
في إطار يجمع بين الأصالة والمعاصرة.. 5 معارض في الرياض تجسد الإرث التاريخي وتوثق الهوية الوطنية
تحتضن العاصمة الرياض خلال شهر سبتمبر الجاري، سلسلة من المعارض الفنية والثقافية التي تُجسّد إرث المملكة التاريخي وتروي قصصها الغنية بالثقافة والفنون، في إطار يجمع بين الأصالة والمعاصرة، لتشكل تجارب ونوافذ فريدة للتعرف على هوية المملكة، وتتيح لزوارها تجربة ثقافية متكاملة تجمع بين التعلم والإبداع والاستمتاع بعالم من الجمال الفني والتراثي، لتسهم في إثراء الذائقة الفنية والثقافية لسكان وزوار العاصمة السعودية.. وفي إطار ذلك اخترنا لكم أبرز المعارض الفنية الثقافية في الرياض خلال شهر سبتمبر.. فلا تفوتوا زيارتها.
معرض "سيفين ونخلة" في متحف قصر المصمك بالرياض

يقدم معرض "سيفين ونخلة: أرشيف الشعار السعودي" الذي افتتحته هيئة المتاحف مؤخرا، ويحتضنه متحف قصر المصمك بالرياض، للزوار رحلة شاملة تتتبع مسيرة الشعار الوطني منذ عام 1932، وحتى صيغته الحالية، في إطار يجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث أن الشعار الوطني، بما يحمله من رمزية السيفين والنخلة، لا يمثل شكلاً بصرياً ثابتاً فحسب، بل هو سجل حي يعكس مسيرة الدولة وتطلعاتها عبر الأجيال.

ويستند معرض "سيفين ونخلة" الذي يستمر حتى 21 نوفمبر 2025، إلى بحوث دقيقة بالتعاون مع خبراء ومختصين في مجالات التاريخ والتصميم، ليقدّم قراءة متعمقة للشعار الوطني، ليس بوصفه مجرد عنصر بصري يزيّن الوثائق الرسمية، بل كرمز متجذر في الوجدان الجمعي، يعكس دلالات الهوية الوطنية والإرث الثقافي السعودي، ويعرض المعرض مجموعة مختارة من الوثائق الأصلية والقطع الأرشيفية النادرة، إلى جانب أعمال فنية وتصميمية تُظهر التحولات التي مرّ بها الشعار عبر العقود، كما تشمل التجربة التفاعلية للمعرض عروضاً بصرية وأفلاماً تحريكية، تتيح للزوار تأمل تطور الشعار الوطني ورصد جمالياته المتجددة، بما يعكس قدرته على التكيف مع التحولات الاجتماعية والثقافية، وفي الوقت نفسه ترسيخ حضوره كأيقونة جامعة تمثل قيم المملكة ووحدتها.
روايات مسكوكة: إرث السعودية في العملات

يستعد المتحف الوطني السعودي في الرياض لانطلاقة معرض "روايات مسكوكة: إرث السعودية في العملات" كمعرض استثنائي فريد، لرواية الحكايات من خلال الذهب والفضة والبرونز، حيث يعرض المعرض للزوار جوانب من الإرث العريق للعملات في المملكة العربية السعودية، ويعد فرصة فريدة للتعرّف على تاريخ المملكة كما تجسّده رموزها الأصيلة وآثارها الباقية.
ويضم المعرض المقرر انطلاقه خلال الفترة من 17 سبتمبر إلى 16 ديسمبر2025، أكثر من مئتي قطعة نادرة من العملات، من أكبر مجموعة خاصة للعملات الإسلامية في العالم، إلى جانب مقتنيات وزارة الثقافة التي يعود تاريخ بعضها إلى ما قبل ثلاثة قرون من الميلاد، وهذه العملات ليست وسيلة للتبادل فحسب، بل شواهد تاريخية حيّة تعكس في نقوشها تطور الفن والثقافة والسياسة والاقتصاد في المنطق، وتتضمن أبرز أهداف المعرض توثيق تاريخ العملات في الجزيرة العربية والمملكة عبر 1300 عام، وإبراز دور العملات كرمز للسيادة والهوية الوطنية، وكذلك دمج الفنون المعاصرة المستوحاة من رمزية النقود، كما يتميز المعرض بأنشطته المتنوعة، ومن أبرزها عرض عملات نادرة من العصور الإسلامية وحتى اليوم، تصميم سينوغرافي يدمج السرد التاريخي والتقنيات الرقمية، وأعمال فنية حديثة تفاعلية مستوحاة من النقود.
المعرض التفاعلي المتنقّل روايتنا السعودية: نافذة على المتاحف

يمثل المعرض التفاعلي المتنقّل "روايتنا السعودية: نافذة على المتاحف"، تجربة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في المملكة لعرض مقتنيات المتاحف الإقليمية بلغة تقنية حديثة، مقدّمًا للجمهور رحلة حسّية وبصرية وسمعية غير تقليدية، ووُصف المعرض من هيئة المتاحف بأنه "جسر يصل الماضي بالحاضر والمستقبل"، بما يتيحه من تجربة تفاعلية تعيد تعريف دور المتاحف الوطنية بصفتها منصات حيّة لا تقتصر على العرض التقليدي، بل تنفتح على آفاق جديدة من التفاعل الحسي والمعرفي.
ويتضمن المعرض جولة في 4 مدن سعودية في أماكن عامة حيث أُفتتح المعرض في محطته الأولى في القصيم، وسينتقل إلى الرياض خلال الفترة من 23 سبتمبر إلى 11 أكتوبر 2025 ، ثم نجران وجدة، حاملًا في كل محطة صياغة جديدة للتجربة تراعي خصوصية المكان وتنوّع المقتنيات، ليؤكد أن رواية التاريخ السعودي ليست ثابتة، بل متجددة وقابلة لإعادة الاكتشاف عبر أدوات معاصرة، وتطمح هيئة المتاحف من خلال هذه الجولة إلى توسيع حضور المتاحف الإقليمية وتعزيز مكانتها، وإبراز تنوّع الإرث الثقافي الذي تزخر به مختلف مناطق المملكة، ويُعد اسم "روايتنا السعودية" شعارًا للمتاحف الإقليمية التي تعمل هيئة المتاحف على افتتاحها على مراحل خلال الأعوام القادمة، لتكون هذه المتاحف الـ11 في مجملها تحكي رواية الإرث الثقافي والحضاري لمناطق المملكة، وكل متحف هو قصة من هذه الرواية التي نفخر بها.
معرض صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون: صيف 2025

يمثل معرض "صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون: صيف 2025" الذي أطلقه "معهد مسك للفنون" التابع لمؤسسة محمد بن سلمان غير الربحية "مسك"، تجربة فنية متميزة حيث يتيح لزواره مشاهدة أعمال فنية متنوعة تبحث في كيفية تأثير الذكريات المتوارثة على تشكيل هويتنا وإحداث تغيير عبر الأجيال، والتي تنطلق من تأملات عاطفيّة عميقة في التراث والذاكرة والتحوّل.

ويتمحور المعرض الذي يستمر حتى 25 سبتمبر، على الكيفية التي ينسج من خلالها الفنانون التاريخ الشخصي والجذور الثقافية والرؤية المعاصرة في أعمال تتحدث عبر الزمن، حيث يضمّ ثلاثة وأربعين عملًا من مختلف الأجيال والممارسات والرؤى الفنية لفنانين من السعودية والمقيمين فيها، وتتنوع الأعمال المعروضة من حيث الوسائط والأساليب، وتتنقل بين التمثيل التصويري والتجريد الرمزي، وتتناول موضوعات مثل الذاكرة، والهجرة، والتهجين الثقافي، والتكيّف، وتُناقش حكمة الأجيال الأكبر سنًا والطريقة التي تُعاد من خلالها قراءة هذه الحكمة من منظور معاصر، حيث تُستخدم البورتريهات، والطقوس الاجتماعية، والموروثات كأوعية للذاكرة الثقافية، بينما تعيد التركيبات متعددة الوسائط تشكيل التجارب الجمعية عبر الزمن.. كاشفةً عن عُمق جديد يُحاكي الحسّ الإنساني المشترك.
معرض مدن تحت الحجر في المتحف السعودي للفن المعاصر بجاكس

يحتضن المتحف السعودي للفن المعاصر بحي جاكس في الدرعية معرض "مدن تحت الحجر.. مشروع صندوق البريد" الذي تنظمه هيئة المتاحف، ويستمر حتى 28 سبتمبر الجاري، والذي يستعرض سلسلة كتب فنية أبدعها فنانون عرب، وثّقت تجاربهم خلال جائحة "كوفيد-19" بما حملته من عزلة عالمية غيّرت ملامح الحياة في ربيع عام 2020، مقدما للزوار شهادات بصرية وحسية من خلال الأعمال التي جمعت بين الفن والكتابة والخواطر الشخصية، بصفتها مرآة لتلك اللحظة الاستثنائية التي هزّت العالم وأعادت صياغة العلاقات الإنسانية.
ويعود أصل المشروع إلى مبادرة أطلقها الفنان والقيم الفني عبد القادري، حين أرسل (57) كتابًا مصنوعًا يدويًا إلى فنانين عرب في مدن مختلفة حول العالم، داعيًا إياهم للتفاعل الإبداعي مع واقع الحجر، فجاءت الاستجابات على هيئة أعمال عكست رؤى فردية، ومقاربات ذاتية، وأعادت تخيّل الأمكنة والرغبات في مواجهة الصمت والعزلة، وحط المشروع رحاله أولًا في "فيلا رومانا" بمدينة فلورنسا الإيطالية، ثم في "المتحف العربي للفن الحديث" بالدوحة، قبل أن يصل إلى المملكة في ثالث محطاته، ليقدَّم في الرياض بصفته أرشيفًا فنيًا يحفظ لحظة إنسانية عابرة، لكنها مفصلية في التاريخ المعاصر.
الصور من مواقع وحسابات المعارض والجهات المنظمة لها.