هي تلتقي سيدة الأعمال السعودية سفانة دحلان

جدة - رائدة الفاروقي حققت المحامية وسيدة الأعمال السعودية سفانة دحلان الكثير من طموحاتها، ورغم ذلك ما زالت تسعى إلى المزيد وخصوصا في سبيل دعم مجموعة "شكيل" باعتبارها مؤسستها ومديرتها التنفيذية. في هذا اللقاء نتعرف عن قرب على سفانة الناشطة في أكثر من مجال، فهي عضوة في مجلس إدارة مؤسسة RSDFHD لتطوير القدرات البشرية، وإحدى المشاركات في برنامج هارفرد التنفيذي للقادة المستقبليين العرب، وسفيرة مدرسة أمستردام للقيادة المبدعة في الشرق الأوسط، وكاتبة صحافية تهتم بحقوق المرأة، والقيم الاجتماعية، والحوار بين الأديان. لمن لا يعرفونك، من هي سفانة دحلان؟ أنا ابنة وأم، ومهنتي الأساسية المحاماة. ودافعي أن أرد للمجتمع ما قدمه لي وأهلني لأن أكون رائدة في الأعمال الاجتماعية. وأود أن أنقل امتناني لكل سيداتنا العربيات اللواتي حققن إنجازات، والعاملات بلا كلل لكي يحافظن على حقوقهن الطبيعية في التعليم والتقدم رغم العوائق. وأعتقد أن كثيرات يوافقنني على أن تلك العوائق هي مصدرنا للتمكين، ودافعنا لكي نطلق العنان لمواهبنا، والعثور على سبل جديدة لنعبر عن ذواتنا. فالطريق نحو الإنجاز لم يكن معبدا على الإطلاق. ماذا درست؟ وفيمَ تخصصت؟ تلقيت تعليمي بمدارس دار الحنان بجدة. وحصلت على البكالوريوس والماجستير في القانون، ثم الدراسات الإسلامية من كلية القانون بجامعة القاهرة، وتشرفت بأن أكون السعودية الأولى التي نالت موافقة وزارة التعليم العالي السعودية لتدرس القانون، وعملت متدربة لمدة عام في القانون العائلي، متخصصة في موضوع الخلع، وعندما هجرت المحاماة اعترض والدي لكنه لم يمنعني وقال لي يومها: "استثمرت في محامية، أما وأنك ترغبين في أن تكوني شيئا آخر فهذا اختيارك، وعليك أن تنجزيه بمفردك"، وكانت هذه الكلمات الهدية الأثمن التي عنت لي "الاستقلالية" والتحدي. كيف بدأت "تشكيل"؟ "تشكيل" مشروع اجتماعي يساعد على تنمية رواد الإبداع وتشكيل هويتهم المتميزة، ليكونوا أعضاء فاعلين في اقتصاد مجتمعاتهم، وهو المنصة التي ينطلق منها التطوير الاجتماعي والإبداعي. وقد بدأت الفكرة عندما كنت أقدم ورش عمل حول كيفية قراءة العقد القانوني للفرد المبدع، وأثناءها كانت إحدى صديقاتي في مجال الإبداع قد وقعت عقدا مع إحدى الوكالات من دون أن تقرأه، ليتبين لاحقا أنها باعت حقوقها الفكرية لهذا الوكيل لمدة خمس سنوات، ولم تكن تعلم حقيقة هذا الأمر، فقررت أن أجد طريقة لأثقف مثل هؤلاء الناس، لكن لم يكن بحوزتي التمويل الكافي لأبدأ أي مشروع، واكتفيت بتقديم ورش العمل للمصممين حول كيفية قراءة العقود بطريقة مبدعة، مستفيدة من خبرتي السابقة في القانون وإدارة الأعمال، فكانت مبادرة ناجحة، عملت على تطويرها ووضعت خطة عمل، وأجريت استقصاء حول الفرص المتوفرة في السوق، لكنني وجدت أن تأسيس شركة سيكلف تقريبا 20 ألف دولار أميركي. وكيف حصلت على هذا المبلغ؟ يملك أعمامي شركات قهوة، كما تمتلك عائلة زوجي بساتين تمور في السعودية، وقبل حلول شهر رمضان تلقيت العديد من الهدايا منهم، فأخذت التمر واتجهت إلى مدينة بحمدون اللبنانية، وهي منطقة قريبة من بيروت يكثر فيها الخليجيون، وكانت الفرصة، المنتج المناسب في الوقت المناسب في المكان المناسب، إذ يحتاج الجميع إلى القهوة والتمر خلال الشهر الكريم، فحصلت على ثمانية آلاف دولار من بيع تلك الهدايا، وكان المبلغ الأكثر أهمية بالنسبة لي وقتها. ومن خلال ذلك اكتشفت أنني رائدة أعمال، لأن الرائد هو من يكتشف الفرصة، ويعلم متى يكون الوقت الملائم. أخذت المبلغ، واتجهت إلى صديقتي المحامية، وأخبرتها بأنني سأشرع في تأسيس شركة، وتوجهنا لتسجيلها. وفي ذاك الوقت علمت صديقة كويتية بالموضوع وأخبرتني عن اهتمامها في أن تكون عضوا مؤسسا في الشركة، لأنها تؤمن بقدراتي، لتنضم بعدها صديقتان أخريان. كيف تفاعل من حولك مع هذا التغيير في مهنتك؟ كثيرون اتهموني بالجنون وقالوا إنني أضيع وقتي، فصديت أي صوت ما عدا صوت إحساسي الذي كان ينبئني بأن ما أقوم به هو الصواب، ولا بد أن تفتح جميع الأبواب بوجهي، خاصة أنني كنت بحاجة إلى العودة إلى السعودية لافتتاح فرع جديد، لأنني أردت أن أستثمر في بلدي، وإيجاد مصممين محليين. وكم كانت تجربة عظيمة، إذ تعلمت كيف أنمو داخل مؤسستي في الوقت الذي تكون هي نفسها في مرحلة التطوير، وحينها لم أكن أملك مكتبا وكنت أعمل على منضدة الطعام في منزل والدي، وبحاجة إلى فريق، لكنني لم أملك المال. بعدها التقيت بشريكتي يولاندا، التي كانت لتوها قد انتقلت إلى السعودية باحثة عن عمل، فطلبت منها أن تساعدني في خطة العمل مقابل ثلاثة آلاف ريال سعودي، فوافقت لكنها لاحقا فاجأتني باتصال تطلب مني الشراكة مقابل حصة في المؤسسة. بعد انتقالك من بيروت إلى جدة كيف تطورت الأمور؟ أولا وهو الأهم اكتشفت أن النجاح متعلق بشكل تام بالرحلة، وهو غير مرتبط بالنتيجة، والنجاح كامن فيما تدركه عن ذاتك خلال تلك الرحلة. فقررت أن أوظف أشخاصا أكثر، وكانت البداية بأربع متدربات مثيرات للاهتمام، لكي نتأكد من قدراتهن بشكل تام قبل بدئهن العمل، وكل همنا هو تطويرهن. وفي غضون سنتين أصبحت قادرة على استضافة متحدثين عالميين في جميع الأوقات، وكنت زميلة في منتدى ملتقى الحضارات، وهو برنامج للأمم المتحدة، كما تم اختياري كإحدى المشاركات في برنامج هارفرد التنفيذي للقادة المستقبليين العرب، حيث عرضت "تشكيل" هناك كمنصة للتغيير والتطوير، وكنت الأولى كشرق أوسطية يتم اختيارها لمدرسة أمستردام للقيادة المبدعة، وأنا سفيرتهم حاليا. كما أنني عضوة في مجلس إدارة مؤسسة RSDFHD لتطوير القدرات البشرية، وهي مؤسسة يكمن عملها في بناء قدرات قيادية في مجال التطوير البشري في العالم العربي. ما التحديات التي تواجك؟ التحدي الأكبر الذي لاأزال أواجهه هو كوني لا أملك فريقا كافيا، وأنا امرأة سعودية تعمل في شركة صغيرة من دون أي فرصة للحصول على المعلومات والتنظيمات والتسهيلات الحكومية أو المساندة. فصعب أن تعمل في بيئة غير خصبة لمثل هذا النوع من المشاريع، وهو التحدي اليومي الذي أواجهه، إلا أنه يجعلني أقوى كل يوم. وتحد آخر هو تثقيف السوق المستهدفة حول طبيعة عملنا. وماذا تفعلين الآن؟ عرضت علي وظيفة محاضر في كلية إدارة الأعمال لأدرس مادة التسويق، وقبلت بها لمعرفة كيف يفكر الجيل الجديد. ومنذ دخولي إلى الصف أخبرت طالباتي، وعددهن ست عشرة، بأن قاعدتي الأولى هي الاحترام، أحترمهن وعليهن أن يحترمنني، والثانية أن يعبرن عما يجول في عقولهن، فوقفت إحدى طالباتي، وقالت لي: ماذا لو لم أملك عقلا؟ فأجبتها إن كنت لا تملكين عقلا، فعليك أن تصمتي وتصغي. وعندما دخلت الصف في المرة التالية، وجدت سبع طالبات فقط، والباقيات انسحبن من المادة، عندها شعرت بالخيبة، وأخبرت والدتي التي قالت لي: هؤلاء هن الجاهزات للدروس، وهن من يستحققن وقتك. كيف ينظر والدك إلى ما تقومين به؟ (ضاحكة) مرة قررت أن أتخذ لي مكتباً في إحدى بنايات والدي أثناء سفره، وجددت المكتب، وجعلته مناسبا كمقر عمل، وبعثت إليه برسالة أخبره فيها بما فعلت، وبينت له تكاليف تجديدات المكان، وعبرت عن رغبتي بأن أستأجره للسنوات الثلاث المقبلة، وأنني سأدفع قيمة الإيجار، فأخبرني أنه لا يريد مني أي إيجار، وبإمكاني الحصول عليه مجانا، وكوني تلك المرأة العنيدة، رفضت وأخبرته بأنني سأدفع كأي مستأجر، وقبل أن نوقع على العقد عليه أن يطلع على ما قمت به، فحضر وأهداني صورة أثرية لمكة المكرمة دلت على تقديره على ما أقوم به. وما خطوتك التالية؟ كل تركيزي بشكل أساس على "تشكيل"، خصوصاً أنها في طور النمو، وتحتاج مني إلى الكثير لكي تلائم حاجات المنطقة ومتطلباتها، وقريبا سنطلق متجرنا الإلكتروني بالتعاون مع شركاء عالميين من الولايات المتحدة كرعاة لموقعنا الإلكتروني.