يا هلا أمريكا ... المتنفس الأمثل للمبتعثين السعوديين
جدة – إسراء عماد
أطل علينا منذ بداية شهر رمضان على شاشة روتانا خليجية برنامج "يا هلا أمريكا" لمقدمه الإعلامي علي العلياني، حيث ناقش فيه قضايا المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة من جوانب مختلفة، بدءاً من دور الابتعاث في توسيع مداركهم، وأسلوب تفكيرهم وتعاملهم مع بعضهم البعض ومع الآخرين، ودافعهم في تحسين مستقبل المملكة من خلال العمل بما اكتسبوه من خبرة في تنمية وتطوير وطنهم، وطبيعة حياتهم اليومية في الجامعة والسكن. كما اجرى "يا هلا أمريكا" لقاءات مع عدد من أبرز الشخصيات السعودية في الولايات المتحدة.
قصص نجاح ملهمة
عرض البرنامج قصص نجاح ملهمة لطلاب عانوا في الغربة ولم يستسلموا للظروف إلى أن وصلوا لمكانة مشرفة، كقصة المبتعث السعودي شاكر علي مؤسس مجموعة "سعوديون في أميركا" وهو من أوائل المبتعثين منذ عام 2006. كذلك تجربة الطبيبة السعودية ملاك عابد، الحاصلة على الزمالة الأميركية الوحيدة في العالم العربي في الأمراض الجزيئية والوراثية، حيث تحدثت عن تجربتها كونها أول سعودية يتم قبولها في زمالة أمراض وأورام الجهاز العصبي بجامعة هارفارد بمنحة كاملة، لتعمل مع أفضل الخبراء في جال أمراض واورام الأعصاب. وهي في الوقت الحالي، تشغل منصب زميل الوراثة والأمراض الجزئية في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو..
كذلك الدكتورة هند السيف، المتخصصة في الامراض الوراثية للأطفال في المعهد الطبي الوطني في أميركا، فكانت أول طبيبة تفتتح المجال في هذا المستشفى، حيث تحدثت عن تجربتها في الابتعاث التي حسنت لها اللغة، وثقافتها في التعامل مع الآخرين، فحرصت السيف على إعطاء صورة جيدة عن المملكة أثناء ابتعاثها، من خلال إثبات جدارتها حين بدأت الزمالة الطبية. ولم تبالي لاستغراب وتخوف من حولها كونها طبيبة سعودية، بل نجحت في تغيير هذه النظرة عن المرأة السعودية، إلى أن فتحت الباب لغيرها من الطبيبات السعوديات للإلتحاق بنفس البرنامج الطبي، الذي قَبِلَ إنضمام أطباء وطبيبات سعوديات.
الدكتورة موضي الخلف
ومن الشخصيات الهامة التي التقى بها أيضاً الإعلامي علي العلياني، الدكتورة موضي الخلف، مساعد الملحق الثقافي بأميركا، لتتحدث عن دور الملحقية في حماية المواطن السعودي داخل أميركا، بدءاً من أصغر الأمور مثل مساعدته على التأقلم مع الغربة، وحتى أكبر المشاكل التي تتعلق بالقضايا الجنائية للمبتعثين. وأشارت إلى أنها تدعم المرأة السعودية المبتعثة بشكل كبير لشعورها بأن فرص المرأة السعودية مازالت أقل من الرجل وتحتاج إلى الداعمين.
وأوضحت الخلف أن أكثر المشاكل التي تواجه المبتعثات من النساء هي المشاكل الصحية والأسرية، مؤكدة "حفظ حقوقهنّ بصورة كاملة في الحالة الأخيرة، من دون السماح لولي أمرها بإلغاء بعثتها". وأشارت الخلف إلى أن حالات الطلاق تعد قليلة بالمقارنة بأعداد المبتعثين على مدار السنوات الماضية، حيث لم تتعدّ 225 حالة طلاق بين المبتعثين.
المرأة السعودية واعتمادها على ذاتها
كما تناول البرنامج جانب اعتماد المرأة على ذاتها أثناء الابتعاث، ما يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة لها. فتحدثت مجموعة من المبتعثات عن العوائق التي واجهتهن٫ّ وكيفية التغلب عليها ودورها في بناء وصقل شخصيتهنّ، والفارق بين اعتماد المرأة كلياً في المملكة على الرجل في كافة أمورها خارج المنزل، وتأقلمها أثناء ابتعاثها على عكس ذلك تماماً.
وتحدثت المبتعثات عن المشاكل التي واجهتهنّ في البحث عن السكن المناسب، وكيفية الإعتماد على ذاتهنّ في كافة الأمور وفق المكافأة المالية الشهرية التي يحصلنَ عليها من الملحقية، وذلك بمعرفة التزاماتهنّ من إيجار السكن، والمأكل، والمواصلات وغيرها، كما كانت هناك حلقة مخصصة تناقش جانب تعلم المبتعثات لقيادة السيارة لحاجتهنّ إلى الاعتماد على انفسهنّ.
تجربة المشاركة في "يا هلا" رائعة
وعن ذلك، قالت لـ"هي" المبتعثة السعودية لدراسة الماجيستير في التغذية، أهداب جابي التي شاركت في برنامج "يا هلا أمريكا": "كانت تجربة رائعة للمشاركة مع الإعلامي علي العلياني، حيث ناقش معنا جوانب في غاية الأهمية تخص المبتعثين والمبتعثات، وكانت فرصة جيدة تعرفت من خلالها على مبتعثين آخرين".
وأضافت جابي: "إلّا أنه لم يسعنا الوقت الحديث عن كافة مشكلاتنا، فهنالك موضوع لم أستطع الخوض في تفاصيله، حيث قامت الملحقية بزيادة راتب المرافق الزوج ليكون 1800 دولار، بينما يبقى راتب الأخ 900 دولار، بالرغم من أن كلاهما مرافقين ويلزمهم نفس المصاريف، بل وإن الأخ يحتاج إلى سرير آخر، وقد يحتاج إلى غرفة أخرى إذا كان السكن للفتيات".
وافقتها الرأي داعية الطيب الطالبة المبتعثة بتخصص هندسة معمارية، والتي شاركت أيضاً في حلقات برنامج ياهلا، حيث وصفت لـ "هي" تجربتها في المشاركة بالأكثر من رائعة، فالمبتعثين لديهم الكثير من الأمور التي يحتاجون للفضفضة والحديث فيها، والأكثر من رائع في البرنامج أنه يمس إحتياجاتنا، فيعتبر أول برنامج ينقل الصورة والمشاكل التي تواجهنا وستواجهنا بهذا الوضوح والمصداقية الشديدة، وكان لدينا حماس شديد للحديث مع الإعلامي علي العلياني لثقتنا التامة بأنه سيقوم بإيصال الصورة كما هي.
هدفي الأسمى خدمة الوطن
وأفادت المبتعثة السعودية روان عبد المجيد أثناء الحلقات بأن مرحلة الابتعاث أضافت لشخصيتها قبل أن تضيف لعلمها وثقافتها. وأصبح هدفها الأسمى هو العودة لوطنها حاملة جميع الصفات التي تؤهلها لتنمية مجتمعها بعلمها ومن خلال التجارب التي استفادت منها. كما تحدثت عن النقلة التي شهدتها حين الانتقال من المملكة إلى العيش في الولايات المتحدة، وكيفية التعامل مع الأفراد ومع الوضع الوظيفي الجديد والعقبات التي واجهتها بصمة عامة، وبحثها عن السكن، وتنقلها سبع مرات من سكن إلى آخر حتى تجد المكان المناسب والقريب من جامعتها.
كما سلط البرنامج الضوء على تعاون السعوديين مع بعضهم البعض أثناء الابتعاث، وكأنهم عائلة واحدة، رغم قدومهم من بيئات مختلفة وثقافات متنوعة من المملكة، فتلاشت "العنصرية" مهما اختلفت أصولهم ومذاهبهم، وعلمتهم الغربة أن المعدن هو الأساس في التعامل والحكم على الآخرين، وكشفت لهم الكثير من المعاني التي تحكم تعاملهم مع من حولهم.