لا "عيد" بلا "عيدية"
فاتن أمان
سواء كان المبلغ صغيراً أو كبيراً.. لا يستطيع الأطفال الاستغناء عن حقهم فى الحصول على "العيدية" خلال الأعياد من الأم والأب و الأقارب وأصدقاء العائلة الحميمين، حيث تضفي هذه العادة التى توارثها الأجيال البهجة الى الجميع، بل أنها أصبحت ضمن موروثات الشعوب العربية وجزء أساسي من فرحة أبنائنا بالعيد. وتعتبر العيدية من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد وهي عادة جميلة ورسالة حب وود تدل علي التكافل الاجتماعي والشعور بالآخرين وإسعادهم فينتظرها الأطفال مع أول أيام العيد من الجميع ليتباهوا ويتفاخروا فيما بينهم بما حصلوا عليه من نقود. ومازال في بعض الأماكن، وفي الصباح الباكر لأول أيام العيد، يلبس الأطفال ملابسهم الجديدة ويطوفون علي البيوت يهنئون أصحابها بقدوم العيد ويقفون في انتظار العيدية وهنا يتم اخراج النقود وتوزيعها علي الصغار وسط ابتسامات وفرح.
ولكن لكل زمن وعصر فرحة خاصة اختلفت باختلاف التطور الذي نعيشه، فقد كان مبلغ "العيدية" سابقا زهيدا ولكن الطفل كان يفرح به كثيرا ويحاول أن يشتري منه ما كان يحلم به طول العام كدراجة هوائية أو حقيبة جديدة أو لعبة بسيطة وحلوى احتفالاً بقدوم العيد... أما في الوقت الحاضر فتغيرت اهتمامات الطفل بتغير عصر التكنولوجيا، حيث أصبحت المادة متوفرة، ومتطلبات الطفل متاحة له على مدار السنة ولديه مصروف شهري يستطيع به شراء ما يرغب في أي وقت فمبلغ "العيدية" الآن لا يكفي لشراء بعض الأجهزة الإلكترونية والألعاب الحديثة أو شراء هاتف محمول يطمحون إليه. لكن تظل للعيدية فرحة لا يكتمل العيد بدونها.
لكن ما هي قصة العيدية وكيف تطورت حتي وصلت إلي شكلها الحالي حيث بدأت بطبق مملوء بالدنانير الذهبية وانتهت بالجنيهات الجديدة؟
معنى "عيد"
كان أكثر ما يلفت النظر هي كلمة "عيد" نفسها إذ إنها تعني كثرة عوائد الله على عباده من غفران الذنوب.
"أصل العيدية"
العيدية كلمة عربية منسوبة إلى العيد وترجع أصل "العيدية" إلى العصر المملوكي في مصر، واتخذت العيدية حينها أشكالًا عديدة ومتنوعة، فلم تعط كنقود فقط، بل كان كل عصر يتميز عن الآخر في شكلها، وكيفية أعطائها، فـبالرغم من أن البداية كانت بالعصر المملوكي إلا أن العيدية كانت تتميز فيه بأنها غير رسمية، وكان رئيس الدولة يصرف راتبا بمناسبة العيد لموظفي الدولة، من الجنود والأمراء، وكانت تسمة "بالجامكية" ولكن تم تأكيد أعطائها في مصر بالعصر الفاطمي، وكانت في بدء الأمر تعطى من باب صلة الرحم والأقارب، وسميت "بالعيدية" لكن "المعز لدين الله الفاطمي" عندما أتى لحكم مصر، كان يعيطها لرجال الدولة، وحاشية الملك، وفقهاء الدين، وعامة الشعب، وتميز الفاطميون بأنهم أول من قاموا بعمل "عملة تذكارية"، يتم توزيعها على الناس أثناء الأعياد في عهد "المعز لدين الله"، وكان يصل وزن هذه العملة إلى 194 من ألف غرام ذهب، واسمها بـ" الخروبة".
استمرت "الخروبة" حتى عهد "العزيز بالله الفاطمي"، والذي سار على نهج من خلفه من الحكام الفاطميين، وعرف بمقولته الشهيرة التي تتميز بقولها عندما يتم توزيع "الخروبة" على الشعب، فكان يقول: "أني والله أحب أن أرى أثر النعمة على عبادي".
وبالرغم من تباهي حكام العصر الفاطمي بإعطاء العيدية للشعب والوزراء، إلا أن بمجرد مجيء العصر الأيوبي، أصبح لا يوجد أي شكل رسمي من أشكال العيدية، ولم يذكر في كتب التاريخ الأيوبي أي مسمى لها، لكن ظلت "العيدية" تقليدا محببا حتى يومنا هذا، يجلب الفرحة والبهجة للجميع خاصة الأطفال الذين يرفعون شعار "لا عيد بلا "عيدية".