نصائح أطباء الجلد لدعم البشرة الحساسة خلال العلاج من سرطان الثدي
خلال رحلة علاج سرطان الثدي، تمر المرأة بتغيّرات جسدية ونفسية عميقة، لا تقتصر على تأثير العلاج في الخلايا السرطانية فحسب، بل تمتد لتشمل بشرتها وشعرها وأظافرها أيضاً. فالعلاجات الكيميائية والإشعاعية والهرمونية تؤثر بشكل مباشر على الجلد، فتجعله أكثر جفافاً، هشاشة، وحساسية تجاه أي مؤثر خارجي. وهنا، تبرز أهمية دور طبيب الجلد في توجيه المريضة إلى روتين عناية خاص ولطيف، يحافظ على توازن البشرة ويحميها من الالتهابات والمضاعفات المحتملة.
فالعناية بالبشرة خلال هذه المرحلة لا تُعد ترفاً تجميلياً، بل هي جزء من عملية الشفاء الشامل، تساعد المرأة على الشعور بالراحة والثقة، وتمنحها إحساساً بالاستقرار الجسدي والنفسي رغم التحديات اليومية التي تواجهها. جمعنا لك نصائح أطباء الجلد بشكل عام لدعم البشرة الحساسة خلال العلاج من سرطان الثدي:

فهم التغيّرات التي تصيب البشرة خلال العلاج
كل نوع من العلاجات المستخدمة في مكافحة سرطان الثدي يترك بصمته الخاصة على البشرة:
- العلاج الكيميائي يُضعف الخلايا المتجددة، مما يؤدي إلى فقدان الرطوبة الطبيعية، وظهور الجفاف المفرط، والقشور، وأحياناً الحكة.

- العلاج الإشعاعي يسبب ما يشبه “حروق الشمس” في المنطقة المعالجة، مع احمرار، تورم، وشعور بالحرقة أو الشد.
- العلاج الهرموني يؤدي إلى تقلبات في إفراز الزيوت الطبيعية، ما يجعل الجلد باهتاً وأقل مرونة.
ويشير الأطباء إلى أن هذه الأعراض طبيعية ومؤقتة، لكنها تتطلب اهتماماً يومياً خاصاً لتفادي تفاقمها أو تحولها إلى التهابات أو عدوى جلدية.
التنظيف اللطيف هو الخطوة الأولى لحماية الحاجز الجلدي
ينصح أطباء الجلد بالابتعاد عن أي غسول يحتوي على عطور أو مواد رغوية قوية. فهذه العناصر قد تُضعف الحاجز الواقي للبشرة وتزيد من حساسيتها، بالمقابل:
- اختاري منظفاً بتركيبة كريمية أو حليبية (Milk Cleanser) يحتوي على مكونات مهدئة مثل الشوفان الغروي، النياسيناميد، أو السيراميدات.
- استخدمي ماء فاتر بدلاً من الساخن، لأنه يحافظ على الزيوت الطبيعية التي تفرزها البشرة.
- بعد الغسل، جففي بشرتك بلطف بمنشفة قطنية ناعمة عبر التربيت وليس الفرك، للحفاظ على تماسك الطبقة السطحية.
ويشدد الأطباء على أهمية تجنّب التقشير الكيميائي أو الميكانيكي تماماً خلال فترة العلاج، لأن البشرة تكون أكثر هشاشة ولا تتحمل أي تهييج إضافي.
الترطيب العميق
البشرة الحساسة تحتاج إلى عناية مستمرة بالترطيب، ليس فقط بعد التنظيف بل على مدار اليوم.
- يُفضل استخدام كريمات تحتوي على الهيالورونيك أسيد، الغليسيرين، والسيراميدات، لأنها تعزز احتباس الرطوبة داخل الجلد.
- يمكنك استخدام الفازلين أو زبدة الشيا على المناطق الأكثر جفافاً مثل الكوعين والركبتين والشفاه لحمايتها من التشقق.
- بعد كل استحمام، ضعي الكريم المرطب خلال ثلاث دقائق فقط من تجفيف البشرة، للحفاظ على الرطوبة المكتسبة.
كما يُنصح باستخدام مرطب غني ليلاً، لأن الجلد يستفيد أكثر من المكونات النشطة أثناء النوم حين تكون عملية التجدد في ذروتها.

الحماية من الشمس
تزداد حساسية البشرة للأشعة فوق البنفسجية أثناء تلقي العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، لذلك لا يمكن إهمال الواقي الشمسي.

- فاختاري واقياً بتركيبة معدنية تحتوي على ثاني أكسيد التيتانيوم أو أكسيد الزنك، فهذه المواد لا تسبب تحسساً أو انسداداً للمسام.
- تجنبي الواقيات المعطرة.
- أعيدي وضع الواقي كل ساعتين عند التعرض للشمس، وارتدي قبعة واسعة الحواف وملابس قطنية فاتحة اللون لحماية إضافية.
ويشدد أطباء الجلد على أن الوقاية من الشمس ليست فقط لحماية المظهر، بل لتجنّب التصبغات أو الحروق التي يمكن أن تتفاقم مع العلاج.
اختيار مستحضرات التجميل بعناية فائقة
في هذه المرحلة، يجب أن تكون كل مستحضرات العناية والمكياج بسيطة قدر الإمكان.
- استخدمي مرطبات ملونةأو كريم أساس طبي خفيفيحتوي على مكونات مرطبة وواقي شمس طبيعي.
- ابتعدي عن المنتجات المقاومة للماء لأنها تتطلب إزالة قوية قد تضر بالجلد.
- للشفاه، اختاري بلسم شفاه يحتوي على شمع العسل أو الزيوت الطبيعية بدلاً من أحمر الشفاه الجاف.
- أما العطور، فالأفضل تجنبها على البشرة مباشرةً، ويمكن وضع القليل منها على الملابس بدلاً من الرقبة أو المعصمين.
العناية بالبشرة بعد جلسات العلاج الإشعاعي
بعد جلسات العلاج الإشعاعي، تكون البشرة في حالة التهابية مؤقتة تحتاج إلى تهدئة فورية:
- استخدمي كمادات باردة أو ماء الورد الطبيعي لخفض الحرارة.

- ضعي كريمات تحتوي على الألوفيرا أو البانثينول لتهدئة التهيّج.
- تجنبي وضع أي كريمات تحتوي على الستيرويدات أو مضادات حيوية إلا بوصفة الطبيب.
- لا تستخدمي مزيلات العرق أو العطور على المنطقة المعالجة، حتى بعد انتهاء الجلسة بعدة أيام.
بعض الأطباء ينصحون أيضًا بارتداء ملابس قطنية فضفاضة تسمح للجلد بالتنفس وعدم الاحتكاك بالمناطق الحساسة.
النظام الغذائي ودوره في دعم صحة البشرة
العناية بالبشرة تبدأ من الداخل، لذلك يؤكد أطباء الجلد على أهمية النظام الغذائي خلال فترة العلاج:
- أكثري من تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الفواكه الملونة التوت، الكرز، الرمان والخضروات الورقية السبانخ، الكالي.
- أضيفي إلى نظامك الأوميغا 3 من مصادر طبيعية مثل السلمون، بذور الكتان، والجوز لدعم مرونة الجلد.
- تناولي ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء يومياً للحفاظ على الترطيب الداخلي.
- تجنبي الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة لأنها تزيد الالتهابات وتضعف المناعة الجلدية.
الراحة النفسية وتأثيرها العميق على البشرة
الصحة النفسية تنعكس بشكل مباشر على نضارة الجلد. فالتوتر والقلق الناتجان عن العلاج قد يؤديان إلى زيادة الالتهابات وبهتان البشرة، لذلك:
- ينصح الأطباء بالمشاركة في جلسات العلاج النفسي أو الدعم الجماعي مع نساء خضعن لتجارب مماثلة.
- يمكن ممارسة اليوغا، التأمل، أو التنفس العميق لتهدئة الأعصاب وتنشيط الدورة الدموية.
- كما أن النوم الكافي من 7 إلى 8 ساعات يومياً ضروري لتجديد الخلايا ومنح البشرة مظهراً حيوياً ومتجدداً.
ولا ننسى أن الاهتمام بالمظهر الخارجي، ولو بخطوات بسيطة، يساعد في رفع المعنويات ويعزز الثقة بالنفس أثناء فترة العلاج.
استشارة طبيب الجلد بشكل دوري
حتى مع اتباع كل النصائح السابقة، تبقى المتابعة الدورية مع طبيب الجلد ضرورية، لأنه الوحيد القادر على تحديد ما إذا كانت أي تغيّرات جلدية طبيعية أم تستدعي علاجاً خاصاً.
- الطبيب يمكنه وصف كريمات طبية مهدئة أو مضادات للالتهاب تناسب حالة البشرة.
- كما يراقب أي علامات لحساسية ناتجة عن الأدوية أو العلاجات، ويتدخل مبكراً لتفادي تفاقمها.
- بعض الأطباء ينصحون أيضًا بإجراء جلسات ترطيب طبي خفيفة أو علاجات بالضوء المنخفض لتسريع تعافي الجلد بعد انتهاء العلاج الأساسي.