
مؤسسة CLÉ وجامعة الساعات المستقلة ياسمين الشثري لـ"هي": الساعات "بصمات زمنية" على معصم الحياة
تعتبر ياسمين الشثري أحد أبرز الأصوات الشابة في عالم الساعات الراقية في السعودية. فهي مؤسسة "كلى" CLÉ، الدار التي أصبحت منصة تحتفي بعالم الساعات المستقلة وتدعمها، وتحولت إلى نقطة التقاء لهواة الجمع وصنّاع الساعات على حد سواء. بدأ شغفها منذ الطفولة حين كانت تحتفي عائلتها في نهاية كل عام دراسي برحلة لاختيار ساعة جديدة، ثم تبلور هذا الشغف خلال سنوات دراستها في لندن، ليأخذها لاحقا إلى بناء مسيرتها الخاصة.
وعلى الرغم من نجاحها المهني، يبقى سر شخصيتها في علاقتها العاطفية مع الساعات. تقول: "أشعر أحيانا بأن مهنتي هي شغفي وسيف ذو حدين.. لكنه الدافع الذي يبقيني مليئة بالطاقة". تروي حكاية سؤال بسيط غيّر نظرتها، سألتها يوما إحدى صديقاتها "لو لم تتقاضي أي مقابل، هل كنت ستواصلين هذا العمل؟" لتجيب بلا تردد: "نعم". بالنسبة لها إن عالم الساعات هو شغف وفن يشبه الشعر.

البدايات في لندن
حين انتقلت ياسمين إلى لندن للدراسة، وجدت نفسها تتجول بين متاجر الساعات وتجار الفينتج. فغاصت في عالمها. وفي عام 2012، حين كانت في الـ19 من عمرها، أسست "كلي كونسيرج" لتقدم خدمة استشارات خاصة لهواة الساعات في السعودية. أكملت دراستها في علم النفس في لندن. قبل أن تعود إلى الرياض عام 2018، لتجد السوق "جافا" على حد وصفها. وتوضح: "شعرت بأن التجربة ناقصة وأن العلامات المستقلة غائبة. بدأت أتعرف إلى عالمها، وقررت أن دوري هو أن أحتفي بهذا الفن وأقدمه للسوق السعودي".
الساعات "بصمات زمنية"
تنصح ياسمين كل من يريد أن يبدأ في جمع الساعات بأن يسأل نفسه أولا: ما المبلغ الذي يريد أن يخصصه لهذه الهواية؟ ثم لماذا يريد أن يمارسها؟ وتشبه الساعة بالشعر، فاختيارها يكون بما يلامس الوجدان، مع أخذ أسلوب الحياة بعين الاعتبار: هل عملك مكتبي أم ميداني؟ هل تبحثين عن ساعة رياضية أم قطعة فنية؟
وترى أن التفكير بالميزانية لا يعني التعامل مع الجمع كاستثمار، فالقيمة الحقيقية في المعنى والارتباط العاطفي، وإن ارتفعت قيمة بعضها المادية مع الزمن.
أما عن رؤيتها للساعات التي تقتنيها لمجموعتها الشخصية، فتقول "إن لكل منها بصمة زمنية شاهدة على لحظة من حياتي". وتضيف: "كل ساعة تمثل لحظة انتابني فيها شعور معين، سواء كان الجرأة أو الحزن أو الفرح. وإن لم تعكس الساعة بصمة زمنية، فلا أتعلق بها بالمقدار نفسه".
وتضـيـــف: "أنــــا مشــتـــريـــــة عفـــويـــــة وعاطفية، أتبع حـــــدسي عنـــد شــــــراء القـــطــــع". بــــدأت رحلة جمع السـاعــــات مع "رولكس" و"أوديمار بيغيه"، قبل أن تعيش "الصحوة" مع ساعة "كارتييه كراش" CARTIER CRASH فيـنــتــــج إصدار تسعيــنــيــات القرن المنصرم. تقول: "عندما رأيتها قلت لنفسي: يا لها من ساعة غريبة. ومع مرور السنين تطور ذوقي، وقرأت قصتها، فأحببتها. وأردت أن أكون جريئة، وصادف أن أتيحت لي فرصة شرائها بعد خمس سنوات بثمن زهيد. ارتداؤها على معصمي جعلني مختلفة وسط محيط من لا يعرف الفينتج.. وأحببت ذلك".
محطة أخرى فارقة كانت شراءها ساعة PATEK PHILIPPE NAUTILUS 5980 بمالها الخاص بعد مرور أربع سنوات من تأسيس "كلى". هي تعتبرها رمزا لإنجاز شخصي وقطعة رافقتها في معظم رحلاتها.
وتستـعــيـــد نصيـــحـــة أحـــــد الجــــامعــــيــــن: "سيـــــــــأتي دائــــمــــا شيء أجـــــمــــل، فلا تتحسري على ما لم تشتـــــــرِ".
الساعات المستقلة
الساعات المستقلة هي تلك التي لا تنطوي تحت ملكية مجموعة كبيرة، ويصل إنتاجها عادة إلى نحو 30 إلى 200 ساعة سنويا فقط. يمنح هذا الاستقلال صانعها حرية مادية وإبداعية بعيدا عن القيود التجــــاريـــــة، ليبتـــكـــــر تصامــيــــــم استــثــنـــــائية تحمل شخصيته وفلسفته. القدرة على التعرف إلى الفنان والمهندس وراء الابتكار ومناقشة القصة واللمسة الإنسانية المجتمعية هو أيضا عامل مهم يميز الساعات المستقلة.
توضح ياسمين أن "لودفيك بالوار" Ludovic ballouard كان أول من جعلها تقع في حب الساعات المستقلة. عمل "لودفيك" سابقا مع "إف بي جورن" f.p. journe، وكان أيضا العقل المبدع وراء ساعة crazy hours من "فرانك مولر" fanck muller. ثم قرر أن يطلق علامته الخاصة ليصنع ساعة تعكس معنى الوقت نفسه. تقول: "انطلقت فكرته من أننا نطالع ساعاتنا طوال الوقت لكننا ننسى المعنى الحقيقي للحظة الحاضرة.. لذلك جعل كل الأرقام على الميناء مقلوبة باستثناء الساعة الحالية".
أما حكايتها مع دار "إم بي أند إف" MB&F، فتعكس شغفها الجامح.. فبعد انتظار دام عامين للحصول على ساعة LM101 البنفسجية، سافرت خصيصا إلى جنيف لتسلمها. فبالنسبة لها التجربة مع هذه الدور لا تقتصر على اقتناء ساعة نادرة، بل تمتد إلى الحوار مع الصانع ومشاركة رؤيته الفنية والإبداعية. واليوم تترقب انضمام قطعة ثانية من الدار إلى مجموعتها: SP ONE الهيكلية الفائقة الرقة بقطر 38 مم.
حدس مبكر ورؤية جمالية
تدل قصة ياسمين مع ساعة MIRAGE من علامة BERNERON على ثقتها بحدسها وذوقها المميز. تقول: "بدأت قصتي معه عندما رأيت رسما لساعة MIRAGE على وسائل التواصل الاجتماعي، وأعجبني تصميمها غير المتناظر. فتواصلت مباشرة مع الصانع وحددنا موعدا في جنيف. خلال اللقاء تعرفت إلى قصته، والدته رسامة، عمل لسنوات عديدة مديرا رئيسا للمنتج في BREITLING، ثم استثمر كل مدخراته في هذا المشروع الشخصي. المثير في هذه الساعة أن الحركة مصنوعة بالكامل من الذهب عيار 18 قيراطا، وقد صممت أولا ومن ثم بنيت العلبة حولها، وابتكر حتى الخط الطباعي للأرقام".
وفي عام 2024 فازت هذه الساعة بجائزة GPHG، فأصبحت حلم كل هاوٍ للساعات. تقول: "كنت سعيدة أنني آمنت بعيني وحدسي، ويسرني أنني اكتشفت هذه العلامة في بداياتها، وأنني شجعت صانع الساعات الفنان قبل أن يصبح حديث الجميع".
عندما سألتها عن ثلاث ساعات لا يمكن أن تتخلى عنها، اختارت "كارتييه كـــــــــــراش" CARTIER CRASH وberneron mirage (حيــــن تستـــلــمــهـــــــا)، وpatek philippe 5180g الهيكلية التي توقف إصدارها عام 2015.
عودة الشغف
العمل في مجال تحبه قد يرهق الشغف، والفينتج كان سبيلها لتجديد الدهشة. تقول: "ساعات الفيتنج سمحت لي بأن أكتشف ما أحبه في هذه الصناعة من جديد". وتصف عملية البحث عن ساعات الفينتج بأنها "رحلة تعارف" وتقول: "عند البحث عنها عليك أن تسألي وتتواصلي مع جامعين آخرين. واذا ارتديت أحدها على معصمك، فقد تلفت الأنظار، لكن القلة هم من يعرفونها". وتوضح أن بعض هذه الساعات تشترك مع المستقلة بميزة أنها قد تبدو بسيطة جدا من الأمام، لكنها تكشف عن روعة الصنعة عند قلبها، مثل ساعات Raúl Pagès التي تبدو متواضعة ظاهريا، لكنها مذهلة في تفاصيلها.
تتوقف ياسمين للحظة قبل أن تضيف: "انسي الساعات. ما يبقى هو الأشخاص الذين نلتقيهم على الطريق. الذكريات هي المجموعة الحقيقية. حين أنظر إلى ساعتي أتذكر اللحظات، لكن في جوهرها هي الذكريات مع الناس. إن حياتنا مبنية على أشخاص نحبهم ونرتبط بهم، وكل بصمة زمنية تضم وجوها في داخلها".
إصدارات خاصة
تعمل "كلى" مع بعض العلامات التي تمثلها على إنتاج إصدارات خاصة محدودة الكمية، وتكون غالبا محدودة بتصميمين في العام الواحد. تقول ياسمين: "كل ساعة تحمل حكاية ومعنى. من أحدث ما قدمناه تعاونا مع علامة روسية متخصصة في ساعات رواد الفضاء، فقدمنا ساعة استوحت من رحلة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز. ثم جاءت نسخة ثانية تكريما للجيل الثاني من الرواد السعوديين، علي القرني وريانة البرناوي، فجمعت القصة بين الماضي والحاضر في سردية واحدة".