كيف نصيغ حقبة جديدة لرائدات الأعمال والقياديات؟

القيادة بنعومة وذكاء: كيف نصيغ حقبة جديدة لرائدات الأعمال والقياديات؟

عبد الرحمن الحاج
31 ديسمبر 2025

نحن نعيش في زمن لم تعد فيه القيادة النسائية مجرد إضافة لطيفة لمجالس الإدارة، بل أصبحت ضرورة وجودية لاستمرارية المؤسسات ونجاحها، لقد تطورت التطلعات، وأصبح لدى الشابات الصغيرات اليوم نماذج نسائية ملهمة في شتى المجالات، ومع ذلك، لا يزال هناك سقف زجاجي غير مرئي يعيق الوصول الكامل، ناتجاً عن سياسات وطرق تفكير عفا عليها الزمن، آن الأوان لتركها خلفنا والعبور نحو رؤية أكثر شمولاً واتساقاً مع متطلبات العصر.

إن مفهوم "تمكين المرأة" ليس مجرد شعار يرفع في الثامن من مارس من كل عام، بل هو عملية بناء دؤوبة تهدف لسد الثغرات في القيادة، والتحول من مفهوم "المساواة" إلى "الإنصاف"، وإليكِ هذه الاستراتيجيات لإعداد الجيل القادم من القائدات بلمسة إنسانية وعلمية:

رائدات الأعمال والقياديات
رائدات الأعمال والقياديات
  1. اكتشاف القوى العظمى الكامنة

كل امرأة تحمل في داخلها قوة خارقة فريدة؛ قد تكون حدساً تقنياً عالياً، أو مهارة استثنائية في بناء العلاقات، أو قدرة على توسيع نطاق الأعمال في أصعب الظروف، التحدي الحقيقي يكمن في إقناع المرأة نفسها بأن مهاراتها الفطرية هي مفتاح نجاح الشركة، بدلاً من محاكاة النموذج الذكوري في الإدارة، يجب تشجيع القائدات على استخدام أدواتهن الخاصة لكسر الحواجز ودفع عجلة النمو.

  1. هندسة ثقافة الانتماء والأمان النفسي

الإنتاجية لا تولد من الضغط، بل من الشعور بالانتماء، لكي تبدع المرأة، يجب أن تشعر بأن صوتها مسموع وآراءها مقدرة، إن خلق ثقافة تقدر التعاطف في القيادة ليس ضعفاً، بل هو أسمى أنواع الذكاء الإداري، المؤسسات الملهمة هي التي تقدم أجراً عادلاً، وتدعم التوازن بين المكتب والعمل الهجين، وتعي تماماً أن المرأة التي تشعر بالأمان النفسي ستقدم ضعف طاقتها المعتادة.

 الشعور بالانتماء
الشعور بالانتماء
  1. التنوع في مجالس الإدارة: أرقام بحاجة إلى تغيير

تشير الدراسات مثل دراسة Himforher.org إلى أرقام صادمة، فما يقرب من 40% من الشركات الخاصة عالية النمو تفتقر تماماً للعنصر النسائي في مجالس إدارتها، والمفارقة المضحكة المبكية هي أن عدد أعضاء المجالس الذين يحملون اسماً معيناً، قد يتجاوز أحياناً عدد النساء ذوات في نفس القطاع، الحل يكمن في الخروج عن الدوائر الشخصية الضيقة للرؤساء التنفيذيين، والبحث عن الكفاءات خارج شبكة المعارف التقليدية، وتحديد مجموعات المهارات المفقودة التي يمكن للمرأة سدها بذكاء واحترافية.

  1. لغة القيادة: أدوات التواصل المعاصر

القيادة هي تواصل في المقام الأول، يجب تزويد القائدات الجدد بلغة شاملة ومتطورة، بعيداً عن المصطلحات الجامدة، إن تعليم اللغة المحترمة والمنمقة في بيئة العمل يعزز من ثقافة الشمول، هذا يتضمن فهم الضمائر واختيار الكلمات التي توحد الفريق ولا تقسمه، مما يبني جسوراً من الثقة المتبادلة بين القائدة وفريقها.

أدوات التواصل المعاصر
أدوات التواصل المعاصر
  1. تكييف الوظيفة مع المرأة.. وليس العكس

من أكبر أخطاء السياسات القديمة هي مطالبة المرأة بالتحول إلى قالب معين لتناسب الوظيفة، في كتابها الملهم "عندما تقود النساء"، توضح جوليا بورستين كيف أن خصائص مثل الضعف الإنساني والامتنان التي كان ينظر إليها قديماً كنقاط ضعف، هي في الحقيقة قوى عظمى حيوية، القيادة الحديثة هي التي تعيد تصميم الدور الوظيفي ليتناسب مع احتياجات المرأة المرنة ومهاراتها الشخصية الفائقة.

  1. صناعة الهوية العامة والظهور الإعلامي

لا يكفي أن تكوني ناجحة خلف الأبواب المغلقة، القيادة تتطلب حضوراً يجب تشجيع النساء على المشاركة في البودكاست، والندوات، والمقاطع الإعلامية، إن بناء علاقات عامة قوية للمرأة ليس نوعاً من الغرور، بل هو وسيلة لإلهام أخريات ولتوسيع دائرة التأثير على كافة المستويات المهنية.

يجب تشجيع النساء على المشاركة في البودكاست
يجب تشجيع النساء على المشاركة في البودكاست
  1. الإرشاد: زرع الشغف خارج حدود الوظيفة

برامج الإرشاد هي الروح التي تحرك المؤسسات، يجب السماح للنساء بتعليق مهامهن اليومية الروتينية لبعض الوقت من أجل التعلم والتطور، الإرشاد متعدد الوظائف يتيح للمرأة بناء شبكة علاقات واسعة ويشعرها بأنها جزء من نسيج أكبر، مما يزرع فيها شغفاً يتجاوز مجرد أداء المهمات إلى تحقيق "أهداف ممتدة" وطموحة.

  1. حتمية التنوع كرافعة للنجاح المالي

التنوع ليس مجرد فعل خير، بل هو قرار تجاري ذكي، التجارب أثبتت أن توظيف النساء في المناصب التقنية ووضع خطة للمساواة بين الجنسين أدى إلى قفزة في الإنتاجية، هذا النجاح أسكت الأصوات التي كانت تشكك في قدرة المرأة على قيادة قطاعات التكنولوجيا المعقدة، وأثبت أن سد فجوة الأجور والتكنولوجيا هو أسرع طريق للنمو الاقتصادي.

قدرة المرأة على قيادة قطاعات التكنولوجيا المعقدة
قدرة المرأة على قيادة قطاعات التكنولوجيا المعقدة

بصمة "هي":

إن القيادة في عام 2026 وما بعده تتطلب قلباً بقدر ما تتطلب عقلاً، للمرأة السعودية والعربية اليوم دور محوري في رسم هذه الملامح، حيث تدمج بين أصالة قيمها وبين تطلعاتها العالمية، لتثبت أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على "البدء من جديد" بكل وعي وتصميم.