د.غادة الحارثي لـ"هي": المرأة السعودية سفيرة لوطنها عندما تكون موظفة وطالبة ومستثمرة وسائحة

الدكتورة غادة الحارثي، نموذج للمرأة السعودية الناجحة، استثمرت فرصة ابتعاثها إلى المملكة المتحدة لتحقق طموحها العلمي والمهني، وتنهل من العلم، وتتخصص في واحد من أهم التخصصات الحيوية للأعمال الريادية والاجتماعية في المنظمات الدولية والشركات والحكومات، لتتبوأ موقعاً استراتيجيا مهنيا عاليا في المملكة المتحدة وبلدها الأم السعودية. هي مستشار عن الشرق الأوسط لتقديم وتطوير المحتوى للاستشارات لمشاريع المملكة المتحدة في الشرق الأوسط. مجلة "هي" التقتها في لندن في جامعة الفنون في لندن Central Saint Martins ، حيث تقوم بتدريس طلبة الدراسات العليا عن الإبداع والابتكار الاجتماعي و الثقافي، لتحدثنا عن مشوارها الدراسي والمهني، وكيف وظفت تخصصها لتحقيق تغيير إيجابي في المجتمعات.

حوار: سڤانا البدري Savanah Al Badri
حديثنا عن رحلتك وتخصصك العلمي والبحوث التي تضمنتها دراستك العليا؟
التخصص العام في أبحاثي يتعلق بالروابط الحيوية، بين الأعمال الريادية والاجتماعية في المنظمات الإنسانية الدولية والمؤسسات والشركات والحكومات في السياق الدولي، وأيضا السعودي. وتعمقت في أبحاثي للوصول إلى درجة من الوعي والفهم للاستراتيجيات التي تقوم الشركات الاجتماعية الناجحة باتباعها، لتتمكن من بناء قدراتها، وتحقيق التأثير في البيئة التي تحتاج إلى النضج لتحقيق الدعم المؤسسي لريادة الأعمال الاجتماعية. وتناولت في أبحاثي مجالات الإعلام وأساسيات الدبلوماسية، وركزت على دراسة تنوع الثقافات والتطور التاريخي، وإحياء الفنون وأدواته. وما زلت أبحث بشكل متواصل في مجالات الإبداع والابتكار في مجالات المعرفة والفنون. مكنتني رحلتي الدراسية بدءا من البكالوريوس في University of Sheffield ، وعملي ممثلة للطلبة الدوليين في مكتب الجامعة الدولي لأربع سنوات متتالية، من التعرف إلى طلبة من ثقافات مختلفة، كما سنحت لي فرصة السفر في رحلات جامعية للسياحة، وأيضا لتمثيل الجامعة في عدد من الدول، منها الصين ودول الشرق. وبحكم هذه التجربة الثرية، أيقنت أهمية العلاقات الدولية والتواصل والحوار وتبادل الثقافات، وشاركت في مؤتمرات عدة، منها مؤتمر الإبداع الاجتماعي المشترك بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية واليابان. كل هذه المشاركات صقلت دراستي، ليصبح هدفي في الدراسات العليا في جامعة SOAS University of London التركيز بعمق على إجراء البحوث القادرة على تحقيق تغيير إيجابي في المجتمعات.
كيف ترجمتِ تخصصك المهني في مجال الإدارة والعلاقات الدولية لخدمة المجتمع العربي والسعودي تحديدا؟
دراستي وعملي وخبراتي تدعم العلاقات الدولية والتواصل بين بريطانيا والدول العربية، وبحكم أن المشاريع والمستفيدين من هذه المشاريع هم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأغلب المشاريع التي عملت عليها كانت في دولة الإمارات أو في المملكة العربية السعودية وبريطانيا. فمنذ بداية رحلتي للمملكة المتحدة في فترة دراستي لمرحلة البكالوريوس كنت أعمل بدوام جزئي أثناء دراستي في الجامعة، أو أعمل مع شركات بريطانية، وخلال مرحلتي الماجستير والدكتوراة وعلى مدى السنوات الثماني الماضية تعاونت مع مؤسسات دولية وثقافية رئيسة في الخليج وحول العالم لتعزيز تاريخ وثقافة الشرق الأوسط في المملكة المتحدة. كما شاركت في تقديم مجموعة واسعة من الفعاليات والمعارض الدولية من خلال التعامل مع الحكومات والجامعات والمؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الدولية.
وحاليا أعمل مستشارة عن الشرق الأوسط، طبيعة عملي تتضمن تقديم الأبحاث وتطوير المحتوى للاستشارات في المملكة المتحدة لمشاريع في الشرق الأوسط. أيضا أعمل دكتورة مشاركة في جامعة Central Saint Martins (جامعة الفنون في لندن)، حيث أدرّس طلبة الدراسات العليا  عن الإبداع والابتكار الاجتماعي، وأشرف على إعداد رسائلهم العلمية.

عام 2010 مثلتِ جامعة University of Sheffield البريطانية في الصين، بهدف تعزيز التواصل بين بريطانيا والصين، حديثنا عن تجربة التواصل، وكيف يمكن تطبيقها في العالم العربي؟
كانت تجربة السياحة التعليمية من بريطانيا إلى الصين من التجارب الفريدة التي استمعت بها كثيرا، فقد أرسلتني University of Sheffield البريطانية إلى العاصمة الصينية بكين بعد دراستي للغة الصينية لمدة سنتين، ومشاركتي في مركز ال Confucius institute . وبقيت في الصين مدة شهرين، حيث تعرفت إلى الثقافة الصينية، وسنحت لي الفرصة لزيارة الجناح السعودي في Shanghai Expo 2010 ، كما زرت عددا من الجامعات والمتاحف والمسارح وغيرها حول الصين، وحظيت بزيارة وتسلق المعلم التاريخي المهم سور الصين العظيم، وعقدت بضع لقاءات مجدولة لتعزيز التعاون بين الجامعات البريطانية والصينية على المستوى الطلابي، ونتج عن تلك اللقاءات مشاريع مشتركة للطلبة. ومن حيث استفادة الجامعات العربية والسعودية، خاصة من هذه التجربة، أتوقع أنها مهمة جدا للطلبة، وتحقق أهدافا استراتيجية محورية في الحوارات الطلابية المستقبلية وثقافاتهم، كما أنها تؤكد تفعيل العلاقات الدولية.
ما خططك المستقبلية؟
الاستمرار في تقديم الاستشارات للشركات الدولية في بريطانيا، فقد اكتسبت خبرة في كيفية تيسير وخلق السلاسة في العمل بين المجتمع البريطاني والمجتمع العربي، وتحديدا السعودي. وكما أنني محاضرة في جامعة Central Saint Martins ، وهي من أهم الجامعات عالميا في تدريس الابداع والابتكار، وأعمل معهم على تطوير المحتوى والتنوع الحضاري والعرقي في الجامعة. ولدي خطط مستقبلية كثيرة تدعم بناء حلمي بصفتي قائدة مستقبلية لأحد المراكز الدولية بإذن الله. استلمتِ جائزة التميز في البحوث وتمثيل المملكة في المحافل الدولية.

حدثينا عن هذه الجائزة، وماذا أضافت لك؟
الجائزة كانت لفتة رائعة من دولتنا وحكومتنا، وكرمت خلال الحفل السنوي للسفارة السعودية في لندن عام 2018 ، وكان لي شرف استلام الجائزة من السفير السعودي، وألقيت كلمة أحث فيها الطلبة السعوديين على الاجتهاد، فهم سفراء لوطنهم، وعند عودتهم ستكون لديهم الفرص الأفضل للمشاركة في تنمية وطنهم، كنت انتهزت الفرصة للتعريف عن بحثي حول العلاقات الدولية في مجال الأعمال الاجتماعية والنموذج المتوافق مع رؤية 2030 السعودية. وشكلت هذه الجائزة حقيقة محفزا ذاتيا لأستمر في عملي البحثي وتطوير إمكاناتي البحثية باستمرار.
كيف تصفين الصورة الجديدة بوجه عام للمرأة والدولة السعودية؟
في بداية رحلتي لبريطانيا عام 2009 كنت أتعرض لأسئلة كثيرة أظهرت لي قلة المعلومات التي لدى الغرب عن حضارتنا وعن المرأة السعودية، ولكن مع مرور السنوات حتى يومنا هذا، لمست التطور في الصورة الإيجابية وأسلوب التعامل المهني والشخصي مع البريطانيين وغيرهم من الأوروبيين، فلا يمكن تجاهل السعودية الجديدة بحلتها 2030 ، ففيها دعم كامل وشامل لصورة دولية متجانسة مع ثقافة الآخر ومحققة للنمو العالمي، ومشاركة في المحفل الدولي على جميع الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فالمرأة السعودية سفيرة لوطنها عندما تكون موظفة وطالبة ومستثمرة وسائحة. فالتغير الذي تمر به السعودية شمل الأنظمة والقوانين والتواصل الحضاري والحوار مع الطرف الآخر وتشجيع السياحة والاستثمار، كل تلك التغيرات حققت نموا وطنيا محليا، وبطبيعة الحال النمو السعودي على المستوى الدولي. وتعودت كل يوم أن أرى وأسمع عن تغير جديد وباهر، وأشارك في تهنئة أخواتي السعوديات لنجاحاتهن الدولية سياسيا وأكاديميا واقتصاديا. ونحلم بالمزيد، وطموحنا يعلو يوما بعد آخر، فالمرأة السعودية تعيش نقلة نوعية في مسيرة حياتها مبهرة ويجب أن تعكس جميع وسائل الاعلام هذه الصورة الواقعية.
إلى أي مدى ستكون رؤية 2030 الراية المنشودة في تحقيق اقتصاد مزدهر ووطن طموح ومجتمع حيوي؟
رؤية 2030 تحمل في طياتها نموا وازدهارا شاملا لتحقيق وطن مزدهر له دوره الحيوي في الخريطة الدولية، والمراحل التي تمر بها تلك الرؤية تعتني بها الحكومة السعودية، وتسعى لتسهيل كل ما يمكن لتحقيق أهداف 2030 . وأثناء زياراتي المتعددة للسعودية أرى التطورات الباهرة، والفرص الكبيرة التي يستثمرها السعودي والمقيم على حد سواء، وفي هذا الشأن كانت لي مشاركة للحديث عن التحول الرقمي المذهل في السعودية الذي حققته الحكومة الإلكترونية في فترة قياسية. كما تحدثت عن البرامج السياحية والثقافية والفنون الوطنية التي كانت جزءا من المشاريع التي عملت عليها لرؤية 2030 خلال لقاءات حية هذه السنة مع الجمعية السعودية البريطانية، وأيضا معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
ما دور الحكومة السعودية في دعم الطلبة المبتعثين؟ وما الخدمات التي تقدمها لهم لتسهل من مهمة ابتعاثهم؟
اقدم شكري الخاص لسفارة مملكتنا الرشيدة في لندن وللملحقية الثقافية في بريطانيا، فقد قدمت الدعم لكل الطلبة السعوديين المبتعثين أكاديميا واقتصاديا وماديا، فالمبتعث يتلقى التوجيه والإشراف وحل المشكلات التي تواجهه مع جامعته البريطانية، بالتواصل المباشر مع المشرفين والمرشدين في الملحقية. والحق يقال: إن الملحقية كانت كالأهل لنا. وتقدم الملحقية الدعم أثناء الأزمات والطوارئ التي يمكن أن يواجهها المبتعث، كما أن التعامل الإلكتروني وتطوير كل البرامج المرتبطة بالطلبة يجري تحديثه باستمرار، وقد استفاد الطلبة كثيرا من الخدمات الإلكترونية في الملحقية. ولا أنسى اللقاءات الدورية مع الطلبة التي تعقدها الملحقية، وحفلات التخرج السنوية التي تلتحم فيها السفارة السعودية والملحقية الثقافية مع الطلبة السعوديين من كل أنحاء المملكة المتحدة البريطانية، وأذكر أنني حملت العلم السعودي في عام 2012 م في مسيرة الخريجين والإحساس وقتها لم يكن يوصف، كما سنحت لي فرصة تقديم كلمة الطلبة المتميزين في عام 2018 م في حفل التكريم السنوي للطلبة المتميزين في السفارة السعودية في لندن.