حب التحدي

حب التحدي

جمانة الصباغ
16 فبراير 2023

أود اليوم أن أتحدث عن واحد من أكبر أنواع الحب، وهو حب التحدي. وتحديدا التحدي الذي تواجه المرأة في تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرة، وآمل أن تكون قصتي حافزا لكل امرأة

مذ كنت طفلة كنت أحلم ببناء عائلتي ومنح أطفالي مستقبلا مثاليا، وكانت معظم  القرارات التي اتخذتها في العشرينيات والثلاثينات من عمري صائبة، فقد تركت منزلي وبلدي للانتقال إلى فرنسا، لأوفر لأطفالي أفضل تعليم، لم يكن ذلك سهلا أبدا، لكوني أمّا لثلاثة أطفال في بلد لم أكن أتقن لغته آنذاك، ومع زوج مشغول في المستشفى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. كما لم يكن من السهل إيصال الأطفال إلى مدارسهم والعودة منها، ففي كل يوم كان علي قيادة ما يزيد على أربع ساعات، وكان واضحا أن علي أن أعطي الأولوية لأطفالي.

أصبحت احتفالات تخرج أولادي أكثر اللحظات فخرا في حياتي، فقد اختاروا جميعا مهنا رائعة (استثمارات مصرفية، محاماة، واستشارات استراتيجية في شركات رائدة عالمية، وفي أعلى المستويات وذات منافسة كبيرة).

لكن كل ما تبقى لي بمجرد تخرجهم هو الفراغ، فقد كرّست حياتي بأكملها لعائلتي، وقد أدركت أيضا أن لدي وقتا لأنجز أحلامي، ولكن سرعان ما شعرت بالضياع، ليس من السهل أن تبدئي شيئا ما من الصفر، وخاصة عندما تكونين في الخمسينيات من العمر.

وفجأة عاد كل شيء كما كان، لم أعد أنا، بل كان أولادي هم من بدؤوا في دعمي، والأمر الأكثر إمتاعا هو أنهم لم يعطوني فقط الطمأنينة والدعم المعنوي، بل انضموا إلي في الطريق إلى طموحي. وبينما كنت أعزز خبرتي في عملي الذي ابتعدت عنه، ساعدني ابني وتفرغ لدعمي وتوسيع نطاق عملي لتصل منتجاتي إلى ملايين الأشخاص حول العالم وتؤثر فيهم. لقد ترك ابني مهنته مستشارا، وأسسنا معا شركتنا، وتكاملنا معا، بعمل رائع يجمع بين الحكمة والخبرة التي كانت مدفوعة بالثقة الكاملة، ومدعومة بتفانٍ يتجاوز الفائدة المادية. لقد حددنا تاريخا بالفعل من خلال إحضار التنوع البيولوجي، وجعل سحره العلاجي متاحا للمنطقة، لم تكن رحلة سهلة، فقد تغلبنا على العقبات بالعزيمة والإصرار.

حقيقة أنا ممتنة للغاية، لأنني على الرغم من اختياري المبكر للتخلي عن مهنتي والتركيز على الأسرة، فإن عائلتي هي التي أعادت لي أكثر مما أتمنى، ويدا بيد وجنبا إلى جنب حققنا الحلم.

Credits