رمضان في تونس.. خطوبات وأناشيد

تكاد تتفق العادات في الدول العربية في شهر رمضان المبارك تقريبا، وأهم ما يميزها الفرحة المشتركة واللمة الأسرية طوال الشهر الكريم، بالإضافة إلى التزاور والعزومات والسهرات المستمرة حتى السحور، وهذا الذي قلناه هنا على صفحات "هي" عن مكة المكرمة وأبوظبي ودبي وبيروت وغيرها من الدول والمدون الأخرى، ينسحب تماما على تونس الخضراء.
 
ويبدأ التونسيون الاستعداد لشهر رمضان قبل قدومه، حيث تنشط الأسواق ويغدو الليل كالنهار كله حركة وحياة، ويتميز الشهر المبارك بعادات كثيرة، منها إقامة مواكب الخطبة بالنسبة للفتيات، وتقديم الهدايا ليلة 27 رمضان، وتسمى "الموسم" للّواتي تمت خطبتهن.
 
وتحتفل بعض العائلات في ليلة القدر بختان أطفالها بتنظيم سهرات دينية تحييها فرق السلامية إلى حدود موعد السحور، الذي كان يعلن عنه وما زال "بو طبيلة "، والسلامية مجموعة من المغنيين ينشدون على ضربات الدف أدوارً تمجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والأولياء الصالحين.
 
ولمائدة الإفطار في تونس طعم آخر، تبدأ من ليلة دخوله التي يطلق عليها "ليلة القرش"، ويهيأ عادة إما طبق "الرفيسة" المكوَّن من الرز المطبوخ بالتمر والزبيب أو المدموجة، وهي ورقة من العجين المقلي مفتتة ومحشوة بالتمر والسكر، كما تحضر العصيدة بالدقيق والعسل والسمن، أو الفطائر بالزبيب.
 
وتأخذ مائدة الإفطار صبغة خاصة، ومن أشهى المأكولات طبق البريك الذي يتصدر المائدة في كل البيوت، وهو عبارة عن نوع من الفطائر تصنع من أوراق الجلاش، وتتشابه مع السمبوسة، ولكنها فطائر كبيرة الحجم تُحشى بالدجاج أو اللحم مع إضافة البصل والبقدونس المفروم والبطاطا.
 
ومن الأطباق الأخرى الشعبية "الطواجن" بأنواعها المختلفة، أما السلطة فلها أنواع كثيرة ويتم تقسيمها إلى سلطة مشوية وسلطة نيئة.
 
ومن العادات البارزة اعتناء أصحاب المخابز بتنويع أصناف وأشكال الخبز، كما تغير أكثر المحلات من بضاعتها لتعرض مواد غذائية خاصة بهذا الشهر مثل الملسوقة وهي ورقة من العجين تستعمل لتحضير البريك والحلويات، ويقدم بعد الإفطار الشاي بالصنوبر والشاي الأخضر المنعنع والقهوة المطحونة، وتختص الأحياء العريقة ببيع نوع من الحلويات التقليدية التي تعرف بها تونس ومنها "الزلابية" و"المخارق".
 
وتشدو ليالي رمضان بالموسيقى والإنشاد الديني والطرق الصوفية باعتبارها أحد الروافد البارزة للتراث الموسيقي التونسي، حيث تتميز العديد من السهرات الرمضانية بإقامة حلقات الإنشاد الديني والمدائح والأذكار، ويعد مهرجان الموسيقى الروحية من أهم التظاهرات الصوفية خلال رمضان، حيث يهدف المهرجان إلى مواكبة الأجواء الدينية الخاشعة التي ترافق هذا الشهر الكريم، وخلق تقاليد جديدة لدى الجمهور الذي يتابع عروضه عبر اكتشاف تجارب وأنماط موسيقية مختلفة من دول عدة.