جميل المغازي: أمتلك كنزًا من التسجيلات النادرة لكبار النجوم..والبرامج الحوارية الحالية "فارغة"

مقاطع صغيرة يتداولها الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويشيدون بها ويستعيدون بسببها ذكرياتهم مع زمن الفن الجميل، ونجومه البسطاء في تعاملهم مع الغير، والذين لا يهتمون سوى بفنهم وحب جمهورهم لهم، لكن عدد قليل من المتابعين قد يعلم حجم الجهد المبذول من أجل تقديم لقاء نادر مع فنانه المحبوب، وبعضهم قد يجهلون الجهد المضاعف للحفاظ على مثل هذا التراث، الذي لا يقدر بثمن من وجهة نظر صاحبه.

"هي" حاورت أحد أبرز نجوم زمن الفن الجميل الذي يمتلك كنزًا كبيرًا من اللقاءات النادرة مع النجوم والمشاهير، وهو المخرج الكبير جميل المغازي الذي تحدث عن محاولته للاحتفاظ بالساعات التلفزيونية التي يمتلكها، كما تحدث عن أبرز المشكلات التي تواجهه في الحفاظ على هذا الأرشيف الضخم وكيفية إيصاله للجمهور، ففي البداية أوضح لنا حجم الأرشيف الذي قام بإنتاجه وإخراجه على مدار سنوات طويلة مع كبار نجوم الوسط افني والثقافي، وإلى نص الحوار:

المخرج جميل المغازي

في البداية حدثنا عن حجم الأرشيف الذي تمتلكه تقريبًا؟

أنا أملك 3 آلاف شريط أي حوالي 500 ساعة تلفزيونية، والشريط الخام الواحد بحوالي 30 دولار، أي أنني أملك شرائط خام تقدر بحوالي 900 ألف دولار، وتحتوي على مادة كبيرة أنا بنفسي لم أستوعبها، وما أشاركه مع الجمهور مجرد مقاطع صغيرة من كنز كبير إذا قمت بمشاركته لن يستطيع أحد استيعابه، فالأحاديث التي كنت أجريها لم نكن نستغلها بالكامل، فمثلًا كي أقدم حلقة مع الفنان عادل إمام صورت ما يقرب من 18 ساعة ووقتها ما خرج على الشاشة حوالي ساعتين فقط.

هل ترى أن عرض محتوى بهذه الأهمية على مواقع التواصل الاجتماعي هو الوسيلة المناسبة للحفاظ عليه؟

حتى الآن لم يهتم أحد بما لدي، والقنوات الفضائية لم تبحث عن مثل هذه الكنوز واهتمامها الأكبر بالدراما، كما أنني ظهرت أكثر من مرة مع الإعلامي وائل الإبراشي وأيضًا لم يلتفت أحدًا بعد ذلك ويسأل عما أمتلكه، لذلك قررت عرض هذا المحتوى عبر الإنترنت.

هل وسيلة مثل قناة ماسبيرو زمان مكان مناسب لعرض الأرشيف الذي تمتلكه؟

لا أستطيع التعامل معهم، فقد يكونوا غير مقدرين أو مستوعبين قيمة هذه الساعات التلفزيونية، كذلك لن يستطيعوا دفع مقابل جيد مناسب للمحتوى، وبالرغم من ذلك فهم يمتلكون أرشيف ضخم وممتاز، كما أنني أخرجت ما لا يقل أيضًا عن 500 ساعة للتلفزيون المصري، بينما القائمين على تلك القناة لا يهتمون بما امتلكه ولا يبحثون عنه، فهذه الكنوز أعتبرها مثل أبنائي، لكنها بالنسبة لهم لا تخرج عن نطاق الوظيفة.. هذا تاريخ عانيت وتعبت بسببه وأنفقت الكثير عليه.

في إطار الحديث عن وجود تطبيق باشتراك شهري بهدف الحفاظ على تراث ماسبيرو.. هل ترى أن هذه وسيلة مناسبة لعرض مثل هذا المحتوى؟ 

عن نفسي أتمنى الأرشيف الخاص بي يكون متاح للجميع بدون اشتراك شهري، فلماذا أتسبب في إجهاد الجمهور ماديًا من أجل مشاهدة أرشيف يمتلكونه بالفعل!.. نعم لقد أنفقت كثيرًا على هذا المحتوى لكن من حق المشاهد الاستمتاع بها دون تكلفة.

وإذا عُرض عليّ شراء المحتوى الخاص بي من الممكن التفكير على حسب المبلغ الذي سيُدفع والذي سيعكس مدى تقدير الطرف الأخر لما يقوم بشرائه، لأنهم لن يحافظوا على هذا التراث إلا إذا دفعوا فيه مبلغًا جيدًا، وإذا حدث العكس فذلك معناه أنهم يتجهون للشراء حتى لا ينافسهم أحدًا.

هل كانت هناك عروض جادة لشراء الأرشيف الخاص بك؟

نعم كان هناك عروض، لكن الاهتمام كان مُنصب على أشياء بعينها كالتي بها عزف وما إلى ذلك، لكن لا يوجد اهتمام بباقي محتوى المكتبة، كما عرض عليّ أحد الأشخاص مبلغًا كبيرًا جدًا لشراء مكتبتي لكني اكتشفت أن هذا العرض كان بغرض محو ذلك التاريخ، فرفضت.

هل أنت راضٍ عن تفاعل الجمهور مع أرشيفك عبر يوتيوب خاصة وأن عدد متابعي القناة لم يتعد الـ79 ألف مشترك؟

أنا راضٍ عن القناة لأن تعليقات المشاهدين جيدة جدًا وجميعهم معجبون بالمحتوى، لكني لدي أرشيف كبير جدًا لا أريد مشاركته حاليًا إلا عندما يكون هناك عدد كبير من المتابعين، فمثلًا لدي أرشيف خاص بتوفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس وصلاح جاهين ونزار قباني ونجيب محفوظ ومصطفى أمين وأنيس منصور وكل الأدباء الكبار وكل الصحفيين والرياضيين.

هل هناك لقاءات معينة لم تلق الاهتمام المتوقع من قبل بعض المتابعين؟

كل متابعي القناة يريدون اللقاءات الخفيفة و"المودرن" مثل لقاء أحمد الفيشاوي في طفولته، أو لقاء سميرة سعيد، لكن مثلًا قد شاركت من قبل لقاء عن الراحل مصطفى أمين يتحدث عن الراحلة أمينة رزق ولم يحقق سوى عد مشاهدات قليلة، والحال نفسه تكرر مع لقاء للفنانة فاتن حمامة، وأخر مع عبد الرحمن الأبنودي، وكلاهما معًا لم يحصدًا سوى حوالي 5 آلاف مشاهدة فقط، بينما هناك حوار مع سيد زيان ونجاح الموجي اقترب من المليوني مشاهدة، فبالتالي لا أستطيع حرق لقاء نجيب محفوظ ومشاركته بالكامل في الوقت الحالي.

ما الذي تنوي فعله قريبًا من أجل تطوير القناة وزيادة نسبة التفاعل عليها؟

أفكر في تقديم برنامح بعنوان "أيام حلوة وحكايات"، وهو عنوان مأخوذ من أغنية لعبد الحليم حافظ، وسوف أحكي من خلال البرنامج ملابسات بعض المواقف والأعمال الفنية، فعلى سبيل المثال أحكي قصة أغنية "على حسب وداد قلبي" للعندليب وكيف وصلت إليه ليغنيها وأسرد تاريخ الأغنية بالكامل مع وضع صور لكل شخص أتحدث عنه.

في أحد اللقاءات تحدثت عن أزمة الفنانة نجلاء فتحي وقت مرض ابنتها ومحاولة إقدامها على الانتحار.. هل مثل هذه التصريحات كانت تتسبب في أزمات بينك وبين المشاهير؟

على العكس تماما، لأن نجلاء مثلًا هي من صرحت بذلك فعل في لقاء مصور، وما كنت أقدمه عن النجوم ليس كالأحاديث المعتادة، بل هي سيرة ذاتية لكل منهم، وعلى سبيل المثال تحدث توفيق الحكيم حوالي 12 ساعة، وحكى عما تعرض له منذ ولادته وحتى مماته، والأمر نفسه تكرر مع فؤاد المهندس وإحسان عبد القدوس وعبد المنعم مدبولي.

هل كان المشاهير سابقًا يضعون شروطًا صعبة من أجل الظهور في لقاء تلفزيوني مثلما يحدث مع البعض حاليًا؟

لا توجد أي شروط صعبة، بل كانوا شخصيات محترمة، ونادرًا ما كان أحد يطلب أجر أكثر من الذي أدفعه، فأنا مثلًا كنت أدفع للمتحدث 2000 جنيهًا مصريًا وقتها، وكانوا جميعًا مرحبين بالأمر ويتعاقدون في هدوء، لكن هناك مثلًا شخصين كانوا يطلبون مني زيادة المبلغ إلى 3 ألاف جنيه، لكن بطريقة مهذبة.

ما أبرز المواقف التي تعرضت لها مع أحد الضيوف بسبب الأجر؟

خلال تصويري مع إحسان عبد القدوس، وعندما قمت بإعطائه المبلغ رفض وقال لي: "بتعمل إيه.. أنا مجهز لكم فلوس"، لكني أكدت له أنني مخرج مختلف عن مخرجي التلفزيون، وأقوم بدفع أجر لكل متحدث يظهر معي، فرد علي وقال: "أنت بتخلدني" وكلانا رفض أخذ المبلغ المالي من الأخر، لكن بعدها أخذ مني الـ2000 جنيه وأضاف عليهم نفس المبلغ وقام بتوزيعهم على الفنيين الموجودين معنا.

بالمقارنة مع ما قدمته في السابق، ما رأيك في البرامج الحوارية التي تقدم حاليًا؟ وهل تُظهر تاريخ الفنان بالشكل الذي يجب أن يكون؟

البرامج المقدة حاليًا هي شيء تافه.. فلماذا أجلس أشاهد وأستمع إلى مشكلات خاصة بزوج وزوجته، على مدار عدة حلقات.. مثل هذه البرامج شيء تافه وسطحي، فنحن كنا نعمل في التلفزيون بكل الحب لنقدم محتوى بمستوى عال، وأنا عن نفسي عملت هناك لمدة 24 عامًا دون أن أخذ مليمًا واحدًا.