فيلم "لا مؤاخذة": طفل يسلك مسار الإنتماء في مرحلة التغيير!

هي – هلا الجريد
 
من طبقة برجوازية إلى أحد أفراد الطبقة المتوسطة أو البسيطة... هذا التحول حدث لعائلة الطفل هاني عبدالله بيتر بعد أن فقد والده في مشهد كوميدي ساخر وبتعليق الفنان أحمد حلمي في سرد كوميدي لأحداث الفيلم الذي يتمحور عن الطائفية والطبقية في مصر.
 
تنقلب حياة العائلة القبطية السعيدة التي كانت مكونة من أب يعمل كمدير بنك، وأم عازفة تشيللو في الأوبرا، وطفل يدرس في أحد المدارس الأجنبية، يمارس الرياضة  وبارع في العلوم بالإضافة إلى أنه يملك روح الدعابة وهي حياة مرفهة ويحبها ويحب مصر لأنه يراها مصر التي يعرفها. 
 
ولكن بعد أن توفي والده وإستيلاء أعمامه على ميراثه، وللتوفير في المصاريف تضطر والدته إلى الإذعان لمطلب طفلها بأن يستبدل مدرسته الخاصة بمدرسة حكومة لأنه يرى أن لا فرق بين المدرستين حسب ما كان يظن بعد أن قام بعملية بحث على الإنترنت عن تاريخ المدرسة التي لا تمت للواقع بصلة.
 
وتبدأ المفارقات عند دخوله للمدرسة التي لا تتوفر فيها أدنى درجات المدرسة النموذجية، حيث لا تتوفر النظافة ولا الإنضباط كما أن مستوى الألفاظ متدنّ عند التلاميذ والأساتذة على حد سواء، بالإضافة إلى أن الطبقة التي تسود في المدرسة هي الطبقة التي يطلق عليها "لا مؤاخذة" من يعملون في مهن متواضعة مثل السباكة والحدادة وغيرها.
 
وفي بداية التعارف طلب المدرس من التلاميذ أن يذكروا أسماءهم للتعرف عليهم وهذا ما يقوله ولكن في باطن الامر والسبب الرئيسي هو تصنيفهم وعندما جاء دور هاني لتعريف بنفسه وذكر اسمه (هاني عبدالله بي .. ) قاطعه ولم يميز إنه مسيحي وقال "الحمد الله كلنا مسلمين"! ليصمت هاني ولا يعترف بأنه مسيحي ويمارس الشعائر الدينية المسلمة مع بقية التلاميذ.
 
ولإختلافه عن بقية التلاميذ، وهذا ما فطن له كل من في المدرسة، أن هاني "ابن ناس" وهو الأمر الذي جعله يستبسل لأن يثبت لكل من في هذا المجتمع الغريب عنه بأنه قادر على التعايش فيه رغم الإختلاف ولكن يريد أن يكون بنفس كيانه بدون تغيير وأن يكون مواطنا مصريا ويحب مصر لأن المواطنة حق للجميع وليست حكراً على طبقة أو على طائفة معينة. رفض الهجرة مع والدته واستمر في هذه المدرسة لا ليسترضي من فيها بل ليدافع وإن كان بالقوة عن هويته المسيحية حيث كان يعتذر في كل ليلة أمام الصليب لإخفائه أنه مسيحي.
 
للفيلم أبعاد كثيرة تشرح خوف الكبار من عالم الصغار لتطّورهم وإدراكهم السريع للتقنيات الحديثة، كما أن الفيلم يحمل رسالة ودعوة صريحة إلى التجانس ونبذ الفروقات الدينية والإجتماعية والتعايش في المجتمع المصري الكبير الذي يضم أناسا من مختلف العقائد والطبقات يحاسبون بالتساوي لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وهذا ما دل عليه المشهد الاخير في الفيلم.