قوة من نوع آخر.. هذا هو وجه الجيل الجديد

قوة من نوع آخر.. هذا هو وجه الجيل الجديد

مجلة هي
30 يوليو 2025

هل تبدو القوة اليوم أكثر وضوحا؟ أكثر حضورا؟ أكثر جرأة في التعبير؟ نحن أمام جيل معبّر، لا يهمه أن يُصنَّف بقدر ما يهمّه أن يُرى. جيل لا يخجل من الاستعراض، ليس لمجرد الظهور، بل كأداة لإعلان الذات، ولإثبات الوجود، ولتحويل الهُوية الشخصية إلى مساحة عامة للحوار، والتأثير، والإلهام. في هذا العدد الخاص من "هي"، نعيد النظر في مفاهيم كالإبداع، الهُوية، وقوة التأثير لا بوصفها شعارات محفوظة، بل بوصفها ممارسات حياتية. من الانضباط الذاتي والقوة الداخلية، إلى المنصات الرقمية باعتبارها مساحات تعبير، نكتشف جيلا لا يخاف من الأضواء، بل يعرف كيف يستخدمها ليكشف عن نفسه، عن قيمه، وعن رؤيته للعالم. لا يُعاد تعريف الإبداع فقط، بل يُعاد فهمه بوصفه انعكاسا للشغف. ولا تُكسر التقاليد، بل يُعاد تأويلها بلغة بصرية وجمالية جريئة، ممتدة من الجذور لا منفصلة، ذي قوة من نوع آخر، قوة نابعة من التعبير، من الظهور الواعي، من القدرة على تحويل الذات إلى حكاية مُعلنة من دون تبرير. وفي هذا العدد، نلتقي بشخصيات شابة من العالم العربي، كل منهم مختلف في نبرة صوته ومسار تجربته، لكنهم يتّفقون في شيء عميق، وهو أنهم لا يسعون لتصحيح المفاهيم المغلوطة، بل يكفيهم أن يُسمَعوا، أن يُفهموا كما هم، بلا شرحٍ زائد ولا تصنيفات جاهزة.

سلطان: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “توم فورد” Tom Ford ليلي: إطلالة كاملة من “كريستينا فيدلسكايا” Kristina Fidelskaya نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen لارا: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “جاكيموس” Jacquemus   عبد الرحمن: إطلالة كاملة من “بولو رالف لورين” Polo Ralph Lauren نظارات شمسية من “زينيا” Zegna   همس: فستان من “ساي نو مور" Say No More نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen   شانا: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “توم فورد” Tom Ford تالا: إطلالة كاملة من “رابان” Rabanne نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen
سلطان: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “توم فورد” Tom Ford
ليلي: إطلالة كاملة من “كريستينا فيدلسكايا” Kristina Fidelskaya نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen
لارا: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “جاكيموس” Jacquemus  
عبد الرحمن: إطلالة كاملة من “بولو رالف لورين” Polo Ralph Lauren نظارات شمسية من “زينيا” Zegna  
همس: فستان من “ساي نو مور" Say No More نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen  
شانا: إطلالة كاملة من “فالنتينو” Valentino نظارات شمسية من “توم فورد” Tom Ford
تالا: إطلالة كاملة من “رابان” Rabanne نظارات شمسية من “ألكسندر ماكوين” Alexander McQueen

لي لي أحمد حلمي مهندسة ورسامة: أرى العالم مساحة قابلة للتلوين

(حوار حميدة أبو هليلة) 

تبدو الحياة بالنسبة للفنانة التشكيلية لي لي حلمي بمنزلة مساحة قابلة للتلوين وإعادة التصميم والدمج، حيث تنظر للعالم من هذا المنطلق، وترغب في تشكيل ما حولها وفق ما تمليه عليها ريشتها.. إنها الفتاة التي لا تزال في أوائل العشرينيات من عمرها بينما لديها وعي بتأثيرات الفنون وأهمية البصمة الشخصية والأصالة، وكذلك بقيمة جذورها المصرية الشرقية، بشكل يبدو مفاجئا، فهي مثل أبناء جيلها وجدت السوشيال ميديا ترافقها منذ مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنها عرفت جيدا كيف تتفوق عليها ولا تجعلها تقودها، بل جعلتها مصدرا للمعرفة والإلهام والتأثير الإيجابي.

فستان من منى الشبل	 حذاء من “جود” Jude أقراط وأساور من "أند أوذر ستوريز" Other Stories&
فستان من منى الشبل    
حذاء من “جود” Jude
أقراط وأساور من "أند أوذر ستوريز" Other Stories&


إنها المهندسة الشابة التي ترسم خطوطها الحادة بمقاييس صارمة، وهي تجتهد في دروسها، بينما قلبها معلق بلوحاتها في المرسم، هذا المزيج منح موهبتها بعدا آخر، تكمل به مسيرتها التي بدأتها قبل نحو ست سنوات في LILLYSWORKSHOP، حيث حرفة الرسم المتقن تندمج بانسيابية مع عالم الموضة، من خلال تصاميم فريدة.. في حوارها الخاص مع مجلة "هي" نكتشف عالم لي لي، الفنانة التي لم تعش في جلباب والديها "أحمد حلمي ومنى زكي"، بما لديهما من شعبية ضخمة، وتاريخ فني رفيع، واختارت أن تتأثر بهما على طريقتها، وتنتصر لشغفها برواية الحكاية من وراء الكواليس، منهمكة في العمل الإبداعي اليدوي، وإعطائه شيئا من الروح، ومتسلحة بكل المميزات المتاحة لجيل زد، وبالثقة التي منحت لها، وبموهبتها التي فطنت لها بينما كانت بالكاد تتعلم نطق كلماتها الأولى.

أن تحددي شغفك المهني وتتخذي نحوه خطوات ملموسة في عمر الـ15 أمر غير معتاد، فهل الشجاعة ودخول مجال الاحتراف في سن صغيرة من سمات جيل زد بالفعل؟

لا أنكر أن جيلنا يتمتع بشجاعة ملموسة، ولديه رغبة في التجريب من دون خوف، بالطبع يكون هناك قلق وتردد في البداية ولكن لأن المناخ المحيط كله محفز، فالأمر يبدو أسهل مقارنة بأجيال سابقة مضت، والحقيقة أنه فيما يتعلق بدمج الفن التشكيلي بعالم الموضة والتصميم بشكل عام، فقد جاءت فكرة لي لي و"رك شوب" تدريجيا، فكل ما كان يهمني أن أمارس شيئا أحبه وأبرع فيه، وبداية الانطلاقة بالفعل كانت عام 2019.

هذه الثقة التي تتحدثين بها عن خطواتك المبدئية بالطبع كان وراءها تشجيع عائلي، ولاسيما أنك في ذلك الوقت كنت لا تزالين في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي وبحاجة إلى النصيحة والدعم على أكثر من مستوى؟

هذا حقيقي، فقد شجعتني أسرتي الصغيرة بقوة، وكذلك أصدقائي المقربون، حيث إنني منذ الطفولة أحب الرسم بشدة، ولكن الأمر تحول في مرحلة من المراحل إلى رغبة في تلوين وتصميم كلّ المساحات التي تحيط بي، بما فيها غرفتي، ومقتنياتي ومقتنيات والدتي، فقد كانت البداية بالقطع التي تمتلكها والدتي، وبعدها أصبح هناك مجال للتوسع.

على ذكر العائلة، من المعروف أن الفنان أحمد حلمي رسام بارع إلى جانب نجوميته في عالم التمثيل، فهل كان لهذا أثر أيضا في توجهك ناحية الفن التشكيلي؟

كما قلت، فالرسم كان شيئا أساسيا في حياتي منذ الطفولة، لأن والدي يرسم، وكذلك والدتي أيضا لديها حس عالٍ في الرسم، والمدرسة أيضا نمّت لدي هذه الموهبة بصورة أكبر، فمن أوائل القطع التي بدأت تنفيذها قبعة وضعت عليها لمساتي الفنية في حفل تخرج إحدى الدفعات بالمدرسة.

كثير من أبناء النجوم، سواء في مثل سنك أو حتى أصغر بكثير، يرغبون في السير على خطى آبائهم ودخول مجالهم نفسه، لكن الوضع معك جاء مختلفا، ما السبب؟

الحقيقة أن أسرتي منحتني حرية الاختيار. وأنا ذهبت وراء إحساسي مثلهم، ووجدت نفسي في الرسم والتصميم، حيث لاحظت أن ما يجذبني أكثر في صناعة السينما والفنون، هو ما يجري خلف الكواليس.

في السياق نفسه أيضا حافظت عائلتك على خصوصيتك وخصوصية شقيقيك منذ سنوات، وخاصة فيما يتعلق بالسوشيال ميديا، فكيف أثر هذا فيك فيما يتعلق بطريقة تفكيرك واختياراتك في حياتك؟

لقد كنت حرة في اختيار الشكل والتوقيت الذي أظهر به، وسعيدة بأن بداية معرفة الناس بي كانت من خلال عملي، وفيما يتعلق بـالسوشيال ميديا، فهي وسيلة أساسية للتسويق لأي مجال، ولا غنى عنها، ولكن بالطبع ينبغي علينا أن نجيد استعمالها، فهي مصدر للتشجيع والإلهام، والتعرف إلى كل جديد، ولكنها قد تكون سلبية أيضا، ولذلك فهي تعتمد على الطريقة التي نستخدمها بها.

هذا الوعي المبكر بما تمثله هذه المنصات، وطريقة تعاملنا معها، هل هو أيضا من ضمن السمات الأساسية لجيلك؟

جيلنا تعامل مع السوشيال ميديا منذ الطفولة، فبالطبع تغيرت طريقة نظرتنا لها على مدى المراحل المختلفة، وقد وصلت مؤخرا إلى هذه القناعة، التي تجعلني أتجنب الأذى الذي يمكن أن تسببه هذه الوسائل، وأختار الجانب الإيجابي كأن أستفيد أنا وغيري ومن هم في مثل سني أو أصغر من تجارب الآخرين، في مختلف أنحاء العالم، لتطوير أنفسنا ومجالات عملنا، وحتى فيما يتعلق بـالمعرفة وبناء الشخصية.

مجالك الفني مرتبط بشكل وثيق بعوالم الموضة والإبداع، فما الذي يجذبك بوجه عام في التصاميم التي تعجبك؟

أُقدّر كثيرا المهارة والحرفية، والبصمة الشخصية للفنان، التي تجعل ما يخرج من تحت يديه متفردا، وهذا ما أحاول تقديمه في عملي، ولا أميل كثيرا لاقتناء قطع تتشابه مع المعروضة في الأسواق، فلا أفضل أن يكون الجميع نسخا متشابهة، ولهذا فأنا أشجع كثيرا من العلامات التجارية المحلية، لأنها تتسم بتميز وتفرد واختلاف لا مثيل له، وتظهر الثقافة المصرية والعربية. ومما لمسته من خلال إقامتي في الخارج أن هذه الثقافة مقدّرة للغاية أيضا، فالفنانون في مختلف البلاد ينبهرون بالتراث العربي، ويسعدون لإتقاني اللغة العربية، إضافة إلى الإنجليزية والألمانية.

الازياء من "جاكموس" JACQUEMUS
الازياء من "جاكموس" JACQUEMUS

هذا أيضا ما جعلك تحرصين على أن يكون توقيعك على اللوحات باللغة العربية؟

بالطبع، فقد كنت في البداية أوقّع بحروف إنجليزية، وفيما بعد أدركت قيمة وجمال لغتي وجذوري، وثقافتي، وأصبحت حريصة على أن أظهر للجميع أنني مصرية وعربية من خلال تفاصيل كثيرة.

هذا أيضا كان واضحا في الفيديو الشهير الذي ظهر لك وأنتِ تشرحين بطريقة عفوية لأحد المراسلين تفاصيل ومفردات من الحياة في مصر؟

نعم، هذا الفيديو جرى تصويره في المملكة المتحدة، من دون استعداد مني، فقد كنت أسير مع مجموعة من أصدقائي واستوقفني المراسل، وتحدثت معه بشكل تلقائي تماما، حول أهم ما يميز الثقافة المصرية دون أن أصرح بشكل مباشر بهويتي، ليكتشف هو في النهاية.

كيف يسهم هذا الثراء الثقافي وإتقانك للغات متعددة في عملك الإبداعي؟

يساعدني في الإتقان والتطوير والاطلاع، فأنا أذهب إلى معارض في شتى أنحاء العالم، وأتعاون مع فنانين محليين مختلفين، فتبادل الخبرات في هذا المجال يسهم كثيرا في جعل تجربتي تنضج بشكل سليم، فأنا منفتحة للتعاون مع مدارس فنية متعددة.

دراستك للهندسة المعمارية تبدو قريبة وبعيدة في الوقت نفسه عن مجال شغفك وهوايتك، فكيف توازنين بين كليهما، وما طموحك المهني؟

تخصصي الدراسي في الهندسة أجده يخدم عملي كفنانة، وعلى الرغم من أن الأمر ظاهريا يبدو بعيدا بعض الشيء، ولكن هناك تكامل بين المجالين، فأنا أحب تصميم المساحات أيضا، حيث إنني أرغب في أن أجرب أشياء كثيرة وجديدة في الوقت نفسه. والتعلم الأكاديمي يفيدني فيما يتعلق بمعرفة أصول وقواعد المجال، وطموحي الكبير أن يصبح اسمي كـفنانة في مجال التصميم محل ثقة ومعروفا على مستويات عدة، وأن أعمل مع فنانين موهوبين كُثر.

أخيرا، يُتهم جيل زد بأن ذوقه في الأغنيات والدراما يبتعد كثيرا عن العالم العربي، فهل هذا الأمر ينطبق عليك؟

 أشاهد وأستمع إلى ألوان مختلفة من الموسيقى والأفلام، سواء عالميا أو عربيا، ومؤخرا أيضا بدأ شغفي يزداد بالدراما العربية بعدما أصبحت أقضي وقتا طويلا بعيدا عن الأهل بحكم دراستي، حيث بدأت أتابع المسلسلات في رمضان الماضي الذي قضيته خارج مصر. كما أنني أعشق الموسيقى بوجه عام إلى جانب الرسم والتصميم، وأستمع كثيرا إلى أم كلثوم وفيروز ووردة وعبد الحليم حافظ.

ما هي الأعمال المفضلة لديك من بطولة والدتك النجمة منى زكي وأيضا التي قام ببطولتها والدتك النجم أحمد حلمي؟

أحب أن أشاهد لوالدتي مسلسل "لعبة نيوتن"، وفيلم "عسل إسود" هو المفضل لي من أعمال أبي.

همس بندر ممثلة وعارضة أزياء

(حوار مشاعل الدخيل)

بهدوء يشبه بدايات الموهبة الحقيقية، وبحضور لا يحتاج إلى ضجيج، شقّت همس بندر طريقها في عالم التمثيل والموضة لتكون وجها جديدا يمثّل جيلا سعوديا يعبّر عن نفسه بطريقته الخاصة، بلا تصنّع أو تصنيفات. همس ليست فقط عارضة وممثلة، بل هي صوت ناعم لكن واثق. أطلت على الجمهور في أعمال لافتة مثل دورها الأبرز حتى الآن "لمار"، الصحفية الشغوفة في مسلسل “أمي".

جاكيت وتوب وتنورة من جورج حبيقة أقراط من "سيمبليسيتي" Simplicité حذاء من "أند أوذر ستوريز" Other Stories&
جاكيت وتوب وتنورة من جورج حبيقة
أقراط من "سيمبليسيتي" Simplicité
حذاء من "أند أوذر ستوريز" Other Stories&

حدّثينا عن دورك في مسلسل "أمي".. كيف أثّر فيك؟

دوري في مسلسل "أمي" بشخصية "لمار" أثّر فيّ كثيرا. في أول تجربة درامية طويلة لي، ولمدة تصوير تجاوزت تسعة أشهر، وجدت نفسي أتقمّص شخصية الصحفية الشغوفة بشكل عميق، وأعيش تفاصيلها اليومية بكل ما تحمله من مرح وعاطفة وانفعالات متقلّبة. كانت "لمار" أكثر من مجرد دور، كانت تجربة شكّلتني كممثلة، ومنحتني فهما أعمق للتمثيل كفن يُعاش ولا يُؤدى فقط.

بصفتك عارضة وممثلة من هذا الجيل، هل ترين أن الصناعة تتغيّر فعلا لتعكس التنوّع الحقيقي؟

بصفتي ممثلة سعودية أرى أن صناعة الأفلام والدراما بدأت بالفعل تعكس هُويات المجتمع الحقيقية، ونحن على خطوات ثابتة نحو تنوّع أكبر في المستقبل. هناك صورة نمطية عن الهُوية العربية عالميا، وأتمنى أن تتغير. فالعالم العربي، وخاصة الشباب، مليء بالحياة، والشغف، والروح المرحة. ومجتمعاتنا من أكثر المجتمعات كرما وضيافة، وأتمنى أن تعكس الأعمال العالمية هذه الجوانب المضيئة منّا.

ما الذي ترغبين في أن يعرفه العالم عن الجيل الجديد من الشباب العربي؟

الجيل السعودي الشاب طموح وشغوف، ونجح في تنمية مواهبه بجهود فردية حتى قبل توفر الإمكانيات الأكاديمية أو المهنية. مع رؤية المملكة والتطور السريع، أصبح من الواضح أن شغفنا هو الدافع الأساسي، وليس فقط الفرص المتاحة.

ما الدرس الأهم الذي تعلّمته عن نفسك؟

التمثيل غيّرني بشكل كبير. كنت إنسانة هادئة وغير اجتماعية بطبعي، لكن التمثيل ساعدني في التعبير عن نفسي وأفكاري بشكل مريح. زادت ثقتي بنفسي، وأصبحت أكثر راحة بالتعبير عن ذاتي أمام الجميع. والأهم أني بدأت أعمل على شيء أحبه وأشعر بالشغف تجاهه، وهذا ما منحني هذا التغيير.

وكيف أثرت السوشيال ميديا في وعيك بذاتك؟

تشكيل الهُوية اليوم أصبح قرارا واعيا أكثر من كونه شيئا يولد معنا فقط. الميديا لها تأثير كبير في وعينا، حتى أبسط الأمثلة مثل التأثر بمشتريات عبر "تيك توك" تعكس ذلك. أرى أن الشخص يستطيع تحديد هُويته وأهدافه بوضوح إذا استخدم السوشيال ميديا بشكل إيجابي وذكي.

كيف تضعين حدودا تحافظين فيها على ذاتك من دون الانعزال عن العالم؟

لكوني شخصية عامة، من الصعب رسم حدود واضحة مع الجمهور ووسائل التواصل. في الفترات التي يُعرض فيها عملي على الشاشة، يصبح التفاعل مع الناس جزءا من يومي، وقد أشعر أحيانا بالتقصير إذا لم أتفاعل كما اعتادوا. لكن في النهاية، ما يخفف هذا الضغط هو محبة الجمهور، وهذا دليل أن الشخصية التي أقدمها وصلت للناس بصدق، وهو هدفي الأول.

كمجتمع، ما الذي تريدين أن نراه ونتعلمه عن الجيل الجديد؟

إنه جيل متقبّل ومحب للتغيير، وأكثر انفتاحا وتقبلا للآخر، باعتقادي أكثر من أي جيل سابق بسبب التغيرات والتطورات السريعة. هذا الجيل يحب التعبير عن ذاته بوضوح، وأحيانا يكون هذا التعبير مباشرا أو صداميا، لكنه في العمق نابع من شغف حقيقي ورغبة صادقة في إيصال صوته.

التمثيل يتطلب تعاطفا، وعروض الأزياء تتطلب حضورا بصريا، كيف توازنين بين التعبير الداخلي والخارجي؟

أحرص على أن أكون على طبيعتي وبشكل حقيقي في حياتي لأستطيع تجسيد أي شخصية بواقعية وصدق على الشاشة. هذا التوازن بين الداخل والخارج هو ما يمنح العمل تأثيره الحقيقي.

شانا فنانة

(حوار مايا صباح)

تأخذنا الفنانة اللبنانية الشابة "شانا" في رحلة إلى أعماق أفكارها ومشاعرها، لتكشف لنا كيف تصوغ هُويتها بعيدا عن القوالب الجاهزة، وكيف تحمل وطنها وإرثها في صوتها وكلماتها. بين الغناء والبوح والصمت، نتعرف الى إنسانة تعيد تعريف الفن والوجود بصدقٍ وجرأة، وتنقل صورة جيلٍ يحلم ويبدع على الرغم من كل التحديات.

إطلالة كاملة من “غوتشي” Gucci الأقراط استخدمت كإكسسوار للشعر من “أتولييه نوبر” L’Atelier Nawbar
إطلالة كاملة من “غوتشي” Gucci
الأقراط استخدمت كإكسسوار للشعر من “أتولييه نوبر” L’Atelier Nawbar

هل تشعرين أحيانا بأن هُويتك محكومة بتصنيفات جاهزة مثل "جيل زد" أو "الجيل الرقمي"؟ كيف تتجاوزين هذه التصنيفات لتعبّري عن ذاتك الحقيقية؟

بالتأكيد. لطالما شعرت بأن الناس يريدون أن يضعوني في صندوق ما إن يسمعوا كلمات مثل "جيل زد" أو "فنانة" أو "مغنية". لكنني لم أكن يوما جيدة في الانصياع للقوالب الجاهزة. لا أحب أن أتماهى مع صيحات لا تشبهني. أتبع قلبي وصوتي وما تمليه عليّ روحي، وهذا ما يبقيني متجذرة وصادقة مع نفسي. لكوني وُلدت في لبنان، البلد الذي يعيد تشكيل نفسه باستمرار، تعلمت أن الهُوية ليست ثابتة، بل تتحرك وتنكسر وتُبنى من جديد وتحمل القصص معها.

ماذا تقولين لمن يعتقد أن هذا الجيل "مفصول عن جذوره"؟

أود أن أقول: "هل استمعتم إلينا حقا؟" لأنني حين أنظر حولي، أرى جيلا يحاول ويسعى ليفهم من أين أتى، ليس بدافع الواجب، بل بدافع الشوق. قد نُعبّر عن إرثنا بطرق مختلفة: من خلال الموسيقى، أو الأزياء، أو السينما، أو الاحتجاج، أو المحتوى الرقمي، لكن هذا لا يعني أننا تخلّينا عنه. نحن فقط ننطقه بلغة يستطيع العالم أن يسمعها. نترجمه بطرق شتى. وبالنسبة لي كامرأة لبنانية، أحمل جذوري في كل ما أفعله: في نطقي لبعض الكلمات بالإنجليزية أو الفرنسية (وقريبا بالعربية)، في الألحان المستوحاة من صخب بلدي التي تجد طريقها إلى كتاباتي.

من خلال موهبتك الخاصة، كيف يعبر الغناء عن هُويتك؟

الغناء هو المكان الذي أكون فيه مكتملة. حين أغني، أشعر بأنني أقف في وسط كل ما كنت عليه يوما: الطفلة التي تشاهد أساطير الفن في الصباح، والمراهقة التي تكتب كلمات الأغاني على أرضية غرفتها. صوتي هو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، عالمي، لبنان الخاص بي، حياتي مع العالم، وأحيانا يكون ذلك فوضويا، لكنه صادق وحقيقي على الأقل. الأمر لا يتعلق بالكمال، بل بالحضور. الغناء يتيح لي أن أقول ما لا أجد له دائما كلمات كالحنين، والحب، والمقاومة. إنه المكان الوحيد الذي لا أحتاج فيه إلى تفسير نفسي.

لماذا شاركت في "ذا فويس فرنسا"؟ وماذا تعلمت من هذه التجربة؟

برنامج "ذا فويس فرنسا" The Voice France كان خطوة كبيرة بالنسبة إلي، مخاطرة وفرصة اغتنمتها، لأنني أردت أن أنمو. لم أذهب بحثا عن الشهرة. ذهبت لأتحدّى نفسي، وأعرض هُويتي وفني أمام جمهور لا يعرفني بعد، وأغني على أي حال. ما تعلّمته هو: الشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل تعني أن تظهر على الرغم من خوفك، بيدين ترتعشان وصوت ثابت. علّمتني تلك التجربة أن قصتي وصوتي قادران على عبور الحدود. أردت أن أكتشف من يمكنني أن أكون تحت ضغط شيء جديد. تعلّمت أن لصوتي قوة تتجاوز حدود المسرح. علّمتني تلك التجربة أن أمتلك هُويتي بكل لغة، وبكل لهجة، وفي كل نغمة. وأن الأحلام تتحقق. لطالما حلمت أن أكون على ذلك المسرح يوما لأعرف ذلك الشعور. وهذا صار له معانٍ كثيرة في حياتي الآن: إن فعلتها مرة، فأنت فعلتها فعليا، لا شيء مستحيلا. أنا أعيش لأجل هذه التجارب والمخاطرات.

عبد الرحمن رياض عارض أزياء

(حوار مشاعل الدخيل)

عبدالرحمن رياض عارض أزياء من الجيل الجديد، بدأ رحلته أمام الكاميرا، لكنه اليوم يوسّع حضوره إلى ما هو أبعد من المنصة. باهتمام متزايد بتنسيق الإطلالات والعمل خلف الكواليس، يقدّم عبدالرحمن رؤيته الخاصة للموضة كرحلة داخلية قبل أن تكون مظهرا خارجيا. هو جزء من جيل لا يكتفي بأن يُعرض، بل يسأل، يجرّب، ويعيد تشكيل الصورة من الداخل. في هذا الحوار، يتحدث عبدالرحمن عن الهُوية ولماذا لم يعد مهتما بأن يُصنَّف.

إطلالة كاملة من “هيرميس” Hermès حذاء من “جيل ساندر” Jil Sander
إطلالة كاملة من “هيرميس” Hermès
حذاء من “جيل ساندر” Jil Sander

هل ترى أن مجال عرض الأزياء في المنطقة يتجه فعلا نحو التنوع والشمول؟ وكيف تنظر إلى تمثيل الهُوية العربية؟

الصناعة تتحرّك، نعم، لكن بخطى بطيئة. نرى تنوّعا في الوجوه، لا في القصص. يُعرض النموذج المختلف، لكن من دون أن يُسمَع صوته. أما الهُوية العربية، فإما تُقدَّم بصورة نمطية، أو تقدم بشكل عابر. وأعتقد أن الوقت قد حان لنروي حكايتنا بأنفسنا. لا نريد من يمثلنا، بل نريد أن نُعبّر عن أنفسنا بعمق، لا بمجرد صورة.

هل تشعر بأن التصنيفات مثل "جيل زد" تقيّدك؟

لستُ قالبا يُصنَّف تحت عنوان. أسمع مصطلح "جيل زد" كثيرا، لكنني أكثر من مجرد منصة رقمية. أستخدم التقنية، نعم، لكنني لا أُعرّف ذاتي من خلالها. أعبّر عن نفسي بصوتي، وبذوقي، وبعملي. ومن يعرفني، يدرك أنني أخلق مساحتي الخاصة، ولا أنتظر تصنيفا يُنسب إلي.

في ظـل التـــركيـــز المفــرط على المظـــهـــر، كيـــف تحـــافظ على صدقك الداخلي؟

لا أرتدي لألفت النظر، بل لأقول شيئا، بالنسبة لي، كل قطعة وإطلالة يجب أن تحمل معنى أو شعورا خلفها. الأسلوب، بالنسبة إلي، لا ينفصل عن الهُوية. وإذا شعرتُ يوما بأنني أصبحت "رائجا" على حساب نفسي بشكل لا يتقاطع مع شخصيتي، فهذا ليس نجاحا، بل هو أمر مزيف، وسأتوقف فورا.

ما الذي تود أن يعرفه العالم عن جيلك؟

لسنا جيلا سهلا. لا نسير على المسار المفروض، بل نكسره ونرسم طريقنا الخاص. نستمع، ونفهم، لكننا نقرر بأسلوبنا. لدينا حس عالٍ، ولدينا إحساس بالمسؤولية، وربما هذا أكثر ما لم يره الناس فينا بعد.

في عالم مفتوح، كيف تضع حدودك من دون أن تعيش في عزلة؟

لا أرفض العالم، لكنني أختار ما آخذه منه. الانفتاح لا يعني الانسلاخ، بل يعني التمييز. أعرف نفسي، وحدودي ليست ضعفا، بل هي السبب في أنني ما زلت متّزنا وسط كل هذا التشتت من حولنا.

إن استطعت أن تمحو تصورا واحدا عن جيلك، فما هو؟ وماذا يمكن للناس أن يتعلموا منكم؟

سأمحو فكرة أننا جيل "بلا هُوية"، على العكس! نحن نتحمل الكثير، ونواجه تغيرات متسارعة، ومع ذلك ما زلنا صامدين. قد يتعلم الناس منا أمرا بسيطا، لكنه عميق، وهو أنك تستطيع أن تكون مرنا من دون أن تضيع، ومختلفا من دون أن تعتذر.

لارا العمري صانعة محتوى

(حوار مشاعل الدخيل) 

لارا هي صانعة محتوى سعودية أسترالية نشأت في الرياض، وتعلمت كيف تدمج بين ثقافتين لتروي قصتها بطريقتها. من التدوين والتصوير إلى البودكاست ونوادي القراءة، تبني لارا مجتمعا رقميا يعكس هُويتها المركبة، ويعيد تعريف مفاهيم الانتماء والتمثيل الذاتي في عالم اليوم.

جاكيت وسروال جينز من “ماغدا بوتريم” Magda Butrym أقراط من “غوتشي” Gucci أساور من “كارتييه” Cartier حذاء من “جود” Jude
جاكيت وسروال جينز من “ماغدا بوتريم” Magda Butrym
أقراط من “غوتشي” Gucci
أساور من “كارتييه” Cartier
​​​​حذاء من “جود” Jude

بين ثقافتين: كيف أثّر كونك Third Culture Kid في هُويتك؟

أنا محظوظة جدا لأنني أنتمي لتجربتين غيّرتا حياتي: نصف سعودية، نصف أسترالية. على الرغم من هذا الخليط، فإنني أشعر بانتماء أعمق للثقافة السعودية، والقيم، والهُوية. وُلدت وتربيت في الرياض، ودرست في مدرسة عربية. على عكس الصورة النمطية، لم أشعر يوما بأنني "ضائعة بين عالمين". يمكن القول إن والديّ نجحا في زرع التوازن بداخلي. كل ثقافة منحتني أدوات مختلفة، وأفقا أوسع، ومساحات أكبر من الفرص.

بين التصنيفات: هل حاول المجتمع أن يضعك في خانة "شرقية" أو "غربية"؟

أكيد، ولاحظت هذا أكثر عندما انتقلت إلى الخارج. في الرياض كنت "لارا بنت الأم الأسترالية"، وفي سيدني أصبحت "لارا من السعودية". المجتمع يحب التصنيفات، لكنني لم أحبّها يوما. مرّت عليّ لحظة تساؤل: هل سأُقبَل بالكامل في أيّ من الثقافتين؟ لكن الحقيقة أنني لا أحتاج إلى القبول من أحد. أنا أعرف من أكون، وأختار أن آخذ الأفضل من كل عالم. هذا هو الجوهر.

في إعادة تعريف "الانتماء" كيف تستخدمين المحتوى الذي تقدمينه لبناء مجتمع؟

صناعة المحتوى بالنسبة إلي أكبر من مجرد صور ومنشورات. هي وسيلة لبناء روابط حقيقية. كثيرون يشتكون من سلبيات السوشيال ميديا، لكنني وجدت فيها أداة لخلق مساحة تشبهني، ألتقي فيها مع ناس عندهم الرؤية نفسها. أسّست نادي قراءة في الرياض وعبر الإنترنت، وكوّنا مجموعة من الصديقات، نتبادل الأفكار والكتب والضحك. هذا النوع من اللقاءات هو بالضبط ما يجعلني أؤمن بقوة المحتوى كجسر بين الناس.

هل تعتقدين أن خلفيتك المختلطة ميزة أم تحدٍّ في عملك بصفتك صانعة محتوى؟

منذ كنت صغيرة وأنا أعشق التوثيق! أكتب، وألتقط الصور، أحرّر الفيديوهات. والداي كانا يمزحان بأنني خلقت لأكون أمام الكاميرا. اليوم، صناعة المحتوى تسمح لي بتوثيق اللحظات الصغيرة والكبيرة، من التفاصيل اليومية إلى التحوّلات الكبرى في حيــــاتي. بـــيـــن الريــــــاض وسيــــدني، أعيــــش توازنـــا نادرا، وأشارك جمهوري رحلة العيش بين وطنين، بأسلوبي.

في مستقبل المهنة بين الإبداع والدراسة، أين تجدين نفسك؟

أنهيت مؤخرا درجة الماجستير في الإعلام والاتصال، وبعد أربع وظائف مختلفة في القطاع المؤسسي، قررت أن أراهن على نـفســـي. أركّز حاليـــــا على مشــاريـــــعـــــي الشخصـــيــــــة وهي بودكاست "سوالف لارا"، ومتجري الصغير Seven77. كل هذا مرتبط بما درسته، وهو إدارة أعمال وإعلام، لكن الأهم أنه نابع من شغف حقيقي. أنا أطبّق ما تعلمته، لا في وظيفة تقليدية، بل في مساحات أبتكرها بنفسي.

لو أردتِ تصحـيــــح فـــكـــرة خـــاطئـــــة عن الشباب العربي المختلط الهُوية، فماذا تقولين؟

الاعتقاد بأننا "تائهون" أو "لا نعرف من نحن" اعتقاد سطحي جدا. نعم، نواجه أسئلة معقدة عن الهُوية، لكن هذا لا يعني أننا ضعفاء أو مرتبكين. أنا لا أحتاج أن أختار بين هُويتين. أنا الاثنتان معا، وأفتخر بذلك. نواجه تحديات مختلفة، لكننا نعيش تجارب أغنى، ونمتلك حس انتماء مزدوجا يجعلنا أكثر انفتاحا. رسالتي هي لا تحكموا علينا من الخارج، الهُوية ليست داخل صندوق مغلق، بل مساحة مرنة نرسم ملامحها نحن، بتجاربنا، ووعينا، وحواراتنا مع الآخرين.

سلطان مساعد صانع محتوى

(حوار مشاعل الدخيل) 

يبرز سلطان مساعد باعتباره أحد الأصوات الإبداعية الشابة في عالم المحتوى الرقمي. بأسلوب بصري أنيق، وسرد يعكس عمق الهُوية الخليجية، استطاع أن يبني لنفسه حضورا متفردا على المنصات الاجتماعية، حيث يدمج بين القيم المحلية وروح العصر. لا يكتفي سلطان بتقديم محتوى بصري يعكس هُويته وثقافته، بل يسعى من خلال منصاته لبناء مجتمع ملهم يشكّل قاعدة لانطلاقة مشاريع ومنصات تمتد إلى ما هو أبعد من العالم الرقمي. في هذا الحوار، يحدثنا عن تجربته كصانع محتوى من جيل ما بعد الألفية، ورؤيته للهُوية، والانتماء، والمسؤولية الثقافية في زمن العولمة الرقمية.

إطلالة كاملة من “بوس” Boss حذاء من "جوسيبي زانوتي" Giuseppe Zanotti
إطلالة كاملة من “بوس” Boss
حذاء من "جوسيبي زانوتي" Giuseppe Zanotti

كيف توازن بين تقديم محتوى يعكس ثقافتك المحلية، وبين مواكبة الذوق العالمي والمنصات الاجتماعية؟

أنا مواطن إماراتي، وأرى أن هذه مسؤولية وفرصة في الوقت نفسه. أحـــــاول دائمـــــا أن أعـــــكس قيـــمــنــــــا وثقافتــنا في المحتوى الذي أقدمه، سواء في طريقة الكلام أو التفاصيل البسيطة، وفي الوقت ذاته أقدّم المحتوى بأسلوب حديث يلامس اهتمامات النـــاس اليــــوم. الهدف أن يكون المحتـــــوى قريبـــا من النــاس وأن يصل الى عدد أكبر، من دون أن أفقد هُويتي فيما أقدمه.

هل شعرت يوما بأن هُويتك محكومة من ضمن تصنيفات مثل "جيل زد" أو "الجيل الرقمي"؟ كيف تحرص على أن يكون محتواك امتدادا حقيقيا لشخصيتك، لا انعكاسا لصورة نمطية؟

أسمع التصنيفات هذه كثيرا، لكن لا أحب أن أجعلها تحدد هُويتي. صحيح أنني من "جيل زد" وعشت في عالم رقمي، لكني قبل كل شيء إنسان ولديّ قناعاتي وطريقتي الخاصة. دائما أحرص على أن يعبر المحتوى الذي أقدمه عن شخصيتي الحقيقية والأشياء التي أؤمن بها، وألا يكون مجرد محاولة لتمثيل صورة نمطية عن جيلي.

كيف تصف إحساسك بالانتماء في ظل تداخل الثقافات؟ وهل ترى أن الهُوية اليوم ثابتة أم مرنة وتُعاد صياغتها مع كل تجربة جديدة؟

أرى أن الهُوية ثابتة في قيمها وأساسها، لكنها مرنة في تفاصيلها. حياتنا في الإمارات علمتنا أن نتقبل كل الثقافات ونتعلم منها، لكن في الوقت نفسه نتمسك بجذورنا وعاداتنا. كل تجربة جديدة أمر بها، سواء في السفر أو في عملي مع ناس من ثقافات مختلفة، تضيف لي وتدفعني إلى تطوير نفسي، لكن هُويتي الإماراتية تبقى الأساس الذي أعود له.

كيف تظهر ملامح الهُوية الإماراتية في أسلوبك البصري وطريقة سردك؟ وهل تعتبر هذا الجانب جزءا من مسؤوليتك بصفتك مبدعا خليجيا؟

تظهر في أشياء بسيطة أحيانا، مثل الألوان التي أستخدمها، أو طريقة الكلام، أو حتى تصوير التفاصيل. أشعر بأن من مسؤوليتي كمواطن إماراتي ومبدع خليجي أن أظهر هُويتنا بصورة حديثة، لكي أوصل رسالة للعالم أننا جيل واعٍ ومبدع، وعندنا قصص نستطيع أن نرويها بأسلوب جميل ويشبهنا.

كيـف تــرى مستقــبــلك المهــني؟ وهل تـنــظــــر إلى صنـــاعـــــة المحـتوى كمسار طويل يُمكن أن يتطوّر، أم كمرحلة عابرة تمهّد لخطوة أخرى؟

صناعة المحتوى مسار طويل وقابل للتطور مع الوقت. بالنسبة إلي، صناعة المحتوى ليست مرحلة عابرة، بل هي وسيلة لبناء صوت وهُوية، وفتح أبواب لفرص أكبر سواء في المشاريع أو التعاونات مع علامات أو حتى تأسيس مشاريعي الخاصة في المستقبل. أعتبر ذلك أساسا أستطيع أن أبني عليه خطوات جديدة بإذن الله.

لو أتيح لك أن تمحو تصورا مغلوطا واحدا عن الجيل الخليـــجي الجـــديـــد، فماذا سيكــــون؟ وما الذي تتـــمنى أن يفهمه الناس عن جيلكم فعلا؟

أحب أن أمحو فكرة أن الجيل الخليجي الجديد "سطحي" أو "مشغول بالمظاهر"، جيلنا واعٍ وطموح، وفعلا نحرص على أن نبني مستقبلا يليق بنا وبثقافتنا، وأن نعرف في الوقت نفسه كيف نواكب العالم، ونستخدم الأدوات المتاحة لدينا بشكل إيجابي. أتمنى أن يرى الناس أننا جيل قادر على أن يوازن بين التمسك بهُويته والانفتاح على العالم.

تالا العقيل صانعة محتوى

(حوار مشاعل الدخيل) 

تالا شخصية إبداعية متفردة في عالم الموضة، ظهرت بقوة على منصات التواصل الاجتماعي بصورتها الأنيقة والغامضة. تجمع بين البساطة والأصالة، تبرز بأسلوبها الخاص الذي يترك دائما أثرا في قلب الجمهور، ويثير الفضول حول قصتها وحضورها.

فستان وحذاء من “غوتشي” Gucci
فستان وحذاء من “غوتشي” Gucci

تعملين بدوام كامل، ومع ذلك تحافظين على حضورك الرقمي ومحتواك الأنيق والبسيط. كيف تجدين هذا التوازن بين العمل والحضور الإبداعي؟

نعم، هذا صحيح. كنت أعمل بدوام كامل في القسم القانوني ضمن القطاع الاستثماري، وفي الوقت نفسه كنت أحرص على الحضور عبر منصات التواصل وصناعة محتوى يعكس شخصيتي. لكن مؤخرا، اتخذت قرارا كبيرا بترك العمل في المجال المؤسسي، لأتفرغ تماما لمسيرتي الإبداعية. وهذه أول مرة أشارك هذا القرار مع الآخرين. لم يكن الأمر سهلا، لكنه كان القرار الذي شعرت بأنه يناسبني. قررت أن أستمع إلى شغفي وأمنحه كل وقتي وجهدي. فوسائل التواصل أصبحت وظيفة بحد ذاتها، تتطلب التزاما وإبداعا وسفرا مستمرا.

هل شعرتِ يوما بأن تصنيفات مثل "جيل زد" أو "الجيل الرقمي" تضعك في قالب محدود؟ وكيف تعبّرين عن نفسك خارج هذه التصنيفات؟

ولدت عام 1997، أي أنني على الحدود بين جيل الألفية وجيل زد. ودائما ما شعرت بأنني أحمل صفات من الجيلين، وهذا أمر أقدّره وأحبّه. لم أشعر يوما بأن هذه التصنيفات تقيّدني، بل على العكس، أجد فيها مساحة أوسع للتعبير. في كل ما أفعله، أحاول أن أكون صادقة مع نفسي. حتى في مواقع التواصل، لا أرى نفسي شخصية مختلفة. المحتوى الذي أقدمه هو انعكاس حقيقي لاهتماماتي، وشخصيتي، وأسلوب حياتي.

في ظل وتيرة الحياة السريعة وثقافة الظهور المستمر، كيف تضعين حدودا تحافظين فيها على خصوصيتك وهُويتك الحقيقية؟

أحافظ على هُويتي من خلال فهمي العميق لنفسي. هذا الفهم يتكوّن مع الوقت، من التجارب والتأمل والقيم التي أؤمن بها. عندما تكون هذه الأسس واضحة، يصبح من السهل أن أرسم حدودي، وأتمسّك بها مهما كانت الضغوط.

ما الذي ترين أننا نخسره حين يجري تصوير الهُوية العربية بشكل سطحي أو نمطي؟ وما الذي تتمنين أن يفهمه العالم عن جيلك؟

عندما تُعرض الهُوية العربية بشكل سطحي أو نمطي، نخسر تنوّعها وعمقها وجمالها الحقيقي. تصبح الصورة التي تُنقل للآخرين ناقصة أو غير دقيقة، وهذا يقلل من فهمهم لنا وتقديرهم لثقافتنا. أتمنى أن يدرك العالم أن جيلي يحمل فخره بأصوله، وفي الوقت ذاته منفتح على العالم. نحن نعيش حاضرنا بطريقتنا، ونرسم مستقبلنا بأدواتنا، من دون أن نتخلى عن هُويتنا. نحن جيل طموح، نبحث عن المعنى، ونروي قصصا جديدة تعبّر عنا.

هل ترين أن هُويتك اليوم هي خيار واعٍ تبنينه، أم أنها شيء وُلد معك؟ وما الدور الذي لعبه عملك اليومي في تشكيل هذا الوعي؟

أعتقد أن جزءا من هُويتنا يولد معنا، مثل الجنس والجنسية والتقاليد التي نشأنا فيها، وأنا أفتخر بكل ذلك. لكنني أيضا أؤمن بأن الهُوية تتطوّر مع الوقت، وتنضج مع التجارب. عملي اليومي ساعدني كثيرا في تشكيل وعيي. خصوصا في العشرينيات، هذه المرحلة التي نحاول فيها اكتشاف أنفسنا. لا بأس أن نجرّب، أن نخطئ، أن نغيّر الاتجاه، إلى أن نصل إلى المكان الذي نشعر فيه بأننا في المسار الصحيح.

لو أتيح لكِ محو تصور خاطئ واحد عن جيلك، فماذا سيكون؟ وما الدرس الذي تتمنين أن تتعلّمه الأجيال الأخرى منكم؟

لو كان باستطاعتي إزالة فكرة خاطئة واحدة عن "جيل زد"، فستكون أننا جيل كسول. هذه صورة بعيدة تماما عن الواقع. نحن جيل طموح، نحب العمل المستقل، ونسعى لبناء مشاريعنا بأنفسنا. نبحث عن عمل يحمل معنى، ونتطلع إلى حياة متوازنة. نُعطي أولوية لصحتنا النفسية وتوازن حياتنا، وهذا لا يعني أننا غير جادين. بل على العكس، نحن نعمل بذكاء، ونؤمن بأن النجاح الحقيقي لا يجب أن يكون على حساب الراحة أو الذات.

Credits

    الإخراج الإبداعي وإدارة الأزياء: Jeff Aoun

    CGI: Garry Cortez

    إنتاج: Jesse Vora

    تنسيق الأزياء: Aleksandra Markovic

    مساعدة تنسيق الأزياء: Dora Boros

    تصفيف شعر: Jazmin Lois Rodriguez
    Kavya Rajpowell

    مكياج: Safiyah Cassim
    Mauro Hernan

    فني إضاءة: Yasir Ali Shah