من هنا جاء السؤال: كيف نعيد دفء الجيرة وبساطة العلاقات، ولكن بأدوات اليوم؟ نؤمن بالعودة إلى روح “زمن الطيبين”، ولكن بعقلية وتقنية 2030 — تقنية تُقرّب الناس بدل أن تُبعدهم.

لماذا كان نموذج الدعوات الخاصة عنصرًا أساسيًا في بناء مفهوم المنصة؟

لأن PrivateCRCL تقوم على الثقة، دون التخلّي عن الخصوصية. نموذج الدعوات الخاصة يضمن أن كل شخص داخل المنصة موثوق الهوية عبر التكامل مع "نفاذ"، لكن حضوره داخل الدائرة يبقى إنسانيًا وخفيفًا باستخدام صورة رمزية، مما يحفظ الخصوصية ويُبقي التفاعل مريحًا وطبيعيًا. بهذا التوازن، تبقى الدوائر خاصة، دافئة، ومقصودة، حيث تُبنى العلاقات على القرب الإنساني لا على البيانات.

كيف تختاران الأشخاص داخل كل دائرة لضمان الألفة والانسجام الحقيقي؟

نمنح المستخدم حرية الاختيار أولًا، فكل شخص يقرر أي الدوائر تناسبه، مما يعزز الشعور بالراحة والانتماء منذ البداية. ولتقليل إرهاق القرار، يدعم ذلك مساعد ذكي يقترح الدوائر المناسبة بناءً على الاهتمامات، المرحلة الحياتية، والحي.

داخل كل دائرة، يمكن للمستخدم رؤية الأعضاء، أماكن اللقاء لدى شركائنا من الأعمال المحلية، والفعاليات المرتبطة بها. هذا الوضوح يخلق طمأنينة قبل الانضمام، ويحوّل الفضول إلى حماس حقيقي.

لقاء بين أفراد برايفت سركل
لقاء بين أفراد برايفت سركل

كيف تعيد PrivateCRCL تعريف مفهوم الجيرة والانتماء في مدينة سريعة التغيّر؟

بين ضغوط العمل، والالتزامات العائلية، وزحمة المدينة، لم يعد للناس رفاهية الاستكشاف الاجتماعي المستمر. PrivateCRCL جاءت لتبسّط التجربة: منصة تقنية تربطك بناس يشابهونك في الاهتمامات وبالقرب منك. نحن نعيد تعريف الجيرة كنادٍ رقمي خاص يبدأ من الحي، ويجمع بين الجيران، والأعمال المحلية المختارة، والفعاليات القريبة، ليصبح الانتماء جزءًا من الحياة اليومية لا مجهودًا إضافيًا.

ماذا تتمنيان أن يشعر به المشاركون بعد حضور أحد لقاءات PrivateCRCL؟

نتمنى أن يغادر المشاركون وهم يشعرون بشيء بسيط لكنه أساسي: الانتماء. PrivateCRCL تجربة اجتماعية تقنية فاخرة تهدف إلى بناء مجتمعات مترابطة وأعمال محلية مزدهرة، تمكّن الأحياء ببنية رقمية تخدم الناس والأعمال معًا، بما يتماشى مع رؤية 2030. بعد كل لقاء، نأمل أن يشعر الشخص بأنه جزء من حي، لا مجرد فرد في مدينة كبيرة.

هل ترَيان المنصة كمساحة اجتماعية فقط، أم كنواة لتعاون أعمق داخل الأحياء؟

بالنسبة لنا، تحسين جودة الحياة داخل الحي ليس هدفًا جانبيًا، بل مسؤولية. مع الوقت، تصبح المنصة مساحة تمكّن الأحياء من تنظيم فعالياتهم، دعم أعمالهم القريبة، وتبادل الخبرات والموارد، ليصبح الحي وحدة متصلة، نابضة، وقادرة على النمو من الداخل.

كيف ينعكس كونكما شقيقتين على رؤية المنصة وطريقة إدارتها؟

انعكس كوننا شقيقتين على PrivateCRCL في تكامل واضح بين الرؤية والتنفيذ. تمتلك مي أكثر من 15 عامًا من الخبرة في القطاعين العام والخاص في الشؤون المالية والاقتصادية، بينما أملك أكثر من 12 عامًا من الخبرة في قطاع التجزئة الفاخرة، تطوير الأعمال، وبناء الشراكات. هذا التكامل، إلى جانب تجربتنا السابقة في تأسيس مشاريع مشتركة، يمنح المنصة قدرتها على البناء طويل المدى.

كيف تتخيلان مستقبل PrivateCRCL وتأثيرها على النسيج الاجتماعي في الرياض؟

نرى PrivateCRCL جزءًا أساسيًا من البنية الاجتماعية الحديثة للرياض — منصة تنمو من داخل الأحياء وتعيد بناء الروابط الإنسانية على مستوى محلي ومستدام. ومن الرياض، نتطلع إلى توسّع إقليمي يخدم ملايين السكان وآلاف الأعمال المحلية، لنكون طبقة البنية المجتمعية للمدن الذكية، حيًا بعد حي، ومدينة بعد مدينة.

في زمن باتت فيه العلاقات واسعة وسطحية، تختار PrivateCRCL أن تكون صغيرة، عميقة، ومقصودة. تذكير بأن الدوائر الأجمل ليست الأكبر، بل الأقرب إلى القلب. وبين أحياء الرياض، تكتب مي وفداء القعود فصلًا جديدًا من التواصل الإنساني، حيث تتحول اللقاءات إلى روابط، والجيران إلى مجتمع، والخصوصية إلى مساحة حقيقية للانتماء.