خاص "هي" رسالة مهرجان البحر الأحمر:"7 قمم".. رحلة بدر الشيباني من جبل أُحد لقمة إيفرست
لبطل الفيلم قصة وللفيلم نفسه قصة أخرى، هكذا يمكن أن نصف شريط "7 قمم" أحد الأفلام الوثائقية البارزة في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي والتي انطلقت الخميس الماضي في جدة، الفيلم يعرض ضمن برنامج السينما السعودية الجديدة وبطله هو المغامر السعودي الأبرز بدر الشيباني الذي نجح في تحدى "7 قمم" أي صعود أعلى قمة في كل قارة .
محاضرة تحفيزية ..نقطة تحول
قصة البطل ربما تكون معروفة لمن يتابعه خلال السنوات العشر الأخيرة، بداية من كونه أول سعودي يحمل الشعلة الأولمبية في أولمبياد لندن 2012، وصولا لتعرضه لإصابة كادت تبعده عن ممارسة الرياضة عامين، ثم انتفاضته الشخصية في 2014 بعد محاضرة تحفيزية تكلم خلالها المتحدث عن أهمية الخروج من دائرة الراحة، وبدعم من زوجته بدأ في رحلة تسلق الجبال عاما تلو الأخر منطلقا من كونه تعود تسلق جبل أحد باعتباره في الأساس من أبناء المدينة المنورة.
هذا عن الشيباني، لكن الفيلم نفسه والذي وقعه أمير الشناوي أحد أنشط مخرجي الوثائقيات في السنوات العشر الأخيرة له قصة أخرى، مغامرات التسلق بدأت فعليا عام 2015 وكادت تتواصل سنويا لولا جائحة كوفيد 19، وقتها كان الشيباني قد صعد إلى خمس قمم فعلا وتبقت إثنتين أحدهما هي قمة الموت، إيفرست في نيبال، حيث سقف العالم، ليقرر بدر وقتها أن يوثق الرحلة المخيفة لحظة بلحظة.
الجندي المعلوم ..مصور برازيلي
في كل ما سبق لم يكن مشروع الفيلم نفسه قد تشكل، استعان بدر الشيباني بالمصور البرازيلي "جبرايل" والذي وصفه في ندوة بعد الفيلم بأنه صعد القمة خمس مرات بينما صعدها بدر مرة، كونه قام بتصويره من كل الزوايا مستخدما كل أنواع الكاميرات المتاحة في تلك الظروف العصيبة، تلا ذلك القمة السابعة في أمريكا الجنوبية، وبعدها وضع بين يدي أمير الشناوي خمسين ساعة من التسجيلات لينتج عنها شريط مدته 85 دقيقة.
برع الشناوي في صياغة الحكاية، وبدأها من السعودية ومن لقاءات مع والد بدر وأصدقاءه وشركاء الرحلة وأبناؤه الثلاثة، يتحدثون عنه، يصفون شخصيته، وهو معهم يتكلم عن كيف بدأ الحلم، ثم تدريجيا دخلنا في الرحلة الأصعب، قدمها الشناوي بأسلوب جذاب يؤدي مهمتين، الأولى قصة بدر نفسه، والثانية تصلح لأن تكون قصة يشاهدها كل من يريد أن يعرف كيف يتسلق الناس إيفرست .
إلهام متعدد المستويات
جاء الفيلم ملهما على أكثر من مستوى، الأساسي بالطبع هو ماذا يفعل المغامر بالتحديد، كيف يستعد وماذا يواجه وبأي وسائل يتفادى الموت المحيط بالكل فوق تلك الجبال العابسة، المستوى الثاني والأهم نفسي ، وهو كيف تغير التجربة من الإنسان، الذي يهبط من الجبل شخصا أخر غير الذي صعد، بجانب ما سبق كان الشيباني حريصا وهو بين أهالي نيبال وسط ثلوج إيفرست على تأكيد احترام الثقافات المختلفة والأديان المغايرة التي جمعت الناس ولم تفرقهم أمام تحدي واحد، العودة من المغامرة أحياء.
بانتهاء عرض الفيلم في قاعة سينما 1 بميدان الثقافة بجدة التاريخية شعر الحاضرون وكأنهم يشاركون الشيباني لحظته التاريخية، رغم أنه صعد إيفرست في 2022، لكن الشريط نجح في أن يجسد الحالة وكأنها حدثت بالأمس، تفاعل الحاضرون مع اللحظات الصعبة، وحمدوا الله كما بدر على نعمة السرير والماء الدافئ عندما اضطر للعودة للحضارة – على حد قوله- لعد أيام حتى يتغير مزاج الجبل ويسمح لهم بالعودة من جديد.
حسب رؤى المدني منتجة الفيلم سيقوم الشيباني بجولة داخل المملكة العربية السعودية وأخرى خارجها لعرض الفيلم الذي تمنى صناعه أن لا يكون ملهما فقط لمحبي المغامرات وتسلق الجبال ولكن لكل انسان يريد اعادة اكتشاف نفسه وقدراته والخروج من دائرة الراحة إلى الحياة بكل ما في أفاقها من اتساع.
