حمية البحر المتوسط.. النظام الغذائي الأكثر صحة على الإطلاق

الكتب التي تتحدث عن حمية البحر المتوسط وآخرها كتاب من تأليف الأمريكيتين "ماريسا كلوتيير" وإيف أدمسون" لاقت إقبالا كبيرا. فهي تقدم وصفات لطعام شهي من المغرب ومصر وسوريا ولبنان واليونان وكريت وجنوب فرنسا وجنوب إيطاليا وأسبانيا وتعد بإنخفاض في الوزن وتقليل في نسبة الإصابة بالأمراض الخطيرة وحياة صحية أكثر حيوية ونشاطا. 
 
ولعلنا نحن العرب أجدى بأن ننظر في أمر هذه الحمية ونستمتع بفوائدها فهي حمية أجداد عدد كبير من بلادنا العربية. والكثيرون ما زالوا يتمسكون بتناول الطعام التقليدي ولكن الأكثر بدأوا في التخلي عنه وتبني أسلوب الغرب وأنواع طعامه المصنع والسريع وهم لا يعلمون أنهم يتبنون في نفس الوقت مشاكله الصحية. فما هي حمية البحر المتوسط وكيف نعود إلى جذور الأجداد؟.
 
حسب الموسم
إذا ألقينا نظرة دقيقة على أهم مميزاتها نجد أنها تعتمد أساسا على كثرة تناول الفاكهة والخضروات من منتجات المواسم والمحاصيل المنتجة محليا في كل بلد في المنطقة. ويتم إستهلاكها مباشرة بعد قطافها وغالبا ما تباع محاصيل الحقول في المدن والقرى المحيطة. كل شيء يتم تناوله طازجا في موسمه كالفاصوليا الخضراء والكوسة والسبانخ والبسلة والماشروم والطماطم والباذنجان والفلفل  والبصل والشمام والتين والرمان والزيتون. كل نوع من الفاكهة أو الخضروات تقطف وتؤكل مباشرة طازجة شهية في موسمها. وتراها في الأسواق المحلية تبرق بألوانها المشرقة ورائحتها تثير الشهية وملمسها كله صلابة. ولإعتدال الطقس في البحر المتوسط فكل المواسم على مدار السنة تنتج محاصيل متنوعة من الفاكهة والخضروات. وتناولها يدخل تقريبا في كل وجبة. ولا تؤكل الخضروات على أي شكل وإنما تعد في أطباق بوصفات شهية حتى أن الكثيرين يقولون عنها أن إعدادها وتقديمها نوع من الفن.
 
والأسواق المحلية التي تبيع خضروات الموسم الطازجة تنتشر في كل مدينة وقرية.  وتناول الخضروات عند سكان البحر المتوسط ليس عشوائيا لمجرد تناول 5 قطع يوميا بناء على نصيحة الأطباء كما يفعل سكان الغرب. وإنما يحب سكان البحر المتوسط إختيار الحبات الأكثر طزاجة بأيديهم ويستمتعون بإعداد أطباق الخضروات والسلاطات بفن يشبه العشق. ويكفي للتأكد من ذلك أن ترى أطباق المزات السورية أو اللبنانية أو اليونانية.
 
غزو ماكدونالد
حمية البحر المتوسط تدخل الخضروات في كل أطباقها وطزاجتها مع الأعشاب والبهارات هو الذي يعطيها طعمها المميز ورائحتها الشهية. وكثيرا ما تأخذ محل اللحم في الوجبة الرئيسية.
 
ويعتمد الطهي على زيت الزيتون الذي يقطف ويعصر طازجا محليا. والحلو بعد الأكل غالبا فاكهة طازجة لذيذة. أما اللحوم فرغم وجودها إلا أنها كانت أقل كثيرا من الخضروات ويستهلكون منها كميات أقل من الغرب. فحلة كبيرة من الخضروات قد تجدي بداخلها بعض قطع اللحم وصينية كبيرة من البطاطس أو الخضروات في الفرن توضع فوقها سمكة أو دجاجة. ومن أهم مكونات حمية البحر المتوسط التقليدية إلى جانب كثرة الفاكهة والخضروات هو الحبوب والبذور والمكسرات والتي تعطي أطباقهم المذاق الرائع المميز والرائحة الشهية.
 
وأكثر ما يميز مطبخا في دول البحر المتوسط هو رائحة الخبز الطازج سواء كان الرغيف السميك المستدير في ريف فرنسا أو الرغيف الرقيق المقرمش في المغرب. ومعظم أنواع الخبز تضاف إليها الحبوب الصحيحة وتقدم مع كل الوجبات. ومن شرق البحر المتوسط تأتي التبولة المصنوعة من البرغل والخضروات.
 
والحبوب تشكل قاعدة هرم حمية البحر المتوسط إبتداء من الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة والمعكرونة وحبوب الإفطار والأرز والبرغل والكسكس والبولنتا وغيرها من الحبوب التي تدخل في الأطباق اليومية مع الخضروات والمكسرات مثل المعكرونة مع الفاصوليا البيضاء والأرز مع البسلة والحمص مع البرغل والعدس مع الخضروات وغير ذلك من الأطباق الشهية. ولكي تلتزمي بحمية البحر المتوسط عليك أن تضيفي المزيد من الحبوب والمكسرات إلى طعامك. خصوصا والكثير من الأبحاث ربطت بين بعض أنواع المكسرات وإنخفاض نسبة الأمراض المستعصية مثل بعض أنواع السرطانات وأمراض القلب.
 
كما أن الحبوب والخضروات غنية بالألياف التي تعمل على تقليل نسبة الإصابة بسرطان القولون وأمراض القلب وإرتفاع الكوليسترول والسكري.
 
أما الجبن فيستهلك عل شكل قطع صغيرة بكمية قليلة. ومع أن الحليب لا يشرب بكثرة كما يفعل الغربيون إلا أن اللبن الزبادي واللبنة من الأطعمة المفضلة لدي البحر أوسطيين. وهما مفيدان كثيرا للصحة خصوصا لو تم تصنيعهما من الحليب الخالي من الدسم.
 
هذا الكلام كان ساريا بالطبع في الماضي وحتى سنوات الخمسينات وقبل أن تغزو مدن بلادنا وحتى قرانا الثقافة الغربية وأسلوب التغذية الغربي بالطعام السريع من ماكدونلد وكنتاكي فرايد تشيكن.. وسوبرماركتاتها الضخمة بخضرواتها وفاكهتها العديمة الرائحة الهزيلة الشكل والشاحبة اللون والتي أفقدتها طول مدة الشحن كل فائدة غذائية.
 
كما جعلنا أسلوب الحياة العصرية السريع نتناول على الواقف أي طعام سريع دون أن نتوقف عن العمل الذي غالبا ما يكون مكتبيا يتطلب منا الجلوس بلا نشاط لساعات. أي أننا بلا إدراك أبعدتنا الحضارة العصرية عن أسلوب حياة أجدادنا ونظامهم الغذائي حتى أصبحنا أقرب إلى الغرب ليس في طعامهم فقط وإنما في أمراضهم أيضا.