
بين الصمت المترف والبراعة الحرفية... مانيشا فيرما لـ"هي": السحر كلّه يكمن في الوفاء للماضي من دون الانفصال عن الحاضر
حوار: Adnan Alkateb
ببصيرتها الحادة وأناقتها المعاصرة واحترامها العميق لفن الحرف، تعيد "مانيشا فيرما" Manisha Verma صياغة معايير الأزياء الفاخرة في الشرق الأوسط. متسلّحة بموهبتها الطبيعية وشغفها العنيد، أسست علامة "ماروشيكا" Marushika التي تتولى أيضا إدارتها الإبداعية. وبعد إطلاق مجموعتها لربيع وصيف 2025 بعنوان "كاليستا"KALISTA في صالة العرض الخاصة بالعلامة ضمن حي دبي للتصميم وعلى موقعها الإلكتروني، حاورناها ودخلنا إلى عالمها، حيث تكمن القوة في التفاصيل، وتزدهر الأنوثة في صمت عميق التأثير.

مجموعة "كاليستا" Kalista الجديدة رائعة. ما الشعور الكامن وراء تصميمها؟
"كاليستا" Kalista مجموعة شديدة الخصوصية بالنسبة إلي. ولدت من لحظة تأمّل هادئة، ذلك النوع من السكون الذي لا يصرخ ليُرى، بل يترك أثرا عميقا. استلهمت المجموعة من هشاشة الطبيعة وصلابتها في آن معا، وتحديدا من بتلات الزهور بكلّ رقتها، ونعومتها، وقدرتها على التفتّح في كل الفصول. لم أصمم القطع لتبهر، بل لتُحسّ. أؤمن بأن نساء "ماروشيكا" Marushika لا يرتدين ليلفتن النظر، بل ليشعرن بذواتهن. و"كاليستا" Kalista تجسيد لهذه الفلسفة.
أعمالك معروفة بتوازنها بين الحرف الهندية التقليدية والخطوط العصرية. كيف تحققين هذا الانسجام؟
هو حوار مستمر، لا معادلة جامدة. فلطالما اعتبرت أن التقاليد ليست شيئا ساكنا، بل هي كيان حيّ يتطور. أبدأ عملية التصميم بفهم عميق للفن الذي أشتغل عليه، ونحن نركّز في "ماروشيكا" على فن "مادوباني" Madhubani، حيث أعمل على تطوير التكوينات البصرية بدعم وثيق من فريق من الحرفيين. أما الخطوط العصرية، فأبتكرها من منطلق التفكير بما ترغب المرأة اليوم في اقتنائه من سترات مشغولة، وقفاطين انسيابية، وقطع جمبسوت راقية وفساتين أنيقة. في كل تصميم، نجمع بين تقنيات تطريز متعددة، لتكون كل قطعة متفرّدة. وعندما تقترن هذه الخطوط الحديثة بفنّ "مادوباني"، تتّخذ جذورها التراثية صيغة معاصرة تماما. والسحر كلّه يكمن في هذا التوازن، وفي الوفاء للماضي من دون الانفصال عن الحاضر.
اللمسة الحرفية في Kalista مذهلة. ما التفاصيل التي تميّز هذه المجموعة بنظرك؟
جمال Kalista يسكن في تفاصيلها الدقيقة. اخترنا ألوانا باهتة ناعمة وأقمشة خفيفة مثل الحرير الساتاني والكريب والبولي ساتان، وزيّناها بتطريزات خفيّة، وخرزات دقيقة، وكريستالات "سواروفسكي" أضيفت يدويا. وكل زيّ في هذه المجموعة هو انعكاس لتكامل التصميم والتقنية والحرفة. فهذه ليست تفاصيل صاخبة أو استعراضية، بل ملامح هادئة لا تُنسى.
عشتِ في اليابان والسعودية والكويت، وحاليا في دبي. كيف أثرت هذه التجارب في هُويتك الإبداعية؟
كل بلد أهداني منظورا مختلفا. اليابان علّمتني الانضباط، وقوة الصمت في التصميم. والخليج أهداني البذخ والغنى، ليس في الزينة فحسب، بل في سخاء الروح أيضا. أمّا الهند، فهي الجذور بالنسبة إلي، وهي الجوهر.
الآن، دبي هي المكان الذي يجمع كل ذلك. هي مدينة تسمح لك أن تحلق عالميا من دون أن تتخلى عن جذورك، وهذا جــوهــــر ما تمثّله "ماروشيكا". مجـــمـــوعـــــاتي تـــولــــد من هذا المفترق: تراث يعاد تخيّله، وحرف تُلبس وتُعاش.
كيف ترين تطوّر العلامة في المرحلة المقبلة؟
نـــحــن في حـــالــــة نمو، لكن بخـــطـــى محــسـوبـــة ومدروسة. وفي وقت لاحــــق من هذا الـــعـــــام، سنفتتح البوتيك الرئيس لنا في "الوصل"، وستكون هذه المساحة امتدادا حقيقيا لروح العلامة من خلال تجربة حسية مصممة بعناية، ومتجذّرة في الحرفية. أطمح إلى أن تتحوّل "ماروشيكا" إلى بوتقة تنصهر فيها الفنون من مختلف الثقافات، لتتجلى في تصاميم تنبض بالجمال والتعبير السردي.
ما الرسالـــــة الــتي تـــأملــيــــن أن تتركها مجموعة Kalista لدى النساء اللواتي يرتدينها؟
أرجو أن تجعل Kalista كل امرأة تشعر بالقوة والجمال معا. هنــــاك نوع من الأنـــاقـــــة لا يستــــعــــــرض نفسه، بل يوجد ببساطة، وهدوء، وبامتلاء. وهذه هي روح "ماروشيكا". مجموعة Kalista هي احتفال بالنقاء، وبتغيّر المواسم، وبقوة لا تحتاج إلى إثبات. إذا ارتدت المرأة تصاميم Kalista، وشعرت بأن الفنّ والموضة ملك لها، فأكون قد أدّيت مهمّتي.
أسلوب العمل في "ماروشيكا" يبدو هادئا وبطيئا بشكل متعمّد، فهل هذا قرار واعٍ في عالم الأزياء السريع؟
بكل تأكيد. أعتقد أن البطء تحوّل إلى شكل هادئ من أشكال الفخامة. في "ماروشيكا"، لا شيء يحدث على عجل، وكل خيط، وكل قرار، وكل تفصيل يحمل الكثير من التعمّق وراءه. فنحن لا نبتكر لنلحق بالموضة، بل لنروي حكاية؛ والموضة، في نظري، يجب أن تقدّم ما يتجاوز المظهر. يجب أن تفتح حوارا حول الحرفة، والثقافة، وقوة المرأة التي ترتديها. ولهذا السبب أؤمن بصنع قطع أقل، ولكن ذات معنى أعمق. وفي نهاية المطاف، لا تتعلّق المسألة بالسباحة عكس التيّار، بل في اختيار وتيرتنا الخاصة داخله.