خاص لـ"هي": ثوب النشل يمثل المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن

خاص لـ"هي": ثوب النشل يمثل المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن

رهف القنيبط
17 مايو 2025

في واحد من أكثر المعارض تميزًا في تقاطعه بين الأزياء والدبلوماسية، شاركت المملكة العربية السعودية، ممثلة بالملحقية الثقافية في واشنطن، في معرض Fashioning Power, Fashioning Peace الذي يقام سنويًا في منزل الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ويلسون. 

جاءت مشاركة المملكة في المعرض من خلال ثوب النشل، الذي ارتدته البعثة السعودية النسائية في أولمبياد باريس 2024، وهو من تصميم المصممة السعودية علياء السالمي.

يُعد معرض Fashioning Power, Fashioning Peace منصة تسلط الضوء على الأزياء بوصفها أداة من أدوات القوة الناعمة، تعبّر عن هوية الشعوب وتوجهاتها. حيث يجمع بين الموضة والدبلوماسية والثقافة، ويسلّط الضوء على كيف يمكن لقطعة قماش أن تحمل رسالة، ولتصميم أن يفتح بابًا للحوار. وقد تجلّى هذا المفهوم في المشاركة السعودية التي حملت رمزية عالية ودلالات ثقافية عميقة.

في حوار خاص مع "هي"، يوضح مدير الشؤون الثقافية والاجتماعية بالملحقية بسفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن د. عبدالعزيز التركي، الأبعاد الثقافية والسياسية لمشاركة المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن ودلالاتها في سياق رؤية المملكة 2030.

مشاركة المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن
مدير الشؤون الثقافية والاجتماعية د. عبدالعزيز التركي و المديرة التنفيذية لمنزل ويلسون إليزابيث كارشَر

تمثيل ثقافي يتجاوز التعليم

حول دوافع هذه المشاركة، يؤكد د. التركي أن الحضور السعودي في المعرض جاء مدفوعًا برؤية أوسع لدور الملحقية الثقافية، ويقول: "تأتي مشاركة الملحقية الثقافية السعودية في معرض Fashioning Power, Fashioning Peace انطلاقًا من التزامنا المستمر بإبراز التراث الثقافي السعودي الغني والهوية السعودية المعاصرة من خلال منصات عالمية مرموقة."  

ويوضح:"هذا المعرض يشكل فرصة نوعية لتسليط الضوء على دور الأزياء والهوية البصرية في التعبير عن القيم السعودية وتعزيز الحوار الثقافي مع المجتمعات الدولية، اختيار ثوب النشل السعودي من تصميم المصممة السعودية العالمية علياء السالمي يحمل رمزية خاصة، فهو يعكس حضور المرأة السعودية وإنجازاتها عالميًا، لاسيما بعد ظهوره اللافت في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024."

زي يروي سردية وطن

وعن سبب اختيار زي البعثة النسائية السعودية في الأولمبياد للمشاركة في هذا الحدث، يوضح د. التركي أن التصميم لم يكن مجرد اختيار جمالي بل قرار واعٍ يعكس توجهًا أعمق، ويقول: "هذا الزي يحمل دلالات رمزية عميقة، فهو يُجسد التقاء الأصالة بالمعاصرة ويعكس هوية وطنية راسخة تدعم تمكين المرأة السعودية عالميًا. وقد أبدعت المصممة علياء السالمي في التعبير عن هذه القيم من خلال تصميم يجمع بين الجمالية والرسالة."

ويؤكد أن هذا العمل لا يُنظر إليه كمجرد قطعة أزياء بل كأداة سردية تنقل صورة المرأة السعودية الجديدة، مضيفًا: "إنه ليس مجرد زي، بل سردية جديدة تُبرز صورة المرأة السعودية كقوة فاعلة في العالم، متوافقة مع تطلعات رؤية 2030."

مشاركة المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن
تصميم البعثة السعودية النسائية لم يكن مجرد اختيار جمالي بل قرار واعٍ يعكس توجهًا أعمق

لغة بصرية تكسر الحواجز

عن مدى تفاعل الجمهور الدولي مع التصميم، يشير د. التركي إلى أن الأثر البصري والتفاعل مع ثوب النشل تجاوز التوقعات: "لاقى ثوب النشل استحسانًا واسعًا لما حمله من رموز ثقافية وتاريخية. فقد نجح في توظيف النقوش التقليدية والألوان المحلية ضمن قالب معاصر يتماشى مع الذوق العالمي."

ويتابع: "في بيئة متعددة الثقافات، شكّل هذا التصميم وسيلة حوار غير لفظي، مكّن المرأة السعودية من التعبير عن هويتها بشكل راقٍ وجذاب، وأسهم في كسر الصور النمطية وتعزيز التفاهم بين الثقافات."

نموذج سعودي فريد في القوة الناعمة

وحين سألناه عن ما يميز النموذج السعودي في توظيف الأزياء كأداة دبلوماسية، أجاب د. التركي بثقة: "نحن لا نعرض الأزياء كمنتج جمالي فقط، بل نقدمها كرسالة ثقافية متكاملة تعكس التراث والقيم والتحولات الاجتماعية في المملكة. النموذج السعودي فريد لأنه يوازن بين الأصالة والتجديد."

ويشدد على أن تمكين المصممين السعوديين هو جزء من هذه المعادلة: "نركز على تمكين المصممين السعوديين، لا سيما من النساء، لتمثيل المملكة عالميًا. هذه المقاربة تجعل من الأزياء وسيلة إنسانية عابرة للحدود، قادرة على مخاطبة الوجدان العالمي."

المملكة في معرض Fashioning Power بواشنطن
د. التركي:" هذه المشاركة تُجسد التحول الثقافي الذي تعيشه المملكة، وتُبرز المرأة السعودية كسفيرة للقيم الوطنية في المحافل الدولية"

المصممة كسفيرة ثقافية

وفي هذا السياق، يؤكد د. التركي أن ظهور المصممة علياء السالمي في المعرض كان أكثر من مجرد تمثيل فني، ويقول: "هذه المشاركة تُجسد التحول الثقافي الذي تعيشه المملكة، وتُبرز المرأة السعودية كسفيرة حقيقية للقيم الوطنية في المحافل الدولية. فقد ظهرت هنا ليس فقط كمصممة أزياء، بل كصانعة محتوى ثقافي وجمالي قادر على التأثير عالميًا."

ويضيف: "من خلال هذا الظهور، نعكس صورة المرأة السعودية القادرة على التفاعل مع الآخر بلغة الفن، متجذرة في هويتها ومنفتحة على العالم."

تمكين حقيقي على أرض الواقع

عند الحديث عن الدور الذي تلعبه الملحقية في تمكين السعوديات، يوضح د. التركي: "نعمل على تمكين السعوديات أكاديميًا وثقافيًا عبر برامج تطوير قيادية ومبادرات تتيح لهن فرصًا للتدريب والمشاركة في المحافل الثقافية. نؤمن بأن دعم المرأة في مجالات التصميم والفنون يعزز صورتها عالميًا."

ويؤكد أن هذا التمكين لا يقتصر على الدعم المعنوي فقط، بل يشمل فرصًا ملموسة ومباشرة، فيقول: "نعمل على بناء شراكات مع جامعات ومراكز ثقافية عالمية لتزويد المبتعثات السعوديات بالمهارات التي تؤهلهن للقيام بدور فاعل في التواصل الحضاري وتمثيل المملكة دوليًا."

معرض Fashioning Power بواشنطن
جانب من مشاركات الدول في معرض Fashioning Power بواشنطن

خطوات قادمة... من كل مناطق المملكة

وعن مستقبل المشاركات، يكشف د. التركي أن ما قُدم هذا العام ليس سوى بداية لمسار أوسع: "نعمل ضمن خطة استراتيجية على مشاركات ثقافية نوعية تعكس التنوع السعودي. بعد أن شاركنا في العام الماضي بالبشت الحساوي، قدمنا هذا العام ثوب النشل، ونتطلع إلى تقديم تصاميم تراثية معاصرة من مختلف مناطق المملكة."

ويختم مؤكدًا أن هذه المشاركات تسعى لترسيخ صورة المملكة كدولة متجددة في خطابها الثقافي: "هدفنا هو إيصال صوت الهوية السعودية بلغة تحترم التقاليد وتخاطب الحاضر، وتدعم المصممين والفنانين السعوديين ليكونوا ممثلين حقيقيين للمملكة في المحافل الدولية."