مصممة المجوهرات السعودية سارة أبوداود لـ"هي": أكبر تحدٍّ هو صراع النفس

دبي - "لمى الشثري" Lama AlShethry

تصوير - "غيث طنجور" Ghaith Tanjour

سارة أبوداود مصممة مجوهرات سعودية مفعمة بالعطاء والثقة والإيجابية. تعشق عملها، وتؤمن بأن الجد والاجتهاد يحصدان النجاح الحقيقي فقط إذا رافقهما صفاء النية والاكتفاء الداخلي. أسست علامتها عام 2008 وأطلقت عليها "مجوهرات ياتاغان" التي تعني السيف باللغة التركية. درست بالمعهد العالمي لعلوم المجوهرات في بلجيكا، كما حصلت على الشهادة الدولية من المعهد الأمريكي للأحجار الكريمة في لندن Gemological Institute Of America. تعرفوا إلى سارة أبوداود من خلال لقائنا الممتع معها عبر صفحات "هي".

حاربت بسيف ياتاغان في عالم المجوهرات لمدة ١٠ سنوات، كيف تصفين هذه الرحلة حتى اليوم؟

رحلتي صعبة وشائقة تتضمن الكثير من المغامرات، كانت بدايتها عبارة عن حلم وفكرة وأمل تحولت تدريجيا إلى حقيقة وواقع. كانت خطواتي بسيطة عبر المشاركة في المعارض ومن خلال الإكسسوارات. ومن ثم قررت صقل موهبتي وشغفي بالعلم والمعرفة، ولذا درست هذا المجال لكي أقدم للعميل تجربة كاملة، ولله الكمال. واجهت بعض الشكوك من الآخرين،

خاصة ممن ينتمون إلى جيلي، في إمكاناتي وقدراتي. لم يصدقوا حلمي بأن أكون ضمن علامات المجوهرات المعروفة في المملكة. لم تكن لديهم القناعة بأن مجوهراتي وتصاميمي سوف تصل إلى مناطق مختلفة من العالم. تعلمت الكثير خلال رحلتي الجميلة كما التقيت بأشخاص ملهمين سعدت بالتعرف إليهم.

بدأ عشقك للمجوهرات من والدتك رحمها الله، كيف تصفين تأثيرها فيك وفي تصاميمك؟

كانت والدتي، رحمها الله، ترتدي مجوهرات فريدة، حتى إنها تحرص أحيانا على تصميم مجوهراتها بنفسها. نشأت في بيت كنت أشاهد والدتي فيه وهي تتزين بأجمل المجوهرات. أشعر بأن عملي في مجوهرات ياتاغان هو جسر يصلني بوالدتي ويجعلني أقدم الأفضل إحياء لذكراها. كانت امرأة جميلة لا ترتدي إلا كل جميل. أؤمن بأنها لو كانت بيننا اليوم تشهد عملي وتصاميمي، لكانت فخورة بي للغاية.

مصممة المجوهرات السعودية سارة أبوداود

ما أبرز التحديات التي واجهتِها منذ تأسيس مجوهرات ياتاغان؟

تعددت التحديات، ولكن لا شيء يضاهي صعوبة التحدي النفسي. كنت أتساءل داخليا: هل أستطيع أن أحقق هذا الحلم؟ هل لدي الموهبة والمهارة؟ هل لدي الصبر؟ هل لدي الحنكة الكافية؟ ساورتني العديد من الشكوك حول قدرتي. أؤمن بأن أكبر تحدٍّ هو صراع النفس، قد يكون الشخص ذاته هو من يقف في طريق أهدافه وأحلامه. ولذا، أشدد كثيرا على هذه النقطة عندما أقدم ورش عمل وندوات حول ريادة الأعمال، وخاصة للأجيال الناشئة. لا أزال حتى الآن، أواجه تحديا فكريا ونفسيا، خاصة بعد تقديم مجموعة ناجحة، أتساءل دائما هل سوف أستطيع أن أقدم تصاميم ناجحة ومثيرة للاهتمام تحصد نجاحا مثل سابقتها أو تفوقها؟ أحاول دائما أن أتحدى نفسي لكي أصبح أفضل، وأرتقي بعملي إلى مستوى أعلى. يلي التحدي النفسي، تحديات المشروع واقعيا وعلى أرض المعركة، من حيث التمويل وإنشاء المشروع وتحقيق النجاح وجذب العملاء وتمييز العلامة والمنتجات عن غيرها. كل هذه التحديات جعلتني أبدع بحرية في تصاميمي، فهي صادرة من القلب لتعبر عن شجوني وأحلامي وآلامي ورحلاتي وفرحتي. تصاميمي مرآة للمرأة التي أنا عليها، كما أرى فيها انعكاسا من أنوثة المرأة التي سوف ترتديها، وهو أمر أعتز به كثيرا. التغلب على هذه التحديات وعلى رأسها الشعور بالتزعزع وانعدام الثقة هو بالتأكيد أول خطوة في طريق النجاح.

عقد مميز من تصميمها

ما نصيحتك للشابات المقبلات على دخول عالم تصميم المجوهرات؟

قدمت عددا من الندوات الجامعية، ولاحظت الخوف لدى الطالبات، ولذا كنت أحرص على مفهوم العمل الجاد والاجتهاد لتحقيق الإنجازات. لا يمكن تحقيق الآمال العظيمة من دون تقديم التضحيات بشكل يومي. النجاح لا يقتصر فقط على المعرفة بل يشمل العلاقات مع من حولنا، ليتسع إلى دائرتنا الاجتماعية الكبيرة ومن ثم الدائرة العالمية. لا بد أن تكون لدينا مهارات تواصل تساعدنا على تفهم الآخرين والتعامل مع مختلف الشخصيات والقدرة على إبهارهم واكتساب إعجابهم. مهنة تصميم المجوهرات ليست حسابية، هي مهارة خلاقة وإبداعية تتطلب الكثير من الحب والشغف الذي يدفعنا لتقديم عمل متقن. علينا أيضا أن نحرص على الأخلاقيات المهنية ومراعاة المصداقية التامة، لأنها تجارة تستدعي صفاء القلب والنية. علينا أن نعرف ما القصة التي نريد أن نرويها للآخرين عبر أعمالنا وعلامتنا التي قد تستغرق سنوات. أنصح الشابات بالتروي، وعدم تبذير الأموال على الشكل والتغليف دون مراعاة المنتج، أقدم هذه الوصفة من تجربتي الشخصية، فقد افتُتح المقر الرئيس لمجوهرات ياتاغان في جدة بعد عشر سنوات من إنشاء العلامة! من المهم للغاية أن تكبر المؤسسة بشكل طبيعي ومن دون ضغط لتحقيق الأرباح. لا يعني ذلك أن المال غير مهم، ولكن لا بد أن يأتي نتيجة لتقديم منتج مميز يتضمن عناصر النجاح من الحب والشغف والعمل الجاد.

تسلحتِ بعلم الأحجار الكريمة واكتسبتِ المعرفة اللازمة قبل دخولك عالم تصميم المجوهرات، ما أهمية هذا الأمر برأيك؟

لا بد أن يبدأ أي مشروع بموهبة حقيقية تصقلها المعرفة. هذه الموهبة هي الحب الذي سوف يجعل العلامة تحارب عندما تشتد الظروف والأوقات. إلا أن الموهبة لا تقوم دون العلم الذي يجعلها أقوى، فهو العماد والأساس الذي يبنى عليه المشروع. تمكننا المعرفة من تقديم تجربة أفضل للعميل بشكل واثق، وتكسبنا احترامه واحترام أنفسنا. حرصت على أن تنويع معرفتي، فدرست التصميم الغرافيكي والتصميم الداخلي وعلوم الأحجار الكريمة، كما حصلت على درجة الماجستير في الأعمال، وكنت في طريقي نحو تحصيل درجة الدكتوراه، إلى أن غيرت اتجاهي لكي أحقق حلمي بإنشاء علامة ياتاغان. أعشق مهنتي، وهذا ما يجعلني أمارسها يوميا باجتهاد من دون الشعور بأني أعمل.

تطورت مجوهرات ياتاغان من تجربة المعارض إلى الطلب عبر إنستغرام وصولا إلى افتتاح بوتيك في جدة، حدثينا عن هذه التجربة؟

بدأنا من خلال معرض بساط الريح بخطوات صغيرة، لأنني أؤمن بأن هذه هي الطريقة الصحيحة للعمل. لم أرد أن أبدأ مشروعي بقرض بنكي يشكل عبئا ماليا علي وعلى العلامة قبل أن تبدأ بشكل فعلي. ومن بعد ذلك افتتحنا ركنا صغيرا في متجر Homegrown تملكه إحدى الصديقات في جدة لمدة 4 سنوات. ومن ثم افتتحنا في دبي مكتبا ومعرضا، وكانت أحدث تطوراتنا هي افتتاح المقر الرئيس لمجوهرات ياتاغان من خلال بوتيك جدة. لانزال نتلقى الكثير من طلبات الشراء عبر إنستغرام، ولكن النمو الطبيعي للعلامة جعلها تقدم تصاميم أفخم، مثل أطقم الزفاف وخواتم الخطوبة الفاخرة التي قد لا تغطيها شركات التأمين للتوصيل. ولذا، أتت خطوة إنشاء متجر في جدة في الوقت المناسب.

ما تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في عالم الأعمال ومنتجات الرفاهية؟

تمثل مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة أساسية للترويج في عالمنا الحالي. استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي متعددة ولها جوانب مختلفة، مثل التسويق والتعريف بالعلامة والإعلام بجديد المنتج. هي وسيلة ديناميكية للتواصل اليومي والتفاعل مع العملاء والمهتمين بالعلامة. تسمح لنا هذه الوسائل بأن نجعل متابعينا جزءا من حياتنا اليومية مما له أهمية قصوى في وجود العلامة. نحن محظوظون للغاية بأن تكون لدينا هذه الوسائل الفعالة والسريعة بشكل إيجابي في عالم الأعمال. مما لا شك فيه أنها سلاح ذو حدين، وينبغي استخدامها بشكل ذكي يستوجب احترام العملاء، من دون المبالغة بإغراق المتابع بالصور والأخبار. أرى أنه من الصعوبة على أي علامة أن تنجح في هذا الوقت من دون وجودها بشكل فعال على مواقع التواصل الاجتماعي.

ما الذي يميز مجوهرات ياتاغان عن غيرها؟

ما يميز علامتنا حقيقة هو العطاء.. تجربة التعامل مع مجوهرات ياتاغان شخصية وعاطفية. أحرص على التواصل مع جميع العملاء بشكل مباشر من دون وسيط. أحب أن أقدم لهم خيارات منوعة من الرسومات خاصة في التصاميم التي تكون حسب الطلب لمختلف المناسبات مثل الزفاف والتخرج وأعياد الميلاد. أحرص على أن يشعر العميل لدينا بأنه مهم للغاية مهما كان ثمن القطعة التي يرغب في شرائها. أؤمن أيضا بأن ما يميز مجوهرات ياتاغان هو استخدام الذهب الإيطالي عالي الجودة والخطوط الواضحة والقوية والصياغة الحرفية؛ إضافة إلى أن مجموعاتنا ناعمة وعملية ويمكن ارتداؤها بشكل أنيق وفريد مع بعضها. كما نستجيب بشكل كبير لآراء العملاء، ونعمل باستمرار على تطوير منتجاتنا وخدماتنا.

كيف ترين تمكين المرأة ضمن رؤية 2030 على أرض الواقع بصفتك سيدة أعمال؟

رؤية 2030 تساند كل سيدة أعمال خاصة في المشاريع المتوسطة والصغيرة. هناك مجهود حقيقي منبثق من الرؤية ونرى انعكاسه في جميع الجهات المختصة، والتي نتج عنها إزالة العديد من المعوقات وتحقيق مزيد من النمو.

سلسلة بشكل الفراشة وخواتم متعددة الألوان

كيف كانت تجربة قيادة السيارة بالنسبة لكِ؟

تجربة قيادة السيارة كانت شائقة للغاية. احتفيت عبر مجوهرات ياتاغان بهذا القرار التاريخي عبر إطلاق مجموعة "حرية" التي صممتها على شكل فراشة متفتحة الأجنحة. تشكل الأجنحة كلمة "حرية" كما اخترت أن تكون النقطتان تحت الياء بأحجار الزمرد الأخضر الذي يرمز إلى علم المملكة العربية السعودية. كما نقشت خلف القطعة عبارة Freedom to drive .  هذا القرار جعل المرأة في ساحة الملعب، وهو إقرار بوجودها وتقدير لإمكاناتها، كما عزز لديها الاستقلالية لأداء مهامها بصفتها ابنة أو أما أو موظفة أو سيدة أعمال أو غير ذلك. تجربتي الشخصية بالسماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية جعلتني أشعر بالاكتفاء باعتباري سيدة أعمال وامرأة لديها التزامات في حياتها المهنية والشخصية. إنه قرار إيجابي ورائع ومفرح للغاية.

"الموهبة لا تقوم دون العلم الذي يجعلها أقوى"

ما أكبر طموحاتك المستقبلية؟

لدي طموحات كثيرة بصفتي امرأة وأما وابنة وأختا. أما طموحاتي في مهنتي، فهي أن أكون العلامة السعودية الأولى التي تملكها امرأة وتصل إلى العالمية. أطمح إلى أن تكون مجوهرات ياتاغان مصدر فخر للسعوديات من عملائنا سواء من حيث تجربة الشراء أو جودة المنتج أو التفرد بالتصميم. أطمح إلى أن يكون منتجي من أفضل منتجات العلامات السعودية في كبرى متاجر التسوق العالمية الفاخرة، لأني أؤمن بأنه لا ينقصنا شيء عن بقية العالم وبالإرادة والعمل والطموح نستطيع أن نثبت ذلك وأن نصل إلى غاياتنا.

3 كلمات تختمين بها هذا اللقاء.

الصبر والعمل والطموح، ولا بد أن أتممها بالاكتفاء. فالصبر هو مفتاح الفرج، والعمل المتقن هو الحياة، ومن دون الطموح لا نرتقي ولا نتطور. أما الاكتفاء، فهو أساس القناعة، لأنها كنز لا يمكن تعويضه بالمال أو الشهرة أو النجاح.

يمكنكم مشاهدة المزيد من أعمال المصممة عبر حسابها على انستقرام:  @yataghanjewellery