دور قنوات التسويق في رفع مستوى الجودة للمشاريع الناشئة

تعتبر السوق المحلية الأداة الأكثر تأثيراً في صناعة اسم المنتج واستمراريته أو إخفاقه، إذا ما روعيت ضوابط وأسس لها صلة بطريقة تخطيط أعمدة التسويق للمنتج، وتناغمها مع معايير قنوات التسويق المتاحة للعرض والطلب. لذلك وجب على النشاطات التجارية الحديثة عمل دراسة جدوى للتسويق قبيل التفكير في طرح المنتج، لتلافي أوجه الإخفاق، فطريقة وكيفية عرض المنتج هما من أهم دعائم التسويق الناجح، لكن وبفعل حالة الاكتفاء والفائض المحلي التي تواجه معظم قطاعات الإنتاج، أصبح من الصعب جذب المستهلك لتجربة منتج جديد أو ناشئ لا يمتلك مقومات العرض المناسب أو المنافسة مع أسماء أكبر اقتحمت قبله السوق بأعوام، وأسست وجوداً وهيمنة لا يمكن الاستهانة بهما.

الغاية من طرح الموضوع هو إيجاد آلية تدعم وجود أسماء ناشئة "وطنية" داخل تلك المؤسسات التسويقية الكبيرة كوسيلة من وسائل ضمان ربح المنتجات الحديثة إذا ما أثبتت وجودها وتمكنها في الحقل المعني. من ذلك أن يُسهم في الحد من التنافس غير المرضي في فتح مشاريع صغيرة تكرر نفسها، وتعيد أخطاء مثيلاتها. فالدراسات الحديثة لوضع تلك المشاريع التي أُسست بدعم شخصي أو من قبل مؤسسات تمويل تثبت حالة من العجز عن المواصلة أو النجاح للأسباب ذاتها. فانشغال مالكي المشاريع بالبدء بمشروع أكبر حجماً من القدرة الشخصية في التخطيط والامتثال للأنظمة والقوانين ومعايير الجودة من شأنهما أن يكونا عقبة في استمراريته، ومن ثَم إفلاسه. أما إذا أعطيت الأولوية الكبرى "للجودة"، ووفرت المؤسسات ومراكز التسويق العرض المناسب ضِمن عُقود مدروسة تضمن حق الطرفين في مواصلة الشراكة الفاعلة، فهذا من شأنه أن يُعزز وجود المنتج المحلي على الأرفف بالطريقة نفسها التي تعرض فيها المنتجات الأخرى، لتبقى للمستهلك حرية الاختيار والقرار.

القطاعات الأكثر نجاحاً لتبني هذه الفكرة هي "الأغذية". فنحن نواجه في الآونة الأخيرة تواجد الفتيات بكثرة في فتح مشاريع صغيرة ذات صلة بالسكاكر والحلويات تسمى في الأغلب "Bakery shops". لكن وبغض النظر عن نوع الفكرة، فإن وجودها كان جميلاً، لأنه أبرز حُب الفتيات للإنتاج في إطار مُلون. فكانت أغلب التجارب تحدث في نطاق ضيق على سبيل التجربة، إلى أن تتمكن الفتاة من الحرفة الجديدة "في وقت الفراغ أو عند التفرغ الكلي"، لتصبح قادرة على مجاراة الطلب والعرض بصورة أكبر. وجود تلك التجارب المتواضعة أثبت قدرة الشابات على ابتكار أساليب وطرق جديدة في صناعة المنتج وعرضه قد تكون البديل الحتمي والجديد للمنتجات المستهلكة، أو قد تٌوجِد حلقة من التناغم الدولي بين المنتجات إذا ما اكتسبت تلك المنتجات صِبغة أو طابع الآخر. فيجب ألا يُستهان بالبدايات وأن يعُطى الوقت الكافي للنظر في تفاصيل النشأة وتوثيق العلاقة في ما بين المُنتَج وصاحب الفكرة، لضمان استمراريته ونجاحه.

يأتي هنا دور الغرف التجارية في إيجاد آلية لدمج المنشآت الصغيرة الوطنية، بالمشاركة والوجود في أكبر المراكز التسويقية كوسيلة لدعم تلك المشاريع وتعريف المستهلك بها. فهل تعتقدين أن وجود تلك الفرص من شأنه أن يضمن فرصة الصغير باللحاق بركب الأعمال، في حال أثبت الجودة والتميز؟ وهل من شأن تلك الفرص أن تهيئ الناشئ لفهم سوق العمل، ومن ثَم التطوير والمنافسة، بدل الانطواء والعزلة خلف أسوار الملكية الفردية الركيكة، التي لن تزيد من سماكة قطعة الحلوى؟ خيار من واختيار من؟