دوناتيلا فيرساتشي... 70 عامًا من القوة والأناقة والابتكار

دوناتيلا فيرساتشي... 70 عامًا من القوة والأناقة والابتكار

نادين منيّر

تحتفل أيقونة الموضة "دوناتيلا فيرساتشي" بعيد ميلادها السبعين، في لحظة فارقة من مسيرتها المبهرة، إذ تدخل مرحلة جديدة من حياتها بعد تنحيها عن منصبها كمديرة إبداعية لدار "فيرساتشي" Versace. لحظة تأمل، ولكنها أيضًا لحظة احتفال بامرأة أعادت تعريف القوة الأنثوية في الموضة، وشكّلت إحدى أكثر الهويات البصرية تميزًا في تاريخ الصناعة.

دوناتيلا فيرساتشي في آخر مجموعة قدّمتها لموسم خريف وشتاء 2025-2026
دوناتيلا فيرساتشي في آخر مجموعة قدّمتها لموسم خريف وشتاء 2025-2026

دوناتيلا فيرساتشي: سبعون عامًا من الموضة، التأثير والتمكين

اليوم، وهي تطفئ شمعتها السبعين، نحتفل بدوناتيلا التي أثبتت أن الأناقة الحقيقية لا ترتبط بالعمر، بل بالشغف، والجرأة، والإرادة في صنع فرق حقيقي. سبعون عامًا من الموضة، التأثير، والتمكين.

عمل جياني فيرساتشي، المولود في ريجيو كالابريا، لدى ماركات أزياء إيطالية، منها كالاغان وجيني، قبل أن يؤسس علامته التجارية الخاصة عام 1978 باقتراح من شقيقه سانتو، صاحب العقلية التجارية، والذي أصبح الرئيس التنفيذي. كانت دوناتيلا إلى جانبهما منذ البداية. عملت شقيقتهما الصغرى كملهمة ومصممة للعلامة: ففي أوائل الثمانينيات، كان لها دور فعال في شراء قصر الدار الواقع في شارع جيسو بميلانو، موطن نقش ميدوسا الأيقوني لفيرساتشي، في مزاد علني.

بعد تأسيسه عام 1989، بدأت دوناتيلا العمل في أتيليه فيرساتشي (حيث استلهمت في البداية فكرة إدخال دبوس الأمان كقطعة من رموز الدار). عندما أطلق جياني خط التوزيع "فيرسوس" عام 1993، عهد إلى دوناتيلا بالإشراف على تصميمه. ورغم ميل العائلة إلى النقاشات الحادة، إلا أنها كانت أيضًا وثيقة الصلة. كما قال جياني ذات مرة: "يمكنك الوثوق بهم. يمكنك الشجار معهم والعودة إلى الحب. يمكننا الشجار في السادسة مساءً وتناول عشاء لذيذ في الثامنة."

في ختام عرض مجموعة فيرساتشي الراقية لخريف وشتاء 19981999 في باريس
في ختام عرض مجموعة فيرساتشي الراقية لخريف وشتاء 1998-1999 في باريس

منذ اغتيال شقيقها المؤسس جياني فيرساتشي في عام 1997، واجهت دوناتيلا تحديات هائلة، ليس فقط في قيادة دار أزياء فقدت روحها، بل في إثبات نفسها كقوة إبداعية مستقلة. ومع كل مجموعة، كانت تعيد إحياء إرث شقيقها، ولكن بأسلوبها الخاص، الذي جمع بين الفخامة الجريئة والأنوثة القوية. رسّخت دوناتيلا هوية فيرساتشي المعاصرة ببصمة جمالية تستلهم من التاريخ الروماني، وصاغتها في تصاميم تخاطب المرأة التي لا تخشى الظهور والتأثير. لم تكن الموضة بالنسبة لها مجرد ملابس، بل رسالة عن التمكين، الحرية، والاعتزاز بالذات.

في مجموعة ربيع وصيف 2018 احتفلت دوناتيلا بالذكرى العشرين لوفاة شقيقها من خلال جمع بعض عارضات الأزياء الرئيسيات اللواتي دعمهن خلال التسعينيات. ظهرت كل من نعومي كامبل، كارلا بروني، سيندي كروفورد، كلوديا شيفر، وهيلينا كريستنسن في عرض أيقوني.

احتفلت دوناتيلا بالذكرى العشرين لوفاة شقيقها في مجموعة ربيع وصيف 2018
احتفلت دوناتيلا بالذكرى العشرين لوفاة شقيقها في مجموعة ربيع وصيف 2018 

مفضّلة لدى النجوم

ومثلما أثّرت في الموضة، تجاوزت دوناتيلا حدود الصناعة، لتصبح رمزًا ثقافيًا ألهم شخصيات من مجالات الفن والموسيقى. لم تكن أغنية Donatella التي أهدتها ليدي غاغا سوى شهادة على حضورها الطاغي كرمز للمرأة الجريئة التي لا تعتذر عن قوتها أو أسلوبها.

على مرّ السنوات، نجحت دوناتيلا فيرساتشي في إعادة تشكيل صورتها لتصبح السيدة الأولى بلا منازع في عالم الموضة. اليوم، تُعَدّ من أكثر الشخصيات المحبوبة لدى كبار النجوم حول العالم. ليدي غاغا، مادونا، وأنجلينا جولي جميعهن ارتدين تصاميمها. وفي عام 2000، عندما ارتدت جينيفر لوبيز فستان فيرساتشي الأخضر الشهير ذو القَصّة الجريئة في حفل توزيع جوائز الغرامي، أثار الفستان موجة جماهيرية عارمة.

اطلالة أيقونية لجينيفر لوبيز بفستان فيرساتشي الأخضر الشهير
اطلالة أيقونية لجينيفر لوبيز بفستان فيرساتشي الأخضر الشهير 

ودّعت فيرساتشي عشية عيد ميلادها

تملك دوناتيلا فيرساتشي سجلًا حافلًا بالإنجازات. ففي ظل قيادتها، تحوّلت علامة فيرساتشي إلى قوة عالمية أكثر تأثيرًا وانتشارًا. أما دوناتيلا نفسها، فقد أصبحت أسطورة حية ونادرًا ما تغيب عن الأحداث الكبرى على السجادة الحمراء. اسمها أصبح معروفًا حتى خارج حدود عالم الموضة.

لكن، وقبل بلوغها عامها السبعين بقليل، وبعد ما يقارب ثلاثة عقود من القيادة الإبداعية، أعلنت دوناتيلا تنحيها عن منصبها كمديرة إبداعية، مسلّمة الدفّة لجيل جديد من المصممين. وهي اليوم تشغل منصب سفيرة العلامة، إيذانًا بانتهاء حقبة وبداية مرحلة جديدة.

وسرعان ما تزامن هذا التحول مع استحواذ دار "برادا" Prada على علامة فيرساتشي. وقد بدت دوناتيلا في حالة رضا وسلام مع هذا التغيير، حيث نشرت صورة تجمعها بميوتشيا برادا عبر إنستغرام، وكتبت أنها ستدعم المرحلة الجديدة "بكل الطرق الممكنة".

ما يجمع بين دوناتيلا وميوتشيا هو أكثر من مجرد تعاون؛ فكلاهما تحدّتا النظام الذكوري الذي هيمن على صناعة الموضة الإيطالية لعقود، ونجحتا في ترسيخ مكانتهما بكل جرأة وثبات.