Modest Fashion إنطلاقة صاروخية في سماء الموضة العالمية

مما لا شك فيه أنّ عام 2017 هو عام الأزياء المحافظة أو ما يسمى عالميا بالـ Modest Fashion بامتياز. الدور العالمية استيقظت من غيبوبتها في السنوات الأخيرة، وبدأت بتخصيص المرأة المحجبّة والمرأة المحتشمة بمجموعات خاصة بها، وتصاميم تعكس أسلوبها المحافظ.

قد يكون مفاجئا للكثيرين والكثيرات تأخّر الدور العالمية في تسليط الضوء على الأزياء المحافظة، نظرا للقوة الشرائية الضخمة التي يشكّلها المسلمون في مختلف أنحاء العالم. فبحسب تقرير الاقتصاد الإسلامي العالمي الذي أعدته وكالة "رويترز" بالتعاون مع "دينارستاندارد"، أنفق المستهلكون المسلمون ما يقدر بنحو 243 مليار دولار على الملابس في عام 2015. كما من المتوقّع أن ترتفع نسبة الإنفاق الاستهلاكي للمسلمين على الملابس إلى 368 مليار دولار عام 2021، أي بزيادة قدرها 51 في المئة عن عام 2015.

أرقام هائلة وضخمة لا يُستهان بها، دفعت الكثير من الدور العالمية إلى تخصيص مجموعات خاصة بالعباءات بمناسبة قدوم شهر رمضان، مثل دار "دي كي أن واي" DKNY التي كانت من أوائل الدور العالمية التي تخصص المرأة المسلمة بعباءات وقفاطين خاصة بشهر رمضان المبارك في عام 2014، لتكرّ السبحة مع دار "دولتشي أند غابانا" Dolce & Gabbana، وأخيرا دار "سي إيتش كارولينا هيريرا" CH Carolina Herrera التي أطلقت هذا الصيف مجموعة خاصة بالعباءات، حازت إعجاب النساء الخليجيات.

ومن الدور الأخرى التي خصصت مجموعات خاصة لشهر رمضان في السنوات الأخيرة دار "تومي هيلفيغير" Tommy Hilfiger، "أوسكار دي لا رنتا" Oscar de la Renta، وغيرها من الدور الأخرى.

أما في لندن، فقد جرى إطلاق أسبوع الموضة للأزياء المحتشمة في شهر فبراير الماضي، ضمّ 40 دار أزياء متنوّعة.

إلاّ أنّ الأمور لم تقتصر على هذا الحد، فالتركيز هذا العام لم ينحصر فقط على الأزياء المحافظة، بل أيضا على المرأة المحجّبة. دار "ماكس مارا" Max Mara حوّلت الأنظار إليها بعد أن شاركت في عرض مجموعتها لخريف وشتاء 2017 العارضة المحجبة حليمة عدن، لتخطف الأنظار بمعطف كلاسيكي فاخر باللون البيج، وبحجاب من اللون نفسه. عدن التي استقبلها عالم الأزياء والموضة بصدر رحب وتلقّت دعما كبيرا من عارضات عالميات، أبرزهن العارضة جيجي حديد ذات الأصول العربية، قفزت قفزة نوعية في مسيرتها المهنية بعد مشاركتها في هذا العرض، لتحل ضيفة على أغلفة مجلات عالمية كثيرة وتشارك في حملات إعلانية عالمية.

المرأة المحجبة كان لها دورها أيضا هذا العام في عالم الأزياء الرياضية، إذ قامت دار Nike بإطلاق مجموعة أزياء رياضية خاصة بالمحجبات وبالسيدات اللاتي يفضلن ارتداء أزياء رياضية محافظة في حملة إعلانية شاركت فيها رياضيات محليات وعالميات. كما ضمّت دار "إيتش أند أم" H&M في إحدى حملاتها الإعلانية الأخيرة عارضة محجّبة.

هذا، وللمواقع الإلكترونية العالمية دور بارز وخاص في هذا المجال أيضا، فعلى سبيل المثال، طرح موقع "نت أ بورتيه" Net- A- Porter العالمي حملة إعلانية ضخمة مع المدونة الإلكترونية الكويتية الأمريكية آسيا، التي اختيرت لتكون الوجه الإعلاني لحملة ربيع وصيف 2017 الخاصة بالشرق الأوسط. كما حرصت مواقع عالمية أخرى مثل Moda Operandi على تخصيص قسم خاص للأزياء المحافظة خلال شهر رمضان المبارك. وقد شهدنا هذا العام ولادة الموقع الإلكتروني المحلي The Modist خاص بالأزياء المحافظة.

مجموعات خريف وشتاء 2017 لم تخلُ هذا الموسم من التصاميم المحافظة المثالية للمرأة المحجّبة. نبدأ مع دار "شانيل" Chanel التي انطلقت بمجموعتها الشتوية إلى فضاء الأناقة والرقي، مطلقة تصاميم محافظة أبرزها المعاطف الكبيرة بنقشة Pied De Poule الشهيرة، إضافة إلى الكاب الفضي الأنيق الذي أضفى إلى إطلالات العارضات لمسات عصرية. أما بالنسبة إلى دار "سيلين" Céline التي يُعرف عن أسلوبها الكلاسيكي والـ Minimal، فقد تميّزت مجموعتها بالمعاطف الكبيرة والكلاسيكية، والبدلة العصرية بلمسات رجالية، إضافة إلى الأوشحة التي يمكن أن ترتديها المرأة على شكل حجاب. أما "ماكس مارا" Max Mara، فكانت من أوائل دور الأزياء التي تخصص إطلالة كاملة للمرأة المحجبة. أربعة ألوان سيطرت على العرض هي الأحمر البيج الأسود والرمادي، ويمكننا القول إن جميع تصاميم ماكس مارا من مجموعة خريف وشتاء 2017 هي محافظة دون استثناء.

"ديلبوزو" DelPozo الذي عرض مجموعة خريف وشتاء 2017 كالعادة ضمن فعاليات أسبوع الموضة في نيويورك، ضمت مجموعته تصاميم مثالية للمرأة المحجبة، جاءت غاية في الابتكار والفرادة، في حين جاءت تصاميم دار "فالنتينو" Valentino المحافظة أحادية اللون، رافقتها جزمات عالية مبتكرة. وبالمقابل، مزجت دار "بالينسياغا" alenciaga بين الألوان الجريئة والهادئة، وتميّزت المجموعة بقصات هندسية مميزة، وبالحجاب العصري الأنيق.

 

أخيرا لا يسعنا إلا أن نأمل أن تؤثر هذه القفزة النوعية التي شهدتها الأزياء المحافظة عالميا بشكل إيجابي في الدور المحلية، وأن تكون مصدر وحي للمصممين المحليين الموهوبين لابتكار تصاميم أنيقة تعكس أسلوب المرأة الخليجية والمسلمة الراقي.