جورجيو أرماني في الذاكرة السعودية… حين استقبل بن زقر الأناقة الإيطالية

برحيل الأيقونة الإيطالية جورجيو أرماني، تُفتَح صفحة تأمل في إرث مصمم عالمي غير مسار الموضة، وتعود إلى الذاكرة ذكريات سعودية ارتبطت باسمه منذ أكثر من أربعة عقود. حين كانت الموضة الإيطالية ترسم ملامحها الحديثة، كان السعوديون بدورهم يلتفتون مبكرًا إلى هذه التحولات، ويبحثون عن حضورهم داخلها. ومن هنا وُلدت قصة جمعت الشيخ بن زقر بأرماني، لتصبح شاهدة على وعي مبكر جعل المملكة جزءًا من مشهد الأناقة العالمية.

ولادة جديدة للمشهد السعودي 

في مطلع الثمانينيات، شهدت الموضة السعودية منعطفًا جديدًا حين التقى الشيخ عبدالله بن زقر بثلاثة من عمالقة الأزياء الإيطالية: جورجيو أرماني، وجيانفرانكو فيري، وألدو زينيا. كان ذلك اللقاء الشرارة التي مهّدت لحقبة جديدة، حيث أسس بن زقر عام 1980 متاجر "رباعيات" لتكون أول من يقدم الموضة الإيطالية الفاخرة إلى المنطقة. 

وقع اختيار بن زقر على مركز المحمل في قلب حي البلد التاريخي، لافتتاح أول بوتيك متخصص بأزياء الرجال، ليعلن بداية فصل جديد من علاقة سعوديه بالأزياء الإيطالية، قبل أن تتوسع "رباعيات" لاحقًا لتصبح وجهة متكاملة للفخامة.

ولم يكن من المصادفة أن تنطلق هذه التجربة من جدة، المدينة التي عُرفت عبر التاريخ كوجهة للتجار وبوابة البحر الأحمر، فجمعت بين إرثها التجاري العريق ودورها الناشئ كجسر ثقافي يربط المملكة بعواصم الموضة العالمية. 

شخصية رائدة

يُعد الشيخ عبدالله بن زقر واحدًا من أبرز رجال الأعمال السعوديين الذين جمعوا بين الإرث التجاري العريق والرؤية المستقبلية. ومن خلال تأسيسه لـ"رباعيات"، فتح الباب أمام حقبة جديدة جعلت المملكة جزءًا من المشهد العالمي للأزياء. 

وكما صرّح في حديث سابق قائلاً: "منذ تأسيسها في عام 1980، تتمتع رباعيات بحضور قوي في جميع أنحاء المملكة، ونحن فخورون بحصولنا على حقوق التوزيع لأشهر المصممين الإيطاليين بما في ذلك جورجيو أرماني."

من مقرها الرئيسي في جدة، تواصل "رباعيات" ترسيخ حضورها في المشهد المحلي، فقد جمعت في متاجرها بين الأزياء والعطور والمجوهرات والإكسسوارات، مقدمةً تجربة عكست تنوع الفخامة الحديثة، ومكرسة صورة جدة كمدينة تستقبل التيارات العالمية وتعيد تشكيلها وفق ذوقها الخاص.

إرث يتجاوز الغياب

اليوم، ومع رحيل جورجيو أرماني، لا تُستعاد سيرته بوصفه رمزًا عالميًا للأناقة فحسب، بل تعود إلى الذاكرة أيضًا علاقته مع المتجر السعودي وما شكلته الشراكة من لحظة فارقة في تاريخ الموضة المحلية.

وهي علاقة عبرت عنها "رباعيات" في نعيها عبر إنستغرام بكلمات مؤثرة: "ستظل روح جورجيو أرماني حاضرة دائمًا في رحلتنا، وفي عالم الموضة، وفي كل تعبير عن الأناقة الخالدة التي صنعها."

استرجاع قصة جورجيو أرماني مع بن زقر يفتح أمامنا قراءة أعمق لدور السعودية في مشهد الموضة العالمي؛ دور لم يكن طارئًا ولا عابرًا، بل ممتدًا من لحظة وعي مبكر في الثمانينات إلى حضور معاصر يتشكل اليوم على أيدي مصممين سعوديين يفرضون رؤيتهم في عواصم الموضة الكبرى.

فما كان يومًا ثمرة علاقة ملهمة مع رموز عالمية، صار اليوم جزءًا من هوية إبداعية سعودية تكتب مسارها الخاص، وتضيف إلى السردية العالمية للموضة صوتًا له جذوره وثقافته ومكانه.

المصدر من منشور في صفحة رباعيات عبر الانستغرام