خاص لـ"هي": الفنانة الكويتية منيرة الشامي… بين صوت الحركة وصورة الهوية

خاص لـ"هي": الفنانة الكويتية منيرة الشامي… بين صوت الحركة وصورة الهوية

رهف القنيبط
23 أكتوبر 2025

في مشهدٍ جمع بين التراث والأداء المعاصر، لفتت المخرجة إبداعية وفنانة الوسائط المتعددة الكويتية منيرة عادل الشامي الأنظار خلال افتتاح عرض أزياء العلامة السعودية Abadia في أسبوع الأزياء في الرياض 2025، حين قدمت رقصة السامري بأسلوب بصري جديد أعاد تعريف العلاقة بين الجسد، والهوية، والموضة.

تُجسّد منيرة في أعمالها حوارًا مستمرًا بين التراث الخليجي والفنون المعاصرة. درست في الجامعة الأميركية في الشارقة وتخصّصت في فن الوسائط المتعددة وإدارة التصميم والاقتصاد الإبداعي، لتبني مسيرة تمتد بين التصميم والإنتاج الفني والعروض الأدائية.

من خلال مشاريعها مع مؤسسات رائدة مثل زين وبيت السدو، وأعمالها التي عُرضت في معارض مثل Sikka Art Fair وAbu Dhabi Film Festival، طوّرت منيرة رؤية فنية تمزج الجسد بالحكاية، والحركة بالهوية. 

منيرة عادل
 تقول منيرة: “الحركة بالنسبة لي ترجمة بصرية تُستخدم لسرد رواية أو لنشر ثقافة. أستعين بها للتعبير عن المشاعر والبيئة المحيطة في الوقت نفسه.”

في هذا الحوار، تتحدث منيرة عن بداياتها، وعن رؤيتها للفن الخليجي، وتجربتها في عرضي “فرقة ميامي” و”افتتاحها لعرض أزياء Abadia”، وعن الخطوات القادمة في مسيرتها الفنية.

البدايات الأولى

تقول منيرة: “كان شغفي بالاحتفاليات واللعب الشعبي منذ طفولتي. نشأت في عائلة محبة للفرح، كنا نحتفل بكل مناسبة، صغيرة كانت أو كبيرة. كان محيطي مليئًا بالحركة والطاقة الإيجابية.”
وتتابع: “مارست فن الحركة كهواية في البداية، ثم قادني عملي في الإنتاج الفني والتصميم إلى التعرف على عدد من المخرجين، فبدأت بأدوار بسيطة في الإعلانات الوطنية، إلى أن جاءتني فرصة المشاركة في مشاريع أكبر مثل حفلة فرقة ميامي والأغنية الوطنية لشركة زين مع الأستاذة سناء الخراز. وحين رأيت القبول الإيجابي من الجمهور، قررت أن أستمر في هذا الطريق.”

الجسد كوسيط فني

ترى منيرة أن الحركة وسيلة للتعبير وليست غاية بحد ذاتها، فتقول: “الحركة بالنسبة لي ترجمة بصرية تُستخدم لسرد رواية أو لنشر ثقافة. أستعين بها للتعبير عن المشاعر والبيئة المحيطة في الوقت نفسه.”
وتوضح: “في رقصة السامري، يشبه التمايل حركة البحر والهواء، بينما يرمز الدوران إلى المشاعر الحزينة، ويعبّر التقدّم والتراجع في الساحة عن الانتظار والرحيل.”

مناير عادل
أداء منيرة عادل خلال حفلة فرقة ميامي في الكويت

وتربط بين الحركة والنسيج بقولها: “كما في فن النسيج، يُمثّل حجم القطعة المحيط، وتشكل النقوش تعبيرًا عن المشاعر والإرث، أما الألوان والصوف فتعكسان البيئة التي نعيش فيها.”

من بيت السدو إلى العروض الدولية

تعتبر منيرة أن انتقالها بين مساحات فنية مختلفة ساعدها على إعادة اكتشاف الهوية الخليجية بعمق جديد، فتقول: “أدركت أننا نملك كنوزًا فنية وثقافية لا تنضب. حتى لو أقمنا عروضًا فنية كل أسبوع، سيظل لدينا المزيد لنقدمه. هذا الإرث مصدر إلهام وتشجيع دائم لمواصلة العمل والإنتاج والتوثيق.”

الرابط بين الفنون

تقول منيرة: “ما يجمع بين جميع الفنون هو الحب للثقافة والمحيط. الجمال في الاختلاف بين الأعمال الفنية، فكل فنان يعبّر عن أفكاره بطريقته الخاصة، وهذا التنوع يغذي الإبداع ويفتح آفاقًا جديدة أمام الفنانين الشباب.”

منيرة عادل
منيرة الشامي مع أحد أعمالها الفنية الذي يمزج الفن بالتراث

تحوّل المشهد الخليجي

تؤمن منيرة أن التكنولوجيا غيّرت وجه الفن الخليجي المعاصر، فتقول: “توفّرت اليوم أدوات كثيرة تُمكّن الفنان من الوصول إلى العالمية بسهولة. لم تعد اللغة أو السفر عائقًا أمام الانتشار.”
وتضيف: “أعيش اليوم بين الكويت ولندن، وقد شاركت في معارض هناك، واستطعت أن أعرّف الجمهور الغربي على الفنون الخليجية، وفي المقابل قدمت لأبناء منطقتي وسائط فنية جديدة مستوحاة من التجربة الغربية.”

رقصة في حفلة فرقة ميامي: السامري في سياق معاصر

خاضت منيرة تجربة حية بالرقص السامري في حفلة فرقة ميامي الكويتية حيث توضح منيرة قائلة: “كان المطلوب تقديم رقصة السامري بأسلوب معاصر، بحيث تمتزج الأصالة بالتجديد. صممنا لوحة تجمع بين السامري والخماري والأداء الاستعراضي لتجسيد القصة وتوزيع الحركة على مساحة المسرح بشكل متوازن.”

في عرض أزياء Abadia.. المرأة كلوحة

أما في افتتاحها لعرض أزياء العلامة السعودية Abadia تتحدث منيرة عن الاختلاف بين التجربتين فتقول: “في عرض فرقة ميامي كنت جزءًا من لوحة كبيرة تضم الفرقة والأوركسترا والعناصر البصرية، أما في عرض أباديا فكانت اللوحة بأكملها تتمحور حول امرأة واحدة، لذلك كان عليّ أن أجعل كل حركة وكل تعبير مدروسًا بدقة.”

منيرة عادل
تقول منيرة:“بعد انتهاء الأداء، شعرت كأنني عدت فجأة إلى الواقع بعد تجربة مكثفة."

وفي العرض تشرح منيرة كيفية تحقيق التوازن بين الرمزية الشعبية وروح الموضة قائلة: “كان هدفي إبراز القطعة الملبوسة من خلال الحركة. دمجت الثبات بالإيقاع، وأضفت الدورات لتُعرض القطعة من جميع الزوايا. وبما أنني ارتديت الزي التقليدي، جاءت الخطوات الأصلية للسامري بشكل طبيعي داخل الأداء.”

وأما عن لحظة انتهاء العرض تقول منيرة: “بعد انتهاء الأداء، شعرت كأنني عدت فجأة إلى الواقع بعد تجربة مكثفة. كان شعورًا غريبًا يجمع بين الهدوء والامتلاء، بين الانتهاء والاستمرار في الوقت نفسه.”

نحو مشروع جديد

تختم منيرة حديثها بقولها: “بعد تجربتي في ميامي وأباديا، انفتحت أمامي مسارات جديدة. اكتشفت عالم الأزياء كمساحة فنية قريبة من الجسد والثقافة، وبدأت العمل على مشروع يجمع بين الفنون الثقافية والتكنولوجيا والأزياء في تجربة واحدة ستُقدَّم في الخليج، وأسعى لأن تصل إلى العالمية.”