شمّة الفلاحي، الشريكة ورئيسة قسم الضرائب في شركة BSA LAW

في عيد الإتحاد: شمّة الفلاحي تروي كيف شكّلت الإمارات مسيرتها ومبادئ قيادتها

جويل تامر

بمناسبة عيد الإتحاد، نفتح في هذا الحوار نافذة على واحدة من أبرز الوجوه الإماراتية التي تجسّد روح التمكين والمعرفة والطموح: شمّة الفلاحي، الشريكة ورئيسة قسم الضرائب في BSA LAW، وواحدة من القيادات النسائية التي استطاعت أن تترك بصمة واضحة في قطاع يُعدّ من أكثر القطاعات تعقيدًا وحساسية في الاقتصاد الإماراتي.
انطلقت شمّة في مسيرتها المهنية من داخل الهيئة الاتحادية للضرائب، حيث شاركت في إدارة الإقرارات والمدفوعات الضريبية، لتكتسب خبرة نوعية في قلب المنظومة التشريعية والتنظيمية للدولة. واليوم، تقود فريق الضرائب في مكتب BSA LAW في دبي، مقدّمة حلولاً استراتيجية لعملاء محليين ودوليين، وممثّلة نموذجًا للقيادة الهادئة التي تجمع بين المعرفة العميقة والالتزام الوطني.
في هذا اللقاء، تتحدث شمّة عن معنى اليوم الوطني بالنسبة لها، عن المرأة الإماراتية ودورها القيادي في المنظومة القانونية والمالية، وعن الهوية الإماراتية التي تراها "بوصلة" لأسلوب قيادتها. كما نتطرق معها إلى التحديات التي واجهتها كامرأة في قطاع عالمي شديد التخصص، وكيف حولت تلك التحديات إلى قوة دافعة ومسار مهني مشرق.
من الإرشاد المهني، إلى تمكين الشباب، إلى الحفاظ على إرث الدولة في الابتكار والجرأة، تشارك شمّة رؤى عميقة تتجاوز حدود مهنتها، لتلامس جوهر الروح الإماراتية التي جعلت من الدولة نموذجًا عالميًا في الحوكمة والتطور.

في يوم تتجدد فيه معاني العزيمة والانتماء، نحاور شخصية تجسد تلك العزيمة بكل تفاصيلها… شمّة الفلاحي، المرأة التي ترى أن قيادة المستقبل تبدأ من الإخلاص، وأن الإمارات كانت وما زالت وطنًا يبنيه إيمان أبنائه قبل أي شيء آخر.
بمناسبة عيد الإتحاد، ماذا تمثّل لكِ هذه المناسبة على الصعيدين الشخصي والمهني؟
اليوم الوطني بالنسبة لي ليس مجرد ذكرى تأسيس، بل هو لحظة تأمل في رحلة وطن وُلد من رؤية، ونما بإرادة، ونهض بعزم قيادته وشعبه. وهو أيضًا مناسبة نستحضر فيها بصمات شخصيات صنعت وجدان هذا الوطن، وفي مقدمتهم سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، التي رسّخت فينا قيمة العطاء والإيمان بدور المرأة في بناء الدولة الحديثة.
 على المستوى الشخصي، أشعر في هذا اليوم بامتنان عميق لكل ما منحني إياه هذا الوطن من فرص ومساحات للتميز. أما مهنيًا، فأحمله معي كمسؤولية ، وأدرك أن كل قرار وكل رأي مهني هو انعكاس لصورة الإمارات التي نؤمن بها: دولة القانون، والشفافية، والطموح الذي لا يقف عند حد.


 كيف ترين تطور دور المرأة الإماراتية ضمن التحولات الوطنية في القانون والمالية والحوكمة؟
دور المرأة الإماراتية لم يعد دورًا مُكمّلًا؛ بل أصبح دورًا قياديًا وصانعًا للقرار. نحن نشهد اليوم نساءً إماراتيات يقُدن قطاعات اقتصادية وتقنية وتشريعية كانت يومًا ما حكرًا على الرجال. 
التحول الحقيقي هو أن المجتمع نفسه أصبح يرى المرأة كشريك معرفي، وصوت مهني، وركيزة في بناء المستقبل. هذا ليس صدفة، بل ثمرة رؤية قيادة آمنت بأن تمكين المرأة هو تمكين للوطن بأكمله.

 كيف تشكّل هويتك الإماراتية أسلوب قيادتك ونهجك في مجال عالمي عالي التخصص مثل الضرائب؟
هويتي الإماراتية هي بوصلة قيادتي. علمتني القيم التي تربيت عليها كالاحترام، الالتزام، والحرص على الأمانة أن القيادة ليست سلطة، بل تأثير.
 في مجال معقّد كالضرائب، أجد أن الجمع بين الجذور الراسخة والانفتاح على العالم يصنع توازنًا مهمًا: أن أكون حاسمة دون قسوة، واضحة دون تعقيد، وقادرة على بناء جسور معرفية بين الثقافات والأنظمة القانونية المختلفة.
أقود بفكرة أننا لا نمثل أنفسنا فقط… نحن نمثل وطنًا تعوّد أن يرتقي بكل خطوة مهما كانت صغيرة.


ما أبرز التحديات التي واجهتها كامرأة إماراتية في مجال تخصصي مثل الضرائب؟ وكيف حولتِ تلك التحديات إلى نقاط قوة؟
كان التحدي الأول أن أُسمِع صوتي في طاولة يعلو فيها ضجيج الخبراء الدولين. اخترت أن أدرس أكثر، أن أستمع أكثر، وأن أتحدث حين يكون للكلمة وزن لا يمكن تجاهله. تعلمت أن الخبرة تُكتسب، والمعرفة تُبنى، والثقة تُنتزع بالعمل الجاد لا بالمظاهر. حولتُ تلك التحديات إلى دافع لأتعمق أكثر وأترك عملي يتحدث عني قبل أن أفعل أنا.


ما نصيحتك للجيل الجديد، خصوصًا النساء، ممن يطمحن للقيادة في مجالات الاقتصاد والقانون والحوكمة؟
أن يؤمنوا بأن الطموح لا يُمنَح، بل يُصنع. أن لا يستعجلوا النتائج، وأن يدركوا أن النجاح ليس لحظة بل مسار طويل من الانضباط والتطوير المستمر. وأن يتذكروا دائمًا أن الثقة لا تعني الصوت العالي، بل الثبات على المبادئ و القيم حتى في أصعب اللحظات.


ما أهمية الإرشاد المهني في تمكين الشباب الإماراتي؟ وهل ترين ثقافة مشاركة المعرفة تنمو في مجالك؟
الإرشاد المهني هو اختصار للمسافة بين الحلم وتحقيقه. هناك تجارب لا تُدرّس، بل تُروى؛ وقصص لا تُكتب، بل تُنقل. 
هو واجب وطني و أرى ثقافة جميلة تتنامى في المجتمع المهني الإماراتي... جيل من الخبراء مستعد لتمرير المعرفة، ويدرك أن القيمة الحقيقية ليست في الاحتفاظ بالمعلومة، بل في مشاركتها لبناء جيل أقوى و إيمانًا بأن الوطن يكبر حين تكبر عقول أبنائه.


ما المهارات والقيم التي يجب على الإماراتيين ترسيخها للمحافظة على إرث الدولة في الابتكار والريادة؟
لدينا إرث قائم على الجرأة في اتخاذ القرار، وعلى احترام العلم، وعلى الإيمان بأن المستحيل مجرد بداية لشيء أكبر. 
المهارات التي يحتاجها الجيل اليوم هي التفكير التحليلي، الإلمام بالتقنية، وقدرة على العمل في بيئات متعددة الثقافات دون أن يفقد ثباته. يحتاج أيضًا إلى مرونة تشبه نخيل الإمارات… تنحني للرياح، لكنها لا تنكسر..
 أما القيمة الأهم فهي الإخلاص .. إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، وإخلاص العمل للوطن. فالأمم لا يرفعها علمٌ بلا عمل، ولا طموح بلا صدق..


 ما أكثر ما يلهمك في الاتجاه الذي تسير نحوه الإمارات اجتماعيًا واقتصاديًا وعالميًا؟
يلهمني أننا دولة تجمع بين الذاكرة والحلم.. نبني ناطحات السحاب دون أن نبتعد عن جذورنا ، ونخاطب العالم بلغاته دون أن نفقد دفء لهجتنا.
 نتحرك بثقة نحو اقتصاد معرفي، ونفتح أبوابنا للعالم، ونبني بيئة تشريعية تُعد نموذجًا يُحتذى به. كل يوم أشعر أن الإمارات لا تتقدم فقط… بل تُقدّم نموذجًا جديدًا للعالم عن معنى النهضة الحديثة.


 إذا طُلب منك وصف روح الإمارات بكلمة واحدة، ماذا ستكون؟ ولماذا؟
الكلمة هي: "العزيمة".
لأن الإمارات لم تُبنَ على النفط وحده كما يعتقد الكثير، بل على عزيمة رجال ونساء آمنوا بأنهم قادرون على صنع وطن يفوق أحلامهم.
 هذه الروح ما زالت تسري فينا اليوم… وتدفعنا لنكون أفضل مما كنا عليه أمس.